|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() فوائد الخلافات الزوجية عدنان بن سلمان الدريويش إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهدِهِ الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا. قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، وقال تعالى: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21]؛ أما بعد: فقد شرع الله الزواج كي ينعم الزوجان بالراحة النفسية والجسدية، ولكي ينعما بحياة هادئة وهانئة، تسودها الرحمة والمودة؛ قال تعالى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم: 21]، لكن مع مرور الزمن تحدث بعض الخلافات والمشاكل لأسباب طارئة أو جوهرية، فتصبح الحياة الزوجية بيئةً غير صالحة لبناء الأسرة، ويسودها النكد والملل، والغمُّ والقطيعة بين أفراد الأسرة. يا عباد الله: وعلى الرغم من ظن الكثير بأن المشاكل الزوجية لا يأتي من ورائها إلا الألم والمعاناة للزوجين، والأطفال، والأسرة، ومن في محيطها، وأن المتضرر الأول هما الطرفان: الزوج والزوجة - لكن الواقع يشير إلى غير ذلك، فالواقع يقول: إن هذه الخلافات والمشاكل إذا حُلَّت بما يُرضي الزوجين وفي مصلحتهما، خاصة في المشاكل الروتينية تتحول حياتهما بعدها إلى أوقات جميلة، وأيام سعيدة. تقول فتاة: أنا متزوجة منذ خمس سنوات، وما زلت أشعر أني عروس جديدة، بداية زواجي تعذبت كثيرًا، وعِشْتُ مع زوجي مأساةً حقيقيةً بسبب أسلوبه السيئ معي، سواء كان ذلك، ونحن وحدنا أو أمام أهله، كنت كل ليلة أنام، وأنا أتمنى الطلاق والفراق، حتى جاء ذلك اليوم الذي نصحتني أختي بأن أكون دائمًا مبتسمةً ومبسوطةً أمام زوجي؛ لأن هموم الدنيا كثيرة، وطلبت مني التواصل مع مستشار أو مستشارة متخصصة، وقد فادتني - ولله الحمد - هذه النصيحة عندما طبقتها؛ مما جعل حياتي تتحول مع زوجي إلى سعادة، وأكثر شيء ندمت عليه أني ضيعت أيامًا كثيرةً من حياتي في الزعل، وسوء الفهم والتعامل مع زوجي، ولم أستمتع فيها، الآن - والحمد لله - حياتنا عسل، وأحب زوجي كثيرًا. يا عباد الله: إن بعد كل محنة منحةً، وبعد كل ألم أملًا، إذا استطعنا بتوفيق الله التأقلم مع المشكلة أو حلها أو التعامل معها بهدوء، وإليكم بعض الفوائد التي يجنيها الزوجان بعد حلِّ كل خلاف يكون بينهما: • يتعرف الزوجان – بعد المشكلة - على مدى حاجتهما لشريك حياته؛ ومن ثَمَّ تجديد الحب بينهما. • يكتسب الزوجان فرصة لمراجعة كل منهما لأخطائه تجاه الآخر. • ومنها - يا عباد الله - أن الخلافات الزوجية تساعد على اكتشاف شخصية الآخر، ومدى تحمله، وصبره على شريك حياته للاستمرار في معارك الحياة معًا، بحلوِّها ومُرِّها، وفهمها، وزيادة الوعي بأهمية الزواج. • ومنها: فهم نفسية الطرف الآخر، ومعرفة ما يزعجه وما يفرحه، وكذلك علاج المشكلات القديمة التي لا تزال موجودةً في قلب كل منهما، فيتم تنظيفها. • ومنها: أن الخلافات الزوجية فرصة لتصحيح العلاقة، وتبادل الهدايا، ووضع شروط جديدة للعلاقة الزوجية، والوصول للرضا النفسي، والراحة والاستقرار بعد علاج المشكلة. • ومنها: وجود حوار داخلي مع النفس عن شريك الحياة، يساعد على فهم الطرف الآخر، ومعرفة خفايا نفسيته. نفعني الله وإياكم بهدي نبيه وبسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، ولسائر المسلمين والمسلمات، من كل خطيئة وإثم، فاستغفروه وتوبوا إليه، إن ربي لغفور رحيم. الخطبة الثانية الحمد لله، خلق فسوَّى، وقدَّر فهدى، وصلى الله وسلم على نبي الرحمة والهدى، وعلى آله وصحبه ومن اقتفى؛ قال الله تعالى: ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الحشر: 7]؛ أما بعد:فيحتاج الإنسان بين فترة وأخرى لتقييم علاقته بشريك حياته، وتصحيح المسار، وهذا يحدث وقت الخلاف، وبعد علاج المشكلة. • ومن فوائد الخلافات الزوجية: تدريب النفس على التكيف مع الآخر، وأن ليس كل التوقعات والأماني نستطيع تحقيقها بالحياة. • ومنها: زيادة الخبرة والتجربة في التعامل مع المشاكل، فتستثمر هذه الخبرة في إدارة الحياة الأسرية وتعليم الآخرين، وكذلك الوقاية من حدوث نفس المشكلة في المستقبل، ومعرفة كيفية تفاديها. • يا عباد الله، ومنها: تقارب الأهداف الزوجية؛ لأنه عند حدوث المشكلة، فإن كل زوج يتحدث بما في نفسه، ويظهر رغباته واحتياجاته، فيحدث التقارب بين الطرفين. • ومنها: اكتساب مهارات أخلاقية وسلوكية؛ مثل: العفو والتسامح، وضبط النفس، والتحكم بالغضب، فالحياة الزوجية بمشاكلها دورة تدريبية في تنمية المهارات والقدرات. • ومنها: تعلم المصارحة، وحسن الحوار بين الطرفين، فالمصارحة تساهم في سرعة علاج المشكلة، وحسن الحوار يساعد في تصغير المشكلة الكبيرة. • ومنها: تكفير الذنوب؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((ما يصيب المسلم من نَصَبٍ ولا وَصَبٍ، ولا همٍّ ولا حَزَنٍ، ولا أذًى ولا غمٍّ، حتى الشوكةُ يشاكها، إلا كفَّر الله بها من خطاياه))؛ [أخرجه البخاري]، ومضاعفة الأجر؛ كما قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: ((من يُرِدِ الله به خيرًا يُصِبْ منه))؛ أي: يبتليه فيعطيه الأجر. • ومنها: أن صاحب المصيبة يرى نِعَمَ الله فيشكره عليها، ويتعرف على حقيقة الدنيا، وأنه لا توجد راحة إلا بالجنة. يا عباد الله: احرصوا على حل مشاكلكم بهدوء، وبما يرضي الله ويرضيكم، وبما فيه مصالح الجميع، استشِرِ المتخصص حتى يساعدك، وتذكر أن العِبرة ليست بخلوِّ الحياة من المشاكل، وإنما بالتعاطي معها، لا تجزع ولا تبتئس، وتذكر رياحين السعادة عندما تستطيع القضاء على المشكلة في الدنيا، ورياحين الجنة في الآخرة عندما تصبر وتحتسب. هذا، وصلوا وسلموا - عباد الله - على نبيكم؛ استجابة لأمر ربكم: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]، اللهم صلِّ وسلم على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم. اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأعْلِ بفضلك كلمة الحق والدين، اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، وأيِّد بالحق إمامنا ووليَّ أمرنا خادم الحرمين الشريفين، اللهم وفِّقه لِما تحب وترضى، وخُذْ بناصيته للبر والتقوى، اللهم وفِّقه ووليَّ عهده إلى ما فيه صلاح البلاد والعباد، وإلى ما فيه الخير للإسلام والمسلمين، اللهم ارزقهما البطانة الصالحة، يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام، يا ذا الطَّول والإنعام، اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان، واحقِنْ دماءهم، يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام. اللهم احفظ على هذه البلاد عقيدتها، وقيادتها، وأمنها، ورخاءها واستقرارها، وسائر بلاد المسلمين، اللهم اجعلها دائمًا حائزة على الخيرات والبركات، سالمة من الشرور والآفات، اللهم اصرف عنا شر الأشرار، وكيد الفجار، وشر طوارق الليل والنهار، رُدَّ عنا كيد الكائدين، وعدوان المعتدين، ومكر الماكرين، وحقد الحاقدين، وحسد الحاسدين، حسبنا الله ونعم الوكيل. اللهم أبْرِمْ لأمة الإسلام أمرًا رشدًا، يُعَزُّ فيه أهل طاعتك، ويُهدى فيه أهل معصيتك، ويُؤمر فيه بالمعروف، ويُنهى فيه عن المنكر، يا سميع الدعاء. اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، وألِّف ذات بينهم، وأصلح قلوبهم وأعمالهم، واجمعهم يا حي يا قيوم على العطاء والسنة، يا ذا العطاء والفضل والمنة. اللهم انصر جنودنا، ورجال أمننا، المرابطين على ثغورنا وحدودنا، اللهم تقبل شهداءهم، اللهم اشفِ مرضاهم، وعافِ جرحاهم، وردَّهم سالمين غانمين. ﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 201]، ﴿ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [البقرة: 127]، ﴿ وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ [البقرة: 128]، واغفر لنا ولوالدينا ووالديهم، والمسلمين والمسلمات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات، ﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الصافات: 180 - 182].
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |