|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() من شمائل النبي وبعض أمور جهلها المسلمون الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري الخطبة الأولى إن الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده ربي لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]. ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70 ـ 71]، أما بعد: فإن أحسن الكلام كلام الله سبحانه وتعالى، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة في الدين ضلالة وكل ضلالة في النار. معاشر المؤمنين، حديثنا معكم في هذه الجمعة، لا سيما ونحن في بداية العام، سواء كان العام الهجري منذُ هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم يذكرنا بذلك التاريخ النبوي الشريف، أو كان بالتأريخ الميلادي، فها نحن في بداية العام، فأحببت أن يكون حديثي معكم في هذه الجمعة عن بعض شمائل النبي محمدٍ صلى الله عليه وسلم تذكيرًا واتعاظًا لمن أراد أن يتأسى، وأن يقتدي بسيد البشر بالقائد العظيم بسيد الأولين والآخرين. إذا ملوك الورى صفوا موائدهم ![]() على شهي من الأكلات والأدم ![]() صففت مائدة للروح مطعمها ![]() هدى من الوحي أو عذب من الكلم ![]() كفاك عن كل قصرٍ شاهقٍ عمدٍ ![]() بيت من الطين أو كهفٌ من العلم ![]() تبني الفضائل أبراجًا مشيدةً ![]() نصب الخيام التي من أروع الخيم ![]() حديثي إليكم عن رجل لا يستطيع الواعظ أو الكاتب أو الأديب - أن يحصر مناقبه وأوصافه وصفاته وشمائله، إنه محمدٌ عليه الصلاة والسلام القائل: (إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق)[1]. ذلكم الرجل الذي بعثه الله رحمة للعالمين، وحجة على الناس أجمعين، أنار الله به عقول البشرية، وزلزل به كيان الوثنية، فكان أسوة في كل شيء يقول ربنا واصفًا إياه: ﴿ لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ﴾ [التوبة: 128]، ويقول سبحانه: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21]. حديثنا عن محمدٍ صلى الله عليه وسلم ذلكم الرجل الذي يذكر اسمه مع اسم الإله كما قال حسان: وشق له من اسمه ليجله ![]() فذو العرش محمودٌ وهذا محمدُ ![]() ![]() ![]() أو ما سمعت المؤذنين يهتفون باسمه صباحًا ومساءً في كل أرجاء الدنيا. منائركم علت في كل ساحٍ ![]() ومسجدكم من العباد خالي ![]() ![]() ![]() أما سمعتهم يرددون: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله، لا شك أن هناك سرًّا عظيمًا وراء هذه الكلمة المدوية شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. فيا أمة الإسلام ويا أمة المختار، يا من كنتم خير الأمم ببعثة محمدٍ صلى الله عليه وسلم، شرَّفكم الله على العرب والعجم والترك والبربر، على أمة اليهود والنصارى، وكانت أمتان تبعث منها الأنبياء أكثر من مائة وأربعة وعشرين ألف نبي، كانوا من بني إسرائيل، إلا أن رسالة هذا النبي نسخت تلك الشرائع كلها، نسخت تلك الرسالات فيما أراد الله نسخه، وأخذ الله العهد والميثاق على النبيين والمرسلين وأتباع النبيين والمرسلين إلى يوم الدين - أن يؤمنوا بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم، فيقال لأمة اليهود ولأمة النصارى: لا يُقبل إنجيلكم ولا تُقبل توراتكم بعد بعثة محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وإن تسموا بالنصارى أو بالمسيحيين أو بأي اسم أرادوه، فتلك التسمية لا تغيِّر من واقعهم شيئًا، لا تنقلهم من النصرانية إلى أن يكون الله راضيًا عن شريعتهم بعد بعثة محمدٍ صلى الله عليه وسلم؛ قال سبحانه: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3]. فمن قال: إن رسوله موسى صلى الله عليه وسلم كاليهود، نقول: إن رسولنا صلى الله عليه وسلم يقول: (والذي نفسي بيده، لو أن موسى صلى الله عليه وسلم كان حيًّا، ما وسعه إلا أن يتبعني)[2]، ولو قال قائل من أتباع المسيح صلى الله عليه وسلم وما أكثر هؤلاء نقول: إن المسيح صلى الله عليه وسلم بشَّر بهذا النبي، كما قال ربنا سبحانه حاكيًا عن عيسى ابن مريم كلمة الله وروحه قال الله: ﴿ وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ ﴾ [الصف: 6]. على أن هذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم لم يقبضه الله، بمعنى أنه رفع إلى الملكوت العليا، هذه نصوص المسلمين، وهكذا ما صحَّ من نصوص التوراة في كثير من أناجيلهم، ينزل آخر الزمان عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام، فيملأ الأرض قسطًا وعدلًا كما ملئت جورًا وظلمًا، ويحكم بشريعة محمدٍ صلى الله عليه وعلى آله وسلم[3]، فلماذا كان الاتفاق من الأنبياء على نبوة محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وكان الخلاف من هؤلاء الأتباع الذين لم يعترفوا بنبوة محمدٍ عليه الصلاة والسلام، والكون كله يعترف بنبوته صلى الله عليه وعلى آله وسلم، قد جاءت في كثير من الأخبار والبشرى التي تبشِّر بنبوته، سواء كان ذلك عن طريق النقل أو عن طريق الجمادات؛ قال صلى الله عليه وسلم: (إني لأعرف حجرًا بمكة كان يسلم عليَّ قبل أن أُبعث، إني لأعرفه الآن)[4]، هذا حجرٌ إذا مرَّ به رسول الله يقول: السلام عليك يا رسول الله، فمن الذي أدراه، وهكذا في حجة الوداع جمع الرسول صلى الله عليه وسلم مائة ناقة يريد أن يقربها قربانًا لله سبحانه وتعالى، فنحر ثلاثة وستين ناقة، وكانت النوق والإبل تزدلف؛ أي: تقترب إلى رسول الله أيها ينحرها أولًا[5]، فمن أدرى هذه العجماوات أن هذا الذي ينحر إنما هو رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ معاشر المسلمين، من أراد أن يرضى رضاءً لا سخط بعده في دينٍ، فعليه بدين محمدٍ صلى الله عليه وسلم، فليجعل شرعه قدوة وقيادة له في كل شيء من أموره، فإن ذلك كفيل أن يغيِّر مجرى حياته في كل شيء، سواء كان ذلك في أمور قلبية، أو في أمور ظاهرية؛ يقول صلى الله عليه وسلم: (ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمدٍ صلى الله عليه وسلم رسولًا)[6]، فالطمأنينة كلها يوم أن تكون تابعًا لرسول الله عليه الصلاة والسلام؛ قال بعض الشعراء يرد على بعض المضطربين[7]: لعلك أهملت الطواف بمعهد الرسول ![]() ومن والاه من كل عالم ![]() فما خاب من يهدي بهدي محمد ![]() ولست ترى قارعًا سن نادم ![]() أما شمائله فكفاه فخرًا أن كان خلقه القرآن الكريم، كما سئلت عائشة رضي الله عنها عن أخلاق محمدٍ صلى الله عليه وسلم، قالت: (كان خلقه القرآن)[8]. هذه العبارة حمالة لكل ما تعنيه من الفضائل، فتأمل في القرآن ما أمر به القرآن وما نهى عنه القرآن، فإن نبينا صلى الله عليه وسلم صارت شمائله منطلقة من هذا القرآن الكريم، فلو أخذنا جانبًا واحدًا، فإن القرآن يأمره بالصبر؛ كما قال سبحانه: ﴿ وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ ﴾ [المدثر7]، فكان صلى الله عليه وسلم قدوة في باب الصبر متمثلًا أمر الله: ﴿ وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ ﴾ [المدثر7]. مكث ثلاث عشر عامًا في مكة يؤذى من قبل القاصي والداني، لا سيما بنو عمومته وأعمامه كأبي لهبٍ ومن شابهه، فكانوا يضعون الأذى على بيته، فإذا ما خرج يقول: (يا بني عبد مناف، أي جوارٍ هذا؟)[9]، فآذوه بكل ما يستطيعون وهو صابر صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وبعد هذه الفترة يخرج من مكة مهاجرًا إلى المدينة، وحصل له في المدينة من الابتلاء كان العدو في مكة ظاهريًّا يكيد له العداوة ظاهرًا، فلما وصل إلى المدينة هناك تمثل عداؤه في قوم تلبسوا بالإسلام ودخلوا في الإسلام دون أن يكونوا مسلمين، وإنما هم منافقون عياذًا بالله، فأنزل الله سورة المنافقين: ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا ﴾ [النساء: 145]. وكان زعيم هؤلاء عبد الله بن أبي[10]، هذا الرجل كان أستاذًا وممثلًا تتمثل فيه جماعة النفاق؛ لأن الأوس والخزرج كانوا يريدون أن يجعلوا عبد الله بن أبي ملكًا لهم في المدينة، وما بقي إلا أن يضعوا التاج على رأسه، فلما قدم الرسول إليهم، تركوا عبد الله بن أبي وأعطوا القوس باريها، كان بعد ذلك احتفاؤهم واحتفالهم وقدوتهم محمدًا صلى الله عليه وسلم، فكان ابن أبي يحقد كل الحقد على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدخلوا في الإسلام بعد أن رأوا بعض الانتصارات في بدرٍ وما شابهها من الغزوات، فكانوا يكيدون العداء ليلًا ونهارًا من أجل الفتك برسولنا صلى الله عليه وسلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يعرفهم ويعرف مخططاتهم، ويعرف تحركاتهم، وهو صلى الله عليه وسلم صابر محتسب، ولما مات عبد الله بن أبي خلع الرسول رداءه وأعطاه لابن أبي كفنًا، وصلى عليه على أن بعض الصحابة يستأذن أن يقتل عبد الله بن أبي، فيقول صلى الله عليه وسلم: (دعه لا تتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه)[11]. فكان صلى الله عليه وسلم يتحلى بالصبر ويتحلى به في المدينة أيضًا، وهكذا في باب العفو والحلم، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه برد نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي فجبذه بردائه جبذة شديدة حتى نظرت إلى صفحة عاتق رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد أثرت بها حاشية البرد من شدة جبذته، ثم قال يا محمد، مرْ لي من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ضحك ثم أمر له بعطاء)[12]. وكان من تواضعه صلى الله عليه وسلم يمشي مع المساكين ويأكل مع المساكين، يعود المرضى ويشهد الجنائز، يخصف نعله ويكنس بيته، ويرقع ثوبه، ويجلس لضيفه، هذه كلها من أخلاق محمدٍ صلى الله عليه وسلم، كما أنه القائد العظيم، فهو أيضًا الرجل المتواضع المتواجد مع أصحابه، ومن صفاته وشمائله أن كان يحب الطيب ويكره الخبائث، يكره الروائح الكريهة كرائحة البصل والثوم وما شابهها من الروائح، حتى قال أنس رضي الله تعالى عنه: (ما شممت ريحًا قط أو عرفًا قط، أَطيب من ريح أو عرف النبي صلى الله عليه وسلم)[13]. وكان صلى الله عليه وسلم يحب السواك[14]، ويكثر من استخدامه، كان إذا قام من الليل يستخدم السواك[15]، وإذا أراد أن ينام يستخدم السواك، وإذا دخل بيته أيضًا كان يستخدم السواك، صلى الله عليه وعلى آله وسلم[16] ومناقبه كثيرة: ومنها: أن كان يقبل العذر، فإن جاء من يعتذر إليه قبِل العذر منه، وصفح عنه؛ لأن الله يقول: ﴿ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ﴾ [الحجر: 85]. وكان يسلِّم على من لاقاه لو تأملنا الآن في حال المسلمين، ربما يمرُّ عليك المارُّ، فلا يسلم عليك، فكل واحدٍ منشغل بحاله، وهكذا إن سلمت عليه ربما ردَّ ردًّا باردًا إن قلت له: السلام عليكم ورحمة الله، أنت تربح عشرين حسنة، فيردُّ عليك ليربح عشر حسنات، يقول: وعليكم السلام[17]، بل ربما صارت هذه عند بعض المسلمين من الموديلات القديمة، يريدون غيرها من الألفاظ الدارجة، أو مما غزينا به من قبل أعدائنا، كمسَّاك وصبَّحك بالخير، وما شابهها من العبارات، وترك هؤلاء أعظم تحية، وهي تحية أهل الإسلام وتحية أهل الجنة؛ قال تعالى: ﴿ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ. سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ﴾ [الرعد: 23 - 24]. فإذا قلت لصاحبك: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، دعوت له بثلاث دعوات، أما الدعوة الأولى، فإنك تدعو له بالسلامة من كل شيء، من كل آفة سلامة من الفقر، ومن الذلة ومن النار، ومن الخزي والعار، فسِّرها بما شئت من أنواع السلام، ثم تضيف إليه الرحمة بأن يرحمه الله، ثم البركة أن يبارك الله في ماله وفي أهله، وفي ولده ثلاث عبارات، صار عند بعض المسلمين والعياذ بالله، صار عندهم من الجهل لا تقول شيئًا آخر، والله إنه الجهل، لو علم المسلمون ما في ذلك من الخير لأكثروا، بلغ ببعض الصحابة كعبد الله بن عمر رضي الله عنه أن كان يذهب إلى السوق دون أن يشتري شيئًا، وإنما يجد الناس كثيرين في مجتمعهم فيقول: السلام عليكم، فيسلم عليهم ليردوا عليه بالسلام[18]. وهكذا أيضًا كان صلى الله عليه وسلم من أخلاقه الكرم والجود، فقد كان جوادًا كريمًا، حتى قال بعض من قال فيه قال: فليتقِ الله سائله، بمعنى أنه كان إذا سئل عن شيء لا يردُّه أبدًا حتى قال له قائل: وقد رأى عليه بردة يا رسول الله اكسنيها، فقال: نعم، فجلس النبي صلى الله عليه وسلم في المجلس، ثم رجع فطواها، ثم أرسل بها إليه، فقال له القوم: ما أحسنت سألتها إياه، لقد علمت أنه لا يرد سائلًا، فقال الرجل: والله ما سألته إلا لتكون كفني يوم أموت[19]. وعلى أية حال يقول عبد الله بن عباس: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان، فيدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة)[20]. ويأتيه ضيف مرة، فيرسل إلى أبياته وكان له تسع بيوت، فيسأل في بيته: هل عندكم من عشاء لهذا الضيف؟ فكل بيوته ليس فيها عشاءٌ لا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا لضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا الرجل الذي اهتز به العالم. قال شوقي: أتطلبون من المختار معجزة ![]() يكفيه شعبًا من الأموات أحياه ![]() ![]() ![]() لم يجد لقمة عشاء في بيته صلى الله عليه وسلم، فينادي في أصحابه: ( من يضيف ضيف رسول الله؟)، فيقول أبو طلحة: أنا، فيأخذه إلى بيته فيعشي الضيف ويبيت هو وأهله وأولاده جياعًا؛ ليشبع ضيف رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم[21]، وهكذا في فتح مكة وما شابهها من الفتوح كان يعطي من الإبل المائة ومن الغنم ما بين الجبلين، حتى نادت الأعراب بعضها بعضًا: هلمُّوا إلى محمدٍ فإنه يعطي عطاء من لا يخشى الفقر، وهو القائل لبلال: (أنفق بلال ولا تَخش من ذي العرش إقلالًا)[22].
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |