|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() عيد الفطر المبارك د. أمير بن محمد المدري الحمد لله رب العالمين ولي الصالحين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين. اللهم لك الحمد ملء السموات وملء الأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شئت من شيء بعد - أهل الثناء والمجد - أحق ما قال العبد - وكلنا لك عبد ـ، لا مانع لما أعطيت، ولا مُعطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله خاتم الأنبياء، وإمام المتقين وأشرف المرسلين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين. الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر. الله أكبر خلق الخلق وأحصاهم عددًا، وكلهم آتيه يوم القيامة فردًا. الله اكبر أحصى كل شيءٍ عددا. الله اكبر وسِع كُل شيء رحمةً وعلما. عباد الله: أوصيكم ونفسي بتقوى اللهِ جل وعلا، وأن نُقدّمَ لأُنفسِنا أعمالاً تُبيضُ وجوهَنا يوم نلقى اللهَ: ﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الشعراء: 88-89]. ولتعلموا - عباد الله - أن الله تعالى قدّر لكل امرئٍ أجلاً لا يتجاوزه ولا يعدوه، بل عندما تقف دقات قلبه وتُنزع روحه من جسده، وحينئذٍ لا ينفعه حسب ولا نسب ولا ذرية، ولكنه العمل، فإنه مُسعده أو مُشقيه: ﴿ فَأَمَّا مَنْ طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى * وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾ [النازعات: 37-41]. عبد الله: إن صالح العمل هو الذي يُنجيك من بأس الله، وهو الذي يكون لك أنيساً في ظلمة القبر، عندما يولي عنك أهلك ومالك. أيها الناس: من زرع في هذه الدار الذنوب والآثام أثمرت له شوكاً وضريعاً ومُهلاًً وزقوماً، قال تعالى: ﴿ إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ * طَعَامُ الْأَثِيمِ * كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ * كَغَلْيِ الْحَمِيمِ ﴾ [الدخان: 43-46]، ومن زرع الأعمال الصالحة والكلمات الطيبة جنى ثمرات طيبة ناضجة، ونعيماً مقيماً وشراباً مريئاً، قال تعالى: ﴿ وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا * مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا * وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا ﴾ [الإنسان: 12-14]. فماذا أعددتم لهول يومٍ عظيم؟ خبروني ماذا زرعتم وماذا قدّمتم من عمل صالح؟ أجيبوا أنفسكم. فاستعدوا - عباد الله - لحياة لا تنفد، ونعيم لا يبرح، وتذكروا قوله تعالى: ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾ [آل عمران: 185]. قال أحد الصالحين: رأيت لكل واحد من الناس حبيب يحبه ويُعزه ولا يفارقه، ولكنه إذا جاءه الموت فارقه هذا الحبيب، فبحثت عن حبيب لا يفارقني إذا دخلت قبري وهو عملي الصالح. إذا وضع الواحد منا في قبره يأتيه رجل حسن الوجه حسن الثياب طيّب الريح فيقول: أبشر بالذي يسرك هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول له: من أنت؟ فوجهك الوجه يجيء بالخير فيقول: أنا عملك الصالح فيقول: رب أقم الساعة رب أقم الساعة، حتى أرجع إلى أهلي ومالي» [رواه أبو داود رقم (3212) في الجنائز، باب الجلوس عند القبر، ورواه ابن خزيمة والحاكم، والبيهقي في شعب الإيمان، وصححه في صحيح الجامع رقم (1676)]. عباد الله: نتذكر ونحن نودع شهر رمضان سُرعة مرور الأيام، وانقضاء الأعوام، فإن في مرورها وسرعتها عبرة للمعتبرين، وعظة للمتعظين قال عز وجل: ﴿ يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ ﴾ [النور: 44]، بالأمس القريب كنا نتلقى التهاني بقدومه ونسأل الله بلوغه، واليوم نودعه بكل أسىً، ونتلقى التعازي برحيله، فما أسرع مرور الليالي والأيام، وكر الشهور والأعوام. والعمر فرصة لا تُمنح للإنسان إلا مرة واحدة، فإذا ما ذهبت هذه الفرصة وولت، فهيهات أن تعود مرة أخرى، فاغتنم أيام عمرك قبل فوات الأوان ما دمت في زمن الإمكان، قال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه : «إن الليل والنهار يعملان فيك، فاعمل أنت فيهما »، وقال ابن مسعود رضي الله عنه : «ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزد فيه عملي». رمضان أيام معدودات كما وصفه الله جل وعلا فانتهت، وأنت أيها الإنسان أيام معدودات ستنتهي حتمًا يومًا من الأيام، كتاب صفحاته تطوى يومًا بعد يوم وسينتهي يومًا ما. والله لو عاش الفتى في عمره ![]() ألفاً من الأعوام مالك أمره ![]() مُتنعماً فيها بكل لذيذةٍ ![]() مُتلذذاً فيها بسكنى قصره ![]() لا يعتريه الهم طول حياته ![]() كلا ولا ترد الهموم بصدره ![]() ما كان ذلك كله في أن يفي ![]() بمبيت أول ليلةٍ في قبره ![]() الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر ولله الحمد. عباد الله: إن هذا اليوم يومٌ عظيم وعيد جليل، يُسمى يوم الجوائز؛ وذلك لأن الجوائز تُفرّق على العاملين في شهر رمضان، تُفرّق بحسب عمل كل عامل، ولهذا ورد في الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ابن عباس رضي الله عنهما صلى الله عليه وسلم يرفعه قال: «إذا كان يوم عيد الفطر هبطت الملائكة إلى الأرض وتكون على أفواه السكك يُنادون بصوت يسمعه جميع من خلق الله إلا الجن والإنس، يقولون: يا أمة محمد اُخرجوا إلى ربٍّ كريم يُعطي الجزيل ويغفر الذنب العظيم، فإذا برزوا إلى مصلاّهم قال الله تبارك وتعالى لملائكته: يا ملائكتي ما جزاء الأجير إذا عمل عمله؟ فتقول الملائكة: إلهنا وسيدنا أن توفيه أجره، فيقول الله عز وجل، يقول للملائكة: أشهدكم أني جعلتُ ثوابهم من صيامهم وقيامهم رضائي ومغفرتي، ثم يقول موّجهًا خطابه إلى عباده: انصرفوا مغفورًا لكم، انصرفوا مغفورًا لكم» [ضعيف، أخرجه الطبراني في الكبير (617) وانظر ضعيف الترغيب للألباني (594، 670)] قال بعض العلماء: يرجع أقوام من المصلى كيوم ولدتهم أمهاتهم، أي أنه لا ذنب عليهم، قد غُفرت ذنوبهم ومُحيت سيئاتهم. رمضان انطلق وهو يحمل معه شهادات بالفوز والرضوان موقّعة من الرحيم الرحمن على لسان الصادق الأمين - صلى الله عليه وسلم - ونصّها: «من صام رمضان وقامه إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه». وفي الوقت ذاته يحمل صكوك الخسارة والحرمان مُذيّلة بتوقيع الروح الأمين وممهورة بتأمين المصطفى الأمين - صلى الله عليه وسلم - ونصّها: «من أدرك رمضان فلم يُغفر له فأبعده الله قل آمين فقال المصطفى آمين» [أخرجه ابن خزيمة (1888)، وابن حبان (907)، وكذا البخاري في الأدب المفرد (646)]. الله أكبر، الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد. أيها المسلمون: في هذا اليوم العظيم أي في عيد الفطر يجتمع المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها، يجتمع المسلمون في كل قُطر وفي كل قرية يجتمعون لصلاة العيد، وفي هذا الاجتماع تظهر الوحدة الإسلامية، تظهر في أبهى حللها وفي أروع صورها، تظهر الوحدة الإسلامية، يجتمع الغني مع الفقير، القوي مع الضعيف. الوحدة الإسلامية هي التي يخشاها أعداء الإسلام؛ لأن أعداء الإسلام يُدركون ويفهمون أن الإسلام يجمع ولا يُفرق، ولذلك كان أقوى سلاح نواجه به أعداء الإسلام سلاح الإخوة سلاح العقيدة سلاح الإيمان سلاح الوحدة سلاح الأُلفة والاعتصام بحبل الله. الإسلام ينبذ العصبية بكل أنواعها. العصبية الطائفية، العصبية المذهبية، العصبية العنصرية، العصبية القبلية. ونقول لمن يريد وتسول له نفسه التفريق بيننا لن نُفرط في وحدتنا وأخوتنا. لن نُفرط في يمننا لو بذلنا أموالنا ودماءنا. لن نسمح لمن يريد أن يزرع الفتنة في بلادنا، لن نسامح من يريد أن يسفك الدماء ويزرع العداوة بين أبناء يمننا وشعبنا. عباد الله: عمّقوا الأُخوة فيما بينكم بالحب والسلام والمصافحة فالمتحابون في الله ومن أجل الله على منابر من نور يوم القيامة، وسبعة يظلهم الله يوم لا ظل إلا ظله منهم رجلان تحابا في الله أسال الله أن يجمعنا وإياكم في مستقر رحمته ودار كرامته. عباد الله: إن المسلم الحقيقي هو من يحقق ويتصف بقوله - صلى الله عليه وسلم -: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم، والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه» [متفق عليه]. أما من يتسمى بالإسلام وعمله يخالف قوله، فتجده يهمل الواجبات، ويرتكب المنكرات ويأكل أموال الناس بالباطل، ويحلف الأيمان الكاذبة، لا يُراعي حق والديه، ولا حق القرابة والأرحام، يخلف الوعد ولا يفي بالعهد، لا يرحم صغيرًا ولا يوقر كبيرًا، فإن من فعل ذلك لم يحقق الإيمان ولم تنعكس عبادته على حياته وسلوكه. ما فائدة العبادة إذا لم تُحسّن أخلاقك. ما فائدة العبادة إذا لم تمنعك عن الحرام. ما فائدة العبادة إذا لم تُحسّن أقوالك وأفعالك. إن الإيمان ليس بالتمني ولا بالتحلي ولكن ما وقر في القلوب وصدقه العمل. حسّنوا أخلاقكم مع إخوانكم المؤمنين ومع أقاربكم وجيرانكم فما من شيء أثقل في ميزان العبد يوم القيامة من حُسْن خلق، حسّنوا أخلاقكم مع أهليكم وأزواجكم، فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم أخلاقًا، وخياركم خياركم لنسائهم» [صحيح، أخرجه الترمذي: كتاب النكاح - باب حسن المعاشرة (1977)، وصححه الألباني بشواهده. في السلسلة الصحيحة (285)]. لو كان هناك رجلين من بيننا أحدهم يصوم النهار و يقوم الليل، والآخر لا يفعل من ذلك شيء إلا إنه يُحافظ على الفرائض فقط. جئنا يوم القيامة وكلاهما في منزلة واحدة، فاستغرب الناس فقيل لهم: «هذا بصيامه وقيامه وهذا بحُسْن خُلُقه». قال - صلى الله عليه وسلم -: «إن المؤمن ليُدرك بحُسْن خُلُقه درجة القائم الصائم» [هو في كتاب الأدب من السنن [4798]، وأخرجه أحمد (6/90، 133)، وابن حبان [480] ـ الإحسان ـ وصححه الحاكم (1/60)، ووافقه الذهبي، وقال الألباني: "صحيح". صحيح الترغيب والترهيب [2643]. الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر ولله الحمد. الخطبة الثانية الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه، وسلم تسليمًا كثيرًا.عباد الله: الصلاة الصلاة؛ فإنها عمود الإسلام وناهية عن الفحشاء والآثام، من حفظها فقد حفظ دينه، ومن ضيّعها فهو لما سواها أضيع، وهي أول ما يُسأل عنه العبد يوم القيامة، فإن صلحت صلح سائر دينه، وإن فسدت فما سواها أولى بالفساد. عباد الله: تعرّضوا لرحمة الله بالطاعة والعبادة والصلاة ولا تتعرّضوا لسخطه بالمعاصي والذنوب والأوزار. أخي الحبيب: أنت بغير رحمة الله ستهلك، بغير لُطف الله ضائع، بغير عون الله خائب. المسلم بغير رحمة الله كالسمكة إذا أُخرجت من الماء، وكالمخنوق لا يجد الهواء. قال تعالى: ﴿ مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [فاطر: 2]. في هذه الآية صورة من صور قدرة الله وحين تستقر هذه الصورة في قلب بشري يتم فيه تحول كامل في تصوّراته ومشاعره واتجاهاته وموازينه وقيمه في هذه الحياة جميعاً. ينام الإنسان على الشوك مع رحمة الله فإذا هو مهاد. وينام على الحرير، وقد أمسكت عنه فإذا هو شوك مؤلم. ويعالج أعسر الأمور برحمة الله فإذا هي هوادة ويسر. ويعالج أيسر الأمور وقد تخلت رحمة الله فإذا هي مشقة وعسر. المال والزوجة والأولاد مع رحمة الله مصدر سعادة وسرور وراحة واطمئنان. وإذا خلت هذه الأشياء من رحمة الله أصبحت مصدر قلق وخوف وحيرة واضطراب سبحان الله. عباد الله: اعلموا أن من علامة قبول الطاعة الطاعة بعدها، من كان يعبد رمضان فإن رمضان قد ولى ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت بئس العبد لا يعرف الله إلا في رمضان ,الله الله في الاستقامة والاستمرار على طاعة الله يا من حافظت على الصلاة في رمضان لا تفرط فيها. يا من قرأت القران في رمضان لا تهجر القران طوال العام. يا من تصدّقت في رمضان استمر على الصدقة. فالصدقة تطفي غضب الرب وتدفع ميتة السوء. إن كان الصوم المفروض قد انقضى فإن من نافلة الصوم صيام ست من شوال ففي صحيح مسلم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من صام رمضان ثم اتبعه بست من شوال كان كصيام الدهر» [رواه مسلم]. هذا وصلوا - عباد الله: - على رسول الهدى فقد أمركم الله بذلك في كتابه فقال:﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]. اللهم صلِّ وسلّم على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين.
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]() خطبة عيد الفطر(2) د. أمير بن محمد المدري اللهم لك الحمد كله ولك الشكر كله وإليك يرجع الأمر كله علانيته وسره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. اللهم ارض عنا في هذا اليوم واجعلنا من الفائزين يارب العالمين. اللهم اجعلنا ممن قبلت صيامهم وقيامهم، وغفرت لهم زلاَّتهم وآثامهم. وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله الأمين، صلى الله عليه وعلى إله الطيبين الطاهرين. الله أكبر «تسعًا» أيها المسلمون: أوصيكم ونفسي بتقوى الله ومن معاني تقوى الله الثبات على الطاعة والاستقامة على طاعة الله حتى الممات. عباد الله: من كان يعبد رمضان فان رمضان قد فات ومن كان يعبد الله فان الله حيٌّ لا يموت. استمروا على طاعة ربكم واثبتوا على عبادته. عباد الله: إن الإسلام دينٌ شامل كامل لكل شؤون والحياة يريد المسلم الصالح في بيته وفي سلوكه وفي عمله. ومن علامة حب الله للعبد الفقه في الدين قال -صلى الله عليه وسلم-: « من يُرد الله به خيرًا يفقهه في الدين» [رواه البخاري رقم (3116)، الجهاد، باب قول الله تعالى فإن لله خمسه وللرسول، ومسلم رقم (1027)، في الإمارة، باب فضل الرمي]. ومن الفقه فقه الأولويات: أن يفقه المسلم أنّ هناك مهم وهناك أهم. عباد الله: ألا وإن من فقه الأولويات تقديم العمل المتعدّي على العمل القاصر، تقديم الأكثر نفعًا على غيره، قال تعالى:﴿ جَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴾ [التوبة: 19، 20] وقال -صلى الله عليه وسلم-: «خيركم من تعلّم القرآن وعلّمه»[رواه البخاري]، وقال: «ذهب المفطرون بالأجر» [متفق عليه]، وقال -صلى الله عليه وسلم-: »أحب الناس إلى الله أنفعهم، وأحب الأعمال إلى الله عزوجل سرورٌ تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دينًا، أو تطرد عنه جوعًا، ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إليّ من أن أعتكف في المسجد شهرًا«[رواه الطبراني في الكبير وهو في السلسلة الصحيحة (906)]. وهكذا كان كل عملٍ يتعلق بإصلاح المجتمع ونفعه أفضل من العمل المقصور النفع على صاحبه، قال -صلى الله عليه وسلم-: »ألا أُخبركم بأفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة؟ إصلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة»[أخرجه أحمد (6/444)، والترمذي: كتاب صفة القيامة والرقائق والورع - باب حدثنا هناد... حديث (2509)، وقال: حديث صحيح]. هناك مفضول وهناك فاضل، هناك فرض وهناك سنة، وهناك أعمال أحب إلى الله تعالى. ففي الصحيحين عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- أي العمل أحب إلى الله تعالى قال: «الصلاة على وقتها قلت: ثم أي؟ قال: بر الوالدين. قلت: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله». والنفقة تختلف فهناك درهم سبق ألف درهم. عجيب من الناس من ينفق الألاف في الصدقة وينسى أقرب الناس إليه، أو ينفق آلاف في أكلٍ وشرب ولا ينفق درهم في سبيل الله. يقول -صلى الله عليه وسلم-: «يقول ابن آدم: مالي. مالي قال: وهل لك يا بن آدم إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت» [أخرجه مسلم (4 / 2273) رقم (2958)]. هناك من يحرص على الخشوع والبكاء في صلاة القيام مع أنه قبل أن يأتي إلى المسجد أبكى أبيه من العقوق والظلم. هناك من يحرص على الخشوع والبكاء في القيام مع أنه قد أبكى زوجته من الظلم. هناك من يتحرز عن النجاسات ولا يتحرز لسانه عن سب وشتم وغيبة المسلمين. هناك من يتطهر لباسًا ونظافة ولا يتطهر من أكل الحرام. روي أن أحد الصالحين زار أحد التجار في تجارته فجلس عنده ساعة، فإذا به يغش في بيعه وشراءه، ويكثر من الأيمان والحلف لبيع سلعته، وإذا بالتاجر يلتفت إليه قائلًا: لعلك تعجبت من بيعي وشرائي؟ لا تخف فأنا إذا خيّم الليل وأرخى سدوله أقف بين يدي الله مصليًا اغسل كل ذنوبي في البيع والشراء. فقال له ذاك الرجل الصالح: «ما مثلك إلا مثل رجل في يديه نجاسة وأراد غسلها فذهب إلى نهر وانزل رجليه إلى النهر ليغسل يديه، فهل سيغسل يديه ورجليه في الماء؟ لا والله حتى لو ظل إلى يوم القيامة، ستظل النجاسة في اليد، وهكذا أنت فلا بد من التوبة من الغش والأكل الحرام. هناك من يحج ويعتمر كل عام ونسي أن الأفضل من ذلك إطعام المساكين والفقراء من المسلمين. خرج عبد الله بن المبارك -رحمه الله- مرة إلى الحج، فاجتاز ببعض البلاد، فمات طائر معهم فأمر بإلقائه على مزبلة هناك، وسار أصحابه أمامه وتخلّف هو وراءهم، فلما مر بالمزبلة، إذا جارية قد خرجت من دار قريبة منها، فأخذت ذلك الطائر الميت، ثم لفته، ثم أسرعت به إلى الدار، فجاء فسألها عن أمرها وأخذها الميتة، فقالت: أنا وأخي هنا ليس لنا شيء إلا هذا الإزار، وليس لنا قوت إلا ما يلقى على هذه المزبلة، وقد حلّت لنا الميتة منذ أيام، وكان أبونا له مال فظُلم وأُخذ ماله وقُتل، فأمر ابن المبارك برد الأحمال، وقال لوكيله: كم معك من النفقة؟ قال: ألف دينار، فقال: عد منها عشرين دينارًا تكفينا إلى مرو وأعطها الباقي، فهذا أفضل من حجنا في هذا العام ثم رجع. هناك من يبكي لحال المسلمين في فلسطين وغيرها البكاء أمرٌ طيب لكن الأولى والأفضل أن تخرج من مالك لهم. الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد عباد الله: بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم ولسائر المؤمنين فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى إله وأصحابه وإخوانه، وسلم تسليمًا كثيرًا.عباد الله: أيها لمسلمون: تُريدون البركة في العمر والمال تريدون صلاح الحال والعيال عليكم بثلاث: حُسن الخلق وصلة الرحم وحُسن الجوار، أخرج الإمام أحمد وابن ماجه عن عائشة ل مرفوعًا: «صلة الرحم وحُسن الخلق وحُسن الجوار يعمران الديار ويزيدان الأعمار»[ أخرجه أحمد (6 /159، رقم 25298)]. الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد أيها المسلمون: اليوم يوم الصفاء والنقاء يوم الوحدة والإخاء يوم تتلاحم القلوب والصفوف فلكن متحابين متصافين متآزرين متآخين متناصرين لعل الله عزوجل يجعلنا ممن يحبهم ويظلهم تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله. أخي الحبيب: النجاة يوم القيامة ليست لكثير الصلاة والصيام مع أنها مهمة لكن النجاة لصاحب القلب السليم قال تعالى: ﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الشعراء: 88-89] فلنُصفّي قلوبنا ولننسى خلافاتنا لعل الله يرحمنا. الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد أخي المسلم: تستطيع أن تختار رفيقك في المحشر من هنا فالمرء يحشر مع من أحب. ففي الصحيحين من حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه-: «أن رجلًا سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الساعة. فقال: يا رسول الله متى الساعة. قال: «وما أعددت لها؟ ». قال: لا شيء، إلا أنى أحب الله ورسوله. فقال: «أنت مع من أحببت» قال أنس: فما فرحنا بشيء فرحنا بقول النبي: «أنت مع من أحببت». قال أنس فأنا أحب النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبا بكر وعمر، وأرجو أن أكون معهم بُحبِّي إياهم وإن لم أعمل بعملهم». من أحبّ مؤمنًا حُشر معه ولو كان مقصرًا، جاء رجل إلى رسول الله فقال: يا رسول الله الرجل يحب القوم ولما يلحق بهم ـ أي ليس عنده كثير صلاة ولا صلاح ولا صيام يحب الصالحين وليس عنده كثيرٌ من الصلاح ويحب العلماء وليس عنده العلم، يحب القوم ولما يلحق بهم فقال-صلى الله عليه وسلم-: «المرء مع من أحب» [أخرجه البخاري، ومسلم في كتاب البر والصلة والآداب/ باب المرء مع من أحب (16/188) عن ابن مسعود]. ونحن نشهد الله على حب نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- وصحابته وآل بيته الطيبين الطاهرين. الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الكفر والكافرين وأعلى راية الحق والدين. اللهم من أرادنا والإسلام والمسلمين بعز فاجعل عز الإسلام على يديه، ومن أرادنا والإسلام والمسلمين بكيد فرد كيده إلى نحره، واجعل تدبيره في تدميره، واجعل الدائرة تدور عليه. اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر. وصلى اللهم وسلم وبارك على محمد وعلى إله وصحبه وسلم تسليمًا.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |