التطير والتشاؤم - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1146 - عددالزوار : 130079 )           »          الصلاة مع المنفرد جماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          الاكتفاء بقراءة سورة الإخلاص (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          أصول العقيدة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          الإسلام يبيح مؤاكلة أهل الكتاب ومصاهرتهم وحمايتهم من أي اعتداء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          تحريم الاعتماد على الأسباب وحدها مع أمر الشرع بفعلها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          تفسير القرآن الكريم ***متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3097 - عددالزوار : 370055 )           »          وليس من الضروري كذلك! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          مساواة صحيح البخاري بالقرآن الكريم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          محرومون من خيرات الحرمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 26-08-2024, 08:24 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,819
الدولة : Egypt
افتراضي التطير والتشاؤم

التَّطَيُّر والتَّشَاؤُم

رمضان صالح العجرمي

1- خُطُورَةُ التَّطَيُّر والتَّشَاؤُم.
2- مِنْ صُوَرِ التَّطَيُّر والتَّشَاؤُم.
3- أَسْبْابُ دَفعِ وَعِلَاج التَّطَيُّر والتَّشَاؤُم.

الهَدَفُ مِنَ الخُطبَةِ:
بيان خطورة التَّطَيُّر والتَّشَاؤُم وأنه من معتقدات أهل الجاهلية، ومما يناقض وينافي التوحيد، مع بيان أسباب دفعه، وعلاجه.

مُقَدِّمَةٌ ومَدَخَلٌ للمُوْضُوعِ:
أيُّهَا المُسلِمُونَ عِبَادَ اللهِ، فإن عقيدة المؤمن مبنيَّةٌ على اليَقِينِ، والتَّسليمِ والانْقِيَادِ لله تعالى؛ فالمؤمن هو الذي تعلَّق قلبُهُ بالله وتوكَّل عليه، وإن مما يُضَادُّ هذه العقيدة وينافي التوحيد هو ما يعتقده بعضُ أهلُ الجاهليَّةِ وأتباعُهُم في هذا الزَّمان من اعتقادات وبِدَع، ومنها: التَّطَيُّر والتَّشَاؤُم.

والتَّطَيُّر: هو ما يحمِلُ الإنسان على الإقدام على أمره، أو الإحجام عنه، وهو مأخوذ من زَجْر الطير؛ فقد كانوا في الجاهلية إذا أرادوا أمرًا ما زجروا الطير، فإذا اتَّجَه ناحية اليمين تيمَّنوا بذلك، وأما إذا اتَّجَه ناحية اليسار، أو رجع إليهم، تشاءموا وتطيَّروا، وتركوا السفر، أو الأمر الذي يريدون الإقدام عليه.

وقد ارتبط التَّطَيُّر بشهر صَفَرٍ؛ فقد كَانَ بَعْضُ العَرَبِ في الجاهلية يَتَطَيَّرُونَ وَيَتَشَاءَمُونَ مِنْ شَهْرِ صَفَرٍ، حَتَّى سَرَى هَذَا التَّشَاؤُمُ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الإِسْلَامِ، مُتَأَثِّرًا بِهذه الْجَاهِلِيَّةِ. فكان أحدهم ينهى عَنِ السَّفَرِ فِيهِ، ولا يعتمر فيه، وَلَا يُقِيمُ فِيهِ مُنَاسَبَةَ زَوَاجٍ وَلَا فَرَحٍ؛ خَشْيَةَ أَلَّا تَكُونَ مُبَارَكَةً، وَيُنْكِرُ عَلَى مَنْ يَفْعَلُهَا فِي صَفَرٍ تَشَاؤُمًا وَتَطَيُّرًا بِأَن البَلَاءَ يَنْزِلُ فِيهِ ويُضَاعَفُ فيه؛ حتى قال أحدهم: حَدَّثَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ: أَنَّ رَجُلًا لَمَّا وَصَلَتْهُ بِطَاقَةُ حَفْلِ زَوَاجٍ، قَالَ مُتَعَجِّبًا مُنْدَهِشًا مُسْتَغْرِبًا: "زَوَاجٌ فِي شهر صَفَرٍ؟! سُبْحَانَ اللهِ!"

