|
رمضانيات ملف خاص بشهر رمضان المبارك / كيف نستعد / احكام / مسابقات |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() مقال ( فضل الصيام ) بسم الله الرحمن الرحيم أشرف شعبان أبو أحمد الصيام عبادة قديمة عرفتها الأديان قبل الإسلام وإن حرف الناس في كيفيته وبدلوها قال تعالى {يأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون } [سورة البقرة آية 183] (1) فأناجيل النصارى تذكر الصوم وتمدحه وتعتبره عبادة كبرى وقد صام عيسى عليه السلام والحواريون، والتوراة تفرض الصوم بعض الأيام ومنها فيما يروى يوم عاشوراء وقد صام موسى عليه السلام أربعين يوما، بل أن الوثنين يعرفون الصوم فقد كان المصريون في أيام وثنيتهم يصومون، وانتقل منهم الصوم إلى اليونان والرومان ولا يزال الوثنيون في الهند يصومون إلى الآن، ويكاد الصوم يكون أمرا فطريا يلجأ إليه كل كائن حي فترة أو فترات من الزمان حتى أننا نجد بعض الحيوانات كالجمال مثلا تصوم، فالصوم إذن فطرة مألوفة وعبادة معروفة (2) والصيام معناه في اللغة الإمساك عن الشيء فإذا أمسك شخص عن الكلام أو الطعام فلم يتكلم ولم يأكل يقال له صائما ومن ذلك قوله تعالى في سورة مريم آية 26 ( إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا ) أي صمتا وإمساكا عن الكلام وأما معناه في اصطلاح الشرع فهو الإمساك عن المفطرات يوما كاملا من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس بنية الصيام لله (3) وبذلك فإن للصيام ركنين أولهما الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، قال تعالى في سورة البقرة آية 187 ( {فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل } ) والمراد بالخيط الأبيض والخيط الأسود بياض النهار وسواد الليل. ثانيهما النية لقوله تعالى في سورة البينة آية 5 ( { وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين} ) وقوله صلى الله عليه وسلم ( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ) ولابد أن تكون النية قبل الفجر من كل ليلة من ليالي شهر رمضان، لحديث حفصة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «( من لم يجمع "يجمع من الإجماع وهو إحكام النية والعزيمة" الصيام قبل الفجر فلا صيام له )» [ رواه أحمد وأصحاب السنن وصححه ابن خزيمة وابن حبان] ، وتصح النية في أي جزء من أجزاء الليل، ولا يشترط التلفظ بها، فإنها عمل قلبي لا دخل للسان فيه، فإن حقيقتها القصد إلى الفعل امتثالا لأمر الله عز وجل وطلبا لوجهه الكريم، فمن تسحر بالليل قاصدا الصيام تقربا إلى الله بهذا الإمساك فهو ناو، ومن عزم الكف عن المفطرات أثناء النهار مخلصا لله فهو ناو كذلك، وإن لم يتسحر، أما في صيام غير رمضان فقد قال كثير من الفقهاء إن النية فيه تجزئ من النهار إن لم يكن قد طعم، قالت عائشة دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال ( هل عندكم شيء؟ ) قلنا: لا. قال ( فإني صائم ) رواه مسلم وأبو داود. واشترط الأحناف أن تقع النية قبل الزوال وهذا هو المشهور من قولي الشافعي، وظاهر قولي ابن مسعود وأحمد أنها تجزئ قبل الزوال وبعده على السواء (4) وينقسم الصيام باتفاق المالكية والشافعية والحنابلة إلى أربعة أقسام أحدها صيام مفروض وهو صيام شهر رمضان أداء وقضاء، وصيام الكفارات، والصيام المنذور. الثاني الصيام المسنون. الثالث الصيام المكروه. الرابع الصيام المحرم. صيام شهر رمضان هو أحد أركان الإسلام وهو فرض عين على كل مكلف قادر على الصوم ودليل فرضيته الكتاب والسنة والإجماع (5) فأما الكتاب فقول الله تعالى في سورة البقرة آية 183 {( يأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون )} وقوله عز وجل في الآية 185 من نفس السورة {( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه )} وأما السنة فمنها قول النبي صلى الله عليه وسلم « ( بنى الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصيام رمضان وحج البيت )» وفي حديث طلحة بن عبيد الله ( « أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أخبرني عما فرض الله علي من الصيام؟ قال ( شهر رمضان ) قال هل علي غيره؟ قال ( لا. إلا أن تطوع» ) (6) وأما الإجماع فقد اتفقت الأمة على فرضيته ووجوب صيامه، فهي معلومة من الدين بالضرورة ومنكرها كافر مرتد عن الدين كمنكر فرضية الصلاة والزكاة والحج (7) ويبدأ شهر رمضان بثبوت رؤية الهلال، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين» ) ومعنى ذلك أنه إذا كانت السماء صحوا في اليوم التاسع والعشرين من شعبان، وجب التحقق من رؤية هلال رمضان بالعين، فإذا لم يظهر الهلال أو لم تكن السماء صحوا أو كان بها غيم يمنع رؤية الهلال، وجب إتمام شهر شعبان ثلاثين يوما، ولو خالف ذلك حسابنا الفلكي. فلا عبرة بقول الفلكيين مع التسليم بدقة حساباتهم. لأن الشارع الحكيم علق الصوم على أمارة ثابتة لا تتغير أبدا وهي رؤية الهلال أو إكمال عدة شعبان ثلاثين يوما، وعليه فإن التماس الهلال بعد غروب اليوم التاسع والعشرين من شهر شعبان ومن شهر رمضان كذلك فرض كفاية لتحديد موعد بدء الصوم ونهايته. ويجب التماس هلال شوال في اليوم الثلاثين من رمضان إذا لم تثبت رؤيته في التاسع والعشرين فإذا لم يظهر أيضا في اليوم الثلاثين مع كون السماء صحوا حرم الإفطار في اليوم التالي وتأكد كذب شهود رؤية هلال رمضان الذين أثبتوا رؤية الهلال مساء التاسع والعشرين من شعبان وثبت أن شعبان كان ثلاثين يوما ونكون بذلك قد صمنا يوما من شعبان ولا حرج في ذلك. هذا وإذا ثبتت رؤية الهلال بقطر من الأقطار الإسلامية وجب الصوم على سائر الأقطار (8) صيام الكفارات وهو عبادة يتقرب به إلى الله سبحانه وتعالى للتكفير عن ذنب أو جريمة ارتكبت، وهو كالأتي: صيام شهرين متتابعين لمن قتل مؤمنا خطأ ولم يستطع تحرير رقبة قال تعالى في سورة النساء آية 92 ( {وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليما حكيما } ) صيام شهرين متتابعين لمن ظاهر من امرأته أي قال لها أنت علي كظهر أمي يريد بذلك تحريم مجامعتها على نفسه مع إبقائها في عصمته إذا لم يستطع تحرير رقبة، قال تعالى في سورة المجادلة الآيات 2-4 ( {الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هن أمهاتهم إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا وإن الله لعفو غفور والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله وتلك حدود الله وللكافرين عذاب أليم } ) صيام ثلاثة أيام كفارة اليمين لمن لم يستطع إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، قال تعالى في سورة المائدة آية 89 ( {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تشكرون} ) صيام أيام تعادل عدد المساكين الواجب إطعامهم في حالة قتل الصيد أثناء الإحرام بالحج أو العمرة لمن لم يجد هديا يعادل الصيد المقتول أو مالا يطعم به العدد المفروض من المساكين قال تعالى في سورة المائدة آية 94 - 96 ( {يأيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشيء من الصيد تناله أيديكم ورماحكم ليعلم الله من يخافه بالغيب فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما ليذوق وبال أمره عفا الله عما سلف ومن عاد فينتقم الله منه والله عزيز ذو انتقام أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما واتقوا الله الذي إليه تحشرون } ) (9) صيام عشرة أيام ثلاثة منها في الحج وسبعة بعد العودة من الحج للمتمتع أو القارن في الحج الذي لم يجد هديا قال تعالى في سورة البقرة آية 196 ( {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ذلك لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام } ) صيام شهرين متتابعين لمن أفطر يوما من رمضان عامدا بغير عذر ولمن جامع امرأته في نهار رمضان إذا لم يستطع تحرير رقبة فعن أبي هريرة رضى الله عنه قال «جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هلكت يا رسول الله. قال النبي (وما أهلكك؟ ) قال: وقعت على امرأتي في رمضان. فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( هل تجد ما تعتق به رقبة؟ ) قال: لا. قال النبي ( فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ ) قال: لا. قال النبي صلى الله عليه وسلم ( هل تجد ما تطعم ستين مسكينا؟ ) قال: لا. قال ثم جلس فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بعرق فيه تمر فقال ( تصدق بهذا ) قال: أعلى أفقر مني؟ فما بين لابتبها "أي ناحيتها" أهل بيت أحوج إليه منا. فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه وقال ( أذهب فأطعمه أهلك )» [رواه الجماعة] (10) الصيام المنذور فمن نذر لله صوم أيام معينة كثرت أو قلت وجب عليه الوفاء بنذره وأصبح ذلك الصيام فرضا عليه، فقد قال تعالى في سورة الحج آية 29 ( {وليوفوا نذورهم} ) الصيام المسنون فقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بصوم أيام في غير شهر رمضان كل بحسب حاله وقدرته هذه الأيام هي صوم يوم وإفطار يوم وذلك أفضل أنواع الصيام وأحبها إلى الله، صوم شهري رجب وشعبان، صوم الأشهر الحرم وهي أربعة ثلاثة متوالية وهي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم وواحد منفرد وهو رجب، صوم ستة أيام من شوال ويفضل صومها متتابعة بدون فاصل تبدأ باليوم الثاني من عيد الفطر ويجوز تفريقها على الشهر كله، صوم يومي الاثنين والخميس من كل أسبوع، صوم الأيام الثلاثة البيض من كل شهر عربي وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر، صوم يوم عرفة لغير الحاج وهو اليوم التاسع من ذي الحجة، صوم التاسع والعاشر معا أو اليوم العاشر فقط "يوم عاشوراء" من شهر المحرم. الصيام المكروه فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صوم الجمعة منفردا وذهب الجمهور إلى أن النهي للكراهة لا للتحريم إلا إذا صام يوما قبله أو يوما بعده أو وافق عادة له أو كان يوم عرفة أو عاشوراء فإنه حينئذ لا يكره صيامه عن عامر الأشعري قال سمعت رسول الله عز وجل يقول ( « إن يوم الجمعة عيدكم فلا تصوموه إلا أن تصوموا قبله أو بعده» ) رواه البراز بسند حسن، كما نهى عن إفراد يوم السبت بصيام عن بسر السلمي عن أخته الصماء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم وإن لم يجد أحدكم إلا لحا عنب أو عود شجرة فليمضغه) رواه أحمد وأصحاب السنن والحاكم وقال صحيح على شرط مسلم وحسنه الترمذي وقال معنى الكراهة في هذا أن يختص الرجل يوم السبت بصيام لأن اليهود يعظمون يوم السبت، النهى عن صوم يوم أو يومين قبل رمضان مباشرة وصوم يوم الشك وهو اليوم الثلاثون من شهر شعبان في حالة عدم ثبوت رؤية هلال رمضان في التاسع والعشرين من شهر شعبان بسبب غيم أو نحوه قال عمار بن ياسر رضي الله عنه من صام اليوم الذي شك فيه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم رواه أصحاب السنن وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( «لا تقدموا صوم رمضان بيوم ولا يومين إلا أن يكون صوم يصومه رجل فليصم ذلك اليوم» ) [رواه الجماعة] . النهي عن وصال الصوم وهو مواصلة الإمساك عن المفطرات ليلا ونهارا عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال « ( إياكم والوصال ) قالها ثلاث مرات قالوا فإنك تواصل يا رسول الله قال ( إنكم لستم في ذلك مثلي إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني فاكفلوا من الأعمال ما تطيقون ) » [رواه البخاري ومسلم] . وقد حمل الفقهاء النهي على الكراهة وجوز أحمد وإسحق وابن المنذر الوصال إلى السحر ما لم تكن مشقة على الصائم لما رواه البخاري عن أبى سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( « لا تواصلوا فأيكم أراد أن يواصل فليواصل حتى السحر» ) النهي عن صوم أيام الدهر جميعا دون إفطار فيها فيحرم صيام السنة كلها بما فيها الأيام التي نهى الشارع عن صيامها لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ل «ا صام من صام الأبد» ) [رواه أحمد والبخاري ومسلم] . فإن أفطر يومي العيد وأيام التشريق وصام بقية الأيام انتفت الكراهة إذا كان ممن يقوى على صيامها، النهي عن صوم الصمت وهو الصوم عن الكلام، ونهي المسافر والمريض والحامل والمرضع عن الصيام إذا خيف منه مشقة شديدة أو ضرر، وكذلك نهى الضيف عن الصوم بغير إذن رب المنزل. الصيام المحرم فيحرم الصوم في الأيام والأحوال الآتية اليوم الأول من أيام عيد الفطر وعيد الأضحى لقول عمر رضي الله عنه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام هذين اليومين أما يوم الفطر ففطركم من صومكم "أي الفطر من صيام رمضان" وأما يوم الأضحى فكلوا من نسككم "الأضاحي" رواه أحمد والأربعة. ويحرم صيام ثلاثة أيام بعد عيد الأضحى عند ثلاثة من الأئمة إلا أن الحنفية قالوا إن ذلك مكروه تحريما، وقال المالكية يحرم صوم يومين بعد عيد الأضحى لا ثلاثة أيام، روى أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عبد الله بن حذافة يطوف في منى أن لا تصوموا هذه الأيام فإنها أيام أكل وشرب وذكر الله عز وجل رواه أحمد بإسناد جيد، وروى الطبراني في الوسط عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل صائحا يصيح أن لا تصوموا هذه الأيام فإنها أيام أكل وشرب وبعال "أي جماع الرجل زوجته" وأجاز أصحاب الشافعي صيام أيام التشريق فيما له سبب من نذر أو كفارة أو قضاء أما ما لا سبب له فلا يجوز فيها بلا خلاف وجعلوا هذا نظير الصلاة التي لها سبب في الأوقات المنهي فيها عن الصلاة، ويحرم صيام المرأة نفلا بغير إذن زوجها أو بغير أن تعلم بكونه راض عن ذلك وإن لم يؤذنها صراحة إلا إذا لم يكن محتاجا لها كأن كان غائبا أو محرما أو معتكفا وهذا هو رأى الشافعية والمالكية، أما الحنفية قالوا صيام المرأة بدون إذن زوجها مكروه والحنابلة قالوا متى كان زوجها حاضرا فلا يجوز صومها بدون إذنه ولو كان به مانع من الوطء كإحرام أو اعتكاف أو مرض فعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( لا تصم المرأة يوما واحدا وزوجها شاهد إلا بإذنه إلا رمضان) رواه أحمد والبخاري ومسلم. وقد حمل العلماء هذا النهى على التحريم وأجازوا للزوج أن يفسد صيام زوجته لو صامت دون أن يأذن لها لافتاتها "أي لتعديها "على حقه وهذا في غير رمضان كما جاء في الحديث وكذلك لها أن تصوم من غير إذنه إذا كان غائبا فإذا قدم له أن يفسد صيامها (11) ولا يجب الصيام بإجماع العلماء إلا على المسلم العاقل البالغ الصحيح المقيم ويجب أن تكون المرأة طاهرة من الحيض والنفاس، فلا صيام على كافر ولا مجنون لأن الصيام عبادة إسلامية لا تجب على غير المسلمين كما لا تجب على المجنون لأنه غير مكلف حيث أنه مسلوب العقل الذي هو مناط التكليف وفي حديث علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( رفع القلم عن ثلاثة عن المجنون حتى يفيق وعن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يحتلم ) رواه أحمد وأبو داود والترمذي. ولا صيام على صبي إلا أنه ينبغي لولي أمره أن يأمره به ليعتاده من الصغر مادام مستطيعا له وقادرا عليه فعن الربيع بنت معوذ قالت أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم صبيحة عاشوراء إلى قرى الأنصار من كان أصبح صائما فليتم صومه ومن كان أصبح مفطرا فليصم بقية يومه فكنا نصومه بعد ذلك ونصوم صبياننا الصغار منهم ونذهب إلى المسجد فنجعل لهم اللعبة من العهن "الصوف" فإذا بكى أحدهم من الطعام أعطيناه إياه حتى يكون عند الإفطار رواه البخاري ومسلم. كما يباح الفطر للمريض الذي يرجى برؤه والمسافر ويجب عليهما القضاء قال تعالى في سورة البقرة آية 184 ( ومن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر ) والمرض المبيح للفطر هو المرض الشديد الذي يزيد بالصوم أو يخشى تأخر برئه، قال في المغني وحكى عن بعض السلف أنه أباح الفطر بكل مرض حتى وجع الإصبع والضرس لعموم الآية فيه ولأن المسافر يباح له الفطر وإن لم يحتج إليه فكذلك المريض، وهذا مذهب البخاري وعطاء وأهل الظاهر. والصحيح الذي يخاف المرض بالصيام يفطر مثل المريض وكذلك من غلبه الجوع أو العطش فخاف الهلاك لزمه الفطر وإن كان صحيحا مقيما وعليه القضاء قال تعالى في سورة النساء آية 29 {( ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما )} وقال تعالى في سورة الحج آية 78 {( وما جعل عليكم في الدين من حرج ) } وإذا صام المريض وتحمل المشقة صح صومه إلا أنه يكره له ذلك لإعراضه عن الرخصة التي يحبها الله وقد يلحقه بذلك ضرر، وقد كان بعض الصحابة يصوم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعضهم يفطر متابعين في ذلك فتوى الرسول صلى الله عليه وسلم، قال حمزة الأسلمي: يا رسول الله أجد مني قوة على الصوم في السفر فهل علي جناح؟ فقال «( هي رخصة من الله تعالى فمن أخذ بها فحسن ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه )» رواه مسلم. وعن أبي سعيد الخدري رضى الله عنه قال سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة ونحن صيام فنزلنا منزلا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «( إنكم قد دنوتم من عدوكم والفطر أقوى لكم )» فكانت رخصة فمنا من صام ومنا من أفطر ثم نزلنا منزلا آخر فقال ( إنكم مصبحو عدوكم والفطر أقوى لكم ) فأفطروا فكانت عزمة فأفطرنا ثم رأيتنا نصوم بعد ذلك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر ) رواه أحمد ومسلم وأبو داود. وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان فمنا الصائم ومنا المفطر فلا يجد الصائم على المفطر "أي لا يعيب عليه" ولا المفطر على الصائم ثم يرون أن من وجد قوة فصام فإن ذلك حسن ويرون أن من وجد ضعفا فأفطر فإن ذلك حسن، رواه أحمد ومسلم. وقد اختلف الفقهاء في أيهما أفضل؟ فرأى أبو حنيفة والشافعي ومالك أن الصيام أفضل لمن قوي عليه والفطر أفضل لمن لا يقوى على الصيام، وقال أحمد الفطر أفضل، وقال عمر بن عبد العزيز أفضلهما أيسرهما فمن يسهل عليه حينئذ ويشق عليه قضاؤه بعد ذلك فالصوم في حقه أفضل، وحقق الشوكاني فرأى أن من كان يشق عليه الصوم ويضره وكذلك من كان معرضا عن قبول الرخصة فالفطر أفضل وكذلك من خاف على نفسه العجب أو الرياء إذا صام في السفر فالفطر في حقه أفضل، وما كان من الصيام خاليا عن هذه الأمور فهو أفضل من الإفطار. وإذا نوى المسافر الصيام بالليل وشرع فيه جاز له الفطر أثناء النهار فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى مكة عام الفتح فصام حتى بلغ الغميم "اسم واد أمام عسفان" وصام الناس معه فقيل له إن الناس قد شق عليهم الصيام وإن الناس ينظرون فيما فعلت فدعا بقدح من ماء بعد العصر فشرب والناس ينظرون إليه فأفطر بعضهم وصام بعضهم فبلغه أن ناسا صاموا فقال ( أولئك العصاة ) رواه مسلم والنسائي والترمذي وصححه. وإذا ما نوى الصوم وهو مقيم ثم سافر في أثناء النهار فقد ذهب جمهور العلماء إلى عدم جواز الفطر له وأجازه أحمد وإسحاق، لما رواه الترمذي وحسنه عن محمد بن كعب قال أتيت في رمضان أنس بن مالك وهو يريد سفرا وقد رحلت له راحلته ولبس ثياب السفر فدعا بطعام فأكل فقلت له سنة؟ فقال سنة ثم ركب. وعن عبيد بن جبير قال ركبت مع أبي بصرة الغفاري في سفينة من الفسطاط في رمضان فدفع ثم قرب غداءه ثم قال اقترب فقلت ألست بين البيوت فقال أبو بصرة: أرغبت عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ رواه أحمد وأبو داود ورجاله ثقات. قال الشوكاني والحديثان يدلان على أن للمسافر أن يفطر قبل خروجه من الموضع الذي أراد السفر منه، وقال: قال ابن العربي وأما حديث أنس فصحيح يقتضي جواز الفطر مع أهبة السفر، وقال: هذا هو الحق، والسفر المبيح للفطر هو السفر الذي تقصر الصلاة بسببه ومدة الإقامة التي يجوز للمسافر أن يفطر فيها هي المدة التي يجوز له أن يقصر الصلاة فيها. كما اتفق الفقهاء على أنه يجب الفطر على الحائض والنفساء ويحرم عليهما الصيام وإذا صامتا لا يصح صومهما ويقع باطلا وعليهما قضاء ما فاتهما، روى البخاري ومسلم عن عائشة قالت كنا نحيض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة (12) يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |