كلمة «ليت» - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1174 - عددالزوار : 130919 )           »          3 مراحل لانفصام الشخصية وأهم أعراضها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          متلازمة الشاشات الإلكترونية: كل ما تود معرفته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          ما هي أسباب التعرق الزائد؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          أضرار الوجبات السريعة على الأطفال: عواقب يُمكنك تجنبها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          الوقاية من القمل بالقرنفل: أهم الخطوات والنصائح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          علاج جفاف المهبل: حلول طبيّة وطبيعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          الوقاية من القمل في المدارس: دليل شامل للأهل والمعلم! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          الوقاية من التهاب الكبد: 9 خطوات بسيطة لصحة أفضل! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          الوقاية من الجلطات: دليلك الشامل لصحة أفضل! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 12-01-2025, 09:11 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,857
الدولة : Egypt
افتراضي كلمة «ليت»

كلمة «ليت»

د. أمير بن محمد المدري

الحمد لله مجيبُ الدّعوات، مجزل العطايا والهِبات، يجيبُ دعوةَ المضطرّين ويكشِف السوء ويُنزل الرّحمات، أحمده تعالى وأشكُره، وأُثني عليه وأستغفِره، وأشهد أن لا إلهَ إلا الله وحده لا شريك له كل يوم هو في شأن، يُعطي ويمنع، ويخفض ويرفع، ﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [آل عمران: 26].

وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلّم تسليمًا كثيرًا.


عباد الله: أُوصيكم ونفسي بتقوى الله والاجتهاد بالأعمال الصالحة قبل انقضاء الأعمار.


﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [الحشر: 18].

معاشر المسلمين: سنقف وإياكم مع كلمة في كتاب الله وسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، هي رمز الندم والتحسر والتمني والرجاء.

إنها كلمة قالها الكثيرون عبر القرون، ولن ينقطعوا، والسعيد من اتعظ بغيره.

إنها كلمة "ليت" هل تعرفون ليتَ؟ إنها حرف للتمني، والترجي، والطمع.

كلمة ليت قالتها البتول، مريم بنت عمران -رضي الله عنها-، حين جاءها المخاض، وبلغ منها الهم والغم كل مبلغ، فقالت: ﴿ يَالَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا ﴾ [مريم: 23]، فجاءها الفرج والتيسير، ﴿ فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا ﴾ [مريم: 24].

إنها كلمة قالها المحبون للدنيا، المغترّون بها وبزخرفها، عُشاق الدنيا، الذين يُحبون العاجلة ويذرون الآخرة، فتمنوا أُمنيات خادعات، ليست من الباقيات الصالحات. لما رأوا قارون يخرج عليهم في زينته، في ماله، في ملكه، قالوا: ﴿ يَالَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴾ [القصص: 79]. يا ليت لي مثل ما أُوتي فلان من المال والجاه والمنصب، فرد عليهم أهل العلم والإيمان كما هي حالهم في كل حين ﴿ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ ﴾ [القصص: 80].

﴿ وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا * الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا ﴾ [الكهف: 46].

إنها كلمة قالها ذلك المسكين، الذي اغتر بماله، فرح بجنتيه، وأستهزئ بأولياء الله، وأشرك بربه، وأغمض عن طريق الهدى عينيه، قال تعالى عنه: ﴿ وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا ﴾ [الكهف: 34].

تكبر وتجبر ونسي خالقه ورازقه فكان جزاءه: ﴿ وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَالَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا ﴾ [الكهف: 42].

وهذه رسالة إلى الذين يمنعون زكاة أموالهم قبل أن يندمون قال تعالى: ﴿ وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ [آل عمران: 180].

أخرجوا زكاة أموالكم طيبةً بها نفوسكم.

إنها كلمة قالها المنافق، حين رأى النصر يحوط المؤمنين، وتوزّع الغنائم، وقد تخلّف عن الجهاد، وبطّأ وثبّط، وتأخر وتردد، فلما جاء النصر، ونال المجاهدون الغنيمة، وابتهجت قلوبهم بنصر الله، قال المنافق: ﴿ يَالَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 73].

إنها كلمة يقولها الرجل حين تزيد عليه الفتن، وتعظم المحن، فيمر بالقبر، فيتمرغ عليه، ويقول: «يا ليتني كنت مكان صاحب هذا القبر".

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "والذي نفسي بيده، لا تذهب الدنيا حتى يمر الرجل على القبر فيتمرغ عليه، ويقول: يا ليتني كنت مكان صاحب هذا القبر، وليس به الدِّين إلا البلاء" [رواه مسلم]. قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: "سيأتي عليكم زمان لو وَجَد أحدكم الموت يُباع لاشتراه".

إخوة الدين والعقيدة: قد قال "ليت" ناصحون، تحترق أفئدتهم حرصاً على هداية أقوامهم، وتذهب نفوسهم حسرةً على ضلالهم، همهم نصح الناس وتبليغ دين الله، حتى بعد الممات، فهذا حبيب النجار صاحب ياسين، قال تعالى عنه. ﴿ وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَاقَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ ﴾ [يس: 20].

يطؤه قومه بأرجلهم، بعد أن نصح لهم، وبين لهم طريق السلامة، والنجاة، فلما قتلوه قالت له الملائكة: ﴿ قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَالَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ ﴾ [يس: 26]. تمنى أن يرى قومه ويعلموا ما مُنّ به عليه من الكرامة عند الله. قال ابن عباس رضي الله عنهما: نصح قومه في حياته بقوله: ﴿ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ ﴾ [يس: 20]. وبعد مماته، بقوله: ﴿ قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَالَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ ﴾ [يس: 26-27].

إنها كلمة قالها ورقة بن نوفل، وما أدراكم من ورقة بن نوفل أنه ابن عم خديجة بنت خويلد زوجة النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد نزول الوحي عليه -صلى الله عليه وسلم- أول مرة خاف وفزع فطمنته خديجة -رضي الله عنها- وقالت: "كلا والله لا يُخزيك الله أبدا" ثم ذهبت به إلى ورقة، وكان ورقة قد دخل في دين النصارى وعرف الكتاب فأخبره النبي بما حصل له من الوحي، فقال ورقة: «يا ليتني فيها جذعا، ليتني أكون حياً إذ يخرجك قومك». فقال النبي: "أو مخرجي هم". استبعد أن يخرجه قومه من بلاده فقال: نعم لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا. فمات ورقة قبل ذلك لكن أجره قد كُتب، فمن هم بحسنة ولم يعملها كُتبت له حسنة كاملة.

وقال -صلى الله عليه وسلم-: إنما هذه الدنيا لأربعة نفر: عبد رزقه الله مالاً وعلماً فهو يتقي في ماله ربه ويصل به رحمه، ويعلم لله فيه حقاً فهذا بأفضل المنازل، وعبد رزقه الله علماً ولم يرزقه مالاً، فهو صادق النية لله يقول: لو أن لي مالاً لعملت فيه بعمل فلان، فهو بنيته فأجرهما سواء" [ رواه مسلم رقم (2588)].

إنها كلمة قالها ذاك الشقي من أصحاب النار حين رأى قرينه من الشياطين قد وافاه في الجحيم حين رأى قرين السوء صاحب السوء من دله على المعاصي والحرام فقال: ﴿ يَالَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ ﴾ [الزخرف: 38]. فكان اجتماعهم في النار زيادة في الحسرة، وتشديداً في الألم، ذلك لأنهم تغافلوا عن ذكر الله، وأعرضوا عن هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

كلمة ليت كثيرة ما يقولها أهل النار نعوذ بالله من النار، وما تغني عنهم شيئا! قال تعالى: ﴿ وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَالَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنعام: 27]، طيب لو أعادهم الله إلى الدنيا قال تعالى:. ﴿ بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ﴾ [الأنعام: 28].

إنها كلمة قالها من كان نعلا للطغاة يأتمر بأمرهم وينتهك الحرمات لأجلهم، قال تعالى ﴿ يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَالَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا ﴾ [الأحزاب: 66]. نعم لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

إنها كلمة قالها من ترك سنة الحبيب المصطفى، واتبع هواه، وصاحب العصاة اللاهين المضيعين لأمر الله، أهلكه الصاحب الخاسر اللاهي الساهي، فعض على يديه من الندم، وقال: ﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَاوَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا ﴾ [الفرقان: 27-29].

عباد الله: ليت إنها كلمة. يوم توزع كتب الأعمال يوم القيامة، فمنهم الشقي، يُؤتى كتابه بشماله، فيقول: ﴿ يَالَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ * يَالَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ ﴾ [الحاقة: 25-27].

إنها كلمة لم تنفع صاحبها يوم يؤتى بجهنم، حين( ﴿ كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا * وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا *وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى * يَقُولُ يَالَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي ﴾ [الفجر: 21-24].

يا ليتني تصدقت، ويا ليتني صمت، ويا ليتني صليت، يا ليتني أطعت الله ورسوله. يا ليتني قراءة القرآن، وأحسنت إلى والدي وجيراني وأرحامي.

أخي الحبيب: إن وجودك في هذه الحياة أعظم فرصة لجمع الحسنات وَللرُّقِيِّ في الجنة إلى أعلى الدرجات؛ فاغتنامُ حياتك قبل موتك؛ يكون بالمبادرة إلى التوبة قبل حلول الأجل، وقبل أن تغرغر. اغتنام فرصة الحياة قبل الممات.

أيها الشباب: اغتنموا شبابكم قبل أن تقولوا كما قال القائل:
ألا ليت الشبابَ يعودُ يوماً
فأخبرهُ بما فعل المَشيبُ




أيها المسلمون:
كلمة ليت يقولها الكافر حين يرى القصاص العادل يوم القيامة حتى بين الحيوانات، حين يُقتص للشاة الجلحاء من الشاة القرناء، فإذا فرغ الله من القصاص بين الدوابيقول لها كوني ترابا، حينها يقول الكافر: ﴿ يَالَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا ﴾ [النبأ: 40]، أي: ليتني كنت حيوانا، شاة أو عجلا له خوار، المهم أن أنجو من النار، ولو بأن أرجع إلى التراب، ولكنها أُمنيات كالسراب.

فاحرص -أخي الحبيب- أن تكون من الفائزين المتقين، أهل دار النعيم والسعادة، لهم الحسنى وزيادة،:
﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾ [الكهف: 28].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، وبهدي سيد المرسلين، وجعلني وإياكم هداة مهتدين، وحشرنا في زمرة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسُن أولئك رفيقا، ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما.

الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما.
أما بعد:
عبــــــــــــاد الله:
وما المال والأهلون إلّا وديعة
ولا بُدَّ يوماً أنْ تُرَدَّ الودائعُ




أخي الحبيب:
ها أنت أخي في دار الأمنية، فبادر قبل فوات الأوان، واغتنم ما بقي من أيام عمرك، ما دام في الإمكان، فحياتك فيها فرصة عظيمة لتخفيف السكرات، وأن تجعل قبرك روضة من رياض الجنات، وتدخل فيمن قيل عنهم: ﴿ وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ ﴾ [النمل: 89]، وتشرب من حوض الحبيب، وتدخل في شفاعته، وتستظل بعرش الرحمن، وييسر عليك الحساب، وترث الأرض تتبوأ من الجنة حيث تشاء، ﴿ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴾ [الزمر: 74]. وقف عند قوله: ﴿ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴾ فالأجر للعاملين لا للخاملين، ولا المسوفين، ولا للمتمنين، جعلني الله وإياكم من العاملين، والوارثين، الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون.

اللهم إنا نسألك خشيتك في الغيب والشهادة وكلمة الحق في الغضب والرضا، والقصد في الغنى والفقر. اللهم آت نفوسنا تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها. اللهم أعز الإسلام والمسلمين. اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح ولاة أمرنا، وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة يا رب العالمين. اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد... اللهم صلّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.


ألا وصلوا ـ عباد الله ـ على رسول الهدى فقد أمركم الله بذلك في كتابه فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 81.63 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 79.91 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.11%)]