أضواء حول سورة "ق" - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1074 - عددالزوار : 127003 )           »          سورة العصر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          عظات من الحر الشديد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          المشي إلى المسجد في الفجر والعشاء ينير للعبد يوم القيامة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          القلب الناطق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          الظلم الصامت (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          من أدب المؤمن عند فوات النعمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          عن شبابه فيما أبلاه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          بلقيس والهدهد وسليمان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          غزة تتضور جوعا.. قصة أقسى حصار وتجويع في التاريخ الحديث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 07-06-2024, 02:46 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,699
الدولة : Egypt
افتراضي أضواء حول سورة "ق"

أضواء حول سورة "ق"

سعد محسن الشمري

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهدِهِ الله، فلا مضلَّ له، ومن يضلل، فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]؛ أما بعد:
فإن أصدقَ الحديث كتابُ الله، وأحسنَ الهَدْيِ هَدْيُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمور مُحْدَثاتُها، وكلَّ مُحْدَثَةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.


عباد الله؛ قد روى مسلم في صحيحه عن أم هشام بنت حارثة رضي الله تعالى عنها قالت: ((ما حفِظتُ "ق"، إلا من في رسول الله صلى الله عليه وسلم، يخطب بها كل جمعة))[1].

وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقرأ بهذه السورة في المجامع الكبار؛ لاشتمالها على ابتداء الخلق، والبعث والنشور، والمعاد والقيام والحساب، والجنة والنار، والثواب والعقاب، والترغيب والترهيب.

ابتدأ الله عز وجل هذه السورة الكريمة بقوله: ﴿ ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ [ق: 1]:
وقاف حرف من الحروف المقطَّعة الهجائية، فيه إشارة إلى مغزى كبير عظيم؛ وهو أن هذا القرآن الذي أعجز العرب مع قوة ألفاظهم وكلامهم، وجزالتها وفصاحتها، لم يأتِ بشيء جديد، بل هذا القرآن أُنزل بالحروف التي يعرفونها، ثم أقسم الله عز وجل بالقرآن المجيد؛ أي: العظيم الكريم، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وجواب القسم: إن هذا القرآن حقٌّ وصدق من عند الله سبحانه، ثم أخبر الله تعالى عن المشركين ومقالاتهم التي فيها إنكار للبعث والنشور، وتكذيب للنبوَّات والرسالات: ﴿ بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ * أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ [ق: 2، 3]:
رَجْعٌ بعيد؛ أي: بعيد الوقوع، فردَّ الله عز وجل عليهم بقوله:
﴿ قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ [ق: 4].

﴿ قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ ﴾ [ق: 4]: عندما تبلى الأجسادُ، وتتفرَّق الأبدان.

﴿ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ ﴾ [ق: 4]: أي: محفوظ من التغيير والتبديل بكل ما يجري عليهم في حياتهم، وبعد مماتهم.

﴿ بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ [ق: 5]؛ أي: فهم في باطل مختلف مضطرب ملتبس.

ثم نبَّه الله سبحانه وتعالى عباده إلى بعض مظاهر قدرته المشاهَدة، التي بها ما هو أعظم مما تعجبوا منه:
﴿ أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ [ق: 6]:
﴿ وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ ﴾ [ق: 6]: أي: ليس لها شقوق وصدوع.

﴿ وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ [ق: 7]:
﴿ وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا ﴾ [ق: 7]: أي: فرشناها، ﴿ وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ ﴾ [ق: 7]: جبال الراسيات، ﴿ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ﴾ [ق: 7]: حسن المنظر من جميع الزروع والثمار والنبات.

﴿ تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ [ق: 8]:
خلقنا ذلك ﴿ تَبْصِرَةً ﴾ [ق: 8]: أي موعظة، ﴿ وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ ﴾ [ق: 8]: يخضع لأمر الله، رجَّاع إلى الله تعالى، يستفيد من هذه الآيات العظيمة.

﴿ وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ [ق: 9]:
﴿ وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا ﴾ [ق: 9]: أي: نافعًا، ﴿ فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ ﴾ [ق: 9]: بساتين، ﴿ وَحَبَّ الْحَصِيدِ ﴾ [ق: 9]: الزرع المحصود الذي يُنتفَع بحَبِّه وادخاره.

﴿ وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ [ق: 10]:
﴿ وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ ﴾ [ق: 10]: طوالًا شاهقاتٍ، ﴿ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ ﴾ [ق: 10]: منضود مُرتَّب.

﴿ رِزْقًا لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ [ق: 11]:
﴿ رِزْقًا لِلْعِبَادِ ﴾ [ق: 11]: ينتفعون من ثمره ورطبه، ومائه وسَعَفِهِ، ﴿ وَأَحْيَيْنَا بِهِ ﴾ [ق: 11]: أي: بهذا الماء، ﴿ بَلْدَةً مَيْتًا ﴾ [ق: 11]، فصارت أرضًا تهتز بالنبات، وهذا من أعظم الأمثلة والمشاهِد للبعث بعد الموت.

ثم ذكَّر الله عز وجل عباده بهلاك الأمم الماضية:
﴿ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ * وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ * وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ [ق: 12 - 14]:
فالمكذِّب لرسول واحد مكذِّب لجميع الرُّسل الكِرام.

ثم ذكر الله عز وجل أن ابتداء الخلق لم يعجز عنه سبحانه، وأن الإعادة أسهل منه:
﴿ أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ [ق: 15]:
﴿ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ ﴾ [ق: 15]: وهو البعث.

ثم أكَّد الله عز وجل خَلْقَهُ للإنسان، وأنه يعلم حاله، ويرى مكانه، ولا يخفى عليه شيء من أمره:
﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ [ق: 16]:
﴿ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ﴾ [ق: 16]: من خيرٍ أو شرٍّ، ﴿ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ ﴾ [ق: 16]: أي: بملائكتنا، ﴿ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ﴾ [ق: 16]: عنده مَلَكَان يكتبان عمل الإنسان، مترصدان عن يمينه، وعن شماله.

﴿ إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ [ق: 17]:
رقيب: حافظ لأقواله وأفعاله، عتيد: حاضر لا يغيب عنه أبدًا، وهذه الآية - عباد الله - فيها إشارة إلى حفظ اللسان، وأن المرء لا ينطق إلا بخير؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فَلْيَقُلْ خيرًا أو ليصمت)).

ثم ذكر الله عز وجل حالة نزول الموت على الإنسان:
﴿ وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ [ق: 19]:
﴿ وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ﴾ [ق: 19]: وسكرة الموت غَمْرَتُهُ وشدته، ﴿ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ ﴾ [ق: 19]: ما كنت منه تكره وتميل، وهنا أولى مراحل الآخرة، يرى الإنسان فيها من أسباب سعادته، أو من أسباب شقوته، وبعدها قيام الساعة:

﴿ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (20) وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ [ق: 20، 21]:
﴿ وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ ﴾ [ق: 21]: يسوقها إلى المحشر، ﴿ وَشَهِيدٌ ﴾ [ق: 21]: يشهد عليها بما عملت.

﴿ لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ [ق: 22]:
﴿ لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا ﴾ [ق: 22]: في لعب ولهو، وها أنت الآن تُبْصِرُه وتراه ببصر قوي، ﴿ فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ﴾ [ق: 22].


ثم أخبر الله عز وجل عن الْمَلَكِ الموكَّل بالإنسان يُقارنه لا يُفارقه:
﴿ وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ [ق: 23]:
حاضر بلا زيادة ولا نقصان، كل ما عمله، فيحكم الله عز وجل بالعدل؛ فيقول:
﴿ أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ * مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ * الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ [ق: 24 - 26]:
ثم ذكر الله عز وجل شيطان الإنسان المقارن له، عندما يتبرأ منه يوم القيامة:
﴿ قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ ﴾ [ق: 27]:
﴿ مَا أَطْغَيْتُهُ ﴾ [ق: 27]: أي: ما أضْلَلْتُه.

فيقول الرب سبحانه:
﴿ قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ [ق: 28]:
على ألسنة الرسل، وقد أُقيمت عليكم حُجَّة الله تعالى.

﴿ مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ [ق: 29]:
لا أعذب أحدًا إلا بذنبه، بعد قيام حُجَّة الله عز وجل عليه.

﴿ يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ [ق: 30]:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((لا تزال جهنم يُلقى فيها وتقول: هل من مزيد؟ حتى يضع ربُّ العزة فيها قَدَمَه، فينزوي بعضها إلى بعض، وتقول: قطُّ قطُّ))[2].

عباد الله، بعد آيات الترهيب ذَكَرَ الله عز وجل آياتِ الترغيب والتشويق، الذي أدنى سبحانه الجنة للمتقين وقرَّبها إليهم:
﴿ هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ * مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ [ق: 32، 33]:
لكل أواب: لكل تائب رجَّاع إلى الله، حفِظ العهد الذي بينه وبين الله تعالى.

﴿ مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ ﴾ [ق: 33]: خاف الله عز وجل في سرِّه، ﴿ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ ﴾ [ق: 33]: خاضع لله سبحانه.

﴿ ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ [ق: 34]:
لا يموتون فيها أبدًا، ولا يتحولون عنها أبدًا.

﴿ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ [ق: 35]:
﴿ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا ﴾ [ق: 35]: من أنواع الكرامة والنعيم، بلا نقص ولا تنغيص، ﴿ وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ﴾ [ق: 35]: وهو النظر إلى وجه الله عز وجل، وهو أنعم النعيم في الجنة، اللهم إنا نسألك لذة النظر إلى وجهك الكريم، من غير ضرَّاءَ مُضِرَّة، ولا فتنة مُضِلَّة.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه من كل ذنب يغفر لكم؛ إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده؛ نبينا محمد، وعلى آله وصحبه؛ أما بعد:
فيا عباد الله، ثم ذكر الله عز وجل ما يدعو إلى الاعتبار والاتعاظ:
﴿ وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ [ق: 36]:
﴿ فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ ﴾ [ق: 36]: أي: أثَّروا فيها وساروا فيها، ﴿ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ ﴾ [ق: 36]: هل لهم من ملجأ أو مفرٍّ، عندما يحل بهم عذاب الله.

﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ [ق: 37]:
﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى ﴾ [ق: 37]: أي: لَعِبْرَةً، ﴿ لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ ﴾ [ق: 37]: يعيه، ﴿ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ﴾ [ق: 37]: بأذنيه وشهده قلبه؛ ثم قال الله تعالى:

﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ [ق: 38]:
﴿ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ ﴾ [ق: 38]: من تعب أو إعياء، وهذا ردٌّ على اليهود عليهم لعائن الله، الذين يقولون: إنه سبحانه خلق السماوات والأرض في ستة أيام، واستراح في اليوم السابع، قبَّحهم الله.

ثم وجَّه نبيه صلى الله عليه وآله وسلم إلى ما فيه خير له ولأمته:
﴿ فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ * وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ [ق: 39، 40]:
﴿ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ ﴾ [ق: 40]: أي: بعد الصلوات.

ثم ختم الله عز وجل السورة الكريمة بتقرير البعث والنشور:
﴿ وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ * يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ * إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ * يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ * نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ [ق: 41 - 45]:

﴿ يَوْمُ الْخُرُوجِ ﴾ [ق: 42]: أي: من القبور والأجداث، ﴿ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ ﴾ [ق: 45]: أي: إنما عليك البلاغ، ﴿ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ ﴾ [ق: 45]: فالذي يتذكر هو من يخاف الله، ويخاف وعيد الله، ويرجو وعد الله، اللهم اجعلنا منهم.

[1] مسلم، (873).

[2] مسلم (2848).





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 65.70 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 64.03 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.55%)]