من محراب العبادة إلى ميدان المعاملة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         السهر وإضعاف العبودية لله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          مميزات منصات التعلم الإلكترونية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          الهدايات المستنبطة من آية: وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 5 )           »          القدس بين نبوءات اليهود، وعقيدة المسلمين، وفوضى الطائفية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          أنواع الأخلاق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          زمن صنع السفينة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          الدلالات الرمزية والدينية لتسميات العمليات العسكرية الإسرائيلية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          نقض العهود.. وتسليط الأعداء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4938 - عددالزوار : 2028047 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 03-07-2024, 09:32 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,471
الدولة : Egypt
افتراضي من محراب العبادة إلى ميدان المعاملة

خطبة: من محراب العبادة إلى ميدان المعاملة

حسان أحمد العماري

الحمد لله العفوِّ الغفور، الذي لا تنقضي نِعَمُه ولا تُحصى على مَرِّ الدُّهُور، يتوب على من تاب، ويغفر لمن أناب ويجبُر المكسور، نحمَده تبارك وتعالى حَمْدَ القانع الشكور، وأشهد أن لا إله إلا الله جعل الظلمات والنور، خلق سبع سموات طباقًا، ما ترى فيها من تفاوت أو فطور، ولولاه سبحانه ما اهتدينا، وإلى الله ترجع الأمور، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله كامل النور، المرفوع ذكرُه في التوراة والإنجيل والزبور، هو النعمة الْمُسداة، ولو تبِعنا سُنَّته ما اختلطت علينا الأمور، اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد بدرِ البُدُور، وعلى الصحب والآل ومن تبع بإحسان إلى يوم النشور؛ أما بعد:
فأوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل؛ القائل سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران: 102].

أيها المسلمون عباد الله: لقد جَعَلَ الله سبحانه وتعالى التفاضُلَ بين الناس على أساس التقوى، وجَعَلَ التفاضل بين المؤمنين المتقين بالأخلاق ومدى التزامهم بها، وممارستها سلوكًا في الحياة؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((أكْمَلُ المؤمنين إيمانًا أحسنُهم خُلُقًا))؛ [الألباني، السلسلة الصحيحة (284)]، بل رتَّب عليه الصلاة والسلام الجزاءَ الأوفَرَ يومَ القيامة لمن حسُن خُلُقُه؛ فقال: ((إن من أحبِّكم إليَّ وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة، أحاسنَكم أخلاقًا))؛ [رواه البخاري]، والمسلم بدون أخلاق لا ينتفع بعبادة أو عمل صالح، إذا لم يكونا سببًا في تزكية أخلاقه وسلوكه، ومعاملته مع الخَلْقِ مِن حوله.

ولذلك ينطلق المسلم من محراب العبادة والطاعة والمناجاة ومعاملة الخالق سبحانه وتعالى، إلى محراب الحياة وميدانها، ليتعامل مع الخَلْقِ، وهذه سُنَّة الله في خَلْقِهِ؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [الحجرات: 13]، فكان من لوازم معاملة العبد لربِّه، وقيامه بواجباته التعبُّدية، والتزامه بشرعه، أن يُحسِنَ معاملة خَلْقِهِ، فالسلوك الحسن والمعاملة السليمة عنوان على صاحبها، وبرهان على صدق إيمانه، وعمق إسلامه، ومدى تخلُّقه بأخلاق الإسلام، ومبادئه السمحة، ثم إن الغاية المنشودة من العبادات في الإسلام هو تزكية النفس الإنسانية، وتوثيق صلة الإنسان بخالقه، وبالناس من حوله، فالصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، فلا يوجد تعدٍّ ولا ظلم ولا بغي؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ [العنكبوت: 45]، وبالزكاة تَتَرَعْرَعُ الأُلْفَةُ بين القلوب، وينمو الإحسان بين الناس، وتتطهَّرُ النفس؛ قال تعالى: ﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [التوبة: 103]، وبالصوم يتمرَّس الإنسان على الصبر وسائر خِصال التقوى والبِرِّ، وبالحج تتمُّ سائر الفضائل الدينية التي تغرِسها مناسكه في قلب المسلم؛ قال تعالى: ﴿ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ [البقرة: 197]، وكذلك ذِكْر الله وقراءة القرآن والدعاء وغيرها من العبادات تربِط المسلم بخالقه، وتزيد في تقوية إيمانه، وتهذيب سلوكه، وتزكية أخلاقه، وهكذا تُثْمِر العبادات في الإسلام ثمرتها، وتُؤتي أُكُلَها، إذا صدَقَتْ نِيَّةُ صاحبها، وارتوت منها أحاسيسه.

عباد الله: إنَّ الأخلاق ليست سلوكيات مجردة، فرضتها الأعراف والتقاليد، أو فرضها الواقع لحاجته إليها، بل هي عبادة لله في دين الإسلام، يترتب عليها الأجر والمثوبة، والجزاء والحساب، والجنة والنار، بل تعتبر علامة على كمال الإيمان عند الفرد المسلم؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا))؛ [السلسلة الصحيحة للألباني: 284]، وجَعَلَ الإسلام تربيةَ الناس وتزكيتهم على الأخلاق الحسنة، والقِيَمِ العظيمة من مهامِّ الأنبياء والرُّسُلِ، وهدفًا رئيسًا من أهداف الرسالات السماوية؛ قال تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ [الجمعة: 2]، وصحَّ عنه صلى الله عليه وسلم: ((إنما بُعِثْتُ لأتمِّمَ مكارم الأخلاق))؛ [البخاري]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن من أحبكم إليَّ وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة، أحاسنكم أخلاقًا))؛ [السلسلة الصحيحة للألباني: 791]، وبالأخلاق والتزامها سلوكًا في واقع الحياة يدرك المؤمن درجاتٍ عالية في مراتب العبادة؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم: ((إن المؤمن لَيُدْرِك بحُسْنِ خُلُقِهِ درجةَ الصائم القائم))؛ [صححه الألباني رحمه الله، انظر: مشكاة المصابيح: 5028].

أيها المؤمنون، لقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أهميةَ الأخلاق والمعاملة الحسنة في نجاة العباد يوم القيامة؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال صلى الله عليه وسلم: إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا، وسبَّ هذا، وقذف هذا، وأكَلَ مالَ هذا، وسَفَكَ دماء هذا، وضرب هذا، فيُعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فَنِيَت حسناته قبل أن يُقضى ما عليه، أُخِذَ من خطاياهم، فطُرحت عليه ثم طُرح في النار))؛ [رواه مسلم].

لقد رسب هذا المفلس وفشل بسبب المعاملات لا بسبب العبادات، ونال درجة النجاح في امتحان العبادات!

(فيأتي وقد شتم هذا)، وهذه معاملات، (وأكل مال هذا)، وهذه معاملات، (وضرب هذا)، وهذه معاملات، في ختام الحديث: ((يُعطَى هذا من حسناته وهذا من حسناته... ثم طُرح في النار))، إن رسوبه في المعاملات قضى على نجاحه في العبادات، وهذا الرسوب والفشل نهايته النار، والعياذ بالله.

فاللهم اهْدِنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيِّئها لا يصرف عنا سيئها إلا أنت.

قلت ما سمعتم، وأستغفر الله لي ولكم وللمسلمين من كل ذنب، فاستغفروه.

الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، ولي الصالحين، والصلاة والسلام على إمام المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد:
فإن الإسلام الذي يجب أن نفهمه هو عقيدة سليمة، وعبادة صحيحة، وخُلُقٌ قويم، ومعاملة حسنة، سواءً بسواء، ولو كان الدين إيمانًا وعقيدة، وعباداتٍ وطاعات وقربات فحسب، دون اعتبار للمعاملة والسلوك، ما كان لدعوة النبي صلى الله عليه وسلم جاذبية، ولا أثرٌ على الناس، وهم أهل مآرب دنيوية في مجتمع تَحْكُمُه علاقات وتفاعلات ومصالح؛ لذلك يُثني القرآن الكريم عليه بقيمة وفعالية أخلاقه بينهم، وهي سبيل الإقناع والتأثير: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ [آل عمران: 159].

ويوم القيامة تظهر أهمية الأخلاق والمعاملة الحسنة، فتكونان أثقل ما في ميزان المؤمن من أجر وثواب، في ذلك اليوم الذي يحتاج فيه الإنسان إلى حسنة واحدة تكون سببًا لنجاته؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((ما من شيءٍ أثقلَ في ميزان المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق))؛ [الترمذي، قال: حديث حسن صحيح، وذكره الألباني في الصحيحة: 876]، بل ضمِن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكانة عالية في الجنة لأصحاب الأخلاق العظيمة؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((أنا زعيم ببيتٍ في رَبَضِ الجنة لمن ترك الْمِراء وإن كان محقًّا، وبيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحًا، وفي أعلى الجنة لمن حسُن خُلُقه))؛ [السلسلة الصحيحة: 273].

ووصف القرآن المجتمع الإسلاميَّ بالآداب الفاضلة؛ فقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ [الحجرات: 11، 12].

فلْنُحْسِن علاقتنا بربِّنا بطاعته، ولنتعامل بأخلاق ديننا مع الناس من حولنا، ففي ذلك الفلاح في الدنيا والآخرة، ولنحذر من سوء المعاملة؛ فإنها تُفسِد العمل مهما عظُم، اللهم زيِّنَّا بزينة الإيمان، وارزقنا حسن الأخلاق، واجعلنا من عبادك الرحماء، واشملنا برحمتك وبعفوك وبفضلك، ووالدينا وجميع المسلمين، هذا، وصلوا وسلموا على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين، والحمد لله رب العالمين.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 53.27 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 51.59 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.14%)]