|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الشتاء... حِكَمٌ وآدابٌ وعِبَرٌ يحيى سليمان العقيلي معاشر المؤمنين: موجةُ بردٍ هبَّت بالأمس، شعر الناس معها بلسعة البرد وبرودة الشتاء، وتلك آية من آيات الله عز وجل، تُبيِّن قدرته وحكمته، وتُظهِر عظمته وتدبيره، يولج الليل في النهار، ويولج النهار في الليل، يقلِّب الأحوال، ويصرِّف الآجال: ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [آل عمران: 190، 191]. وللشتاء - عبادَ الله - أحوال لمن أراد أن يتذكر أو أراد شكورًا؛ فقد أخرج الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري عن النبي قوله: ((الشتاء ربيع المؤمن))، وزاد البيهقي وغيره: ((طال ليله فقامه، وقصر نهاره فصامه))، وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: ((مرحبًا بالشتاء؛ تتنزل فيه البركة، ويطول فيه الليل للقيام، ويقصر فيه النهار للصيام))، وإنما كان الشتاء ربيع المؤمن عباد الله؛ لأنه يَرْتَعُ في بساتين الطاعات، ويسرَح في ميادين العبادات، وينزِّه قلبه في رياض الأعمال الميسَّرة، فإذا ما هطلت الأمطار أقرَّ بفضل الله ونعمته، ودعا بما سنَّه النبي صلى الله عليه وسلم: ((مُطِرْنا بفضل الله ورحمته))، ولْيَتَحَرَّ المسلم - عبادَ الله - الدعاءَ حين نزول المطر، فهو من الأوقات الفاضلة؛ فعن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: ((ثِنتانِ ما ترُدَّان: الدعاء عند النداء، وتحت المطر))، كما سنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أدعيةً وأذكارًا للأحوال المناخية، ومنها ما يكون في الشتاء خاصة؛ كالدعاء عند هبوب الرياح لقوله: ((الرِّيح من روح الله، تأتي بالرحمة وتأتي بالعذاب، فإذا رأيتموها فلا تسُبُّوها، واسألوا الله خيرَها، واستعيذوا بالله من شرِّها))، كما سنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم الدعاء عند سماع الرعد بقوله: ﴿ وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ ﴾ [الرعد: 13]. ومن الآداب التي يتحرَّاها المسلم في الشتاء: إسباغ الوضوء وإتمامه، فلا يعجله الشعور بالبرد عن إكمال الوضوء لأعضائه وإتمامها، بل إن ذلك الإتمام والإسباغ وقت المكاره هو مما يُكفِّر الله به الخطايا؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ألَا أدلُّكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخُطى إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرِّباط))، والمكارِهُ تكون بشدة البرد أو الحرِّ أو الألم، فيحتسب المسلمُ تلك الشِّدَّةَ وهو يتوضأ بأنها من مكفِّرات الخطايا، ورافعات الدرجات. نسأل الله تعالى أن يعمَّنا بفضله، ويُكرِمنا بنعمته، ويمُنَّ علينا بعافيته، فهو الجَوَاد الكريم، وهو الرؤوف الرحيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم. معاشر المؤمنين: نِعَمُ الله عز وجل علينا لا تُعَدُّ ولا تُحصى، فالمرء منا تحصَّن من البرد في بيت يُؤويه ولِباسٍ يُدفِّيه، وفوق ذلك أمنٌ وأمان، وخير عميم، يصدُق فينا عبادَ الله قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: ((من أصبح منكم آمِنًا في سِرْبِهِ، معافًى في جسده، عنده طعام يومه، فكأنما حِيزت له الدنيا))، فنحمَد الله تعالى ونشكره عددَ خَلْقِهِ، ورضا نفسه، وزِنةَ عرشه على نِعمِهِ الجزيلة وآلائه الكريمة، ولا نغفُل - عباد الله - عن أناس لا يجدون سربًا يأمنون فيه، ولا حصنًا يأوون إليه، ولا دواءً من سُقمٍ، ولا دفئًا من برد، ولا طعامًا يسُدُّ الرَّمَق، هُجِّروا من بيوتهم التي هُدمت، يُتِّمت أولادهم، وأرملت نساؤهم، وقُطِّعت أرزاقهم، من أقوام لا يرقُبون في مؤمن إلًّا ولا ذِمَّة، وتآمَرَ عليهم الشرق والغرب، في غزة وسوريا والسودان وغيرها. وما زالت جمعيات الخير في الكويت تواصل جهودها لدعمهم ومؤازرتهم، لا يَكِلُّون ولا يَمَلُّون، يمسحون رؤوس أيتامهم، ويُكَفْكِفُون دموع أراملهم، ويواسونهن في أحزانهن، يقولون بلسان الحال والمقال: نحن أنصار هجرتكم، معكم إلى يوم انتصاركم وحريتكم، وأنتم - شعب الكويت - كنتم خير نصير وأكرم مُعين، وهذا من فضل الله علينا جميعًا عباد الله، فواصلوا عطاءكم؛ فالله لا يمل حتى تملوا، وهذا العطاء والبذل هو واللهِ عُدَّتنا عند البلاء، وذخيرتنا عند الضراء، وأمنُنا عند مكر الأعداء، فصنائع المعروف تقي مصارع السوء: ﴿ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 272].
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |