تواضع ليرفعك الله - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         علاج جفاف المهبل: حلول طبيّة وطبيعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          الوقاية من القمل في المدارس: دليل شامل للأهل والمعلم! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          الوقاية من التهاب الكبد: 9 خطوات بسيطة لصحة أفضل! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          الوقاية من الجلطات: دليلك الشامل لصحة أفضل! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          التأمل: دليل للمبتدئين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1146 - عددالزوار : 130283 )           »          الصلاة مع المنفرد جماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          الاكتفاء بقراءة سورة الإخلاص (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          أصول العقيدة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          الإسلام يبيح مؤاكلة أهل الكتاب ومصاهرتهم وحمايتهم من أي اعتداء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 06-11-2023, 07:31 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,824
الدولة : Egypt
افتراضي تواضع ليرفعك الله

تواضع ليرفعك الله
يحيى بن حسن حترش



الخطبة الأولى
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.


﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102 ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]، أما بعد:
فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.


أيها المسلمون عباد الله، لقد جرت سنة الله في كثير من أوامره لعباده أن من فعلها وأقامها؛ فإنه يؤتى يوم القيامة ويجازى بخير منها، وجرت سنته في كثير من نواهيه لعباده أن من ارتكبها، وفعلها؛ فإنه يُجازى يوم القيامة بفقدها، أو بضدها، ولا يظلم ربك أحدًا، ومن جملة المنهيات التي توعد الله من فعلها أنه يقابل بضدها معصية الكبر- عياذ بالله - فقد أخبر النبي عليه الصلاة والسلام «أن المتكبرين في هذه الدنيا الذين كانوا يتكبرون ويترفعون على عباد الله؛ أنهم يُحشرون يوم القيامة كأمثال الذر يطؤهم الناس بأقدامهم، جزاءً وفاقًا، ولا يظلم ربك أحدًا»[1].

نعم - أيها الناس - من سولَت له نفسه أن يتكبر، ويترفع، ويحتقر الناس؛ فإن هذا جزاؤه.

من أُعجب بنفسه، ورأى نفسه أنه فوق الآخرين، وصار ينتقص من هذا، ويحتقر هذا، ويسخر من نسب هذا؛ فإن موعده يوم القيامة أن يصير إنسانًا بصورة ذرة تداس على الأقدام، والجزاء من جنس العمل.
وبمقابل ذلك فقد أخبرنا نبينا عليه الصلاة والسلام «أنه ما تواضع أحد لله إلا رفعه الله»[2].

وهذا هو موضوع حديثنا في هذا اليوم المبارك، وفي هذه الساعة المباركة.

وهي رسالة إلى كل من يبحث عن السعادة، والكرامة، والألفة، والمحبة، ولكنه أخطأ طريقها، هي رسالة لكل من يظن أن محبة الناس وتوقير الناس ومهابة الناس له، هي بالترفع عليهم، والهنجمة أمامهم، هذا الموضوع هو رسالة لكل من أراد أن يكون إنسانًا ناجحًا في حياته، محبوبًا عند الله، وعند خلقه، وعند أهله، وجيرانه.

هذا الموضوع لكل من أراد أن يعيش أسوة محمد - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - فقد علم البشرية حقيقة التواضع، وحقيقة هذه الدنيا، وعرف الإنسان قدر نفسه كما ستطرب أسماعكم، وتنشرح صدوركم؛ بعرض قمة تواضعه عليه الصلاة والسلام.

فقد كان خير العالمين، وسيد الأولين والآخرين إمام المتواضعين، كان يقضي الحوائج، ويفرج الكروب، ويعلم الجاهل، ويطعم الجائع، ويسلم على الصبي، ويمسح على رأس اليتيم، ويدخل السرور على أصحابه، ويكرم من دخل عليه وربما بسط له ثوبه، وآثره بوسادته، يجيب الدعوة، يقبل الهدية، يجالس الفقراء، والمساكين، ويقول - كما في الحديث الصحيح -: «اللهم أحيني مسكينًا، واحشرني في زمرة المساكين!»[3].

كان أعظم الناس تواضعًا، لا تغلق دونه الأبواب، ولا يقوم معه الحُجَّاب، فاسمع إلى ما رواه ابن حبان في صحيحه رحمه الله عن عدي بن حاتم رضي الله عنه أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجده، وقد طوق الأرض هربًا، حتى وضع يده في يده، وفي ذهنه وتصوره أنه عليه الصلاة والسلام إما ملِك، وإما نبي، قال فانطلق بي فوالله إنه لعامد بي بيته، إذ استوقفته امرأة، كبيرة ضعيفة، ومعها ابنها، فوقف لها طويلًا وهي تكلمه في حاجتها، قال فقلت في نفسي: والله ما هذا بملك، قال: ثم أخذ بيدي، وانطلق بي إلى بيته وقال: «اجلس»، وألقى عليَّ وسادة محشوة بليف، وقال: «خذها واجلس عليها»، قال: فجلست عليها وهو على الأرض فقلت في نفسي: والله ما هذا بملك!

وفي تواضع النبوة دعاه إلى الإسلام، وقال له: «أسلم يا عدي، أسلم يا عدي، لعله إنما يمنعك من الدخول في هذا الدين ما ترى من حاجة أهله؟ وايم الله، ليوشكن أن يفيض المال بأيديهم حتى لا يوجد من يأخذه، لعله إنما يمنعك ما ترى من قلة عدد المسلمين، وكثرة عدوهم، وايم الله، لئن طالت بك حياة لترين الظعينة تخرج من الحيرة إلى بيت الله الحرام لا تخشى إلا الله، لعله إنما يمنعك ما ترى من أن الملك لغيرهم؟ وايم الله، لئن طالت بك حياة لترين قصور كسرى قد فُتحت وأنفقت كنوزها في سبيل الله».


فما كان من عدي بعد أن سمع هذه الحياة المتفائلة والمبشرة إلا أن شهد الشهادتين، ورأى بأم عينيه ما أخبر به النبي عليه الصلاة والسلام، وأقسم ليرين ما لم ير بعد؛ إيمانًا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ولسان حاله:

أوليتني كرما وخُلقا رائعًا
أوليتني كرمًا وفضلًا زائدَا

وبررتنــي حتـــى نسيــت الوالــدا

الله أكبر! إنه التواضع.

تواضع تكن كالنجم لاح لناظرٍ
على صفحات الماء وهو رفيع
ولا تكُ كالدخان يعلو بنفسه
على طبقات الجو وهو وضيع


صلى الله على رسولنا، وقدوتنا وعلى آله وسلم تسليمًا كثيرًا، اختار أن يكون عبدًا رسولًا عن أن يكون ملكًا نبيًّا، ولعظم تواضعه نهى عن إطرائه، ورفعه فوق منزلته، فقال - كما في الحديث الصحيح الذي صححه الألباني رحمه الله -: «لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد؛ فقولوا: عبد الله ورسوله، ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله إياها، ولما قال له رجل: يا خير البرية! قال: ذاك إبراهيم!»[4].

إن بعض الناس إذا لم تناده بكنيته، أو بمشيخته ولقبه، انتفخت أوداجه، واحمرَّ وجهه، لماذا؟ لأنك ما ناديته باللقب الذي قد ألِفه، وتعود عليه.

هكذا كان تواضعه عليه الصلاة والسلام تراه بين أصحابه دون أن يتميز عليهم، حتى إن الداخل لا يعرفه، ولا يميزه من بين أصحابه.

روى البخاري رحمه الله أن أعرابيًّا دخل المسجد والرسول عليه الصلاة والسلام بين أصحابه، فقال: أيكم محمد؟ لم يعرفه، ولم يميزه من بين أصحابه؛ لعظم تواضعه عليه الصلاة والسلام [5]!

وروى مسلم رحمه الله عن أنس رضي الله عنه أن امرأة كان في عقلها شيء؛ فقالت: يا رسول الله، إن لي إليك حاجة. فقال لها النبي عليه الصلاة والسلام مكرمًا، ومكنِّيًا: «يا أم فلان، انظري أيَّ السكك شئت أقضي لك حاجتك، فخلا معها في بعض الطرق حتى فرغت من حاجتها» [6].

وروى الإمام مسلم رحمه الله عن أنس رضي الله عنه قال: «إن كانت الأمة من إماء المدينة لتأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث شاءت»[7].

سبحان الله! خلق عظيم، زكاه العلي العظيم، وإنك لعلى خلق عظيم!

كان بشرًا من البشر، يُخيط ثوبه، ويخصف نعله، ويخدم نفسه، ويحلب شاته، ويحلب دابته، ويخدم أهله، نعم كان يخدم أهله عليه الصلاة والسلام ويقوم بخدمة أهله.

فليس عيبًا عليك أيها الزوج أن تقف مع زوجتك في مطبخها تعاونها، ليس نقصًا في حقك أن تكنس بيتك مع زوجتك لتخفف عنها، فها هو النبي صلى الله عليه وسلم كان يخدم أهله، ويخفف عنهم.

وجيء له مرة بتمر - كما في الحديث الذي صححه الألباني رحمه الله - ففتشه، ثم أخرج السوس منه، ثم أكله، سبحان الله! ما أهنأ هذه الحياة! ما أهنأ هذه الحياة، وما أسعدها! وما أجمل أن تهين الدنيا وتعرف قدرها وحقارتها، لتهنأ بها.

يقول الحسن البصري رحمه الله: «أهينوا الدنيا، فو الله لأهنأ ما تكون إذا أهنتها»[8].

لم يكن للنبي عليه الصلاة والسلامفرش وثيرة، أو مجالس زاهية، وربما نام على الحصير فأثر في جنبه صلى الله عليه وسلم؛ دخل عليه عمر يومًا وقد نام على حصير فأثَّر في جنبه، فهملت عيناه رضي الله عنه وجثا على ركبتيه، وقال: صفوة الله من خلقه فيما أرى، وفارس والروم يعبثون بالدنيا، ادعُ الله يا رسول الله، ادع الله يا رسول الله، فاحمرَّ وجهه عليه الصلاة والسلام وقال: أو في شك أنت يا بن الخطاب؟! أولئك قوم عجِّلت لهم طيباتهم، أما ترضى يا عمر أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة؟ ﴿ وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ ﴾ [الأحقاف: 20][9].

وها هو ابن مسعود رضي الله عنه يقول: «كنا يوم بدر كلَّ ثلاثة على بعير لقلة الظهر، وكان أبو لبابة، وعلي زميلي رسول الله صلى الله عليه وسلم على دابته»[10].

وتأمل ثم تأمل لماذا لم يُفرد رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه براحلة مستقلة، بل جعل نفسه كبقية أفراد جيشه؟ لماذا لم يجعل له حراسة مشددة، ومرافقين من أمامه ومن خلفه؟ لماذا؟ ليعلمنا أن الكمال ليس في الترفع، والتعالي على الناس، ليعلمنا:

إن كريم الأصل كالغصن كلما
تحمَّل من خير تواضع وانحنى




وروى ابن ماجه، وصححه الألباني رحمهما الله عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رجلًا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأصابته من هيبته رعدة؛ فقال صلى الله عليه وسلم: «هوِّن عليك؛ إني لست بملك، إنما أنا ابن امرأة من قريش تأكل القديد!» [11].

فهل رأيت مثله يا ذا الحجا
لزينة الدنيا ومحو للدجى




إنه الخلق العظيم الذي زكاه العلي العظيم، ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4]، علمنا حبيبنا - عليه الصلاة والسلام- أن العظمة والهيبة، ليست في استغلال الناس وإرعابهم، ولا بالترفع على المساكين واحتقارهم، إنما أنا ابن امرأة من قريش تأكل القديد.

أكرم به من مرسل ومعلمٍ
وله الشفاعة يوم نحشر في الورى
فتح الإله به قلوبا غلِّقَت
وأنار أبصارًا وكانت لا ترى


والله لو عرفت قدر نفسك يا عبد الله ما تكبرت، ولو عرفت يا عبد الله من أنت؟ وممَّ أنت؟ ومن أين خرجت؟ وما الذي تحمله الآن في بطنك؟ ما تكبرت!
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 94.99 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 93.27 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.81%)]