البدر الأتم في فضائل الأم - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1124 - عددالزوار : 129849 )           »          الصلاة مع المنفرد جماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          الاكتفاء بقراءة سورة الإخلاص (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          أصول العقيدة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          الإسلام يبيح مؤاكلة أهل الكتاب ومصاهرتهم وحمايتهم من أي اعتداء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          تحريم الاعتماد على الأسباب وحدها مع أمر الشرع بفعلها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          تفسير القرآن الكريم ***متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3097 - عددالزوار : 369999 )           »          وليس من الضروري كذلك! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          مساواة صحيح البخاري بالقرآن الكريم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          محرومون من خيرات الحرمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 02-04-2025, 11:09 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,797
الدولة : Egypt
افتراضي البدر الأتم في فضائل الأم

البدر الأتمُّ في فضائل الأمِّ

السيد مراد سلامة

الخطبة الأولى
أما بعد:
فالأم، وما أدراك ما الأم! إنها إنسانة حملتك في أحشائها، وغذَّتك من دمها، وولدتك على كُره ومشقة عظيمة، ثم أرضعتك من ثديها، ومن حنانها وعطفها وحبِّها.

الأم نبعُ الحنان والعطف والأمان لكل من حولها؛ فهي التي تحمل بطفلها تسعة أشهر، وتتحمل الكثير من المتاعب والمصاعب طوال فترة الحمل، لحين ولادته على هذه الدنيا، والبدء معه برحلة جديدة في الحياة، فهي أول من يراه الطفل في هذه الدنيا، ويشعر بدفئها وحنانها الذي لا يوجد له مثيل، ولا يمكن أن يتم الحصول عليه من غيرها؛ فهي تستحق كل الاحترام والتقدير على ما تقوم به تجاه أطفالها وعائلتها.

إنها مَن في إرضائها رضا الله عنك، وفي إسخاطها سخط الله عليك.

فويلٌ ثم ويل لك، أيها الإنسان، إن أنت عَقَقْتَها، وويل لك إن أغضبتها، وويل لك إن احتقرتها، وويل لك إن أنت ما أطعتها.

ويا من عقَّ أمه وأباه، كيف يرضى عنك الله؟
ويا من عقَّ والديه، كيف يوفقك الله؟
ويا من عق والديه، هل ترضى أن يعُقَّك أبناؤك؟
يا من عقهما، ليتك رددتَ إليهما المعروف.
وكيف تنسى الإحسان أيها الإنسان؟

إنك لو أحسنتَ إلى كلبٍ بشيء قليل، لَشكرك وحفِظ لك المعروف، فما بالك وأنت إنسان، وإحسان والديك إليك لا يعدله معروف أو إحسان؟

لأمك حقٌّ لو علمت كثير
كثيرك يا هذا لديه يسيرُ
فكم ليلةٍ باتت بثقلك تشتكي
لها من جَوَاها أنَّة وزفيرُ
وفي الوضع لو تدري عليها مشقة
فمن غُصَص منها الفؤاد يطيرُ
وكم غسلت عنك الأذى بيمينها
وما حجرها إلا لديك سريرُ
وتفديك مما تشتكيه بنفسها
ومن ثديها شرب لديك نميرُ
وكم مرة جاعت وأعطتك قوتها
حنانًا وإشفاقًا وأنت صغيرُ
فآهًا لذي عقل ويتبع الهوى
وآهًا لأعمى القلب وهو بصيرُ
فدونك فارغب في عميم دعائها
فأنت لِما تدعو إليه فقيرُ

اعلموا - عباد الله - أنه لا حق على الإنسان أعظم وأكبر بعد حق الله تعالى، وحق رسوله صلى الله عليه وسلم، من حقوق الوالدين، تظاهرت بذلك نصوص الكتاب والسنة؛ وأخذ الله تعالى ميثاق من كانوا قبلنا عليه: ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾ [البقرة: 83].

ولقد أوجب الله حق الوالدين في غير ما آية، وقرن برهما بعبادته وتوحيده؛ فقال جل شأنه: ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾ [النساء: 36]، ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾ [الإسراء: 23].

وجعل الله عز وجل البر والإحسان بالوالدين في منزلة تلي عبادته مباشرة؛ وذلك للأسباب الآتية:
1- أن الله عز وجل أنعم على الإنسان بنعمة الخلود والإيجاد في هذه الحياة، والأبوان هما مظهر هذه النعمة، فإنها من الوالدين نشأت، ومنهما ابتدأت، وعلى أيديهما ظهرت.

2- أن الأبوين قد بذلا جهدًا جبارًا من أجل الأبناء، فالأم عانت من الآلام والعذاب ألوانًا أثناء الحمل، وعند الوضع، وفي تربيتهم والحفاظ عليهم، والقيام بشؤونهم وهم صغار، والعطف عليهم وهم كبار، والأب عانى الكثير من الكدِّ والكدح والسعي للحصول على المال، الذي يستطيع أن يقوم بالواجب المنوط به تجاه أولاده وزوجته، ورعايتهم والحفاظ عليهم، والإنفاق عليهم وتعليمهم، حتى يصيروا في سنٍّ يعتمدون فيها على أنفسهم؛ قال تعالى: ﴿ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ ﴾ [لقمان: 14].

3- أن إنعام الآباء والأمهات على الأبناء يشبه إنعام الله عز وجل؛ من حيث إنهم لا يطلبون مقابلًا لرعايتهم لأولادهم، ولا ينتظرون ثناءً ولا ثوابًا ولا عطاء من أحد، بل يفعلون ذلك بدافع الفطرة والحنان التي أودعها الله عز وجل في نفوسهم.

واعلموا - بارك الله فيكم - أن حقَّ الأم مُقدَّم على الأب في البر، ولها من الحقوق على الابن أكثر من حقوق أبيه عليه؛ لأن الشرع المطهَّر جاء بذلك، ولأنها أضعف الوالدين، ولأنها الحامل والوالدة والمرضع؛ ﴿ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ ﴾ [لقمان: 14]، وفي آية أخرى: ﴿ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ﴾ [الأحقاف: 15].

وصية النبي صلى الله عليه وسلم بالأمهات:
إخوة الإسلام، لقد اهتم النبي صلى الله عليه وسلم بالأم، وأوصى بها في غير ما موطن من سُنته؛ فروى أبو هريرة رضي الله عنه قال: ((قال رجل: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، ثم أمك، ثم أمك، ثم أبوك))؛ [رواه الشيخان].

وها هو يؤكد علينا حق الأم والوصية بها؛ عن المقدام بن معديكرب الكندي، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((‌إن ‌الله عز وجل ‌يوصيكم ‌بأمهاتكم، ‌إن ‌الله ‌يوصيكم ‌بأمهاتكم، إن الله يوصيكم بآبائكم، إن الله يوصيكم بالأقرب فالأقرب))؛ [رواه ابن ماجه][1].

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ((جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثُم مَن؟ قال: ثم أمك، قال: ثم من؟ قال: ثم أمك، قال: ثم من؟ قال: ثم أبوك))[2].

إذا كان في يد الابن برٌّ وإحسان، وازدحمت الأمور، فإن الأم أولى به من ثلاثة أوجه؛ الأول: استحقَّته بالحمل، والثاني: بالإرضاع، والثالث: بالتربية والإشفاق؛ ولذا أعطاها النبي صلى الله عليه وسلم عدلًا نصابَها من الإحسان والبر والعطاء.

وعن أبي سلامة السلمي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((‌أوصي ‌امرأً ‌بأمه ثلاثًا، أوصي امرأً بأبيه، أوصي امرأً بمولاه الذي يليه، وإن كان عليه منه أذًى يؤذيه))؛ [رواه أحمد][3].

وقال معاوية بن حيدة رضي الله عنه: ((قلت: يا رسول الله، مَن أبَرُّ؟ قال: أمك، قلت: ثم من؟ قال: ثم أمك، قلت: ثم من؟ قال: أمك، قلت: ثم من؟ قال: ثم أباك))؛ [رواه أحمد][4].

من عظمة الإسلام أنه أوجب صلة الأم وبرها وإن كانت غير مسلمة، ولكن لا تجب طاعتها في معصية الله: ﴿ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ﴾ [لقمان: 15].

وقالت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما: ((قدمت عليَّ أمي وهي مشركة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستفتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: إن أمي قدِمت وهي راغبة أفأصِل أمي؟ قال: نعم، صِلي أمَّكِ))؛ [رواه الشيخان][5].

بر الوالدة باب من أبواب الجنة:
أيها الإخوة الكرام: من أراد عظيم الأجر والثواب، فليعلم أن الأم باب من أبواب الجنة عريض، لا يفرِّط فيه إلا من حرم نفسه، وبخس من الخير حظه، وقد تردد معاوية بن جاهمة السلمي رضي الله عنه على النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات يسأله الجهاد، وفي كل مرة يقول له: ((ويحك أحيَّةٌ أمك؟ قال: نعم يا رسول الله، قال: ويحك الزم رجلها؛ فثَمَّ الجنة))؛ [رواه ابن ماجه]، وفي رواية لأحمد قال: ((الزمها؛ فإن الجنة عند رجلها))[6].

وأخذ منه بعض الصالحين تقبيل رجل الأم، فكان يقبل قدم أمه كل يوم، فأبطأ على إخوانه يومًا، فسألوه فقال: "كنت أتمرغ في رياض الجنة، فقد بلغنا أن الجنة تحت أقدام الأمهات".

ورُوِيَ عن أنس رضي الله عنه قال: ((أتى رجلٌ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: إني أشتهي الجهاد، وإني لا أقدر عليه، قال: هل بقِيَ أحد من والديك؟ قال: أمي، قال: فأبْل اللهَ عذرًا في برها؛ فإنك إذا فعلت ذلك، فأنت حاج ومعتمر ومجاهد، إذا رضيت عنك أمك، فاتَّقِ الله في برها))؛ [رواه الطبراني، وحسنه العراقي].

وكان مذهب ابن عباس رضي الله عنهما أن بر الأم أفضل الأعمال، وقال: "إني لا أعلم عملًا أقرب إلى الله عز وجل من بر الوالدة"، وهو مذهب جماعة من السلف.

وقال ابن عمر رضي الله عنهما لرجل عنده أمه: "والله لو ألنت لها الكلام، وأطعمتها الطعام، لتدخلن الجنة، ما اجتنبت الكبائر".

وقال بشر بن الحارث رحمه الله تعالى: "الولد بالقرب من أمه حيث تسمع، أفضلُ من الذي يضرب بسيفه في سبيل الله عز وجل، والنظر إليها أفضل من كل شيء".

أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية
أما بعد:
حرص السلف على البر بأمهاتهم:
إخوة الإسلام، ولقد ضرب السلف الصالح أروع الأمثلة في بر الأم، وتقديم حقها على النفس؛ فها هو إياس القاضي لما ماتت أمه بكى فقيل: "ما يبكيك يا أبا واثلة؟ قال: كان لي بابان مفتوحان من الجنة، فأُغلق أحدهما".

ولقد ذكر لنا نبينا صلى الله عليه وسلم برَّ أويس القرني رضي الله عنه، وجعله من خير التابعين بسبب بره بأمه؛ عن أسير بن جابر قال: ((لما أقبل أهل اليمن جعل عمر يستقري الرفاق، فيقول: هل فيكم أحدٌ من قَرَن؟ حتى أتى على قرن، فقال: من أنتم؟ قالوا: قرن، فوقع زمام عمر، أو زمام أويس، فناوله أو ناول أحدهما الآخر، فعرفه، فقال عمر: ما اسمك؟ قال: أنا أويس، فقال: هل لك والدة؟ قال: نعم، قال: فهل كان بك من البياض شيء؟ قال: نعم، فدعوتُ الله عز وجل، فأذهبه عني إلا موضع الدرهم من سُرَّتي؛ لأذكر به ربي، قال له عمر: استغفر لي، قال: أنت أحقُّ أن تستغفر لي، أنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقال عمر: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن خير التابعين رجل يُقال له: أويس، وله والدة، وكان به بياض فدعا الله عز وجل، فأذهبه عنه، إلا موضع الدرهم في سرته))، فاستغفَرَ له"[7].

وفي ليلة من الليالي وقد طلبت أمُّ ابن مسعود رضي الله عنها من ابنها عبدالله ماءً، فذهب فجاءها بشربة، فوجدها قد ذهب بها النوم، فثبت بالشربة عند رأسها حتى أصبح؛ ظلَّ ليلةً قائمًا بين يدي أمه، أليس هذا جلال وعظمة البر؟ ولا يُقال: لو تركه، لو وضعه، لو أقامها، فكل هذا في نفس ابن مسعود المؤمنة عقوق، والعبادة لا تتم إلا بما فعل، وفي هذا الصدد يقول محمد بن المنكدر: "بات أخي عمر يصلي، وبت أغمز رجل أمي، وما أحب أن ليلتي بليلته"، القيام للصلاة لنفسك، والغمز أجره متعدٍّ لأمك، وهو لنفسك أولًا، فكان القيام لخدمة الأمهات خير من القيام لصلاة نافلة من أعظم النوافل.

وتأملوا - يا رعاكم الله - في تلك القصة المعبِّرة: أن رجلًا أتى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: "إن لي أمًّا بلغ بها الكِبَرُ، وإنها لا تقضـي حاجتها إلا وظهري مطية لها وأوضِّئها، وأصـرف وجهي عنها - أي: عند وضوئها - فهل أديتُ حقها؟ قال: لا، قال: أليس قد حملتها على ظهري، وحبست نفسـي عليها؟ قال: إنها كانت تصنع ذلك بك، وهي تتمنى بقاءك، وأنت تتمنى فراقها"[8].

قال رجل لعبدالله بن عمر رضي الله عنه: "حملت أمي على رقبتي من خراسان حتى قضيت بها المناسك، أتراني جزيتها؟ قال: لا، ولا طلقة من طلقاتها"[9].

عن طيسلة بن مياس، قال: "قال لي ابن عمر: أتفرق النار، وتحب أن تدخل الجنة؟ قلت: إي والله، قال: أحيٌّ والداك؟ قلت: عندي أمي، قال: فوالله لو ألنت لها الكلام، وأطعمتها الطعام، لتدخلن الجنة ما اجتنبت الكبائر"[10].

وقال يحيى بن أبي كثير: ((لما قدم أبو موسى الأشعري وأبو عامر على رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعوه وأسلموا، قال: ما فعلت امرأة منكم تُدعى كذا وكذا؟ قالوا: تركناها في أهلها، قال: فإنه قد غُفر لها، قالوا: بمَ يا رسول الله؟ قال: ببرها والدتَها، قال: كانت لها أم عجوز كبيرة، فجاءهم النذير أن العدو يريد أن يُغير عليكم، فجعلت تحملها على ظهرها، فإذا أعيت وضعتها، ثم ألزقت بطنها ببطن أمها، وجعلت رجليها تحت رجلي أمها من الرمضاء حتى نجت))[11].

رُوِيَ أن رجلًا جاء إلى عمر، فقال: "إني قتلت نفسًا، قال: ويحك أخطأً أم عمدًا؟ هل من والديك أحدٌ حيٌّ؟ قال: نعم، قال: أمك؟ قال: لا والله، إنه لأبي، قال: انطلق فبره، وأحسن إليه، فلما انطلق، قال عمر: والذي نفس عمر بيده، لو كانت أمه حية فبرها، وأحسن إليها، رجوت ألَّا تطعمه النار أبدًا"[12].

احذروا عقوق الأمهات:
وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات))[13]، بل إنه محروم من نظر الله تعالى لعظم جرمه؛ فعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه، والمرأة المتبرجة والمتشبهة بالرجال، والدَّيُّوث))[14].

وقال عروة بن الزبير رحمه الله: "مكتوب في الحكمة: ملعون من لعن أباه، ملعون من لعن أمه، ملعون من صدَّ عن سبيل، أو أضل أعمى عن الطريق، ملعون من ذبح لغير اسم الله، ملعون من غيَّر تخوم الأرض"[15].

روى ابن أبي الدنيا قال: عن أبي قزعة رجل من أهل البصرة قال: مررنا ببعض المياه التي بيننا وبين البصرة، فسمعنا نهيق حمار، فقلنا لهم: ما هذا النهيق؟ قالوا: هذا رجل عندنا، فكانت أمه تكلمه بالشيء فيقول: انهقي نهيقكِ، فكانت أمه تقول: جعلك الله حمارًا، فلما مات، نسمع هذا النهيق عند قبره كل ليلة[16].

الدعاء...

[1] «مسند أحمد» (28/ 424 ط الرسالة)، وأخرجه ابن ماجه (3661).

[2] أخرجه البخاري (5971)، وأخرجه مسلم (1) (2548).

[3] وأخرجه أحمد في "المسند" (18789)، والبخاري في "التاريخ الكبير" (3/ 219، 220) إسناده ضعيف.

[4] صحيح لغيره، وأخرجه أبو داود (5139)، وهو في "المسند" (20028)، وأخرجه الطبراني في "الكبير" (19/ 962)، والحاكم (4/ 150)، والبيهقي في "الشعب" (7840).

[5] البخاري (6/161، 162) في الهبة، باب الهدية للمشركين، ومسلم (7/91).

[6] مسند أحمد (15538).

[7] أخرجه مسلم في صحيحه (كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل أويس القرني، 4/ 1968، رقم 224).

[8] «الجامع لابن وهب، ت: مصطفى أبو الخير» (ص149).

[9] «البر والصلة لابن الجوزي» (ص41).

[10] رواه البخاري في الأدب المفرد (8)، وصححه الألباني.

[11] رواه عبدالرازق في مصنفه (20124)، والسيوطي في الدر المنثور (4/ 175).

[12] البر والصلة لابن الجوزي (ص 70).

[13] أخرجه البخاري (ج3/157)، ومسلم، وأحمد، والبغوي في شرح السنة.

[14] أخرجه أحمد (2/34)، والنسائي (5/80)، وابن حبان (4032)، وصححه الألباني في صحيح الجامع رقم: 3071.

[15] تنبيه الغافلين (ص93)، والزهد لهناد (ص981).

[16] مجابو الدعوة لابن أبي الدنيا (ص84)، والبر والصلة لابن الجوزي (1/ 55) رقم 107.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 85.51 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 83.79 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.01%)]