القمار - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1009 - عددالزوار : 122880 )           »          سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 121 - عددالزوار : 77571 )           »          الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 62 - عددالزوار : 48994 )           »          الدِّين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 191 - عددالزوار : 61485 )           »          شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 76 - عددالزوار : 42875 )           »          الدورات القرآنية... موسم صناعة النور في زمن الظلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          تجديد الحياة مع تجدد الأعوام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          الظلم مآله الهلاك.. فهل من معتبر؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          المرأة بين حضارتين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          رجل يداين ويسامح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 01-08-2024, 07:13 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,564
الدولة : Egypt
افتراضي القمار

القِمَار

د. أحمد القدميري

الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وليُّ الصابرين، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله إمام المتقين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين، وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين؛ أما بعد:
فإن أولى ما أوصي به نفسي وإياكم تقوى الله جل في علاه، فتلك وصيته سبحانه للأولين والآخرين؛ يقول عز وجل في كتابه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

لقد جَعَلَ الله عز وجل لكل داءٍ دواءً؛ فقد جاء في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ما أنزل الله داءً إلا أنزل له شفاءً))، وفي مسند الإمام أحمد من حديث أسامة بن شريك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله لم يُنزل داءً إلا أنزل له شفاءً، علِمه من علِمه، وجهِله من جهله))، والداء هنا يشمل داء الروح والبدن والقلب، بخلاف من يحصره في البدن فقط، فيا من أصابته علة أو مرض في بدنه، أبْشِرْ؛ فإن دواءك موجود، ويا من أصابه داء في قلبه من شكٍّ في المسلَّمات أو المتشابهات، أبْشِرْ؛ فإن دواءك موجود، ومن ابتُلِيَ بداء الذنوب أو الكبائر، فإن دواءه موجود.

ومن الكبائر العظيمة التي أخُصُّ الحديث عنها اليوم: القِمَار، وسبب اختيار هذا الموضوع أن بعض المسلمين شبانًا وشيوخًا غرَّهم الشيطان، وسهولة دخول صالات القِمَار، فكان من الواجب تحذيرهم وتحذيرُ كلِّ مسلم من هذه الآفة العظيمة.

القِمَار - أيها الإخوة والأخوات - تاريخه قديم[1]، وقد كان أهل الجاهلية يبلغ بأحدهم الحال إلى المقامرة بأهله وولده، حتى يصير رقيقًا لمن قمَره.

عن ابن عباس رضي الله عنه قال: "الْمَيْسِر: القِمَار، كان الرجل في الجاهلية يخاطر على أهله وماله، فأيهما قمر صاحبه ذهب بأهله وماله".

القِمَار من المحرمات المقطوع بحرمتها في شريعة الإسلام، وأكل المال به أكلٌ له بالباطل، وهو رجس من تزيين الشيطان، وقرين الخمر في القرآن، ومُوقِع للبغضاء والعدوان، وصادٌّ عن الصلاة وذكر الرحمن؛ ودليل تحريمه في القرآن قول ربنا جل وعلا: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [المائدة: 90]؛ قال الرازي: "فكان الرجس: هو العمل الذي يكون قويَّ الدرجة، كاملَ الرتبة في القبح".

قال صاحب تفسير المنار: "والاجتناب هنا أبلغ من الترك؛ لأنه يفيد الترك مع البعد عن المتروك".

ثم علَّق سبحانه وتعالى الفلاح باجتنابه، فإذا كان الفلاح في الاجتناب، فالخيبة والخسران في الارتكاب.

روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من حلف فقال في حلفه: واللات والعزى، فلْيَقُل: لا إله إلا الله، ومن قال لصاحبه: تعالَ أقامرك، فلْيَتَصَّدق)).

ودلالة الحديث على الحرمة واضحة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل مجرد الدعوة إلى القِمَار موجبًا للكفَّارة بالصدقة، فكيف بالمقامرة نفسها؟

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَثَلُ الذي يلعب بالنَّرد ثم يقوم فيصلي، مثل الذي يتوضأ بالقيح ودم الخنزير ثم يقوم فيصلي)).

يعني: الإنسان الذي يُقبِل على القِمَار يجب أن يتصور كأنه يتوضأ بالقيح ودم الخنزير، تشبيه خطير، يعني: إذا أنت لا تتخيل قدارة ونجاسة القِمَار؛ لأن الشيطان زيَّنه في عينيك، جاء الشرع فقبَّحه بأشنع الأوصاف (قيح ودم خنزير).

لا شكَّ - أيها الإخوة والأخوات - أن ما حرمه الله على عباده فيه شرٌّ عظيم، ومفاسد القِمَار كثيرة جدًّا على مستوى الأفراد والمجتمعات، لا يكفي الوقت لسردها، لكن على سبيل الاختصار؛ يقول محمد رشيد رضا رحمه الله: "وإن المقامر لَيُفرِّط في حقوق الوالدين والزوج والولد، حتى يوشك أن يمقته كل أحد"، نعوذ بالله من هذه الحال.

إن أول مفسدة تتحقق من وراء القِمَار العداوةُ والبغضاء: ﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ﴾ [المائدة: 91].

إن من مفاسد القِمَار أنه يشغل المرء عن عباداته خصوصًا الصلاة، فإن كان يقامر بالليل يضيع المغرب والعشاء والفجر، وإن كان يقامر بالنهار يضيع الظهر والعصر؛ ﴿ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ ﴾ [المائدة: 91].

إن من مفاسد القِمَار أنه يشغل قلب العبد بالخسارة إذا خسر الرهان، وبالربح كيف يكون منه ربحٌ آخر.

من مفاسد القِمَار أنه يعوِّد المرء على الكسل والبطالة، ولزوم الراحة والخمول؛ اتِّكالًا على الربح السريع.

ومن مفاسده أيضًا أنه يؤدي إلى تعطيل مصالح الأمة، فهو جهد لا يُضيف إلى ثروة الأمة شيئًا، فالمقامرة مبنية على انتقال الأموال دون أي إضافة إلى الناتج الإجمالي.

ومن شروره أنه يخرب البيوت الآمنة، ويجعل العامر منها خاويًا.

ومن خصائص القِمَار أنه مبنيٌّ على الطمع، فقد يربح المقامر 900,000$، ثم يعزم على أن يربح مليونًا، فإذا به يخسر كل شيء في نفس المجلس، والعياذ بالله.

عباد الله، فِرُّوا إلى الله تعالى من هذا الداء العظيم، اجتنبوه كما أمر بذلك رب العالمين، فإنه أدرى بما يصلح عباده، وإنه سبحانه وتعالى إذا حرَّم شيئًا، حرَّم ثمنه، فلا يجوز الاشتغال ببيعه ولا المساعدة في ذلك؛ لأنك إذا لم تكن تلعب القِمَار مباشرة، فإنك مشارك في هذا الرجس، وما يدريك أنك لو اشتغلت ببيعه اليوم غرَّك الشيطان، أن تلعبه غدًا؟ ﴿ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [المائدة: 90].

كثير من الشباب يأتي من بلده، فيدُلُّه الإخوة للاشتغال في convenience stores أو 7/11، أو غيره من المحلات التي تبيع تذاكر القِمَار والكحول، ويظن هذا الشخص أنه صنع معروفًا، بل صنع شرًّا يلاحقه، حتى يخرج ذلك الشخص من ذلك العمل الحرام؛ ((كل جسد نَبَتَ من سُحْتٍ فالنارُ أولى به))؛ [رواه الطبراني عن أبي بكر].

اللهم عافِنا ولا تبتلِنا.

ومن البلايا افتتاح أكبر أماكن للقمار ببعد أميال قليلة، مفتوح 7 أيام في الأسبوع، 24 ساعة في اليوم، وقد انجرَّ بعض الإخوة للاشتغال فيه، وبعضهم الآخر للعب فيه، ولهم تقنيات سيكولوجية لإبقاء الشخص بالساعات، ثم تتحول هذه السويعات إلى إدمان وحياة ضنك، لا بركة ولا سعادة فيها؛ ولذلك فإن الذي يقول: لا بأس بالتجرِبة، نقول له: لعلها تكون القاضية، إن أكثر المقامرين الذين انساقوا وراء القِمَار، كانت بدايتهم "تجربة"... كانت بدايتهم "رحلة استكشافية"... كانت بدايتهم "رحلة فضولية"، فتحوَّلت إلى رحلة ظلامية، باعوا فيها الغاليَ والنَّفيس، وقد ذكرنا كيف وصل الحال بعرب الجاهلية إلى المقامرة بأهلهم وأولادهم، والعياذ بالله.

وقبل أن أختم، فإني أُنبِّه نفسي وإياكم أن القِمَار له صور عديدة يجب على المسلم أن يتفقَّه في هذا الباب حتى لا يقع فيه، إن القِمَار زاد اليوم عن صوره التقليدية من ألعاب الطاولة وغيرها، إلى أن يصبح في جيبك، إنه في الهواتف، كثير من الألعاب التي يلعبها ابنك قد يكون فيها القِمَار في أعتى صوره، راقبوا تطبيقات أبنائكم، واعلم أن التطبيق الذي يظهر على شكل صورة سيارة في هاتف ابنك، قد يكون تطبيق قمارٍ، راقبوا وتابعوا ووجِّهوا؛ حتى لا يأتيكم القِمَار من حيث لا تشعرون.

لكل داء دواءٌ؛ كلمة نبوية تبعث الأمل والرجاء في قلب كل مبتلًى، فيا من غرَّه الشيطان، وارتكب بعض هذه الآثام، أبْشِرْ، فإن التوبة تغسل ما قبلها.

ويا من ابتُلِيَ بهذا البلاء، اعزِم على تركه، واستعن بالله، وادعُ الله عز وجل دعاء الغريق، وافعل الأسباب من استشارة المختصين؛ لأن بعض الحالات تستدعي علاجًا نفسيًّا، فلا تخجل في طريق التعافي، وإني لأسأل الله عز وجل أن يعافي كل مبتلًى.

اللهم من هذا المنبر نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلا أن تعافي كل من تلبَّس بهذا الداء من المسلمين.

اللهم من تمكَّن منه هذا الداء، فإن عافيتك أوسع من كل داء وعلة.

اللهم بعزتك وجلالك، باعِدْ بيننا وبين هذا البلاء وكل بلاء كما باعدت بين المشرق والمغرب.

اللهم من يشتغل من إخواننا في محلات القِمَار أو أي عمل حرام، فاللهم أبْدِلْه بعمل خير منه، حلال طيب يُدخله على نفسه وعلى أولاده.

ثم اعلموا أن الله أمركم بالصلاةِ والسلامِ على نبيِّه؛ فقال في مُحكَم التنزيل: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].

اللهم صلِّ وسلِّم على نبيِّنا محمدٍ، وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين الذين قضَوا بالحق وبه كانوا يعدِلون: أبي بكرٍ، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن سائر الصحابةِ أجمعين، وعنَّا معهم بجُودِك وكرمِك يا أكرم الأكرمين.

اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، ﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 201].

اللهم إنا نسألُك الإخلاصَ في القول والعمل.

عباد الله: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 90].

فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على آلائه ونعمه يزِدْكم، ﴿ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45]، وأقم الصلاة.

[1] القِمَار حقيقته وأحكامه للدكتور سليمان بن أحمد الملحم، تمَّ اعتماد الكتاب لتحضير الجزء الأول من الخطبة.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 70.89 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 69.17 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.43%)]