من لا يجب عليه الصوم (الهرم والعاجز عن الصيام عجزا مستمرا لا يرجى زواله) - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         إلى المرتابين في السنة النبوية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          رذيلة الصواب الدائم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          استثمار الذنوب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          حارب الليلة من محرابك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          حديث: ليس صلاة أثقل على المنافقين من الفجر والعشاء... (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          ذكر الله تعالى قوة وسعادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          السهر وإضعاف العبودية لله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          مميزات منصات التعلم الإلكترونية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          الهدايات المستنبطة من آية: وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 8 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > ملتقى اخبار الشفاء والحدث والموضوعات المميزة > رمضانيات
التسجيل التعليمـــات التقويم

رمضانيات ملف خاص بشهر رمضان المبارك / كيف نستعد / احكام / مسابقات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 08-03-2025, 10:10 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,478
الدولة : Egypt
افتراضي من لا يجب عليه الصوم (الهرم والعاجز عن الصيام عجزا مستمرا لا يرجى زواله)

من لا يجب عليه الصوم

(الهرم والعاجز عن الصيام عجزًا مستمرًّا لا يرجى زواله)

د. عبدالرحمن أبو موسى
ثالثًا: الهرم:
وهو الذي بلغ الهَذَيان وسقط تمييزُه، فلا يجب عليه الصومُ ولا الإطعام؛ لسقوط التكليف عنه بزوال تمييزه، فأَشبه الصبي قبل التمييز، فإن كان يُميز أحيانًا، ويَهذي أخرى، وجب عليه الصومُ في حال تمييزه دون حال هَذيانه، والصلاة كالصوم.

رابعًا: العاجز عن الصيام عجزًا مستمرًّا لا يُرجى زوالُه:
كالكبير والمريض مرضًا لا يُرجى برؤُه، فلا يجب عليه الصيام؛ لأنه لا يستطيعه، وقد قال تعالى: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ﴾ [التغابن: 16]، لكن هل يجب عليه أن يُطعم؟ فيه خلاف:
القول الأول: وهو مذهبُ الجمهور - وهو الراجحُ - أنه يجب عليه أن يُطعم عن كل يوم مسكينًا، واستدلوا بما يأتي:
1- قول الله تعالى: ﴿ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ﴾ [البقرة: 184]؛ حيث فسَّرها ابن عباس بالشيخ والشيخة إذا كانا لا يُطيقان الصوم، فيطعمان عن كل يوم مسكينًا، وسيأتي تحرير الكلام في تفسيرها.

2- قول أبي هريرة - رضي الله عنه -: "مَن أدركه الكبرُ، فلم يَستطِع صيام شهر رمضان، فعليه لكل يوم مُدٌّ مِن قمح"؛ [هق 4/ 271، قط 2/ 208].

3- أطعم أنس - رضي الله عنه - بعدما كبر عامًا أو عامين عن كل يوم مسكينًا؛ [خ تعليقًا، كتاب التفسير، باب قوله: ﴿ أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ ﴾ [البقرة: 184].

القول الثاني: أنه لا يجب أن يُطعم، كما لو ترَك الصوم لمرض، وهذا هو مذهبُ المالكية والظاهرية، وهو أيضًا قول للشافعية، إلا أن المالكية استحبوا الإطعام.

اختلف العلماء في تفسير قوله تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 183، 184]، إلى قوله: ﴿ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ﴾ [البقرة: 185] على قولين:
القول الأول: أن قوله: ﴿ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ ﴾ مُحكمة، وليست منسوخة، وهذا قول ابن عباس -رضي الله عنهما -:
1- عن عطاء أنه سمع ابن عباس يقرأ: (وعلى الذين يُطَوَّقُونَه فدية طعام مسكين)، قال ابن عباس: "ليست بمنسوخة هو الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما، فيُطعمان مكان كل يوم مسكينًا"؛ [خ 4505].

2- قال أيوب: وسمعت عكرمة يقول عن ابن عباس: "ليست منسوخة، هي في الشيخ الذي يكلف الصيام ولا يُطيقه، فيُفطر ويُطعم"؛ [عبد الرزاق 4/ 221، وسنده صحيح، انظر شرح العمدة، كتاب الصيام 1/ 259].

وعلى هذا القول يكون معنى الآية: أن على الذين يَشُقُّ عليهم الصيام - فلا يستطيعونه - فدية طعام مسكين، فتكون الآية بذلك مُحكمةً غير منسوخة.

القول الثاني: أن قوله: ﴿ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ ﴾ منسوخ بقوله: ﴿ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ﴾، وهذا قول ابن عباس وسلمة بن الأكوع وابن عمر، وعلقمة وغيرهم، وهذا طرف من الروايات الثابتة في ذلك:
1- عن سعيد بن جبير عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: "رُخِّص للشيخ الكبير والعجوز الكبيرة في ذلك، وهما يُطيقان الصوم - أن يُفطرا إن شاءا، ويُطعما مكان كل يوم مسكينًا، ثم نُسخ ذلك في هذه الآية: ﴿ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ﴾، وثبَت للشيخ الكبير والعجوز الكبيرة إذا كانا لا يُطيقان الصومَ، والحامل والمرضع إذا خافَتا أفطَرتا وأطعَمتا مكان كل يوم مسكينًا"؛ [هق 4/ 230، وصححه الألباني في الإرواء 4/ 18، وانظر شرح العمدة لابن تيمية، كتاب الصيام 1/ 247].

2- عن سلمة بن الأكوع قال: "لَمَّا نزلت: ﴿ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ﴾ [البقرة: 184]، كان من أراد أن يفطر ويفتدي، حتى نزلت الآية التي بعدها فنسخَتها"؛ [خ 4507، م 1145].

3- عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه: "قرأ: ﴿ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ﴾، قال: هي منسوخة"؛ [خ 1949]،

وعلى هذا القول فالآية منسوخة بقوله تعالى: ﴿ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ﴾؛ حيث كان في أول الأمر التخيير بين الإطعام وبين الصيام، ثم ألزم الجميع بالصيام.

وبالنظر في الروايات السابقة يَظهر شيء من التعارض؛ لأن ابن عباس أثبت نَسخها مرة، ونفى نسخها أخرى، وفي نفيه للنسخ مخالفةٌ لصحابة آخرين أثبتوا نسخ الآية، وقد اختلفت أجوبة العلماء عن هذا الإشكال على ما يأتي:
الجواب الأول: أن نفي ابن عباس للنسخ، إنما هو نفي لنسخ حكم الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة، فحكمهما أنهما يُفطران، وعليهما الإطعام، وإثباته للنسخ هو إثبات لنسخ الآية، وعليه فقوله: ﴿ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ﴾ منسوخ بقوله: ﴿ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ﴾، لكن ما دل عليه قوله: ﴿ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ ﴾؛ أي: إن مَن يَشُقُّ عليهم يَفدون، هذا ثابت بالسنة، وليس منسوخًا، فقوله: (ليست منسوخة)؛ أي: حُكم الإطعام؛ [الإرواء 4/ 23-25].

وهذا الجواب فيه تكلُّف من ناحية أن ابن عباس في مقام تفسير الآية، لا في مقام بيان حكمٍ مأخوذ من السنة، ولهذا قال: (هي في الشيخ)؛ أي: الآية، فتفسيره للآية دليلٌ على أنها عنده غير منسوخة.

الجواب الثاني: أن المراد بالنسخ في كلام ابن عباس التخصيص، فقوله: ﴿ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ ﴾ عام فيمن يُطيقه بجهدٍ ومشقة، وفيمَن يُطيقه بغير جهدٍ ومشقة، فخُصِّص في حقِّ مَن لا مَشقة عليه، وبَقِيَ في حقِّ مَن لا يُطيقه إلا بجهدٍ ومشقة، فإثباتُه للنسخ هو إثباتٌ للتخصيص، ونفيه له هو نفيُه لتخصيص الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة، أو نفي للنسخ الكُلي للآية، ولهذا قال في رواية البيهقي: "رُخِّص للشيخ الكبير والعجوز الكبيرة في ذلك وهما يُطيقان الصوم - أن يُفطرا إن شاءا، ويُطعما مكان كل يوم مسكينًا"، وهذا عام للمطيق مع المشقة، والمطيق بدون مشقة؛ أي: يُطعم عن كل يوم مسكينًا، ثم قال: "ثم نُسخ ذلك في هذه الآية ﴿ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ﴾"، وهذا تخصيص، وقد بيَّن ما بَقِيَ بعد التخصيص بقوله: "وثبَت للشيخ الكبير والعجوز الكبيرة إذا كانا لا يُطيقان الصوم، والحامل والمرضع إذا خافَتا أفطَرتا وأطعَمتا مكان كل يوم مسكينًا"، وأطلَق عليهما أنهما لا يُطيقان؛ لأن مَن يُطيق بجهد ومشقة كمن لا يُطيق؛ لأن الشريعة جاءت بنفي الحرج؛ [انظر شرح العمدة لابن تيمية، كتاب الصيام 1/ 264].

الجواب الثالث: أن في الآية نسخًا من وجه، وهو أنه في أول فرض الصيام، أوجب الله على الناس أحد أمرين: الصيام أو الإطعام، فمن كان قادرًا على أحدهما، فهو مأمورٌ بما قدر عليه، فمن كان إذ ذاك يَقدِر على الصيام دون الإطعام، لزِمه الصيام، ومن كان إذ ذاك يقدِر على الإطعام دون الصيام، لزِمه الإطعام، ومن قدر عليهما معًا، خيِّر بينهما، ثم نسَخ الله تعالى التخيير، فمن كان مخيرٍا من قبلُ لزِمه الصيام، ولا يُجزئه الإطعام، أما من كان فرضه الصيام لعدم قدرته على الإطعام، ومن كان فرضه الإطعام لعدم قدرته على الصيام، فلا نسخَ في حقه، وعليه فإثبات ابن عباس للنسخ هو إثباتٌ لنسخ التخيير، ونفيه للنسخ هو نفيٌ لنسخ حكم مَن كان فرضه أحد الأمرين، وهذا الجواب أوضح الأجوبة، والله أعلم؛ [انظر شرح العمدة لابن تيمية، كتاب الصيام 1/ 264، 266].

للإطعام كيفيتان:
الأولى: التمليك، بأن يعطي المسكين طعامًا.

الثانية: أن يغدي المساكين أو يُعشيهم، وقد اختلف العلماء في هذه الكيفية:
القول الأول: أنه لا يجزئه ذلك، وهذا هو مذهب الشافعية والحنابلة.

القول الثاني: أنه يجزئه، وهذا مذهب الحنفية والمالكية، واختيار شيخ الإسلام، وهذا هو الراجح، لعموم قوله تعالى: ﴿ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ﴾، وقد فعل ذلك أنس رضي الله عنه لَما كبر.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كفارة اليمين: "وإذا جمع عشرة مساكين وعشَّاهم خبزًا أو أدمًا من أوسط ما يُطعم أهله، أجزأه ذلك عند أكثر السلف، وهو مذهب أبي حنيفة ومالك، وأحمد في إحدى الروايتين وغيرهم، وهو أظهرُ القولين في الدليل، فإن الله تعالى أمر بالإطعام لم يوجب التمليك، وهذا إطعام حقيقة، ومن أوجب التمليك احتج بحجتين:
إحداهما: أن الطعام الواجب مقدَّر بالشرع، ولا يعلم إذا أكلوا أن كل واحد يأكل قدر حقِّه.

والثانية: أنه بالتمليك يتمكن من التصرف الذي لا يُمكنه مع الإطعام.

وجواب الأُولى أنا لا نسلم أنه مقدَّر بالشرع، وإن قدِّر أنه مقدَّر به، فالكلام إنما هو إذا أشبع كلَّ واحد منهم غدَّاه وعشَّاه، وحينئذ فيكون قد أخذ كلُّ واحد قدرَ حقِّه وأكثر.

وأما التصرف بما شاء، فالله تعالى لم يوجب ذلك، إنما أوجب الإطعام، ولو أراد ذلك لأوجب مالًا من النقد ونحوه، وهو لم يوجب ذلك"؛ [الفتاوى الكبرى 4/ 201].

إطعام مسكين واحد لمدة ثلاثين يومًا، أو بعدد الأيام التي وجبت عليه، جائز عند الشافعية والحنابلة، وجماعة من المالكية، وهو رواية عن أبي حنيفة.

ونص الإمام مالك على عدم جواز ذلك، واستدل من قال بالجواز بأن كل يوم عبادة مستقلة؛ [التاج والإكليل 3/ 387، الإنصاف 3/ 291، حاشية الدسوقي 1/ 538، مغني المحتاج 2/ 177، رد المحتار 2/ 427].

ما كمية الطعام التي يَفدي بها؟ فيه خلاف بين العلماء:
القول الأول: أنه يُطعم مدًّا مِن بُر أو نصف صاع من غيره، وهذا هو مذهب الحنابلة، قالوا: لأن مُد البُر يساوي نصف الصاع من غيره؛ لأن البر أطيب وأغلى في نفوس الناس.

القول الثاني: أن يطعم نصف صاع من البر أو صاع من غيره، وهذا مذهب الحنفية.

القول الثالث: أنه يطعم مدًّا من طعام لكل مسكين، وهذا مذهب المالكية والشافعية.

القول الرابع: أن ذلك راجع إلى العرف، وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو الراجح.

قال رحمه الله في كلامه عن كفارة اليمين: "والقول الثاني: أن ذلك مقدَّر بالعرف لا بالشرع، فيطعم أهلُ كلِّ بلد من أوسط ما يطعمون أهليهم قدرًا ونوعًا، وهذا معنى قول مالك، قال إسماعيل بن إسحاق: كان مالك يرى في كفارة اليمين أن المد يُجزئ بالمدينة، قال مالك: وأما البلدان فإن لهم عيشًا غير عيشنا، فأرى أن يُكفِّروا بالوسط من عيشهم؛ لقول الله تعالى: ﴿ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ ﴾ [المائدة: 89]، وهو مذهبُ داود وأصحابه مطلقًا، والمنقول عن أكثر الصحابة والتابعين هذا القول"؛ [الفتاوى الكبرى 4/ 198].

ما جنس المطعم؟ فيه خلاف بين العلماء:
فالمذهب أن جنسَ المطعم هنا هو جنسُ المطعم في الكفارة، وهو مُدٌّ مِن بُر، أو نصف صاع من تمر أو زبيب، أو أقط أو شعير، واختار شيخ الإسلام ابن تيمية - وهو الأقرب - أنه يُخرج من أوسط ما يُطعم أهله؛ لقوله تعالى: ﴿ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ ﴾.

وقت الإطعام بالخيار إن شاء فدى عن كل يوم بيومه، وإن شاء أخَّر إلى آخر يوم، لكن لا يقدِّم الإطعام؛ لأن تقديم الفدية كتقديم الصيام، وهو من باب تقديم العبادة على سبب وجوبها، وسبب الوجوب هو فطرُ ذلك اليوم.

وأجاز الشافعية تقديم الفدية على الفطر ليوم واحد، وأجاز الحنفية دفْعها أول الشهر عن الشهر كله؛ [رد المحتار 2/ 427، الأشباه والنظائر ص402، فتاوى الرملي 2/ 74، الفواكه الدواني 1/ 310، بحر المذهب للروياني 3/ 297، الموسوعة الكويتية 32/ 68].

إن عجز عن الإطعام فهل يتعلق ذلك في ذمته أم يسقط عنه؟ فيه خلاف:
القول الأول: وهو المشهور في المذهب أنه يتعلق في ذمته، فإذا قدر فيجب عليه أن يُبرئها بالإطعام.

القول الثاني: وهو اختيار ابن عقيل من الحنابلة، وهو الوجه الثاني في المذهب أنه يسقط عنه، وهو الراجح؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأمُر مَن جامَع امرأته في نهار رمضان بالكفارة إذا قدِر عليها، بل أسقطها عنه، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، والشارع متشوِّق إلى عدم إشغال الذمة بخلاف حقوق الآدمي، أما هذه فهي حقوق الله، فأسقَطها سبحانه.

قال شيخ الإسلام: "وإن تبرَّع إنسانٌ بالصوم عمن لا يُطيقه لكِبَره ونحوه، أو عن ميِّت، وهما مُعسران - توجَّه جوازُه؛ لأنه أقربُ إلى المماثلة من المال، وحكى القاضي في صوم النذر في حياة الناذر نحو ذلك"؛ [الفتاوى الكبرى، 5/ 377].

لكن نقل القاضي عياض والنووي والماوردي الإجماعَ أنه لا يُصام عن أحدٍ في حياته؛ [الفروع 3/ 96، مطالب أولي النهى 2/ 212، أسنى المطالب 3/ 61].

إذا سافر من لا يستطيع الصوم لكبر أو مرض لا يرجى زواله، ففيه خلاف:
القول الأول: أنه لا صوم عليه ولا فدية ولا قضاء؛ لأن الصومَ يَسقُط بالسفر، وهو مذهب الحنابلة.

القول الثاني: أنه لا تسقُط عنه الفدية؛ لأنه لم يكن الصوم واجبًا في حقه أصلًا، وإنما الواجبُ عليه الفدية، فالفديةُ لا فرقَ فيها بين السفر والحضر؛ [دقائق أولي النهى 1/ 475].




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 58.91 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 57.24 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.83%)]