فجاء النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ونَهَى عَنِ التَّطَيُّر والتَّشَاؤُمِ فِي صَفَرٍ، وفي غيره، ونَفَى ذَلِكَ وَأَبْطَلَهُ؛ كما في الصحيحين عن أبي هريرةَ رضيَ اللهُ عنه، أن رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قال: ((لا عَدْوَى ولا طِيَرَةَ، ولا هَامَةَ، ولا صَفَرَ)) وزادَ مُسْلِمٌ: ((ولا نَوْءَ، ولا غُولَ))، وفي رواية: ((لَا عَدْوَى وَلَا صَفَرَ، خَلَقَ اللهُ كُلَّ نَفْسٍ فَكَتَبَ حَيَاتَهَا وَرِزْقَهَا وَمَصَائِبَهَا))؛ [رَوَاهُ أَحْمَدُ وغَيْرُهُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ].

وَمَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((وَلَا صَفَرَ))؛ أَي: لَا تَأْثِيرَ لَهُ، وَإِنَّمَا هُوَ كَسَائِرِ الأَوْقَاتِ الَّتِي جَعَلَهَا اللهُ فُرْصَةً لِلأَعْمَالِ النَّافِعَةِ.

فإن شهر صَفَر شَهْرٌ مِنَ الشُّهُورِ الَّتِي خَلَقَهَا اللهُ تعالى، ولَمْ يَرِدْ فِي فَضْلِهِ وَلَا ذَمِّهِ حَدِيثٌ؛ بَلْ وَمَا ذَمَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهْرًا مِنَ الشُّهُورِ وَلَا يَوْمًا مِنَ الأَيَّامِ.

وَسُمِّيَ بِصَفَرٍ بِسَبَبِ خُلُوِّ الْمَنَازِلِ مِنْ أَهْلِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ؛ لِخُرُوجِهِمْ لِلْقِتَالِ فِيهِ لِأَنَّهُ أَوَّلُ شَهْرٍ بَعْدَ شَهْرِ مُحَرَّمٍ الَّذِي يَحْرُمُ فِيهِ القِتَالُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَجَاءَ الإِسْلَامُ فَأَكَّدَ هَذَا الْمَبْدَأَ الْعَظِيمَ، وقِيلَ: سُمِّيَ بِصَفَرٍ مِنْ قَوْلِهِمْ: صَفِرَ المَكَانُ؛ إِذَا خَلَا، وَأَصْفَرَتِ الدَّارُ؛ إِذَا خَلَتْ.

والتَّطَيُّر والتَّشَاؤُم: لم يكن حادثًا عند العرب في جاهليتهم؛ بل كان موجودًا حتى في الأمم السابقة، من أعداء الأنبياء والمرسلين؛ فقوم صالحٍ عليه السلام تَطَيَّروا به وقالوا: ﴿ قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ ﴾ [النمل: 47]، وأصحاب القرية تَطَيَّروا بالمرسلين: ﴿ قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ * قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ ﴾ [يس: 18، 19]، وقومُ فرعونَ تَطَيَّروا بموسى عليه السلام، ومن آمن معه؛ فإذا أصابَهُم غَلاءٌ وقَحْطٌ قالوا: هذا بسببِ موسى وأصحابهِ وبشؤْمِهِم، فردَّ اللهُ تعالى عليهم بأنه بقضائهِ وقَدَرِهِ وبسببِ كْفرِهم: ﴿ فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الأعراف: 131].

وترجع خطورة الطِّيَرَةُ: إلى أنها بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الشِّرْك والعياذ بالله؛ فعنِ ابنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه مَرْفُوعًا: ((الطِّيَرَة شِرْكٌ، الطِّيَرَةُ شِرْكٌ، الطِّيَرَةُ شِرْكٌ، وما مِنَّا إلَّا، ولَكِنَّ اللهَ يُذْهِبُهُ بالتَّوَكُّلِ))؛ [رواه أبو داودَ والترمذيُّ وصحَّحَهُ]، قالَ القاضي رحمه الله: "إنما سَمَّاهَا شِرْكًا؛ لأنهُمْ كانُوا يَرَوْنَ ما يَتَشَاءَمُونَ بهِ سَبَبًا مُؤَثِّرًا في حُصُولِ المكرُوهِ، ومُلاحَظَةُ الأسبابِ في الْجُملَةِ شِرْكٌ خَفِيٌّ، فكيفَ إذا انْضَمَّ إليها جَهَالَةٌ وسُوءُ اعْتِقَادٍ"، وقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَطَيَّرَ أَوْ تُطِيِّرَ لَهُ، أَوْ تَكَهَّنَ أَوْ تُكُهِّنَ لَهُ، أَوْ سَحَرَ أَوْ سُحِرَ لَهُ، وَمَنْ أَتَى كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ))؛ [رواه البزار]، وقال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: ((لَنْ يَلِجَ الدَّرَجَاتِ الْعُلَى: مَنْ تَكَهَّنَ أَوْ تُكُهِّن لَهُ، أَوْ رَجَعَ مِنْ سَفَرٍ تَطَيُّرًا))؛ [رواه تَمَّام وجوَّد إسناده الألباني].

أما إذا ترتَّب على هذه الطِّيَرَة عمل؛ كأن يتوقف عن أمره الذي يريده، أو يُقدِم عليه، ويعتقد أن هذا الشيء بنفسه هو الذي يضُرُّ أو ينفع؛ فقد وقع في الشرك الأكبر والعياذ بالله؛ فضابط الطِّيَرَة الشركية هو: [ما حمل الإنسان على المضيِّ فيما أراده، أو ردَّه عنه اعتمادًا عليها]؛ كما رُويَ عن الفضل بن العباس رضي الله عنهما: "إنما الطِّيَرَةُ ما أَمْضَاكَ أو رَدَّكَ"، وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ قال: ((مَن رَدَّتْهُ الطِّيَرَةُ من حَاجَةٍ فَقَدْ أَشْرَكَ))؛ [رَوَاهُ أَحْمَدُ بِسَنَدٍ حَسَنٍ]، وفي راوية: ((مَنْ رَدَّتْهُ الطِّيَرَةُ فقدْ قَارَفَ الشِّرْكَ))؛ [رواه ابنُ وهبٍ، وصحَّحه الألباني].

والتَّطَيُّر والتَّشَاؤُم له صِوَرٌ كَثِيرَةُ ومتعددة في كل زمان ومكان:
1- فَهُنَاكَ مَنْ يَتَشَاءَمُ بِالزَّمَانِ: كمَنْ يَتَشَاءَمُ بِيَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ، أَوْ بِشَهْرِ صَفَرَ، أو يوم معين، أو سنة معينة.

2- وهُنَاكَ مَنْ يَتَشَاءَمُ بالمكان: كمن يَتَشَاءَمُ بمكان معين حدث له فيه ضرر.

3- وَهُنَاكَ مَنْ يَتَشَاءَمُ بمسموع: كمن يَتَشَاءَمُ عِنْدَ سَمَاعِ صَوْتِ الغراب، أو صَوْتِ الحمار، أو صَوْتِ الْبُومَةِ؛ فَيَقُولُ: إِنَّهَا نَاعِيةٌ لِمَيِّتٍ، أَوْ مُخْبِرَةٌ بِشَرٍّ؛ فَكَأَنَّهَا عِنْدَهُمْ تَعْلَمُ الْغَيْبَ وَالْعِيَاذُ بِاللهِ؛ فقد روى أبو نُعَيْمٍ في الحِليةِ: أنَّ رَجُلًا كانَ يَسيرُ مَعَ طَاوُوسٍ فَسَمِعَ غُرَابًا نَعَبَ، فقالَ: خَيْرٌ، فقالَ طَاوُوسٌ: "أيُّ خَيْرٍ عندَ هذا أوْ شَرٍّ؟ لا تَصْحَبْني أوْ تَمْشي".

4- وَهُنَاكَ مَنْ يَتَشَاءَمُ بمرئي: كمن يَتَشَاءَمُ بِمُلَاقَاةِ الأَعوَرِ، والأعرج، أَوْ بَعْضِ أَصْحَابِ الْأَمْرَاضِ، أو بالكلب الأسود، أو بالقط الأسود فِي سَفَرِهِ أَو بُكُورِهِ.

5- وَهُنَاكَ مَنْ يَتَشَاءَمُ بالأشخاص: كمن يَتَشَاءَمُ مِنْ شخص مُعَيَّنٍ؛ فيقول: فلان هذا وجهه نحس.

6- ومنهم من يتطَيَّر حتى بالقرآن: يفتح المصحف فإذا وقع نظره على آية فيها رحمة؛ قال: الحمد لله، ويعزم على الأمر الذي يريده، وأما إذا وقع نظره على آية فيها عذاب؛ تشاءم وتطَيَّر ولم يعزم على ما يريده.

ومن الألفاظ التي درجت على ألسنة بعض الناس:
ربك يسترها، عندما يرى شيئًا.
‏هذا يوم أسود، يا نهار أسود.
‏فلان هذا وجهُهُ نحس، أو شرارة.
‏خير يا طير، عندما يأتيه اتصال.
‏ أعوذ بالله؛ اليوم اصطبحت بوجه فلان.

نسأل الله العظيم أن يرزقنا التوحيد الخالص وصدق الاعتماد عليه.

الخطبة الثانية
أسباب دفع وعلاج التَّطَيُّر والتَّشَاؤُم:
أيها المسلمون عباد الله، إن في السُّنَّة النبوية ما فيه وِقاية لأنفُسِنا مِن مثل هذه العقائد الباطلة، ونجاة مِن الوقوع في التَّطَيُّرِ والتَّشَاؤُمِ، ومن هذه الأسباب:
1- تقوية جانب الإيمان بالقضاء والقدر:
قال الله تعالى: ﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾ [القمر: 49]، وقال تعالى: ﴿ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [التوبة: 51]، وقال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: ((لا يُؤْمِنُ عَبْدٌ حتى يُؤْمِنَ بالقَدَرِ؛ خَيْرِهِ وشَرِّهِ، حتَّى يَعْلَمَ أنَّ ما أصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ، وأنَّ ما أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ))؛ [رواه الترمذي، وصحَّحه الألباني].

وقال النبي صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: ((الطَّيْرُ تَجْرِي بقَدَرٍ))؛ [رواه الإمامُ أحمدُ وحسَّنهُ الألبانيُّ]، قال الْمُناوِيُّ رحمه الله: أي: "بأمرِ الله وقَضَائهِ".

2- تقوية جانب: العزيمة والتَّوَكُّل عَلَى اللهِ تعَالَى؛ وذلك بأن تَمضيَ لقَضَاءِ حاجتك ولا تَرْجِع من أجلها، ولا تتأثر بها.

قال الله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [الطلاق: 3]، وعنِ ابنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه مَرْفُوعًا: ((الطِّيَرَة شِرْكٌ، الطِّيَرَةُ شِرْكٌ، الطِّيَرَةُ شِرْكٌ، وما مِنَّا إلَّا، ولَكِنَّ اللهَ يُذْهِبُهُ بالتَّوَكُّلِ))؛ [رواه أبو داودَ والترمذيُّ وصحَّحَهُ]، وَقَدْ ذكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَفَّارَتَهَا لِمْنَ وَجَدَ فِي نَفْسِهِ شَيئًا، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ رَدَّتْهُ الطِّيَرَةُ مِنْ حَاجَةٍ فَقَدْ أَشْرَكَ))، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا كَفَّارَةُ ذَلِكَ؟ قَالَ: ((أَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمْ: اللَّهُمَّ لَا خَيْرَ إِلَّا خَيْرُكَ، وَلَا طَيْرَ إِلَّا طَيْرُكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ))؛ [رواه أَحْمَدُ]؛ فقد أرشَدَ النبي صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إلى العلاجِ الذي تُدفَعُ به الطِّيَرَةُ وهو هذا الدُّعاءُ الْمُتضَمِّنُ تعلُّقَ القلبِ باللهِ وَحْدَهُ في جَلْبِ النفعِ ودَفْعِ الضُّرِّ، والتبرِّي من الحولِ والقوَّةِ إلَّا باللهِ.

3- الْفَأْلُ الحسن:
ففي الصحيحين عن أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: ((لا عَدْوَى، ولا طِيَرَةَ، ويُعْجِبُني الْفَأْلُ))، قالوا: وما الفَأْلُ؟ قالَ: ((الكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ))؛ ففي هذا الحديثِ بيانُ أنَّ الفَأْلَ الحسن لا بأس به؛ كأنْ يكونَ الرَّجُلُ مريضًا فيسمَعُ مَن يقولُ: يا سالِمُ، فيُؤَمِّلُ الشفاءَ مِن مَرَضهِ، فليسَ مِن الطِّيَرَةِ الْمَنْهِيِّ عنها، فالفَأْلُ فيهِ حُسْنُ ظنٍّ باللهِ، قال ابنُ العربيِّ المالكيُّ رحمه الله: "وهيَ كلمةٌ طيِّبةٌ يَسمَعُها الرَّجُلُ، وكأنها من اللهِ"، فالفأل الحسن: هو باعث على زيادة العزيمة.

4- أن يتسلَّى بالأوراد الشرعية؛ وذلك بالحرص على الدُّعاء الوارد:
عن عُرْوَةَ بنِ عامرٍ رضي الله عنه قالَ: ذُكِرَتِ الطِّيَرَةُ عِنْدَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فقال: ((أحْسَنُهَا الْفَأْلُ، ولا تَرُدُّ مُسْلِمًا، فإذا رَأَى أحَدُكُمْ ما يَكْرَهُ فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ لا يَأْتي بالحَسَنَاتِ إلَّا أنْتَ، ولا يَدْفَعُ السَّيِّئَاتِ إلَّا أنْتَ، ولا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلَّا بكَ))؛ [رواه أبو داودَ بسَنَدٍ صحيحٍ] فإِذَا وَقَعَ فِي قلبه شيء من التَّطَيُّرِ وَالتَّشَاؤُمِ؛ فَكَفَارَتُهُ الدُّعَاءُ الوَارِدُ: ((اللَّهُمَّ لَا خَيْرَ إِلَّا خَيْرُكَ، وَلا طَيْرَ إِلَّا طَيْرُكَ، وَلا إِلَهَ غَيْرُكَ)).

5- إحسان الظنِّ بالله تعالى:
ففي صحيح مسلم قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: ((إنَّ اللهَ يَقُولُ: أَنا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بي، وأَنا مَعَهُ إذا دَعَانِي)).

6- فإذا كان في حيرة من أمره، فيُشرعُ له صلاة الاستخارة:
ففي الصحيحين عَنْ جَابِر رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِن الْقُرْآنِ، يَقُولُ: ((إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالْأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ ركْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ، ثُمَّ لِيَقُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ؛ فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلَا أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي- أَوْ قَالَ: عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ- فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي، ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ، وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي- أَوْ قَالَ فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ- فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ، وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ أَرْضِنِي، قَالَ: وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ)).

نسأل الله العظيم أن يرزقنا التوحيد الخالص، وحسن التوكل عليه.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 57.88 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 56.21 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.89%)]