|
رمضانيات ملف خاص بشهر رمضان المبارك / كيف نستعد / احكام / مسابقات |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الدرس العاشر: أمراض القلوب وعلاجها عفان بن الشيخ صديق السرگتي قال العلماء: إن القلوب على أنواع: القلب الأول القلب السليم: هو الذي قد سلِم من كل شهوة تُخالف أمر الله ونهيه، ومن كل شُبهة تُعارض خبره، فسلِم من عبودية ما سواه، وسلِم من تحكيم غير رسوله (صلى الله عليه وسلم). وبالجملة فالقلب السليم الصحيح هو الذي سلِم من أن يكون لغير الله فيه شركٌ بوجهٍ ما، بل قد خلصت عبوديته لله: إرادة، ومحبة، وتوكلًا، وإنابة، وإخباتًا، وخشيةً، ورجاءً، وأخلَص عمله لله، فإن أحب أحبَّ لله، وإن أبغض أبغضَ في الله، وإن أعطى أعطى لله، وإن منع منَع لله، فهمه كله لله، وحبه كله لله، وقصده له، وبدنه له، وأعماله له، ونومه له، ويقَظته له، وحديثه، والحديث عنه أشهى إليه من كل حديث، وأفكاره تَحوم على مراضيه، ومحابِّه، نسأل الله تعالى هذا القلب. القلب الثاني: القلب الميت: وهو ضد الأول، وهو الذي لا يعرف ربَّه، ولا يعبُده بأمره، وما يُحبه ويرضاه، بل هو واقفٌ مع شهواته ولذاذاته، ولو كان فيها سخطُ ربِّه وغضبه، فهو متعبِّد لغير الله: حبًّا، وخوفًا، ورجاءً، ورضًا، وسخطًا، وتعظيمًا، وذلًّا، إن أبغض أبغض لهواه، وإن أحب أحبَّ لهواه، وإن أعطى أعطى لهواه، وإن منع منع لهواه، فالهوى إمامه، والشهوة قائده، والجهل سائقُه، والغفلة مركبُه؛ نعوذ بالله من هذا القلب. القلب الثالث: القلب المريض: هو قلب له حياة، وبه علةٌ، فلهمادتان تَمُده هذه مرة، وهذه أخرى، وهو لِما غلَب عليه منهما، ففيه من محبة الله تعالى، والإيمان به، والإخلاص له، والتوكل عليه، ما هو مادةُ حياته، وفيه مِن محبة الشهوات، والحرص على تحصيلها، والحسد والكبر، والعجب، وحبِّ العلو والفساد في الأرض بالرياسة، والنفاق، والرياء، والشح والبخل، ما هو مادةُ هلاكه وعطبه، نعوذ بالله من هذا القلب. وقد مُثل ذلك بمثال حسن، وهو ثلاثة بيوت: بيت للملك فيه كنوزه وذخائرُه وجواهره، (وهذا مثال للقلب السليم)، وبيت للعبد فيه كنوز العبد وذخائره وجواهره، وليس جواهر الملك وذخائره، (وهذا مثال للقلب المريض)، وبيت خالٍ صفر لا شيء فيه، (وهذا مثال للقلب الميت)، فجاء اللص يسرق من أحد البيوت، فمن أيها يسرق؟ فإن قلت: من البيت الخالي، كان محالًا؛ لأن البيت الخالي ليس فيه شيء يُسرَق، ولهذا قيل لابن عباس رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: إن اليهود تَزعُم أنها لا تُوسوس في صلاتها، فقال: وما يَصنَع الشيطان بالبيت الخراب؟ وعلاج القلب يكون بِأمور: الأمر الأول: بالقرآنِ الكريمِ: فإنه شفاءٌ لما في الصدور من الشك، ويُزيل ما فيها من الشرك، ودنَس الكفر، وأمراض الشبهات، والشهوات، وهو هدًى لِمَن علِم بالحق، وعمِل به، ورحمة لِما يحصُل به للمؤمنين من الثواب العاجل والآجل؛ قال الله: ﴿ أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا ﴾ [الأنعام: 122]. الأمر الثاني: القلب يحتاج إلى ثلاثة أمور: 1 ـ ما يحفَظ عليه قوته، وذلك يكون بالإيمان، والعمل الصالح، وعمل أوراد الطاعات. 2 ـ الحِمية عن المضار، وذلك باجتناب جميع المعاصي، وأنواع المخالفات. 3 ـ الاستفراغ من كل مادة مؤذية، وذلك بالتوبة والاستغفار. الأمر الثالث: الابتعاد عن الوسوسة: فإنها أعظمُ موانع الخشوع في الصلاة، فإذا نجا العبد من هذا المرض الخطير، فقد نجا من شرور كثيرة، والوسواس: الشيطان؛ قال الله: ﴿ مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ ﴾ [الناس: 4]، والوسوسة: حديث النفس والشيطان، بما لا نفع فيه ولا خير. ولا شك أن علاج قسوة القلوب يكون بالنظر إلى أسباب القساوة ثم إزالتها، ويكون ذلك على النحو الآتي: 1- الوفاء بالعهد مع الله تعالى في القيام بالواجبات التي أوجبها تعالى، والابتعاد عن المحرمات التي حرَّمها على عباده، وكذلك الوفاء بالعهد مع المخلوقين؛ قال الله تعالى في سبب قساوة قلوب اليهود: ﴿ فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ﴾ [المائدة: 13]. 2- كثرة ذكر الله تعالى بالقلب مع اللسان، من أعظم أسباب سلامة القلوب من القسوة والأمراض المعنوية، فإن من أسباب قسوة القلوب كثرة الكلام بغير ذكر الله. 3- ترك الذنوب والتوبة منها، فإن كثرة الذنوب من أعظم أسباب قساوة القلوب، والحذر منها والابتعاد عنها من أعظم أسباب السلامة؛ قال الله تعالى: ﴿ كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [المطففين: 14]، وقال النبي (صَلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلمَ): (تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا، فَأَي قَلْبٍ أُشْرِبَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، وَأَي قَلْبٍ أَنْكَرَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ حَتى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ: عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصفَا، فَلَا تَضُرهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ، وَالْآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّا كَالْكُوزِ مُجَخيًا لَا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا، إِلا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ)[1]. 4- ترك كثرة الضحك والقهقهة، فإن كثرة ذلك تُميت القلب؛ لحديث أبي هريرة قال: قال رسول الله (صَلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلمَ): (مَنْ يَأْخُذُ عَني هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ فَيَعْمَلُ بِهِن أَوْ يُعَلمُ مَنْ يَعْمَلُ بِهِن؟ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَقُلْتُ: أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ! فَأَخَذَ بِيَدِي، فَعَد خَمْسًا، وَقَالَ: اتَّقِ الْمَحَارِمَ تَكُنْ أَعْبَدَ الناسِ، وَارْضَ بِمَا قَسَمَ اللهُ لَكَ تَكُنْ أَغْنَى الناسِ، وَأَحْسِنْ إِلَى جَارِكَ تَكُنْ مُؤْمِنًا، وَأَحِب لِلناسِ مَا تُحِب لِنَفْسِكَ تَكُنْ مُسْلِمًا، وَلَا تُكْثِرِ الضحِكَ فَإِن كَثْرَةَ الضحِكِ تُمِيتُ الْقَلْبَ)[2]. 5- كثرة ذكر الموت، فإن الغفلة عن الموت وطول الأمل مما يُقسي القلب؛ لحديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلمَ: (أكثروا ذِكْرَ هَاذِمِ اللذاتِ)[3]، يعني الموت. 6- إطعام المسكين ومسْح رأس اليتيم، فإن من أسباب قسوة القلوب تركُ الإحسان إلى اليتامى والمساكين؛ لحديث أبي هريرة أَن رَجُلًا شَكَا إِلَى رَسُولِ اللهِ (صَلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلمَ) قَسْوَةَ قَلْبِهِ، فَقَالَ لَهُ: (إِنْ أَرَدْتَ تَلْيِينَ قَلْبِكَ فَأَطْعِمْ الْمِسْكِينَ وَامْسَحْ رَأْسَ الْيَتِيمِ)[4]. 7- زيارة القبور والتفكر في حال أهلها ومصيرهم؛ لأن الغفلة عن ذلك من أسباب قسوة القلب؛ لحديث أبي هريرة قال: زَارَ النبِي (صَلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلمَ) قَبْرَ أُمهِ فَبَكَى وَأَبْكَى مَنْ حَوْلَهُ، فَقَالَ (صَلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلمَ): (اسْتَأْذَنْتُ رَبي فِي أَنْ أَسْتَغْفِرَ لَهَا فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي، وَاسْتَأْذَنْتُهُ فِي أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأُذِنَ لِي، فَزُورُوا الْقُبُورَ، فَإِنهَا تُذَكرُ الْمَوْتَ)[5]. 8 ـ النظر في ديار الهالكين، والاعتبار بمنازل الغابرين، فإن الغفلة عن التفَكرِ في ذلك من أسباب قسوة القلب، ولهذا كان ابن عمر إذا أراد أن يتعاهد قلبه يأتي الخَرِبة، فيقف على بابها، وينادي بصوت حزين، فيقول: أين أهلُك؟ ثم يرجع إلى نفسه، فيقول: (كُل شَيْءٍ هَالِكٌ إِلا وَجْهَهُ). [1] رواه مسلم. [2] رواه الترمذي، وقال الشيخ الألباني: حسن. [3] ـ رواه ابن حبان، وقال الشيخ الألباني: حسن. [4] رواه الإمام أحمد، وقال الشيخ الألباني: حسن. [5] رواه مسلم.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |