شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         بعض حقوق المرأة في الاسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          قلبٌ وقلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 55 - عددالزوار : 12016 )           »          فتح الجيش العثماني بقيادة سنان باشا الحصن الإسباني الأخير في حلق الوادي بتونس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          خواطرفي سبيل الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 51 - عددالزوار : 12733 )           »          الدعاء والذكر عند قراءة القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12 - عددالزوار : 1854 )           »          محبة الإخوان في الله تورث حبَّ الله تعالى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          العلامة المؤرخ الأديب الشاعر محمد أمين المحبي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          مقولات معبرة للعلماء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          الإسلام في أفريقيا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 522 )           »          عودة إلى ينابيع الهدى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 04-10-2023, 10:56 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 163,585
الدولة : Egypt
افتراضي شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ

خطبة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية

– شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ

الفرقان


جاءت خطبة الجمعة لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بتاريخ 3 من المحرم 1445 هـ الموافق 21/7/2023م، بعنوان: (شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ)، واشتملت الخطبة على عدد من العناصر كان أهمها: تفضيل بعض الأزمنة على بعض، وأفضل الشهور، وتَلَاعَبَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ بِالْأَشْهُرِ الْحُرُمِ، وأحكام شهر الله المحرم، والْتِزَامُ حُدُودِ اللهِ -تعالى-، واجْتِنَابُ مَا حَرَّمَ اللهُ، وتأدية الْحُقُوق إِلَى أَهْلِهَا، والصِّيَامُ مِنْ أَفْضَلِ الْعَمَلِ الصَّالِحِ، والْحِكْمَةُ مِنْ صِيَامِ يوم عاشوراء، وحُبُّ الصَّحَابَةِ مِنَ الدِّينِ وَالْإِيمَانِ، والتَرَضَّي عَنِ الصَّحَابَةِ والدفاع عَنْهُمْ.
لَقَدْ خَلَقَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- الزَّمَانَ، وَاخْتَارَ -سبحانه- مِنَ الزَّمَانِ أَوْقَاتًا فَخَصَّهَا بِمَزِيدِ تَكْرِيمٍ، وَحَفَّهَا بِزِيَادَةِ تَعْظِيمٍ، فَرَفَعَ مِنْ بَيْنِ الْأَزْمِنَةِ قَدْرَهَا، وَأَعْلَى لَهَا عَلَى غَيْرِهَا ذِكْرَهَا، فَعَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ أَفْضَلُ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللهِ، وَيَوْمُ النَّحْرِ أَعْظَمُ الْأَيَّامِ عِنْدَهُ -جَلَّ فِي عُلَاهُ-، وَيَوْمُ الْجُمُعَةِ خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ فِيهِ شَمْسُ الدُّنْيَا، وَلَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ عِبَادَةً وَأَجْرًا، وَاخْتَصَّ اللهُ -تَبَارَكَ وَتعالى- هَذِهِ الْأُمَّةَ بِأَزْمِنَةٍ خَيِّرَةٍ كَامِلَةٍ، وَأَيَّامٍ وَلَيَالٍ مُبَارَكَةٍ فَاضِلَةٍ.
أفضل الشهور
وَالشُّهُورُ عِنْدَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، اخْتَصَّ مِنْهَا أَرْبَعَةً فَجَعَلَهُنَّ حُرُمًا، وَعَظَّمَ حُرُمَاتِهِنَّ، وَجَعَلَ الذَّنْبَ فِيهِنَّ أَعْظَمَ، وَالْعَمَلَ الصَّالِحَ وَالْأَجْرَ أَكْرَمَ، قَالَ اللهُ -تعالى-: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} (التوبة:36)، وَهَذِهِ الْأَرْبَعَةُ الْحُرُمُ مِنَ الزَّمَانِ، بَيَّنَهَا النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم - فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ أَوْضَحَ بَيَانٍ؛ فَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ - رضي الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّهُ قَالَ: «إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلَاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ وَرَجَبُ مُضَرَ: الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ» (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).
تَلَاعَبُ أَهْل الْجَاهِلِيَّةِ بِالْأَشْهُرِ الْحُرُمِ
وَقَدْ تَلَاعَبَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ بِالْأَشْهُرِ الْحُرُمِ زِيَادَةً وَنُقْصَانًا، تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا، وَهُوَ الَّذِي سَمَّاهُ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: النَّسِيءَ، فَقَالَ: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} (التوبة:37).
النَهَى عَنِ الظُّلْمِ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ
لَقَدْ نَهَى رَبُّنَا -عَزَّ وَجَلَّ- عَنِ الظُّلْمِ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ، تَشْرِيفًا لَهَا وَتَعْظِيمًا، وَإِعْزَازًا لِشَأْنِهَا وَتَكْرِيمًا، فَقَالَ -تعالى-: {فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ }(التوبة:36).
شَهْر اللهِ الْمُحَرَّم
أَلَا وَإِنَّ شَهْرَ اللهِ الْمُحَرَّمَ هُوَ أَحَدُ الْأَشْهُرِ الْأَرْبَعَةِ الْحُرُمِ ذَاتِ الْقَدْرِ الْمُنِيفِ، وَهُوَ شَهْرٌ أَضَافَهُ اللهُ إِلَيْهِ إِضَافَةَ تَكْرِيمٍ وَتَشْرِيفٍ، وَقَدِ اصْطَفَاهُ مِنَ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ، فَجَعَلَهُ -سبحانه- مِمَّا حَرَّمَ وَعَظَّمَ، وَعَلَى الْعَبْدِ الْمُؤْمِنِ أَنْ يُرَاعِيَ - فِي هَذَا الشَّهْرِ الْحَرَامِ - أُمُورًا وَأَحْكَامًا، وَيَجْتَنِبَ أَخْطَاءً وَآثَامًا، فَمِنْهَا:
الْتِزَامُ حُدُودِ اللهِ -تعالى
قَالَ -سبحانه-: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ }(النساء:13-14)، فَلَا يَجْتَرِئُ عَلَى انْتِهَاكِهَا وَتَعَدِّيهَا، وَلَا يَقْتَرِبُ مِنْهَا لِئَلَّا يَقَعَ فِيهَا؛ حَيْثُ إِنَّ الْتِزَامَ حُدُودِ اللهِ وَعَدَمَ تَعَدِّيهَا دَلِيلٌ عَلَى تَقْوَى الْقُلُوبِ وَتَعْظِيمِ شَعَائِرِ عَلَّامِ الْغُيُوبِ، قَالَ اللهُ -تعالى-: {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} (الحج:32).
إِقَامَةُ فَرَائِضِ اللهِ -تعالى
وَمِنْهَا أَيْضًا: إِقَامَةُ فَرَائِضِ اللهِ -تعالى- مِنَ: الْعِنَايَةِ بِالْعَقِيدَةِ الصَّحِيحَةِ وَتَرْكِ مَا يُضَادُّهَا، وَإِقَامَةِ شَعَائِرِ اللهِ وَاجْتِنَابِ مَا يُحَادُّهَا، وَالْقِيَامِ بِالْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ وَالْقَلْبِيَّةِ، وَالْتِزَامِ سَائِرِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، قَالَ اللهُ -تعالى-: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ }(المزمل:20)،
اجْتِنَابُ مَا حَرَّمَ اللهُ
وَمِنْهَا: اجْتِنَابُ مَا حَرَّمَ اللهُ مِنَ الرِّبَا وَالزِّنَا، وَأَكْلِ الْحَرَامِ وَالْغِنَاءِ، وَالْكَذِبِ وَالْغِشِّ وَالزُّورِ، وَالْخِيَانَةِ وَسَائِرِ الْآثَامِ وَالشُّرُورِ، وَهِيَ مُحَرَّمَةٌ فِيهَا وَفِي غَيْرِهَا مِنَ الْأَزْمِنَةِ، وَإِنَّ مِنْ تَعْظِيمِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- هَذِهِ الْأَشْهُرَ الْحُرُمَ: أَنْ نَهَانَا عَنِ انْتِهَاكِ حُرْمَتِهَا، وَإِخْفَارِ ذِمَّتِهَا؛ قَالَ -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ} (المائدة:2). قَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ -رَحِمَهُ اللهُ-: «شَعَائِرُ اللَّهِ: جَمِيعُ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَنَهَى عَنْهُ».
تأدية الْحُقُوق إِلَى أَهْلِهَا
وَمِمَّا عَلَى الْعَبْدِ أَنْ يُرَاعِيَهُ - أَيْضًا فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ خصوصا وَفِي غَيْرِهِ عَموما- أَنْ يُؤَدِّيَ الْحُقُوقَ إِلَى أَهْلِهَا، وَأَنْ يَرُدَّ الْمَظَالِمَ إِلَى أَصْحَابِهَا؛ كَحُقُوقِ الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ، وَالْأَبْنَاءِ وَالْبَنَاتِ، وَحُقُوقِ الْإِخْوَانِ وَالْجِيرَانِ، وَالشُّرَكَاءِ وَالْأُجَرَاءِ وَأَهْلِ الْإِيمَانِ، وَسَائِرِ أَصْحَابِ الْمِلَلِ وَالْأَدْيَانِ.
الصِّيَامُ مِنْ أَفْضَلِ الْعَمَلِ الصَّالِحِ
وَلَمَّا كَانَ الصِّيَامُ مِنْ أَفْضَلِ الْعَمَلِ الصَّالِحِ وَمِنْ أَكْرَمِ الْمَغْنَمِ؛ فَقَدْ سَنَّ الشَّرْعُ صِيَامَ شَهْرِ اللهِ الْمُحَرَّمِ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ: الصَّلَاةُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، وَأَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ: صِيَامُ شَهْرِ اللهِ الْمُحَرَّمِ» (رَوَاهُ مُسْلِمٌ)، وَيَتَأَكَّدُ صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ وَهُوَ الْعَاشِرُ مِنَ الْمُحَرَّمِ؛ لِأَنَّهُ يَوْمٌ مُعَظَّمٌ، فَقَدْ حَثَّ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم - عَلَى صِيَامِهِ؛ لِنَيْلِ ثَوَابِهِ وَاغْتِنَامِهِ؛ فَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ -رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - سُئِلَ عَنْ صِيَامِ يَوْمِ عَاشُوَراءَ فَقَالَ: «أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ» (رَوَاهُ مُسْلِمٌ)، وَيُسَنُّ صِيَامُ التَّاسِعِ مَعَهُ؛ فَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم -: «لَئِنْ بَقِيتُ إِلَى قَابِلٍ لَأَصُومَنَّ التَّاسِعَ» (رَوَاهُ مُسْلِمٌ)، وَأَصَحُّ مَا قِيلَ فِي سَبَبِ صَوْمِ تَاسُوعَاءَ مَعَ عَاشُورَاءَ: هُوَ مُخَالَفَةُ الْيَهُودِ فِي اقْتِصَارِهِمْ عَلَى صَوْمِ الْعَاشِرِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-: «صُومُوا التَّاسِعَ وَالْعَاشِرَ وَخَالِفُوا الْيَهُودَ» (رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ).
الْحِكْمَةُ مِنْ صِيَامِ يوم عاشوراء
وَالْحِكْمَةُ مِنْ صِيَامِهِ: أَنَّهُ الْيَوْمُ الَّذِي نَجَّى اللهُ فِيهِ مُوسَى - رضي الله عنه - وَقَوْمَهُ مِنْ فِرْعَوْنَ وَجُنُودِهِ، فَصَامَهُ مُوسَى شُكْرًا لِلَّهِ تَبَارَكَ وَ-تعالى-؛ رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَوَجَدَ الْيَهُودَ صِيَامًا يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم -: «مَا هَذَا الْيَوْمُ الَّذِي تَصُومُونَهُ؟ فَقَالُوا: هَذَا يَوْمٌ عَظِيمٌ أَنْجَى اللَّهُ فِيهِ مُوسَى وَقَوْمَهُ, وَغَرَّقَ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ, فَصَامَهُ مُوسَى شُكْرًا فَنَحْنُ نَصُومُهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: فَنَحْنُ أَحَقُّ وَأَوْلَى بِمُوسَى مِنْكُمْ فَصَامَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ» (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ).
مَوْسِم عَظِيم وَمَغْنَم لِلْخَيْرَاتِ
إِنَّكُمْ فِي مَوْسِمٍ عَظِيمٍ، وَمَغْنَمٍ لِلْخَيْرَاتِ كَرِيمٍ، فَاغْتَنِمُوا أَيَّامَهُ بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَأَكْثِرُوا فِيهِ مِنَ الْمَتْجَرِ الرَّابِحِ؛ فَتَقْوَى اللهِ هِيَ الْعُرْوَةُ الْوُثْقَى، وَالْأَكْرَمُ عِنْدَ اللهِ مِنْكُمْ هُوَ الْأَتْقَى، وَعَلَى الْمَرْءِ أَنْ يُحَافِظَ عَلَى فَرَائِضِ اللهِ جَلَّ وَعَلَا، وَيَكُفَّ عَنْ مَحَارِمِهِ لِيَنَالَ الْمَرَاتِبَ الْعُلَى، أَلَا وَإِنَّ أَعْظَمَ مَنْ يَجِبُ لَهُمُ الْحَقُّ عَلَيْنَا - بَعْدَ اللهِ -تعالى- وَرُسُلِهِ وَأَنْبِيَائِهِ عَلَيْهُمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - الصَّحَابَةُ الْكِرَامُ رِجَالًا وَنِسَاءً، الَّذِينَ بَذَلُوا النَّفْسَ وَالنَّفِيسَ، وَاسْتَرْخَصُوا أَرْوَاحَهُمْ وَكُلَّ غَالٍ وَرَخِيصٍ؛ لِلذَّبِّ عَنْ نَبِيِّهِمْ - صلى الله عليه وسلم - وَالدِّفَاعِ عَنْ حِيَاضِ دِينِهِمْ، فَضَرَبُوا أَرْوَعَ الْأَمْثِلَةِ فِي التَّضْحِيَةِ وَالْفِدَاءِ، وَسَطَّرُوا أَنْصَعَ الصَّفَحَاتِ فِي الْبَذْلِ وَالْعَطَاءِ، حَتَّى ازْدَانَ وَجْهُ التَّارِيخِ بِتَضْحِيَاتِهِمْ، وَرُصِّعَ تَاجُ الزَّمَانِ بِبُطُولَاتِهِمْ، وَأَبْلَغُوا الدِّينَ إِلَى أَصْقَاعِ الْمَعْمُورَةِ، وَآثَارُهُمْ فِي ذَلِكَ مَعْرُوفَةٌ مَشْهُورَةٌ؛ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَوَجَدَ قَلْبَ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم - خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَاصْطَفَاهُ لِنَفْسِهِ، فَابْتَعَثَهُ بِرِسَالَتِهِ، ثُمَّ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ بَعْدَ قَلْبِ مُحَمَّدٍ، فَوَجَدَ قُلُوبَ أَصْحَابِهِ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَجَعَلَهُمْ وُزَرَاءَ نَبِيِّهِ، يُقَاتِلُونَ عَلَى دِينِهِ، فَمَا رَأَى الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا، فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ، وَمَا رَأَوْا سَيِّئًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ سَيِّئٌ». وَهُمْ خَيْرُ النَّاسِ - بَعْدَ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَلَا يَجْحَدُ فَضْلَهُمْ وَسَبْقَهُمْ إِلَّا ذُو شِقَاقٍ وَنِفَاقٍ؛ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ» (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ).
حُبُّ الصَّحَابَةِ مِنَ الدِّينِ وَالْإِيمَانِ
وَلِذَا كَانَ حُبُّ الصَّحَابَةِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- مِنَ الدِّينِ وَالْإِيمَانِ، وَبُغْضُهُمْ مِنَ النِّفَاقِ وَالطُّغْيَانِ؛ قَالَ الْإِمَامُ الطَّحَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللهُ-: «وَحُبُّهُمْ دِينٌ وَإِيمَانٌ وَإِحْسَانٌ، وَبُغْضُهُمْ كُفْرٌ وَنِفَاقٌ وَطُغْيَانٌ». وَقَدْ نَهَى النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم - عَنْ سَبِّهِمْ وَانْتِقَاصِهِمْ، وَعَنِ الطَّعْنِ فِيهِمْ وَازْدِرَائِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ صَحَابَةُ نَبِيِّهِ وَوُزَرَاؤُهُ، وَحَمَلَةُ دِينِهِ وَأَصْفِيَاؤُهُ، «فَإِنَّ لُحُومَهُمْ مَسْمُومَةٌ، وَعَادَةُ اللهِ فِي هَتْكِ مُنْتَقِصِهِمْ مَعْلُومَةٌ»؛ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ» (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ).
التَرَضَّي عَنِ الصَّحَابَةِ والدفاع عَنْهُمْ
وَالْوَاجِبُ عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ - عِبَادَ اللهِ- أَنْ يَتَرَضَّى عَنِ الصَّحَابَةِ وَيُدَافِعَ عَنْهُمْ وَيُوَالِيَهُمْ، وَأَلَّا يُبْغِضَهُمْ وَلَا يُعَادِيَهُمْ، وَأَنْ يَذْكُرَ مَحَاسِنَهُمْ وَيُحِبَّهُمْ، وَأَلَّا يَطْعَنَ فِيهِمْ أَوْ يَسُبَّهُمْ، وَهَذَا شَأْنُ الْمُؤْمِنِينَ الْمُتَّقِينَ، الَّذِينَ يَعْرِفُونَ لِأَهْلِ الْفَضْلِ فَضْلَهُمْ، وَيَرُدُّونَ الْجَمِيلَ وَالْإِحْسَانَ لِغَيْرِهِمْ؛ قَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} (الحشر:10). وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ سَبَّ أَصْحَابِي فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ» (رَوَاهُ الطَّبَـرَانِيُّ وَحَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيُّ)، فَاللَّهَ اللهَ فِي صَحَابَةِ رَسُولِ اللهِ، وَالْحَذَرَ الْحَذَرَ مِنْ سَبِّهِمْ وَالطَّعْنِ فِيهِمْ؛ فَإِنَّهُ يُغْضِبُ الرَّبَّ -جَلَّ فِي عُلَاهُ-، وَخَاصَّةً - عِبَادَ اللهِ - أَنَّنَا فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ؛ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِ أَنْفُسَكُمْ، وَاعْمَلُوا فِيهِ بِمَا يُرْضِي رَبَّـكُمْ، وَأَقِيمُوا فَرَائِضَهُ، وَاجْتَنِبُوا مَحَارِمَهُ؛ تَسْعَدُوا فِي الدُّنْيَا، وَتُفْلِحُوا فِي الْآخِرَةِ.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 81.30 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 79.58 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.12%)]