|
فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() أثر الزكاة في تحقيق الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية عبدالله محمد قادر جبرائيل آثار ومنافع الزكاة أثر الزكاة في تحقيق الانتعاش والرفاهية الاقتصادية ماهية الرفاهية الاقتصادية العامة ماهية الانتعاش الاقتصادي تأثيرات الانتعاش الاقتصادي على الاقتصاد الزكاة وتحقيق الانتعاش والرفاهية الاقتصادية أولاً: إعادة تشغيل العنصر الإنتاجي رأس المال ومحاربة الاكتناز ثانياً: إعادة تشغيل العنصر الإنتاجي ومحاربة البطالة ثالثاً:أثر الزكاة في إعادة توزيع الدخول والثروات وتحقيق العدالة الاقتصادية والاجتماعية النظريات الإقتصادية وتحقيق العدالة الإقتصادية والاجتماعية في الاقتصاد الاسلامي 1- الإنفاق الزكوي ونظرية المنفعة الحدية المتناقصة في الاقتصاد الإسلامي 2- نظرية المضاعف وماهية المضاعف الزكوي في الاقتصاد الاسلامي المضاعف في الاقتصاد المضاعف الزكوي في الإقتصاد الاسلامي 3- الزكاة ونظرية سرعة دوران رأس المال في الإقتصاد الاسلامي رابعاً: الزكاة مصدر دائم لتحقيق الإنتعاش الإقتصادي خامساً: الزكاة وتخفيف التفاوت الدخلي في المجتمع الاسلامي سادساً: دوام الزكاة وتحقيق التنمية الاقتصادية المستديمة سابعاً: إمكانية دفع الزكاة لصنف واحد من الأصناف الثمانية المستحقة للزكاة ثامناً: الزكاة والقضاء على مشكلة التضخّم أنواع التضخم الاقتصادي 1-التضخم الزاحف Creeping inflation: 2-التضخم المتنقل Walking inflation: 3-التضخم الجامح أو الراكض Galloping inflation: 4-التضخم المفرط Hyperinflation: 5-التضخم الركودي Stagflation: 6-تضخُّم دفع الطلب Demand-Pull Inflation 7-تضخُّم دفع النفقة Cost-Push Inflation 8-التضخُّم المُستورَد Pass-Through Inflation 9-توقُّعات التضخُّم Inflation Expectations 10-التضخُّم الظاهر أو المفتوح Open Inflation 11-التضخُّم المكبوت Repressed Inflation 12- شبه التضخم: الزكاة وآليات القضاء على مشكلة التضخّم من هم الغارمون؟ أنواع الغارمين الغارمون المستحقون للزكاة فضل سداد دين الغارم آثار سداد دين الغارم 5 شروط تجيز إعطاء الغارم من أموال الزكاة دور الغارمين في خلق مشكلة التضخم الركودي في الاقتصادات الوضعية دور الغارمين في القضاء على مشكلة التضخم الركودي في الاقتصاد الإسلامي تاسعاً: تعجيل وتأخير دفع الزكاة والقضاء على الفقر وخلق الانتعاش الاقتصادي تعجيل إخراج الزكاة تأخير إخراج الزكاة التحليل الاقتصادي لتعجيل وتأخير الزكاة عن موعدها خاتمة أثر الزكاة الزكاة هي الركن الثالث الأساسي من أركان الإسلام الخمسة وفرض من فرائضه بدليل أدلة كثيرة من القرآن والسنة؛ كقول الله تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [سورة البقرة – الآية: 277]. وقول رسول الله ﷺ: “بُنِيَ الإسلامُ على خمسٍ: شَهادةِ أن لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ محمَّدًا رسولُ اللَّهِ، وإقامِ الصَّلاةِ، وإيتاءِ الزَّكاةِ، وصَومِ رمضانَ، وحجِّ البيتِ لمنِ استطاعَ إليهِ سبيلًا” [الألباني – تخريج مشكلة الفقر – الصفحة أو الرقم: 57 – صحيح]. والزكاة لها دور كبير في تحقيق التكافل الإقتصادي وتقليل الفجوة الاقتصادية بين الأغنياء والفقراء, وتجب في عدة أنواع من الأموال، بما في ذلك النقد، الزروع، المواشي، الذهب والفضة، وعروض التجارة، ويجب أن يكون المال قد بلغ النصاب ومرَّ عليه الحول (سنة هجرية كاملة)، وهي إحدى وسائل توزيع الثروة في الإسلام، وواجب شرعي على كل مسلم بلغ ماله النصاب. الزكاة ليست مجرد مالٌ يُدفع، بل هي فرض إلهي يهدف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية وتعزيز التكافل بين أفراد المجتمع. بإخراج الزكاة، يشعر المسلمون بأنهم يساهمون في تحسين حياة الفقراء والمساكين والمحتاجين، ويدركون قيمة المال في الدنيا والآخرة. الزكاة تساعد على دعم المشاريع الخيرية، وتساهم في استقرار المجتمع من خلال تقديم المساعدة لمن هم في حاجة. آثار ومنافع الزكاة للزكاة آثار ومنافع عديدة على كافة المستويات الإجتماعية والإقتصادية والخُلُقية والنفسية وغيرها للفرد المسلم، ومنها ما يلي: إسعاد العبد في الدنيا والآخرة؛ والحصول على ثواب رباني كبير على أدائها من قبل المسلمين؛ كركن أساسي ثالث من أركان الإسلام الخمسة. تقرِّب العبد من الله تعالى لكونها تجمع بين العبادة الروحية والبدنية في آن واحد. تؤدي إلى محو خطايا المذنبين عند الله تعالى، يقول رسول الله ﷺ: [ الصدقة تطفيء الخطيئة كما يطفيء الماء النار] [أخرجه الإمام أحمد –رقم الحديث: 22069]. تحقق الكرم والسخاء والسماحة للفرد المسلم، واتصاف معطي الزكاة بصفات الرحمة والشفقة والرحمة على الآخرين من الفقراء والمساكين والمعوزين من المجتمع الإسلامي. جلب الراحة النفسية وانشراح الصدر وعزة النفس للمزكين، وتطهير نفوس المزكين من الصفات الذميمة كالحقد والحسد والبخل والأنانية والحرص والشح والرذيلة والشر والطمع وعدم المبالاة بمعاناة الغير، يقول الله تعالى: { خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ ۖ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }[سورة التوبة-الآية:103] وكذلك تطهير أموال المزكين من حقوق الغير ومن الاكتناز . مواساة الفقراء والمساكين والمعوزين في المجتمعات الإسلامية؛ واشباع حاجاتهم ؛ وسدّ متطلباتهم الضرورية. زرع روح التعاون والتعاضد والمساعدة بين أفراد المجتمع الإسلامي، وإزالة الحقد والضغينة عند الفقراء والمساكين تجاه الأغنياء؛ وعدم السماح بظهور بوادر التناحر والصراعات الطبقية والاجتماعية والاقتصادية بين أفراد المجتمع الإسلامي؛ والقضاء عليها إن ظهرت؛ لأنها تُطهِّر نفوس الفقراء والمحتاجين من الغيرة والحسد والكراهية تجاه أصحاب الدخول والثروات. ظهور روحية المحبة والشفقة بين الأفراد والأسر والأقارب وسكان القرى والحضر. حصول البركة والزيادة في أموال المزكين؛ يقول رسول الله صلى الله عليه: [ما نَقَصَتْ صَدَقةٌ مِن مالٍ، وما زادَ اللَّهُ عَبْدًا بعَفْوٍ إلَّا عِزًّا، وما تَواضَعَ أحَدٌ للَّهِ إلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ][صحيح مسلم-رقم الحديث:2588]. عدم السماح بجعل المال دُولة بين الأغنياء وحرمان الفقراء منه.خلق بيئة مناسبة وناضجة لتنفيذ العمليات التنموية في البلد الإسلامي؛ حيث تخلق الزكاة طلبًا كليًا فعّالًا على العرض الكلي في اقتصاد الدولة؛ وعلى مدار السنة؛ مما يعني وجود أرضية مناسبة بشكل دائم لتنفيذ العمليات التنموية في البلدان الإسلامية. تحويل طبقة الفقراء والمساكين من طبقة لا يملكون شيئًا إلى طبقة يملكون مشاريع صناعية صغيرة يقومون بالإنتاج؛ وذلك من خلال تمليكهم مصانع ومشاريع صغيرة قائمة بأموال الزكاة -حسب فتاوى المجاميع الفقهية في البلاد الإسلامية-؛ ثم تحويلهم من فئة معدمة إلى أُناس يمتلكون وسائل إنتاج يستطيعون تدبير معيشتهم؛ وفي المستقبل تحولهم من أناس آخذين للزكاة إلى أناس معطين للزكاة. تحقيق العدالة الإجتماعية والإقتصادية؛ ثم إزدياد قوة التماسك داخل النظام الاجتماعي والاقتصادي للمجتمعات الإسلامية. خلق الرعاية الاجتماعية والكفالة للمحتاجين والمعوقين والقاصرين والأيتام والمقعدين والشيوخ والأطفال الرضع وغير المتزوجين والأرامل وغيرهم من المحتاجين، فالزكاة في الإسلام هي أول نظام عرفته البشرية حيث يعاد توزيع جزء من ثروات الأغنياء على الطبقات الفقيرة والمحتاجة. تحقيق آثـار كبيرة على الصعيد الإقتصادي وهي: الآثار التوزيعية والمتمثلة بتوفير حدّ الكفاية المجانية من المعيشة لكل فرد، وتخفيف التفاوت في توزيع الدخل والثروة بين الناس، والآثار التخصيصية والمتمثلة بالتخصيص الأمثل للموارد الاقتصادية بين الاستعمالات المختلفة، و الآثار الاستقرارية والمتمثلة بالحدّ من آثار ومشاكل البطالة والتضخم والتقلبات الاقتصادية. الزكاة تدفع رؤوس الأموال والمخزونات النقدية إلى المجالات الاستثمارية المختلفة حتى لا تتعطل وتُبعد عن العمليات التنموية في البلاد، وبالتالي استمرارية حلقات الاستثمار والتنمية بكل الأرصدة الموجودة لدى أفراد المجتمع وانقاذها من التآكل. إنقاذ أموال المحجورين عليهم من الأطفال والسفهاء والمجانين والمعتوهين والأيتام وغيرهم، حيث يقوم أولياء أمورهم باستثمار أموالهم وتنميتها وإنقاذها من التعطيل والتآكل. محاربة المشكلة الاقتصادية؛ ثلاثية الأبعاد وهي الفقر والمرض والجهل: إن الزكاة تؤدي الى ازدياد التوسع الاقتصادي الذي ينشأ عن انتشار وتوزيع الدخول النقدية وأموال المجتمع الإسلامي على جميع شرائحه المختلفة؛ وتحقيق مستوى حدّ الكفاية المعيشية للجميع؛ مما يعني ازدياد الامكانيات المادية والنقدية للفرد المسلم لإشباع جميع أنواع حاجاته الاقتصادية؛ ثم الاستثمار في الرؤوس الأموال البشرية؛ ثم القضاء على هذه المشاكل في حياته الاجتماعية. تقوية ودعم الهيكل والبناء السكاني للمجتمع الاسلامي, وذلك من خلال دور الزكاة في التشجيع على الزواج ومحاربة العزوبة والعنوسة، ومساعدة الشباب اقتصادياً على الزواج والإنفاق عليهم لهذا الغرض, وتبغيض ظواهر الطلاق, والتحفيز على الإكثار من الأولاد والابتعاد عن ظواهر عدم الزواج وتحديد النسل الناشئ عن الخوف من الفقر والخشية من الإملاق. تشجيع الاقتصاد الوطني نحو التنمية والتطور الاقتصادي من خلال خلق مضاعف الزكاة : إن الزكاة تؤدي إلى زيادة كل من الطلب الكلي الاستهلاكي والاستثماري، وهي تؤدي إلى خلق مضاعف الزكاة والمتمثلة بازديادات متتالية وعديدة أخرى لهذين الطلبين, وبالتالي حدوث توسعات وتنميات متشعبة الجوانب في الاقتصاد الوطني. قيام أصحاب رؤوس الأموال باستثمار أموالهم على هذين الشكلين: إما الاستثمار المباشر لها- أو استثمارها مضاربة مع الغير، وهذا يوفر فرص توظيف متنوعة وكثيرة تساعد في القضاء على البطالة، والسبب في هذا يرجع إلى محاولتهم تجنب الاستثمارات المحرمة، وكذلك عدم لجوئهم إلى إيداع هذه الأموال لدى البنوك التقليدية الربوية، وبالتالي حدوث زيادات كبيرة في مستويات الاستثمار المسموح بها شرعًا في اقتصاد الدولة. تحقيق الكفاءة الاقتصادية وتخصيص موارد المجتمع بحسب الحاجات الحقيقية لأفراد المجتمع الإسلامي، والسبب في هذا يرجع إلى أن الدخول الفائضة للأغنياء توجه من خلال الزكاة نحو الضروريات في الاقتصاد القومي كمرتبة أولى، ثم في حالة إشباعها توجه نحو مرتبة ثانية أكبر منها وهي إشباع حاجات أفراد المجتمع، وإذا تم هذا توجه حينئذ نحو التحسينيات كمرتبة ثالثة. ويتم إشباعها أيضًا، إذن فإن الزكاة هي الوسيلة العملية والواقعية لإشباع جميع الحاجات الإنسانية غير المشبعة نحو السلع والخدمات، حيث يتم إشباع جميع الحاجات الاقتصادية بأنواعها الثلاثة المذكورة، وهو ما يعني التخصيص الأمثل للموارد المالية للمجتمعات الإسلامية، ومن ثم تحقيق الكفاءة الاقتصادية في توجيه واستهلاك وإنتاج واستثمار الموارد المالية للأمة على أمثل وأحسن وجه، وهذا تطبيق للقاعدة الأصولية التي تقضي بأنه [1]: والمقصد العام للشارع من تشريعه الأحكام هو تحقيق مصالح الناس بكفالة ضرورياتهم، وتوفير حاجتهم وتحسينياتهم.فكل حكم شرعي ما قصد به إلا واحد من هذه الثلاثة التي تتكون منها مصالح الناس. ولا يراعى تحسيني إذا كان في مراعاته إخلال بحاجي، لا يراعي حاجي ولا تحسيني إذا كان في مراعاة أحدهما إخلال بضروري”. زيادة العرض الكلي من السلع والخدمات المنتجة في الاقتصاد الوطني، فكما أن الزكاة تؤدي إلى زيادة الطلب الكلي، فإنها تؤدي إلى زيادة العرض الكلي أيضًا، لأن زيادة الدخول النقدية لدى الطبقات الفقيرة والمحتاجة عند أخذهم الزكاة تؤدي إلى زيادة طلبهم على السلع والخدمات بشكل عام، مما يؤدي إلى زيادة الإنتاج في البلد، ومن ثم زيادة الناتج القومي، ومن ثم زيادة الدخل القومي، وهو ما يعني زيادة العرض الكلي في الاقتصاد الوطني، ومن ثم زيادة نسب الرفاهية العامة لدى أفراد المجتمع الإسلامي . تعظيم الرفاهية المادية لدى أفراد المجتمع الإسلامي، فإن المنفعة الحدية لوحدة النقد الواحدة لدى الفقراء أكبر من المنفعة الحدية للوحدة الواحدة من النقد لدى الأغنياء، والسبب في هذا يرجع إلى ارتفاع الميل الحدي للاستهلاك لدى الفقراء بنسبة أكبر من الميل الحدي للاستهلاك لدى الأغنياء، لأن الفقراء ليسوا في حالة الإشباع الكامل من السلع والخدمات لعدم قدرتهم على شرائها بسبب فقرهم، أما الأغنياء فهم على العكس من ذلك، لديهم القدرة المادية النقدية للحصول على أي سلعة أو خدمة يريدونها، وهذا يؤدي إلى تعظيم المنفعة الكلية للمجتمع، إذ إن منفعة وحدة النقد الواحد في يد الفقير المحتاج أعظم من منفعة وحدة النقد ذاتها في يد الغني.كما يقرر هذا قانون تناقص المنفعة الحدية. فلو أجرينا عملية المقارنة بين وحدات المنفعة للنقود لدى الأغنياء الذين يدفعون الزكاة مع وحدات المنفعة لنفس الكمية من النقود لدى الفقراء، نجد أن المنفعة للنقود لدى الفقراء أكبر بكثير مما لدى الأغنياء عند تطبيق فريضة الزكاة في المجتمع، مما يؤدي إلى ارتفاع نسب الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية في المجتمع الإسلامي. تحرير الرقيق : عملت الزكاة وعبر التاريخ البشري في العالم الاسلامي وغيره على تحرير الرقيق من رقهم، مما يثبت دورها الإيجابي والفعّال في القضاء على النظام العبودي في التاريخ البشري؛ حيث عملت على وقاية الفئات المحتاجة والمضطرة من الفقراء والمساكين والغارمين وأبناء السبيل وغيرهم من الولوج إلى عتبة الرق بدافع الاضطرار الملجيء إلى ما كان موجوداً في العصر الجاهلي بفضل المصارف المرصدة للقضاء على العبودية في الحياة البشرية . صورة مقال أثر الزكاة في تحقيق الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية أثر الزكاة في تحقيق الانتعاش والرفاهية الاقتصادية ماهية الرفاهية الاقتصادية العامة الرفاهية الاقتصادية هي القدرة على الاستمتاع بمتطلبات الحياة الأساسية، وتنقسم إلى الرفاهية الفردية والرفاهية الاجتماعية، ويتحقق المستوى العالي من الرفاهية الاقتصادية عندما يكون الأفراد والمجتمعات والدول على مستوى عالٍ من التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ويُعدّ الارتفاع في مستوى الرفاهية من المؤشرات الهامة للتقدم الاجتماعي والاقتصادي للدولة. ويؤثر تحسين مستوى الرفاهية على الاقتصاد بشكل إيجابي من خلال زيادة الإنتاجية وتحسين الكفاءة والابتكار وتعزيز النمو الاقتصادي وتحسين المستويات المعيشية لأفراد المجتمع بشكل كبير. والعلاقة بين الرفاهية والاقتصاد علاقة متبادلة طردية، فالرفاهية تعني حياة مستقرة ومريحة ومشبعة بالاحتياجات الأساسية والخدمات، بينما الاقتصاد يساعد في توفير هذه الاحتياجات من خلال توفير الوظائف والمصادر المالية وتمويل البنية التحتية لتوفير الخدمات. كما أن الاقتصاد المزدهر يمكن أن يؤدي إلى زيادة معدلات القوة الشرائية، وبالتالي زيادة معدلات الرفاهية للمجتمع. من ناحية أخرى، يمكن أن تساهم الرفاهية في تحسين الاقتصاد، فعندما يرتفع مستويات الرفاهية العامة؛ ينشط الطلب الكلي الفعال على المنتجات والخدمات في الدولة؛ وبالتالي يزداد الإنتاج وتنشط التجارة، وترتفع مستويات النمو الاقتصادي. ماهية الانتعاش الاقتصادي يُعرف الانتعاش الاقتصادي بأنه مرحلة تلي مرحلة الركود ضمن دورة الأعمال، وتتميّز عادةً بفترة تحسن مستدام في نشاط الأعمال، وأثناء الانتعاش الاقتصادي ينمو الناتج المحلي الإجمالي، وترتفع مستويات الدخل، وتنخفض معدلات البطالة، كما يتم إعادة توظيف العمالة والسلع الرأسمالية والموارد الإنتاجية الأخرى التي تم تقييدها في الأعمال التجارية التي فشلت وانهارت خلال فترة الركود في أنشطة جديدة، حيث يجد العاطلون عن العمل وظائف جديدة، ويتم شراء الشركات الفاشلة أو تقسيمها من قبل الآخرين. والاقتصاد عند الانتعاش الاقتصادي يشفي نفسه من الضرر الذي حدث، ويمهد الطريق لتوسع جديد[2], أي انه يعدّل نفسه ويسترجع بعض المكاسب التي خسرها أثناء الركود، ثم ينتقل في النهاية إلى مرحلة توسع فعلي بعد تسارع النمو، وبدء الناتج المحلي الإجمالي في الحركة تجاه الوصول إلى ذروة جديدة. والهدف من الانتعاش الاقتصادي هو استعادة الرخاء الاقتصادي وتحسين رفاهية المواطنين. تأثيرات الانتعاش الاقتصادي على الاقتصاد يمكن أن يؤدي الانتعاش الاقتصادي إلى تحسن العديد من المؤشرات الاقتصادية، بما في ذلك: زيادة النمو الاقتصادي: يتسارع نمو الاقتصاد ويُفتح المجال للفرص الاقتصادية الجديدة، الأمر الذي يساعد على تحسين متوسط دخل المواطنين. خفض معدلات البطالة: يؤدي ارتفاع النمو إلى زيادة فرص العمل، وبالتالي تحسين التوظيف وخفض معدلات البطالة. زيادة الاستثمار: يشجع الانتعاش الاقتصادي المستثمرين على زيادة الاستثمار في الشركات والمنشآت والمشاريع الجديدة. تحسين الميزان التجاري: تزداد الصادرات، وتنخفض الواردات، مما يساعد على تحسين الميزان التجاري للدولة. زيادة الإنفاق: يزداد الإنفاق على المستلزمات والبضائع، ويتحسن الأداء الاقتصادي والحياة الاجتماعية. تحسين مؤشرات السوق: تتحسن المؤشرات الاقتصادية، ويتحسن سوق الأسهم، ومؤشرات الأسعار، ويتضاعف النشاط الاقتصادي. زيادة الإنتاجية: يؤدي الانتعاش الاقتصادي إلى زيادة الإنتاجية الوطنية، وتعزيز قدرات التصنيع والإنتاج لدى الشركات والمؤسسات. خلق فرص العمل: تزيد النشاطات الاقتصادية خلال فترات الانتعاش الاقتصادي من فرص العمل في القطاع الخاص والحكومي. زيادة الإيرادات المالية: يعمل الانتعاش الاقتصادي على زيادة الإيرادات المالية، وتحسين الوضع المادي للجماعات المختلفة. الزكاة وتحقيق الانتعاش والرفاهية الاقتصادية للزكاة تأثير كبير في تحقيق الانتعاش والرفاهية الاقتصادية؛ وهو ما يتبين من خلال النقاط التالية: أولاً: إعادة تشغيل العنصر الإنتاجي رأس المال ومحاربة الاكتناز جاء الإسلام ليحرر البشرية من العبودية، ويحولهم من عبادة غير الله تعالى من الدينار والدرهم والأحجار والسلع والحيوانات والبشر وهوى النفس إلى عبادة الله تعالى وحده، والخضوع والاستكانة له وحده لا شريك له، ووضع لهم أحكامًا اقتصادية متنوعة لاستثمار موارد الأرض والسماوات المسخرة لهم، وإعمار الأرض، وخصص جزءًا من هذه الأحكام لرأس المال وكيفية التصرف به شرعًا، وعلمهم كيفية تحريكه واستثماره وإنفاقه بما ينفع المجتمع، وشدَد الحملة على كنز المال وذمه وحاربه. يقول الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ ۖ هَٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ﴾ [سورة التوبة: 34-35]، فهنا: “وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ” أي: يمسكونها “وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ” أي: طرق الخير الموصِّلة إلى اللّه تعالى، وهذا هو الكنز المحرم، أن يمسكها عن النفقة الواجبة، كأن يمنع منها الزكاة أو النفقات الواجبة للزوجات، أو الأقارب، أو النفقة في سبيل اللّه إذا وجبت [3]، فالمال إذا خرج منه هذه الواجبات لم يبق كنزًا، فلا يخرج المال من دائرة الاكتناز إلا إذا تم إخراج النفقات الواجبة منه، ومنها الزكاة. صورة مقال أثر الزكاة في تحقيق الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية إذًا فإن الإسلام لم يقف في محاربة الكنز عند حدود التحريم والوعيد الشديد، بل خطا خطوة عملية ومؤثرة جدًا في تحريك النقود المكنوزة وإخراجها من مكانها لتقوم بدورها في إنعاش الاقتصاد [4]، وتمثلت هذه الخطوة بشكلها الأكبر في فريضة الزكاة، حيث لها تأثير كبير في تشغيل رأس المال واستثماره، فـالاستثمار يحافظ على رأس المال ويعمل على تنميته وازدياده، ثم يدفع المسلم زكاته من رأس المال ذاته ومن ربحه، ليزداد بذلك خيراته وحسناته، ويتضح هذه الحقيقة من دعوة رسول الله ﷺ إلى ضرورة الاتجار بالأموال حتى لا تأكلها الزكاة، حيث يقول عليه الصلاة والسلام: “ألا من وَلِيَ يتيمًا له مال فَلْيَتَّجِرْ فيه ولا يتركه حتى تأكله الصدقة [سنن الترمذي – 641]. ويقول عليه الصلاة والسلام: “اتجروا في أموال اليتامى لا تأكلها الزكاة” [الطبراني في الأوسط – 4152]، فإذا كان النبي ﷺ يأمر الأوصياء باستثمار أموال اليتامى، فمن باب أولى أن يستثمر كلّ المسلمين أموالهم لتنمو وتتراكم لديهم، ثم لتزداد وتتضاعف زكواتهم، من خلال دفع الزكاة من رؤوس أموالهم والأرباح في آن واحد. فاستثمار رأس المال ضروري لإنعاش الحياة الاقتصادية في كافة المجالات، وخاصة منها الأصول الإنتاجية المادية والخدمية في الاقتصاد الوطني، أما حبس رأس المال وإماتته وإبعاده عن الزكاة والصدقات الواجبة الأخرى، وعن الاستثمار، فهو تعطيل لوظيفته في توسيع ميادين الإنتاج وتهيئة فرص العمل للعاملين وتوظيفهم وإخراجهم من حالات البطالة. ثانياً: إعادة تشغيل العنصر الإنتاجي ومحاربة البطالة يوجب الإسلام العمل على الإنسان القادر ويشجعه على ذلك، لأن العمل هو أساس كافة النشاطات العبادية والمادية الإنتاجية واكتساب الرزق والدخول والثروات، والإسلام يطالب أفراد الأمة بالمشي في مناكب الأرض للالتماس خبايا الرزق منها، ويطالبهم بالانتشار في أرجائها زراعًا وصناعًا وتجارًا وعاملين في شتى الميادين، ومحترفين بشتى الحرف، مستغلين لذلك كل الطاقات الموجودة في المجتمع، ومنتفعين من كل ما استطاعوا مما سخَّر الله تعالى لهم في السموات والأرض، فإذا عجز بعضهم عن الكسب ودخل منطقة الفقر والمسكنة والعوز كان له حق الزكاة. فالزكاة ليست مجرد إشباع لجوعة الفقير أو لإقالة عثرته بكمية قليلة من النقود، بل هي ضمان معيشي مجاني له يسمى بمستوى حدّ الكفاية المعيشية، وهو حق لكل فرد من أفراد المجتمع الإسلامي، يقول الإمام الرملي: “ويُعطى الفقير والمسكين إن لم يُحسن كل منهما كسبًا بحرفة ولا تجارة كفاية سنة، والأصح كفاية عمره الغالب، لأن القصد إغناؤه. أما من يُحسن حرفة تكفيه لائقة فيُعطى ثمن آلة حرفته وإن كثرت، أو تجارة فيُعطى رأس مال يكفيه”. ([5]). وهذا يعني أن الوظيفة الصحيحة للزكاة هي : تمكين الفقير والمسكين من إغناء نفسه بنفسه، بحيث يكون له مصدر دخل ثابت يغنيه عن طلب المساعدة من غيره. إعطاء الفقير والمسكين إن لم يُحسن كل منهما كسبًا بحرفة ولا تجارة كفاية سنة، والأصح كفاية عمره الغالب، لأن القصد إغناؤه. أما من يُحسن حرفة تكفيه لائقة فيُعطى ثمن آلة حرفته وإن كثرت، أو تجارة فيُعطى رأس مال يكفيه. وهذا يعني أن الزكاة تعين كل من هو قادر على الإنتاج، وهي بذلك تخلق طاقات إنتاجية جديدة، وتشغل الطاقات العاطلة، فيتم القضاء تدريجيًا على البطالة، بحيث يصبح جميع أفراد المجتمع الإسلامي من المنتجين، ومن خلاله يزداد الناتج المحلي الإجمالي ثم يزداد الناتج القومي الإجمالي في الدولة، ثم يزداد الدخل القومي، ثم يزداد متوسط دخل الفرد، ثم تزداد الرفاهية العامة للمجتمع الإسلامي. ثالثاً:أثر الزكاة في إعادة توزيع الدخول والثروات وتحقيق العدالة الاقتصادية والاجتماعية إن الزكاة وسيلة فعالة من وسائل توزيع وإعادة توزيع الثروة بين أفراد المجتمع الإسلامي ثم تحقيق العدالة الاقتصادية والاجتماعية، فالزكاة تؤخذ من الغني وتعطى للفقير، ومن خلاله تتحقق العدالة وتتقارب مستويات الدخول في المجتمع، ويصبح كل فرد قادرًا على تدبير أمور معيشته ومن يعولهم بشكل جيد. النظريات الإقتصادية وتحقيق العدالة الإقتصادية والاجتماعية في الاقتصاد الاسلامي نستطيع أن نبين دور الزكاة في تحقيق العدالة الإقتصادية والاجتماعية من خلال هذه النظريات الثلاث : 1- الإنفاق الزكوي ونظرية المنفعة الحدية المتناقصة في الاقتصاد الإسلامي تبين نظرية تناقص المنفعة الحدية أنه كلما زادت وحدات السلع المستهلكة فإن المنفعة الحدية لها تتناقص تبعاً لذلك، فالغني يكون لديه منفعة الوحدة الحدية للدخل أي الوحدة الأخيرة منه، أقل من منفعة الوحدة الحدية للدخل أي الوحدة الأخيرة من النقود لدى الفقير، وعلى هذا فإن نقل عدد من وحدات دخل الغني عن طريق الزكاة إلى الفقير يؤدي إلى تقارب المنفعة الحدية للدخل لدى الطرفين, لأن ما يكسبه الفقير من المنفعة جرّاء حصوله على الزكاة يكون أكبر أو أكثر مما يعطيه الغني من النقود. إلا أن هذا الغني يزداد منفعته الحدية من الدخول المتبقية عنده بعد إخراج الزكاة منها، والنتيجة النهائية هي أن المنفعة الإجمالية للمجتمع تزداد بإعادة توزيع الدخول عن طريق الزكاة، والمتمثلة بإعادة توزيع الدخول لصالح الفقراء والمساكين والمعوزين الذين يرتفع لديهم الميل الحدي للاستهلاك على غيرهم من الأغنياء، مما ينعكس أثره على زيادة الإنفاق لدى كل من طبقتي الفقراء والمساكين والمعوزين من جهة والأغنياء من جهة أخرى وفي نفس الوقت. وبالتالي حدوث الزيادة في الإنتاج من خلال عمليات المضاعف المتكررة في الاقتصاد الوطني، مما يعني أن المضاعف الزكوي: هو الذي يبين أو يحدد مدى استجابة التغيرات في الناتج القومي للتغييرات التي تحدث أو تكون في الإنفاق الزكوي, بعبارة أخرى أن المضاعف الزكوي هو نسبة التغير في الناتج القومي ثم في الدخل القومي تبعاً للتغيرات التي تتحقق في الإنفاق الزكوي، وفي علم الاقتصاد الرياضي يكون الإنفاق الزكوي أو الزكاة متغيرا مستقلاً والناتج أو الدخل القومي متغيراً تابعاً, ومعادلته الرياضية هي: (التاتج القومي=دالة للانفاق الزكوي). 2- نظرية المضاعف وماهية المضاعف الزكوي في الاقتصاد الاسلامي المضاعف في الاقتصاد الفكرة الأساسية للمضاعف هي: أن الزيادات المتكررة في إنتاج الدولة على شكل الناتج القومي في الاقتصاد الوطني تتحقق تبعاً للتغيير في الإنفاق. إن المحرك الأساسي لعمليات المضاعف بعد الانفاق هو الميل الحدي للاستهلاك. إن زيادة الإنفاق التلقائي يترتب عليها زيادة الدخل القومي بكمية مضاعفة، وهذه الزيادة تتوقف على الميل الحدي للاستهلاك لأفراد المجتمع المختلفة، فيزيد المضاعف بزيادته وينخفض بانخفاضه، لأن كلاً من الاستهلاك والاستثمار يسيران معاً، فكلما زاد الاستهلاك زاد الاستثمار حتى مستوى معين. وهو ذلك المستوى الذي تمثله العمالة الكاملة، أي كلما تم تحويل قوة شرائية أو دخل من الأغنياء إلى الفقراء كان هناك ضمان لتأمين مستوى من الطلب الفعال يكفي للإغراء بالقيام بإضافة استثمارات وتوسعات جديدة وجذب أعداد أكبر وأكبر من العمالة, مما يؤدي إلى إزديادات مستمرة في الإنتاج ثم في الناتج القومي ثم في الدخل القومي، مما يعني المساهمة الكبيرة والمستمرة في الحدّ من الركود الإقتصادي, وخلق العوامل الإقتصادية والاجتماعية الضرورية لتحقيق تنمية اقتصادية مستمرة ومستديمة في الإقتصاد الوطني. المضاعف الزكوي في الإقتصاد الاسلامي ودور المضاعف الزكوي يأتي عند قيام الأغنياء بدفع الزكاة للمستحقين شرعاً؛ فكما تزداد نسبة الزكاة المعطاة للمستحقين؛ يزداد معها مضاعف الزكاة ؛ فعندما يستلم المستحقون الزكاة في البلد المسلم يزداد طلبهم الفعال ثم يزداد الإنتاج وبعده يزداد الناتج المحلي الإجمالي ثم يزداد الناتج القومي ثم يزداد الدخل القومي وهو يعني حدوث التنمية والتطور الاقتصادي, وعند الاستمرار في إعطاء الزكاة؛ فإن العمليات التنموية تستمر ولا تتوقف؛ وتستمر تأثيرات المضاعف الزكوي في تحقيق الاستدامة. إن المضاعف الزكوي من الناحية الرياضية يتغير طرديا مع مقادير الزكاة المعطاة في اقتصاد البلد الاسلامي, فكم تزداد الزكاة؛ يزداد المضاعف الزكوي ويزداد معها تأثيراتها التنموية لاقتصادية في الاقتصاد الكلي للبلد, ونوعية هذه التغيرات تتأثر بنسب الميل الحدي للإستهلاك لدى آخذي الزكاة , وما دام هذا الميل عند الفقراء والمساكين والمعوزين منخفض؛ فإن هذا يعني إزدياد الإيجابية والفعّالية والقوة للمضاعف الزكوي في القضاء على الفقر والمسكنة والعوز في المجتمعات الإسلامية, وما دام الزكاة مستمرة عبر كافة أيام وشهور السنة القمرية (354,37 يوماً)؛ فإن هذا يعني استمرارية وديمومة فعالية المضاعف الزكوي في الإقتصاد الاسلامي؛ ويعتبر السلاح الاقتصادي القاصم لظهر وقوة الفقر والإنعدام في المجتمعات الاسلامية. 3- الزكاة ونظرية سرعة دوران رأس المال في الإقتصاد الاسلامي هناك عوامل اقتصادية عديدة يستخدمها النظام المالي للإقتصاد الاسلامي لتحقيق العدالة الإقتصادية والاجتماعية, إلاّ أن فريضة الزكاة هي أحد أبرز وأقوى هذه الوسائل التي يستخدمها للوصول إلى العدالة في توزيع الدخول والثروات؛ والوصول إلى الرفاهية الإقتصادية العامة ؛ والقضاء على البطالة وتحقيق الإنتعاش للإقتصاد الوطني, فالزكاة تعمل على إزدياد سرعة دوران النقود ورؤوس الأموال, لأنها تشجع أصحاب الأموال بطريق مباشر وغير مباشر على استثمار أموالهم, ثم تتحقق لديهم فوائض مالية إضافية من هذه الإستثمارات ثم يؤدون منها الزكاة أيضاً. وهذا يعني أن أصحاب الأموال قد استفادوا من إعطاء الزكاة ذاتها ومن استثمارات رؤوس أموالهم وحصولهم على الأرباح المتراكمة التي أتت بعد دفعهم للزكاة حتى لا تتعطل ولا تكتنز, ومن ثم إفادة المجتمع بأداء حق المستحقين بالزكاة؛ وبحدوث العمليات التنموية على نطاق واسع؛ وفي جميع المجالات الإقتصادية, والإستثمارات هذه تؤدي إلى زديادة سرعة دوران النقود والرأسمال وتحريكهما بقوة داخل الإقتصاد, ومن ثم تحرك كل خلايا الإقتصاد وتوجهها نحو التطور والتنمية والتقدم. إذن فإن هناك علاقة طردية بين كل من الزكاة والاستثمار؛ بازدياد الأولى يزداد الثانية وبالعكس, فالزكاة دافع للأموال نحو الاستثمار، ونظراً لأن الاقتصاد الإسلامي لا يتعامل بالفوائد الربوية ويحرمها بنصوص قطعية من القرآن والسنة، فإن هذه الاستثمارات ستكون في أصول إنتاجية تحتفظ بالقيمة الحقيقية لرأس المال؛ وفي صورة قوة شرائية حقيقية، والذي يعني إبعاد الاقتصاد عن حالات التمويه والغموض والخداع والشعوذة والقمار والميسر، والعمل بالصدق واليقين بعيداً عن الإستغلال وأكل أموال الناس بالباطل, والسير بالاقتصاد على طريق العدالة والرفاهية الاقتصادية والاجتماعية اللا محدودة. رابعاً: الزكاة مصدر دائم لتحقيق الإنتعاش الإقتصادي من ضمن مصارف الزكاة مصرف الغارمين، والغارم هو الذي عليه دين، والغارمون هم المدينون الذين لزمتهم ديونهم وعجزوا عن سدادها، ولم يكن دَينهم في معصية، وكذلك المدينون الذين استدانوا لأداء خدمة عامة كهؤلاء الذين يصلحون بين الناس وتركهم بعض الديون بسبب ذلك. فالزكاة تعطى: [ للغارمين لإصلاح ذات البين, ولمن أثقلَتْهم الديون في غير فساد ولا تبذير فأعسروا] [6] . والغارمون هم: قسمان : قسم لزمتهم الديون في غير معصية لله تعالى، ولا يجدون المال الذي يدفعونه لدائنيهم ، فإنهم يعطون من الصدقة؛ إذا لم يكن لهم من المال ما يفي بديونهم ، فإن كان عندهم وفاء فلا يعطون ، وقسم أدانوا في المعروف وإصلاح ذات البين فإنهم يعطون من مال الصدقة ما يقضون به ديونهم ، وإن كانوا أغنياء [7]. وتسدد ديون الغارمين من أموال الزكاة حتى ولو كانوا موسرين تشجيعاً لأعمال البر والمروءة وفعل الخير والصلح بين الناس، من هنا فإن الزكاة بفضل سهم الغارمين تمكن من له حرفة من مزاولة حرفته، أو تجارته أو زراعته، ولقد استفاد الاقتصاد الوطني من وراء استغلال هذه الطاقات العاطلة بتحويلها إلى طاقات منتجة, كما أن الدخول التي يحققها الأفراد من مزاولة حرفهم وأعمالهم بفضل سهم الغارمين تخلق طلباً إضافياً أي زيادة في الإنفاق تؤدي إلى زيادة الإنتاج، الأمر الذي يؤدي إلى إنعاش الإقتصاد والحد من الركود الإقتصادي. خامساً: الزكاة وتخفيف التفاوت الدخلي في المجتمع الاسلامي إن تأثير الزكاة الفعلي والمباشر يظهر من خلال آثارها التوزيعية، حيث تـؤدي إعـادة توزيع الدخول من الأغنياء إلى الفقراء بواسطة الزكاة إلى زيـادة الاستهلاك الكلي للفقراء والمساكين، ومن ثم رفـع الإنتاج والإنتاجية في المجتمع، وازدياد قدرتهم على عرض منتجات أكثر في الاقتصاد القومي، إلى جانب أثرها في حفز الاسـتثمار؛ كون الزكاة تشـجّع على استثمار الأرصدة النقدية المكنوزة، حيث إن وعاء الزكاة يشمل أنواعا مختلفة من الثروات منها الثروات النقدية، مما يجعلها تشجع على منع تعطيل النقود، وادخالها الى العمليات الانتاجية والاستثمارية، وزيادة مستوى الاستثمار الكلي فـي الاقتصاد، ثم زيادة الإنتاج الكلي وازدياد الطلب الكلي الفعّال ثم زيادة العرض الكلي؛ ثم حصول التنمية والتطور الاقتصادي للبلد الإسلامي. سادساً: دوام الزكاة وتحقيق التنمية الاقتصادية المستديمة إن زكاة الأموال أو الثروات تتوجب فقط في خمسة أنواع من الثروات، وهي: المواشي وهي النَّعَمُ، وتشمل: الإبل والبقر والغنم، ويلحق بها المعز [8]، ولا تجب في الخيل والمتولد مثلًا بين غنم وظباء.[9] . ثانيا : الأثمان وهي الذهب والفضة . ثالثا : الزروع وهي الأقوات . رابعا : الثمار . خامسا : عروض التجارة. [10]. ولم تحدد الشريعة الإسلامية موعدًا واحدًا لفرض جميع أنواع الزكاة، ولا لدفعها من قبل المزكين في آن واحد، وأوجبتها في كل عام مرة واحدة، ورفضت تكرار هذا الواجب على الثروة الواحدة خلال السنة الواحدة، وذلك لأن الناس مختلفون في كسب المال، فيكتسب الرجل نصاب المال في هذا الشهر، ويكتسبه الآخر في الشهر الثاني، ويكتسبه الثالث في الشهر الثالث، وهكذا في جميع شهور السنة، وهذا يعني استمرارية خلق الطلب الكلي الفعّال في اقتصاد الدولة خلال كافة أيام السنة، ومن ثم خلق العرض الكلي كذلك، ثم ازدياد الإنتاج على مدار السنة، ثم ازدياد الناتج المحلي الإجمالي، ثم الناتج القومي، ثم الدخل القومي، ثم تحقيق التنمية الاقتصادية المستديمة لاقتصاد البلد الإسلامي، والتي تعني خلق الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية بشكل مستمر للمجتمع الإسلامي. سابعاً: إمكانية دفع الزكاة لصنف واحد من الأصناف الثمانية المستحقة للزكاة في بعض الحالات قد تحدث كارثة لمدينة صناعية أو لمجموعة من التجار أو لفئة المزارعين أو ظهور حالات من الفقر المدقع، من هنا جوَّز الفقهاء صرف الزكاة في صنف واحد من الأصناف الثمانية المحددة في آية الصدقات أو أكثر بحسب الحاجة، فالإمام ابن قدامة يقول: “يجوز أن يقتصر على صنف واحد من الأصناف الثمانية، ويجوز أن يعطيها شخصًا واحدًا”.[11]. وذهب الإمام ابن رشد إلى أن “الإمام مالك والإمام أبو حنيفة قالا بجواز صرف الزكاة لصنف واحد أو أكثر حسب الحاجة”، [12]، فهذا المنهج من إعطاء الزكاة يحدث تفعيلاً وتحسينًا في العلاقة بين العرض الكلي والطلب الكلي في اقتصاد البلد الإسلامي، ثم حدوث التوازن والاستقرار الاقتصادي في مستويات أعلى، والتقليل ثم القضاء على الآثار السلبية لهذه المشاكل الاقتصادية. صورة مقال أثر الزكاة في تحقيق الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية وبسبب استمرارية الزكاة عبر كافة أيام السنة، فإن قوى العرض والطلب الكلي ستعمل من جديد لإحداث توازن جديد داخل الاقتصاد، وهذا التوازن يكون في مستويات أعلى بسبب تطور الاقتصاد حينئذٍ، ووصوله إلى مستويات تنموية أكثر تقدمًا من السابق، وهذا المستوى الجديد يحتضن إيجابيات اقتصادية عديدة، أهمها خلق فرص عمل جديدة للعمالة الوطنية والقضاء على البطالة، والخروج من أزمة الركود الاقتصادي، والتوجه نحو إنعاش الاقتصاد الوطني، ثم استمرار هذا الاستقرار الاقتصادي خلال السنوات القادمة والمستقبلية، مما يعني تحقيق الطمأنينة والرفاه والسلام المستمر للمجتمعات الإسلامية. يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |