أَدَبُ الْمُعَلِّمِ وَالْمُتَعَلِّمِ - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         مرصد الأحداث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          معركة ملاذ كرد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          الشوق للجنة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          المُتشابه اللَّفظي فـي القرآن الكريم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          جعفر شيخ إدريس: فيلسوف العلماء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          تحريم إبرام اليمين وتوكيدها ممن يَعلم عجزَه أو كذبه فيها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          تخريج حديث: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذهب أبعد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          «عون الرحمن في تفسير القرآن» ------متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 479 - عددالزوار : 164056 )           »          من محاسن الدين الإسلامي وجود بدائل لكل عمل صالح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3 - عددالزوار : 1099 )           »          وقفات إيمانية وتربوية حول اسم الله العفو جل جلاله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 07-10-2023, 09:09 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,635
الدولة : Egypt
افتراضي أَدَبُ الْمُعَلِّمِ وَالْمُتَعَلِّمِ

خطبة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية

– أَدَبُ الْمُعَلِّمِ وَالْمُتَعَلِّمِ

الفرقان


  • الْمُعَلِّمُ النَّاجِحُ هُوَ ذَاكَ الَّذِي يَكُونُ مُخْلِصًا فِي تَعْلِيمِهِ صَادِقًا فِي تَوْجِيهِهِ عَادِلًا مَعَ تَلَامِيذِهِ فِي الْمَنْعِ وَالْعَطَاءِ قُدْوَةً لَهُمْ مُتَخَلِّقًا بِأَخْلَاقِ الْعُلَمَاءِ مُتَنَزِّهًا عَنِ الطَّمَعِ وَالْإِلْحَافِ بَعِيدًا عَنِ التَّبَذُّلِ وَالْإِسْفَافِ
  • عَلَى أَوْلِيَاءِ الْأُمُورِ أَنْ يُوَجِّهُوا أَوْلَادَهُمْ إِلَى حُسْنِ الطَّلَبِ وَالْأَدَبِ وَأَنْ يُشَجِّعُوهُمْ عَلَى التَّفَوُّقِ وَالرِّيَادَةِ وَالنَّجَاحِ وَنَفْعِ أَنْفُسِهِمْ وَدِيـنِهِمْ وَأُمَّتِـهِمْ لِلْوُصُولِ إِلَى غَايَةِ الظَّفَرِ وَالْفَلَاحِ
  • حَرِيٌّ بِطَالِبِ الْعِلْمِ أَنْ يَلْتَزِمَ مَعَ مُعَلِّمِهِ الْأَدَبَ الْجَمَّ وَالْخُلُقَ الْأَكْرَمَ إِذْ حَقُّ الْمُعَلِّمِ عَلَيْهِ كَبِيرٌ وَخَيْرُهُ الَّذِي يَبْذُلُهُ لَهُ وَيُسْدِيهِ إِلَيْهِ كَثِيرٌ
إِنَّ لِلْعِلْمِ مَكَانَةً عَالِيَةً مُنِيفَةً، وَمَنْزِلَةً سَامِيَـةً شَرِيفَةً؛ فَفَضْلُهُ الْفَضْلُ الَّذِي لَا يُبَارَى، وَشَرَفُهُ الشَّرَفُ الَّذِي لَا يُجَارَى، فَهُوَ مِيرَاثُ الْأَنْبِيَاءِ، وَحِلْيَةُ الْأَوْلِيَاءِ، وَزِينَةُ الْمُتَّقِينَ، وَبَهَاءُ الْعَابِدِينَ، وَعُدَّةُ الْغَيَارَى، وَدَلِيلُ الْحَيَارَى؛ لِأَنَّهُ حَيَاةُ الْقُلُوبِ مِنَ الْجَهْلِ، وَمَصَابِيحُ الْأَبْصَارِ مِنَ الظُّلَمِ، يَبْلُغُ الْعَبْدُ بِهِ مَنَازِلَ الْأَخْيَارِ وَالدَّرَجَاتِ الْعُلَى فِي الدُّنْيَا وَفِي دَارِ الْقَرَارِ، وَالتَّفَكُّرُ فِيهِ يَعْدِلُ الصِّيَامَ، وَمُدَارَسَتُهُ تَعْدِلُ الْقِيَامَ، بِهِ تُوصَلُ الْأَرْحَامُ، وَبِهِ يُعْرَفُ الْحَلَالُ مِنَ الْحَرَامِ، يُلْهَمُهُ السُّعَدَاءُ، وَيُحْرَمُهُ الْأَشْقِيَاءُ؛ قَالَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} (المجادلة:11). وَلَمْ يَأْمُرِ اللهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ - صلى الله عليه وسلم - بِالِاسْتِزَادَةِ مِنْ شَيْءٍ كَمَا أَمَرَهُ بِالِاسْتِزَادَةِ مِنَ الْعِلْمِ؛ فَقَالَ لَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} (طه:114)، وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِمَا لِلْعِلْمِ مِنْ أَثَرٍ عَظِيمٍ فِي حَيَاةِ الْبَشَرِ؛ فَأَهْلُ الْعِلْمِ هُمُ الْأَحْيَاءُ أَبَدَ الدَّهْرِ، وَسَائِرُ النَّاسِ أَمْوَاتٌ مَا دَامُوا بِلَا أَثَرٍ.
وَبِالْعِلْمِ ارْتَقَتْ أُمَمٌ، وَسَادَتْ قِيَمٌ، وَبُنِيَتْ أَمْجَادٌ وَصِنَاعَاتٌ، وَشُيِّدَتْ مَمَالِكُ وَحَضَارَاتٌ، فَأَوَّلُهُ سُمُوٌّ وَسُؤْدُدٌ وَعَنِ الْجَهْلِ جُنَّةٌ، وَآخِرُهُ يَسْلُكُ اللهُ بِهِ صَاحِبَهُ إِلَى الْجَنَّةِ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا؛ سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ» (رَوَاهُ مُسْلِمٌ).
وَيَكْفِي الْعِلْمَ فَخْرًا وَمَنْزِلَةً: أَنَّهُ يَدَّعِيهِ مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ، وَأَنَّ عِلْمَ الْمَرْءِ خَيْرٌ مِنْ مَالِهِ؛ قَالَ عَلِيٌّ - رضي الله عنه -: «الْعِلْمُ خَيْرٌ مِنَ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ تَحْرُسُهُ، وَالْعِلْمَ يَحْرُسُكَ، وَالْمَالَ تُفْنِيهِ النَّفَقَةُ، وَالْعِلْمَ يَزْكُو عَلَى الْإِنْفَاقِ، وَالْعِلْمَ حَاكِمٌ وَالْمَالَ مَحْكُومٌ عَلَيْهِ، مَاتَ خُزَّانُ الْمَالِ وَهُمْ أَحْيَاءٌ، وَالْعُلَمَاءُ بَاقُونَ مَا بَقِيَ الدَّهْرُ؛ أَعْيَانُهُمْ مَفْقُودَةٌ، وَآثَارُهُمْ فِي الْقُلُوبِ مَوْجُودَةٌ». وَقَالَ عَبْدُ الْـمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ -رَحِمَهُ اللهُ- لِبَنِيهِ: «يَا بَنِيَّ تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ؛ فَإِنْ كُنْتُمْ سَادَةً فُقْتُمْ، وإِنْ كُنْتُمْ وَسَطاً سُدْتُمْ، وإِنْ كُنْتُمْ سُوقَةً عِشْتُمْ».
أُمَّةَ الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ
وَإِذَا كَانَ فَضْلُ الْعِلْمِ هَكَذَا، يُشَارُ إِلَيْهِ وَيُذْكَرُ؛ فَإِنَّ فَضْلَ أَهْلِهِ عَظِيمٌ لَا يُنْـكَرُ، وَأَثَرَهُ فِي النَّاسِ كَبِيرٌ لَا يَكَادُ يُحْصَرُ؛ فَالْعُلَمَاءُ هُمْ مَصَابِيحُ الدُّجَى، وَالْأَدِلَّاءُ عَلَى الْهُدَى، فَقَدْ قَرَنَ اللهُ شَهَادَةَ مَلَائِكَتِهِ وَأُولِي الْعِلْمِ بِشَهَادَتِهِ؛ فَقَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ} (آل عمران:18) وَهَذِهِ خُصُوصِيَّةٌ عَظِيمَةٌ لِلْعُلَمَاءِ فِي هَذَا الْمَقَامِ، لَا تُدَانِيهَا خُصُوصِيَّةٌ لِأَحَدٍ مِنَ الْأَنَامِ. وَهُمْ أَهْلُ خَشْيَةِ اللهِ وَمَخَافَتِهِ، وَأَرْبَابُ تَعْظِيمِهِ وَمُرَاقَبَتِهِ؛ {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} (فاطر:28)، وَالْخَشْيَةُ: هِيَ خُلَاصَةُ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ، وَالْمُرَاقَبَةُ: هِيَ نِهَايَةُ التَّبْجِيلِ وَالْعِرْفَانِ. وَمِمَّا يَزِيدُهُمْ فَضْلًا وَرِفْعَةً: أَنَّ كُلَّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُونَ لَهُمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ; وَلِمَ لَا وَهُمْ وُرَّاثُ النَّبِيِّـينَ، وَطُلَّابُ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ?! فَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقًا مِنْ طُرُقِ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ الْعِلْمِ، وَإِنَّ الْعَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ، وَالْحِيتَانُ فِي جَوْفِ الْمَاءِ، وَإِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ، وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ، وَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا، وَرَّثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ» (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ)، وَعِنْدَ التِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرَضِينَ، حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا، وَحَتَّى الْحُوتَ- لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ».
عَلَى الْمُعَلِّمِ أَنْ يُقَدِّرَ شَرَفَ الْعِلْمِ وَمَنْزِلَتَهُ
وَإِذَا كَانَ الْعِلْمُ بِذَاكَ الشَّرَفِ الْمُنِيفِ، وَإِذَا كَانَ أَهْلُهُ بِهَذَا الْمَوْضِعِ الشَّرِيفِ، فَإِنَّ عَلَى الْمُعَلِّمِ: أَنْ يُقَدِّرَ شَرَفَ الْعِلْمِ وَمَنْزِلَتَهُ، وَأَنْ يَحْفَظَ لَهُ قَدْرَهُ وَمَكَانَتَهُ، وَأَنْ يَقْصِدَ بِتَعْلِيمِهِ نَفْعَ النَّاسِ وَرَفْعَ الْجَهْلِ عَنْهُمْ، وَيَتَّبِــعَ هَدْيَ النَّبِيِّـينَ وَأَهْلِ الْعِلْمِ الرَّبَّانِيِّينَ فِي تَبْلِيغِهِ لَهُمْ، فَمَا عُظِّمَ الْعِلْمُ بِمِثْلِ تَعْظِيمِ حَمَلَتِهِ لَهُ، وَبَذْلِهِ لِطَالِبِيهِ مِنْ أَهْلِهِ، مَعَ الْعِنَايَةِ بِالْعَمَلِ بِهِ، وَالتَّرَفُّعِ عَنِ النَّقَائِصِ وَالتَّأَدُّبِ بِأَدَبِهِ؛ لِيُؤْتِيَ ثِمَارَهُ لِحَامِلِهِ وَلِلنَّاسِ يَانِعَةً، وَيَبْنِيَ شَخْصِيَّةً مُسْلِمَةً مُؤَثِّرَةً نَافِعَةً؛ إِذِ الْعَمَلُ بِالْعِلْمِ هُوَ ثَمَرَتُهُ الْمَرْجُوَّةُ وَغَايَتُهُ الْمَأْمُولَةُ؛ قَالَ عَلِيٌّ - رضي الله عنه -: «هَتَفَ الْعِلْمُ بِالْعَمَلِ، فَإِنْ أَجَابَهُ، وَإِلَّا ارْتَحَلَ».
الْمُعَلِّمُ النَّاجِحُ الَّذِي يَكُونُ مُخْلِصًا فِي تَعْلِيمِهِ
وَالْمُعَلِّمُ النَّاجِحُ هُوَ ذَاكَ الَّذِي يَكُونُ مُخْلِصًا فِي تَعْلِيمِهِ، صَادِقًا فِي تَوْجِيهِهِ، عَادِلًا مَعَ تَلَامِيذِهِ فِي الْمَنْعِ وَالْعَطَاءِ، قُدْوَةً لَهُمْ مُتَخَلِّقًا بِأَخْلَاقِ الْعُلَمَاءِ، مُتَنَزِّهًا عَنِ الطَّمَعِ وَالْإِلْحَافِ، بَعِيدًا عَنِ التَّبَذُّلِ وَالْإِسْفَافِ، يَبْنِي النُّفُوسَ وَالْعُقُولَ مَعًا، وَكُلَّمَا صَانَ الْمُعَلِّمُ الْعِلْمَ عَظُمَ فِي أَعْيُنِ النَّاسِ، وَكَثُرَ الرَّاغِبُونَ، وَكُلَّمَا تَبَذَّلَ بِهِ هَانَ فِي أَعْيُنِهِمْ وَازْدَادَ الْمُعْرِضُونَ، وَلِلَّهِ دَرُّ الْقَائِلِ:
وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ صَانُوهُ صَانَهُمْ
وَلَوْ عَظَّمُوهُ فِي النُّفُوسِ لَعُظِّمَا
وَلَكِـنْ أَذَلُّـــوهُ فَــهَانَ وَدَنَّسُـوا
مُحَيَّاهُ بِالْأَطْمَاعِ حَتَّى تَجَهَّمَـــا
وَلْيَـكُنْ رَحِيمًا رَفِيقًا بِمَنْ يُعَلِّمُهُمْ غَيْرَ مُحَقِّرٍ، صَبُورًا غَيْرَ مَلُولٍ وَلَا مُتَضَجِّرٍ، مُتَوَاضِعًا لَهُمْ مُشْفِقًا عَلَيْهِمْ، يَعُدُّ نَفْسَهُ بِمَنْزِلَةِ الْوَالِدِ الشَّفُوقِ؛ لِأَنَّهُ مَثَلُهُمُ الْأَعْلَى مِثْلَمَا يَرَوْنَهُ، وَنِبْرَاسُهُمْ لِلْعُلَا كَمَا يَرُومُونَهُ، فَأَنْتَ -أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ- الَّذِي تُرَبِّي النُّفُوسَ وَتَصْنَعُ الْأَبْطَالَ، وَتُغَذِّي الْعُقُولَ وَتَبْنِـي الْأَجْيَالَ، أَنْتَ حَامِلُ رِسَالَةِ الْعِلْمِ وَالرُّقِيِّ وَالسَّلَامِ، وَرَافِـعُ مِشْعَلِ النُّورِ وَالْهِدَايَةِ لِلْأَنَامِ، فَإِيَّاكَ ثُمَّ إِيَّاكَ أَنْ تُفَرِّطَ فِي رِسَالَتِكَ الْعَظِيمَةِ، أَوْ تَسْتَهِينَ بِأَمَانَتِكَ الْجَسِيمَةِ؛ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُسْلِمٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه - قَالَ: «تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ وَعَلِّمُوهُ النَّاسَ، وَتَعَلَّمُوا لَهُ الْوَقَارَ وَالسَّكِينَةَ، وَتَوَاضَعُوا لِمَنْ تَعَلَّمْتُمْ مِنْهُ، وَلِمَنْ عَلَّمْتُمُوهُ، وَلَا تَكُونُوا جَبَابِرَةَ الْعُلَمَاءِ، فَلَا يُقَوَّمُ جَهْلُكُمْ بِعِلْمِكُمْ» (رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ وَابْنُ عَبْدِ الْبَـرِّ).
الْمَدَارِسُ قَدْ فُتِّحَتْ أَبْوَابُهَا
هَا هِيَ الْمَدَارِسُ قَدْ فُتِّحَتْ أَبْوَابُهَا، وَعَادَ إِلَيْهَا تَلَامِيذُهَا وَطُلَّابُهَا؛ لِيُكْمِلُوا مِنْهَاجَ عَامٍ جَدِيدٍ، فَنَسْأَلُ اللهَ لَهُمُ التَّوْفِيقَ وَالتَّسْدِيدَ، ثُمَّ اعْلَمُوا - رَحِمَكُمُ اللهُ وَزَادَكُمْ عِلْمًا وَعَمَلًا - أَنَّ عَلَى طَالَبِ الْعِلْمِ وَاجِبَاتٍ لَا بُدَّ أَنْ يُؤَدِّيَهَا، وَأَخْلَاقًا لَا مَحَالَةَ أَنْ يَتَحَلَّى بِهَا، فَعَلَيْهِ: أَنْ يَتَجَمَّلَ فِي طَلَبِهِ بِالصَّبْرِ وَالْمُصَابَرَةِ، وَأَنْ يَلْزَمَ الْجِدَّ وَالْمُثَابَرَةَ، وَأَنْ يُصَحِّحَ الْقَصْدَ وَالنِّيَّةَ فِي طَلَبِهِ الْعُلُومَ الدِّينِيَّةَ وَالدُّنْيَوِيَّةَ، فَيَنْوِيَ نَفْعَ نَفْسِهِ وَدِينِهِ وَأُمَّتِهِ؛لِيَكُونَ عِلْمُهُ نَافِعًا لَهُ فِي الدَّارَيْنِ، وَشَفِيعًا لَهُ يَوْمَ الدِّينِ، وَلَا تَكُنْ غَايَةُ الْمُنَى وَالْمَطْلَبِ: أَنْ يَحْصُلَ عَلَى الْوَظِيفَةِ أَوِ الْمَنْصِبِ؛ فَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ عِلْمًا نَافِعًا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ» (رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَحَسَّنَهُ الْهَيْثَمِيُّ، وَقَالَ الْأَلْبَانِيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ). وَحَرِيٌّ بِطَالِبِ الْعِلْمِ أَنْ يَلْتَزِمَ - مَعَ مُعَلِّمِهِ - الْأَدَبَ الْجَمَّ وَالْخُلُقَ الْأَكْرَمَ؛ إِذْ حَقُّ الْمُعَلِّمِ عَلَيْهِ كَبِيرٌ، وَخَيْرُهُ الَّذِي يَبْذُلُهُ لَهُ وَيُسْدِيهِ إِلَيْهِ كَثِيرٌ، وَلَا يُمْكِنُ لِلطَّالِبِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِمُعَلِّمِهِ كَثِيرًا مَا لَمْ يَحْتَرِمْهُ وَيُوَقِّرْهُ، وَيَتَأَدَّبْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَيُقَدِّرْهُ. وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا: أَنْ يُحْسِنَ الِاسْتِمَاعَ وَالْإِصْغَاءَ لِلْمُعَلِّمِ، وَلْيَسْتَمِعْ أَكْثَرَ مِمَّا يَتَكَلَّمُ; فَإِنَّهُ فِي مَوْطِنِ تَعَلُّمٍ أَكْثَرَ مِنْهُ مِنْ مَوْطِنِ تَكَلُّمٍ؛ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لَيْسَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ لَمْ يُجِلَّ كَبِيرَنَا، وَيَرْحَمْ صَغِيرَنَا، وَيَعْرِفْ لِعَالِمِنَا»؛ أَيْ حَقَّهُ (رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَـرَانِيُّ وَحَسَّنَهُ الْهَيْثَمِيُّ وَالْأَلْبَانِيُّ). وَقَدْ أَوْصَى الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- ابْنَهُ: «يَا بُنَيَّ: إِذَا جَالَسْتَ الْعُلَمَاءَ فَكُنْ عَلَى أَنْ تَسْمَعَ أَحْرَصَ مِنْكَ عَلَى أَنْ تَقُولَ، وَتَعَلَّمْ حُسْنَ الِاسْتِمَاعِ كَمَا تَتَعَلَّمُ حُسْنَ الصَّمْتِ». وَمِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ بَرَكَةِ الْعِلْمِ: أَنْ يَتَوَاضَعَ الطَّالِبُ لِمُعَلِّمِهِ، مَعَ احْتِرَامِهِ لَهُ وَلِينِ جَانِبِهِ، عَنِ الشِّعْبِيِّ قَالَ: «صَلَّى زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ عَلَى جِنَازَةٍ، ثُمَّ قُرِّبَتْ لَهُ بَغْلَةٌ لِيَرْكَبَهَا، فَجَاءَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَأَخَذَ بِرِكَابِهِ، فَقَالَ لَهُ زَيْدٌ: خَلِّ عَنْهُ يَا ابْنَ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هَكَذَا يُفْعَلُ بِالْعُلَمَاءِ وَالْكُبَـرَاءِ» (رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَابْنُ عَبْدِ الْبَـرِّ وَغَيْرُهُمَا). كَمَا أَنَّهُ عَلَى أَوْلِيَاءِ الْأُمُورِ: أَنْ يُوَجِّهُوا أَوْلَادَهُمْ إِلَى حُسْنِ الطَّلَبِ وَالْأَدَبِ، وَأَنْ يُشَجِّعُوهُمْ عَلَى التَّفَوُّقِ وَالرِّيَادَةِ وَالنَّجَاحِ، وَنَفْعِ أَنْفُسِهِمْ وَدِيـنِهِمْ وَأُمَّتِـهِمْ لِلْوُصُولِ إِلَى غَايَةِ الظَّفَرِ وَالْفَلَاحِ، وَيَغْرِسُوا فِي نُفُوسِ أَبْنَائِهِمْ وَبَنَاتِهِمُ الطَّلَبَـةِ وَالطَّالِبَاتِ حُبَّ الْمُعَلِّمِ وَتَقْدِيرَهُ، وَاحْتِرَامَهُ وَتَوْقِيرَهُ؛ فَمَا مِنْ مُهَنْدِسٍ وَلَا طَبِيبٍ، وَلَا مُوَظَّفٍ وَلَا أُسْتَاذٍ وَلَا خَبِيرٍ، وَلَا مَسْؤُولٍ وَلَا وَزِيرٍ; إِلَّا وَلِلْمُعَلِّمِ عَلَيْهِ فَضْلٌ وَمِنَّةٌ، فَلْنُقَابِلِ الْإِحْسَانَ بِالْإِحْسَانِ، وَلْنُجَازِ صَاحِبَ الْجَمِيلِ بِالشُّكْرِ وَالْعِرْفَانِ. وَإِلَى جَانِبِ الْمَدَارِسِ وَالْجَامِعَاتِ ثَمَّةَ مَرَاكِزُ دُورِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَالسِّرَاجُ الْمُنِيرُ، وَحَلَقَاتُ تَحْفِيظِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَهِيَ صُرُوحٌ عِلْمِيَّةٌ، وَمَرَاكِزُ شَرْعِيَّةٌ؛ لِبَثِّ الْعُلُومِ الْإِسْلَامِيَّةِ. فَسَاهِمُوا- أَيُّهَا الْكِرَامُ- فِي الِالْتِحَاقِ بِهَذِهِ الْمَرَاكِزِ، وَشَجِّعُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ عَلَى الدُّخُولِ فِيهَا؛ فَإِنَّهَا مِنْ أَنْفَعِ مَا يَدَّخِرُ الْمَرْءُ لِآخِرَتِهِ؛ مِنَ الْعِلْمِ النَّافِعِ وَالْوَلَدِ الصَّالِحِ وَالصَّدَقَةِ الْجَارِيَةِ.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 57.57 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 55.90 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.91%)]