|
ملتقى حراس الفضيلة قسم يهتم ببناء القيم والفضيلة بمجتمعنا الاسلامي بين الشباب المسلم , معاً لإزالة الصدأ عن القلوب ولننعم بعيشة هنية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الإسلام يراعي حقوق المرضى وذوي الاحتياجات الخاصة الشيخ ندا أبو أحمد للإسلام نظرةٌ خاصة في رعاية المرضى وذوي الاحتياجات، تلك النظرة التي تبدأ من التخفيف عليهم في بعض الالتزامات الشرعية، وذلك كما في قوله تعالى: ﴿ لَّيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ ﴾[النور: 61]، وتنتهي ببث الأمل في نفوسهم، ومراعاة حقوقهم الجسمانية والنفسية. فها هو النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سمع بمريض أسرع لعيادته في بيته، مع كثرة همومه ومشاغله، ولم تكُن زيارته هذه متكلفة أو اضطرارية، وإنما كان يشعر بواجبه ناحية هذا المريض، كيف لا وهو الذي جعل زيارة المريض حقًّا من حقوقه؟! فقال صلى الله عليه وسلم:"حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَىَ الْمُسْلِمِ خَمْسٌ: وذكر منها... وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ"؛ (رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه). فكان صلى الله عليه وسلم - وهو المربي والقدوة - يُهَوِّنُ على المريض أزمته ومرضه، ويُظهر له – دون تكلف – مواساته له، وحرصَه عليه، وحبَّه له، فيُسعِد ذلك المريضُ وأهله، وفي ذلك يروي عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، فيقول: اشتكى سعد بن عبادة شكوى له، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده مع عبدالرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهم، فلمَّا دخل عليه فوجده في غاشية أهله[1]، فقال:" قَدْ قَضَىَ؟"، قالوا: لا يا رسول الله، فبكى النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رأى القوم بكاء النبي صلى الله عليه وسلم بكوا، فقال: "أَلَا تَسْمَعُونَ؟! إنَّ اللَّهَ لا يُعَذِّبُ بدَمْعِ العَيْنِ، ولَا بحُزْنِ القَلْبِ، ولَكِنْ يُعَذِّبُ بهذا - وأَشَارَ إلى لِسَانِهِ - أَوْ يَرْحَمُ[2]"؛ (رواه البخاري ومسلم). كما كان صلى الله عليه وسلم يدعو للمريض ويبشِّره بالأجر والمثوبة نتيجة المرض الذي لَحِق به، فيُهوِّن عليه الأمر، ويُرضِّيَه به، تروي أم العلاء[3] فتقول: عادني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مريضة، فقال: "أَبْشِرِي يا أُمَّ العَلاءِ، فإن مَرَضَ المسلمِ يذهبُ اللهُ بهِ خَطَاياهُ، كما تُذْهِبُ النارُ خَبَثَ الذهَبِ و الفِضةِ"؛ (رواه أبو دواد) (صحيح الجامع:7851). وكان الرسول صلى الله عليه وسلم حريصًا على أن يُخَفِّفَ عن المريض وألاَّ يشقَّ عليه، وقد روى في ذلك جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - فقال: خرجنا في سفر فأصاب رجلٌ منا حجر، فشجَّه في رأسه، ثم احتلم، فسأل أصحابه، فقال: هل تجدون لي رخصة في التَّيَمُّم؟ فقالوا: ما نجد لك رخصة وأنت تقدِر على الماء، فاغتسل فمات، فلمَّا قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم أُخبر بذلك، فقال: "قَتَلُوهُ قَتَلَهُمْ اللهُ، أَلَا سَأَلُوا إِذْ لَمْ يَعْلَمُوا، فَإِنما شِفَاءُ الْعِي السؤَالُ[4]، إِنما كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ، وَيَعْصِرَ أوْ يَعْصِبَ - شك أحد رواة الحديث - عَلَىَ جُرْحِهِ خِرْقَةً، ثُم يَمْسَحَ عَلَيْهَا، وَيَغْسِلَ سَائِرَ جَسَدِهِ.."؛ (رواه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه) (صحيح الجامع: 4362). بل إنه صلى الله عليه وسلم كان يُلبِّي حاجة المريض، ويسير معه حتى يقضي حاجته، ولقد جاءته ذات مرة امرأةٌ في عقلها شيء، فقالت: يا رسول الله، إن لي إليك حاجة، فقال صلى الله عليه وسلم: "يا أُمَّ فُلَانٍ انْظُرِي أَيَّ السكَكِ شِئْتِ، حتى أَقْضِيَ لَكِ حَاجَتَكِ"، فخلا معها[5] في بعض الطرق حتى فرغت من حاجتها"؛ (رواه الإمام مسلم من حديث أنس رضي الله عنه)، كما جعل النبي صلى الله عليه وسلم للمرضى وذوي الاحتياجات الخاصة الحقَّ في التداوي؛ لأن سلامة البدن ظاهرًا وباطنًا مقصد من مقاصد الإسلام، لذلك قال صلى الله عليه وسلم للأعراب عندما سألوه عن التداوي: "تَدَاوَوُا عِبَادَ اللهِ فإن اللهَ عز وجل لَمْ يَضَعْ دَاَءً إلا وَضَعَ لَهُ دَوَاءً إلا الْهَرَمَ"؛ (رواه الإمام أحمد وأبو داود) (صححه الألباني في غاية المرام: 292). كذلك لم يكن يمانع أن تعالج المرأة المسلمة رجلًا من المسلمين؛ حيث جعل صلى الله عليه وسلم رفيدة - وهي امرأة من قبيلة أسلم - تعالج سعد بن معاذ حين أصابه سهم بالخندق، وكانت -رضي الله عنها - تداوي الجرحى، وتحتسب بنفسها على خدمة من كانت به ضيعة من المسلمين؛ (البخاري في الأدب المفرد والسيرة النبوية لابن هشام 2/239) (الصحيحة:1158). وفي صورة تطبيقية كان الرسول صلى الله عليه وسلم يتعامل مع عمرو بن الجموح رضي الله عنه تعاملًا راقيًا، وكان عمرو من ذوي الاحتياجات الخاصة، إذ كان أعرج شديد العرج، وقد حدث أن بنيه الأربعة الذين كانوا يشهدون المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، أرادوا حبسه يوم أحُدٍ فأتى عمرو بن الجموح الرسول صلى الله عليه وسلم، فقال: إنَّ بنيَّ يريدون أن يحبسوني عن هذا الوجه والخروج معك فيه، فوالله إني لأرجو أن أطأ بعرجتي هذه في الجنة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مخاطبًا عَمرًا: "أمَّا أنْتَ فَقَدْ عَذَرَكَ اللهُ فَلاَ جِهَادَ عَلَيْكَ"، وقال لبنيه: "مَاَ عَلَيْكُمْ ألاَّ تَمْنَعُوُهُ، لَعَلَّ اللهَ يَرْزُقُهُ شَهَادَةً". فخرج مع النبي صلى الله عليه وسلم، فقُتل يوم أحُدٍ، ثم قال صلى الله عليه وسلم عنه: "وَالذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِن مِنْكُمْ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لأَبَرَّهُ؛ مِنْهُمْ عَمْرُو بْنُ الجَمُوحِ، وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَطأُ فِي الْجَنة بِعَرْجَتِهِ"؛ (رواه ابن حبان من حديث جابر رضي الله عنه). وهكذا كان حال المرضى وذوي الاحتياجات الخاصة في الإسلام، وفي ظل الحضارة الإسلامية. [1] غاشية أهله: أي الذين يغشونه للخدمة وغيرها: انظر ابن حجر العسقلاني: فتح الباري 3 /175. [2] يعذب بهذا: أي إن قال سوءًا أو يرحم أي إن قال خيرًا: انظر المصدر السابق. [3] أم العلاء: أسلمت وبايعت النبي صلى الله عليه وسلم، عمة حزام بن حكيم، انظر: ابن الأثير: أسد الغابة 7 /405 وابن حجر العسقلاني: الإصابة الترجمة 8 /265 (12176). [4] شِفَاءُ الْعِيِّ: أي يسألون حين لم يعلموا؛ لأن شفاء الجهل السؤال، انظر: العظيم آبادي: عون المعبود 1 /368. [5] أي وقف معها في طريق مسلوك ليقضي حاجتها ويفتيها في الخلوة، ولم يكن ذلك من الخلوة بالأجنبية، فإن هذا كان في ممر الناس ومشاهدتهم إياه وإياها، ولكن لا يسمعون كلامها؛ لأن مسألتها مما لا يظهره (انظر: النووي: المنهاج في شرح صحيح مسلم 15 /83).
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |