|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() رمضان وغزوة بدر.. والخوارج المُعاصِرون ألقى فضيلة الشيخ صالح بن محمد آل طالب - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: (رمضان وغزوة بدر .. والخوارج المُعاصِرون)، التي تحدَّث فيها عن ذكرى غزوة بدر التي دارَت أحداثُها في مثلِ هذه الأيام منذ قرونٍ، مع بيان أخلاق الحرب التي علَّمنا إياها نبيُّنا صلى الله عليه وسلم بالقول والفعل، مُقارنًا ذلك بأفعال الخوارِج والخارِجين على أحكام الكتاب المبين، وسُنَّة سيدِ المُرسلين صلى الله عليه وسلم ، مُوجِّهًا نصائِحَه لعموم المسلمين بتوخِّي الحذر من الدعوات المُشوَّهة، مُحذِّرًا الشباب بصفةٍ خاصةٍ من الانجرافِ خلف راياتٍ عُمِّيَّةٍ، وكان مما جاء في خطبته: أيها المسلمون: شهرُ رمضان المُبارَك فرصةٌ لمن كان في حياتِه مُقصِّرًا ليلحَق، ولمن استحقَّ بذنبِه النارَ ليُعتَق، ولمن كان في طاعاته متأخرًا ليكون الأسبَق. ومن أدركَه شهرُ رمضان ولم يُغفَر له فأبعَدَه الله! وقد انتصف شهرنا، إلا أن مراكِبَه لم يزَل فيها مُتَّسَعٌ لمُستعتِب، وليالِيَه لم تزَل مطايا للظاعِنين إلى عفوِ الله ومراضِيه، ومُوصِلةً لمن شفَّه الشوقُ لأن يكون في رِكابِ المُقرَّبين، {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (12) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ} (الواقعة: 10- 14). فأرُوا اللهَ من أنفُسِكم خيرًا، وادِّخِروا من هذه الأيام لحياتِكم الأُخرى؛ فإن الأيام تُطوَى سِراعًا، ويُساقُ الأحياءُ إلى قبورِهم تِباعًا، وما ثمَّة إلا العملُ الصالح ورحمةُ أرحم الراحمين. أيها المسلمون: في مثلِ هذه الأيام من رمضان، وقبل ثلاثٍ وثلاثين وأربعمائةٍ وألفٍ من السنين.. حدثَت غزوةُ بدرٍ الكُبرى، والتي سمَّاها الله: «يوم الفُرقان».. وهي أولُ مُواجهةٍ عسكريةٍ في الإسلام. تبِعَتها مغازٍ وحروب، فرضَها نُشوءُ الدولة المُسلمة الحديثة وكثرة مُناوِئيها. ومنذ ذلك الحين نشأَت مبادئُ حربٍ لم تُعرف في مبادِئ الأمم السابقة، ولم تُعهد في سُلوك المُحارِبين، امتزجَ الحزمُ فيها بالرحمة، حتى قال أحدُ المُستشرقين: «كان المُسلمون أرحمَ غُزاةٍ عرفَهم التاريخ». كان القتالُ في مُواجهة من حمَلَ السلاحَ فحسب، وكانت أُولَى الخُطوات بعد التمكين: تأمين الناس، ووضعَ المظالِم والآصار عنهم، وعدمَ إكراه الناس على الدخول في الإسلام. وكانت وصايا النبي صلى الله عليه وسلم وخُلفائِه للمُجاهِدين: «اغزُوا ولا تغلُّوا، ولا تغدِروا، ولا تُمثِّلوا، ولا تقتُلوا وليدًا، وإذا لقيتَ عدوَّك من المُشركين فادعُهم لثلاث خِصالٍ، فأيَّتُهنَّ ما أجابُوك فاقبَل منهم وكُفَّ عنهم»؛ رواه مسلم. وفي وصايا أخرى منه ومن خُلفائِه وقادة جُنده: «لا تغُلُّوا، ولا تغدِروا، ولا تقتُلوا وليدًا، ولا امرأةً، ولا كبيرًا فانيًا، ولا مُنعزِلاً بصومَعة، ولا تُؤذُوا راهبًا أو عابدًا، ولا تعقِروا نخلاً ولا تحرِقوه، ولا تقطعوا شجرةً مُثمرةً، واتقوا الله في الفلاحين». وهذه الوصايا في حالِ المُواجَهة مع كُفَّارٍ مُحارِبين؛ بل فوق ذلك .. فإنه يجبُ الإمساكُ عمن نطقَ الشهادتَين - وإن كان سيفُه يقطُرُ من دمِ المُسلمين -، كما في خبرِ أُسامة بن زيدٍ المشهورِ في «الصحيحين»، ولما اعتذرَ أُسامةُ - رضي الله عنه - بأنه إنما قالَها مُتعوِّذًا. قال له النبي صلى الله عليه وسلم : «أفلا شقَقتَ عن قلبِه؟! ماذا تفعلُ بـ لا إله إلا الله؟!». أيها المؤمنون الصائمون: رمضان شهر الذكريات والفتوحات والانتِصارات: في رمضان كانت غزوة بدرٍ وفتح مكة، وغيرُها مما كان سببًا في رِفعة الإسلام، وحفظِ الأمن، وقِيام الحضارات. تمُرُّ بنا هذه الذكريات والأمةُ مُثقلةٌ بالآلام، مُثخنَةٌ بالجِراح، تمُرُّ بنا هذه الذكريات والمسلمون اليوم أكثرَ ما كانوا حملاً للسلاح، وبذلاً للأرواح، ولكن على بعضِهم، والصائمُ يقتلُ صائمًا، والمُصلِّيان يقتتِلان، وكلٌّ منهما يُريد الفردوسَ بدمِ صاحبِه! في مشهدٍ فوضويٍّ يجعلُنا نشهدُ موسِمًا للانكِسارات والانتِكاسات. تُطيفُ بنا ذكرى معركة بدرٍ وأخلاق المُسلمين في حروبهم .. وكثيرٌ من بلاد المُسلمين اليوم بها احتِراق، وبأيدِي كثيرٍ منهم أسلِحةٌ وحِراب. وعلى رغمِ احتِلال بعضِ ديارِهم وتشتِيتِ أهلِها، إلا أن السلاحَ مُوجَّهٌ لإخوانهم. وتحوَّل معنى التحرير عند بعضِهم إلى استِلابِ أرضِ إخوانهم المُسلمين التي بها مساجِدُهم وبيوتُهم وأسواقُهم .. وصارَ القتلُ عند الكثيرين منهم تسليةً ومُتعةً، وفي أحوالٍ منه لأسبابٍ لا تستدعِي العتَبَ ولو باللسان. وألبَسُوا جريمةَ انتِهاك الأعراض لباسَ السَّبيِ، والمسبِيَّات هنَّ نساءٌ مُسلماتٌ من ذُرِّيَّة مُسلمين، في هوَسٍ مجنونٍ يستبيحُون ذلك باسمِ الله وشرعِه، وهمُ الذين أساؤوا للدين على نحوٍ عجزَ أعداؤُه أن يبلُغوا ما بلغَ أولئك في الإساءة، في أعمالٍ قد تفوقُ ما عمِلَته جيوشٌ مُتوحِّشةٌ سطَّرَت أخبارَها كتبُ التاريخ. فاجتمعَت شِرذمةٌ جاهلةٌ، زالَ الدينُ من نفوسِهم، وامَّحَت الإنسانيةُ من صُدورهم، لعِبَت بها مُخابراتُ العدوِّ لُعبتَها، ووجدَت في خواءِ عقولِهم من العلمِ والبصيرةِ بُغيتَها، ونصَّبَت عليهم شياطين في هيئة شُيوخٍ يُفتونَهم ليس بجهلٍ فحسب؛ وإنما بتضليلٍ مُتعمَّد، حُدثاءُ الأسنان، لا يُعرَفون بعلمٍ ولا سابقةٍ في الإسلام. فأفسَدوا على المظلومين مطالِبَهم العادِلة في العيش الكريم، ووأدوا تحرُّر المظلومين ممن ضامَهم، وفتَحوا البابَ لتقسيمِ بلاد المُسلمين وشرذَمة شعوبهم. يستحلُّون الدمَ الحرامَ بأبشَع قِتلة .. ويسلُبون المالَ بأدنَى حِيلة .. ويُبيحُون انتِهاكَ العِرض بأوهَى سبب. في أحوالٍ تجلَّى معها استِحقاقُهم وصفَ النبي صلى الله عليه وسلم : «هم شرُّ الخليقة». كما روى مسلم في «صحيحه» عن أبي ذرٍّ - رضي الله عنه -، أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن بعدي من أمَّتي قومٌ يقرؤون القرآن لا يُجاوِزُ تراقِيَهم، يخرُجون من الدين كما يخرُجُ السهمُ من الرمِيَّة ثم لا يعودُون فيه، هم شرُّ الخليقة». وفي صحيح «ابن ماجه» قولُ النبي صلى الله عليه وسلم : «الخوارِجُ كلابُ النار». وفي «صحيح مسلم» عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي صلى الله عليه وسلم : «من خرجَ من الطاعة، وفارقَ الجماعة، فمات ماتَ ميتةً جاهليةً، ومن قاتلَ تحت رايةٍ عُمِّيََّة، يغضبُ لعُصبةٍ أو يدعُو لعُصبةٍ، أو ينصُرُ عُصبةً، فقُتِل فقِتلةٌ جاهليَّةٌ، ومن خرجَ عن أمَّتي يضرِبُ برَّها وفاجِرَها، ولا يتحاشَى من مؤمنِها، ولا يفِي لذي عهدٍ عهدَه فليس منِّي ولستُ منه». وفي «الصحيحين» عن النبي صلى الله عليه وسلم : «أنهم يقتُلُون أهلَ الإسلام، ويدَعون أهلَ الأوثان، لئن أدركتُهم لأقتُلنَّهم قتلَ عاد». في أحاديث كثيرة، وأوصافٍ جليَّة أخذَت جماعاتٌ وعِصاباتٌ في مواطِن الفتن بحظٍّ وافِرٍ منها، أذاقُوا المُسلمين والمُجاهِدين السوء، وانخدَعَ بهم شبابٌ من بلاد المُسلمين، لحِقُوا بهم فمسَخُوا أفهامَهم. وقد نجحُوا في إقناعِ أعدادٍ غير قليلةٍ بأن بلادَهم التي قدِموا منها دارُ حربٍ، وأن أهلَهم أعداءٌ مُحارِبُون، وأن أمهاتِهم وأخواتِهم وقريباتِهم حقُّهنَّ السَّبيُ، في أخبارٍ لم تعُد تخفَى. وروَّجُوا بأنه لم تعُد في الدنيا بلادُ إسلامٍ إلا الأرضَ التي استباحَتها عِصابةٌ باسمِ الخلافة، وما ثمَّ مُسلِمون إلا من بايَعوا رئيسَ تلك العِصابة، في أحوالٍ تُوجِبُ على العُلماء وأصحاب الرأي تسميةَ الأشياء بأسمائِها، وتجلِيَة ألاعِيب العدوِّ وصِناعة المُخابرات المُعادِية، ليُعرَف العدوُّ فيُتَّقَى. أولئك قومٌ لا غرضَ لأسلحتِهم إلا صُدورَ المُسلمين، ولا هدفَ لمُخطَّطاتهم إلا بلادَ المُسلمين. عباد الله، أيها المسلمون: إن كِيانًا يُريدُ أن يقوم على خَفر العهود، واستِحلال الدماء المعصومة، والغدر بإخوانهم، وحِماية الظالِم الباغِي لهو كِيانٌ مهتُوكُ السِّتر، مفضُوحُ الهدف، ولو تسمَّى بأجلِّ الأسماء فإن الله لا يُصلِحُ عملَ المُفسِدين. فكيف وقد عُدِمَت فيه أساساتُ الحُكم الإسلاميِّ الراشِد، وقد طالَ بلادَنا شررٌ من تلك الشُّرور، آخرُها: ما حدثَ في جنوبِ المملكة من حملِ غُلاةٍ للسلاح، والخُروجِ على جماعةِ المُسلمين، وقتلِ الأنفُس المعصومَةِ في نهار رمضان المُبارَك. خسِروا الدينَ والدنيا .. وباعُوا أوطانَهم، وأحدَثُوا حدثًا عظيمًا في شهرٍ كريمٍ، وفجَروا في بلادٍ أهلُها صائِمون قائِمون، وأزهقُوا أنفُسًا صائمةً حارِسةً للمُسلمين، نعوذُ بالله من سُوء الخاتِمة وشُؤم المصير. أيها المسلمون: وبعد كل هذا الوضوح، فإننا نُنادِي من لحِقَ بالغُلاة أن استعتِب ما دامَت روحُك في جسدِك، ولم يُختَم بعدُ عملُك، وإياك أن يُريقَ سلاحُك دمَ مُسلمٍ أو تتخوَّضَ في فتنٍ أنت منها في عافيةٍ. فإن العالَم يتفهَّمُ أن تنتفِضَ عشائرُ على من سفَكَ دماءَها، واعتقلَ بنِيها، واعتدَى على بعضِ نسائِها، وهجَّر المسلمين السنَّةَ من ديارِهم، ولم يترُك حاكمُهم لهم في القوس منزَع، فابتلاهُم في دينِهم وأعراضهم، ودمائِهم وأموالهم. وأما أنت ففي عُنقِك بيعةٌ لإمامٍ مُلزمٌ بطاعتِه، نهاكَ عن الخُروج، وفي وجودِك مفسدةٌ تفوقُ المصلحةَ التي نشدتَ، وفي تلك الديارِ رِجالٌ لا يُزايَدُ عليهم، وقد جرَّبَت بلادُنا وبلادُ المُسلمين مرارةَ النَّفير لمواطِن الصِّراع، عادَ في كثيرٍ من أحوالِه ببدعٍ وتكفيرٍ .. واستِحلال دماءٍ وتفجير. ومع هذا؛ فإن على طلبَة العلم ومنابِر الإعلام، أن يكونوا على مُستوى الحدَث في التحذير والبيان؛ فهذا دينٌ لا مُجاملةَ فيه، وأمنٌ لا مُساومَة عليه. وعلى وسائل الإعلام والكُتَّاب ألا يَزيدُوا الشَّرَر، ويُقيمُوا المسوغ للغُلاة، وذلك بتجاوُزاتِهم في دينِ الله، أو إيذاءِ المُصلِحين، واتهام شريعة الله واتهام مناهِج تعليمِنا بزراعة ذلك الفِكر؛ فإن فِكرةَ الغلُوِّ والخروجِ ولاسيما هي أولُ بدعةٍ في الإسلام؛ بل ظهرَت بوادِرُها في عهد النبي صلى الله عليه وسلم . كما روى مسلمٌ عن جابرٍ - رضي الله عنه - من حديث ذِي الخُويصِرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عنه: «فإن له أصحابًا يحقِرُ أحدُكم صلاتَه مع صلاتِهم، وصيامَه مع صيامِهم، يمرُقُون من الدين كما يمرُقُ السهمُ من الرمِيَّة». فالغُلُوُّ والخروجُ لوثةٌ قديمةٌ، وعلَّةٌ مُزمِنةٌ في التاريخ القديم قبل وضع مناهِج التعليم، وقبل تأسيسِ بلادِنا. بل إن أكثرَ حمَلَته نشؤوا ودرَسُوا في بلادٍ تحكمُها العلمانية، وتتحكَّمُ في مناهِج تعليمِها. فلتنتهِي المُزايَدات والاتهامات، وعيبٌ على فردٍ أن يستغِلَّ مُصابَ بلدِه لتمريرِ أجندتِه وشهواتِه. فكثيرٌ من طرح أولئك يصُبُّ الزَّيتَ على النار، ويُفسِدُ ولا يُصلِح. كما يُنكَرُ على بعض طلبَة العلم الجُرأةُ على إصدار الفتاوى والآراء في شأنِ الأحداث الجارِية حولَنا كإيجاب اللحاق بمن هناك، ودعم طائفةٍ مُقاتلةٍ دون طائفةٍ أُخرى، وتغليبِ فصيلٍ على فصيلٍ، حتى زادَ التشرذُم، واتَّسَع الشِّقاق، وخطفَت جهةٌ غيرُ صالحةٍ زِمامَ الأمر. وهذا الشأنُ من قضايا الأمة الكُبرى التي لا ينفرِدُ بها أفراد. وقد رأينا ورأيتُم نتاجَ ذلك مما يضُرُّ ولا يسُرُّ. ولفتةٌ أخرى حول ما يتداولُ الناسُ في وسائل الاتصال، من مواد مرئيةٍ أو مسموعةٍ أو مقروءةٍ لغُلاةٍ وخوارِج، وأكثرُ قصدِهم من نشرِها التسلِيَةُ والفُضول، في حين أنها قد تقعُ في يدِ من ينجذِبُ لها، ويُعجَبُ ويتأثَّر .. فيكون المُتسلِّي سببًا في نشر شرٍّ من حيث لا يعلَم، وقد قال الله - عز وجل -: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا} (النساء: 83). يا أيها المسلمون عامَّة! ولاسيما من لهم جِوارٌ مع البلاد المُضطربة: كونوا على قدرٍ من الوعي والمسؤولية، فإن الحالة التي تمُرُّ بها المنطقةُ العربية لا تتحمَّلُ تصدُّعًا في الصفِّ الداخليِّ، في لحظةٍ تمُرُّ بها المنطقةُ بإرهاصاتٍ خطيرةٍ يُرادُ منها أن تتغيَّر حُدودُها وسياستُها، وتحالُفاتها، في توجيهٍ لمصيرٍ مُظلِم. فكُفُّوا عن التهييج والتأليب، واطَّرِحوا الإثارة، ولا تكُونوا كم يُطِبُّ زُكامًا فيُحدِثُ جُذامًا! ونداءٌ لكل من ولاَّه الله أمرًا في بلادِ المُسلمين: إن الشياطين التي تبغِي خطفَ شُعوبِكم كُثُر، وبالعدل تقطَعون الطريقَ على كل مُصطاد، وبتأدِيةِ الحقوق يخنَسُ كلُّ مُتربِّصٍ، وبإصلاحِ الفاسِد من الأحوال ينتهِي عُذرُ كلُّ ناعِقٍ. ومن أخبار الخليفة العادِل عُمر بن عبد العزيز - رحمه الله -: أنه كتبَ إلى والِيه على خُراسان يقول: «أما بعد.. فقد بلغَني كتابُك، تذكُرُ أن أهلَ خُراسان قد ساءَت رعِيَّتُهم، وأنه لا يُصلِحُهم إلا السيفُ والسوطُ. فقد كذبتَ؛ بل يُصلِحُهم العدلُ والحقُّ، فابسُط ذلك فيهم .. والسلام». وأخيرًا .. في خِضَمِّ الصراعات العربية الداخليَّة، يأبَى الصهايِنةُ المُحتلُّون إلا تذكيرَ الناس بأنهم عرَّابُو الظلم، ورُعاة القتل والقهر. في اعتِداءاتٍ مُتجدِّدةٍ على فلسطين عامَّةً وعلى غزَّة خاصَّة، أطنانٌ من المُتفجِّرات على رُؤوسِ الأطفال والنساء والمدنيين. في قتلٍ عامٍّ وإبادةٍ جماعيَّةٍ. ولئن بقِيَ الصهايِنةُ وهم آمِنون من عواقِبِ ظُلمِهم، غيرَ مُبالِين باستِفزازَاتهم؛ فإن اليوم ليس كالأمس، وإن الغيظَ الذي يسكُبُونَه باعتِداءاتِهم المُتكرِّرة في صُدور الفلسطينيين والعرب سيُؤتِي ثِمارَه ولا شك، ولاسيما وأن الحريقَ الذي في الجِوارِ لم يعُد بعيدًا. وإن تخاذُل المُجتمع الدوليِّ عن كفِّ اعتِداء الكِيان المُحتلِّ، بل وحمايتِه وتبرير جرائِمِه كفيلٌ بألا يجعلَ العالَمَ في مأمَنٍ. وإن الغيظَ الذي يُنمُّونَه في نفوسِ الأمة سيُشعِلُ نارًا لن تنطفِئ، ولا غالِبَ في هذه الأزمات إلا الله، فهو المُستعان، وإليه المُلتجَأ، وبه المُعتصَم، {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} (الشعراء: 227). ففِرُّوا إلى الله - عباد الله -، واعتصِموا بالله هو مولاكم، فنِعم المولَى ونِعم النصير، و{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا}(آل عمران:200). اعداد: المحرر الشرعي
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |