الصَّبْرُ عَلَى أَقْدَارِ اللهِ الْمُؤْلِمَةِ - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         بعض حقوق المرأة في الاسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          قلبٌ وقلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 55 - عددالزوار : 12040 )           »          فتح الجيش العثماني بقيادة سنان باشا الحصن الإسباني الأخير في حلق الوادي بتونس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          خواطرفي سبيل الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 51 - عددالزوار : 12751 )           »          الدعاء والذكر عند قراءة القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12 - عددالزوار : 1868 )           »          محبة الإخوان في الله تورث حبَّ الله تعالى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          العلامة المؤرخ الأديب الشاعر محمد أمين المحبي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          مقولات معبرة للعلماء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          الإسلام في أفريقيا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 526 )           »          عودة إلى ينابيع الهدى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 29-09-2023, 11:14 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 163,585
الدولة : Egypt
افتراضي الصَّبْرُ عَلَى أَقْدَارِ اللهِ الْمُؤْلِمَةِ

خطبة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية

– الصَّبْرُ عَلَى أَقْدَارِ اللهِ الْمُؤْلِمَةِ

الفرقان


جاءت خطبة الجمعة لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لهذا الأسبوع 15 من شوال 1444هـ - الموافق 5 من مايو 2023م، بعنوان: (الصَّبْرُ عَلَى أَقْدَارِ اللهِ الْمُؤْلِمَةِ)، واشتلمت الخطبة على عدد من العناصر كان أهمها: الِابْتِلَاءَات وَالْمَصَائِب وَالْأَقْدَار الْمُؤْلِمَة، والْمُؤْمِن بِاللهِ حَقَّ الْإِيمَانِ، وأَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلَاءً؟، ومِمَّا يُعِينُ الْعَبْدَ عَلَى الصَّبْرِ، وسُنَّةُ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- فِي عِبَادِهِ، وحَالُ الْأَنْبِيَاءِ عِنْدَ الْبَلَاءِ، والْأَدْعِيَةِ الَّتِي تُفَرِّجُ الْكُرُوبَ.
إِنَّ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- لَمْ يَزَلْ خَالِقًا عَلِيمًا، وَمُتَفَرِّدًا حَكِيمًا، خَلَقَ الْكَوْنَ فَأَحْسَنَهُ، وَأَبْدَعَ نِظَامَهُ وَأَتْقَنَهُ، رَتَّبَ مَقَادِيرَ الْخَلَائِقِ وَدَبَّرَهَا تَدْبِيرًا؛ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا {الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} (الفرقان:2)، لَا يَجْرِي شَيْءٌ فِي هَذَا الْكَوْنِ إِلَّا بِأَمْرِهِ، وَلَا تَسْقُطُ وَرَقَةٌ مِنْ شَجَرَةٍ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَقَدَرِهِ، قَالَ -تَعَالَى-: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} (القمر:49)؛ وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ - رضي الله عنه - أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمُ، فَقَالَ لَهُ: اكْتُبْ، قَالَ: رَبِّ، وَمَاذَا أَكْتُبُ؟ قَالَ: اكْتُبْ مَقَادِيرَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ» (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ).
فَاللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- قَدْ كَتَبَ مَا يَجْرِي عَلَى الْعِبَادِ مِنْ أَقْدَارٍ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَهُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِهِمْ؛ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ -رضي الله عنهمَا- أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «كَتَبَ اللهُ مَقَادِيرَ الْخَلَائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ» (رَوَاهُ مُسْلِمٌ).
الِابْتِلَاءَات وَالْمَصَائِب وَالْأَقْدَار الْمُؤْلِمَة
أَلَا وَإِنَّ مِمَّا كَتَـبَهُ اللهُ -تَعَالَى- عَلَى الْعَبْدِ وَقَدَّرَهُ قَبْلَ أَنْ يُنْشِئَهُ وَيُصَوِّرَهُ: الِابْتِلَاءَاتِ وَالْمَصَائِبَ وَالْأَقْدَارَ الْمُؤْلِمَةَ الَّتِي تَقَعُ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا؛ لِيَمْتَحِنَ صَبْرَهُ وَرِضَاهُ، وَيَسْمَعَ تَضَرُّعَهُ وَنَجْوَاهُ، فَمَا أَصَابَ الْعَبْدَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ، وَمَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ، قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} (الحديد:22).
وَقَالَ -تَعَالَى-: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (التغابن:11)، قَالَ عَلْقَمَةُ -رَحِمَهُ اللهُ-: «هُوَ الرَّجُلُ تُصِيبُهُ الْمُصِيبَةُ فَيَعْلَمُ أَنَّهَا مِنْ عِنْدِ اللهِ فَيَرْضَى وَيُسَلِّمُ»؛ فَالْمَصَائِبُ وَالْمِحَنُ وَالِابْتِلَاءَاتُ اخْتِبَارٌ لِإِيمَانِ الْعِبَادِ وَصَبْرِهِمْ، قَالَ -تَعَالَى-: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} (محمد:31).
الْعَبْدُ ذُو ضَجَرٍ وَالرَّبُّ ذُو قَــدَرٍ
وَالدَّهْرُ ذُو دُوَلٍ وَالرِّزْقُ مَقْسُومُ
وَالْخَيْرُ أَجْمَعُ فِيمَا اخْتَارَ خَالِقُنَا
وَفِي اخْتِيَارِ سِوَاهُ اللَّوْمُ وَالشُّـومُ
الْمُؤْمِن بِاللهِ حَقَّ الْإِيمَانِ
إِنَّ الْمُؤْمِنَ بِاللهِ حَقَّ الْإِيمَانِ، مَنْ إِذَا أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ أَظْهَرَ الرِّضَا وَالصَّبْرَ وَاحْتِسَابَ الْأَجْرِ، وَأَحْسَنَ الظَّنَّ بِاللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-، وَمَنَعَ نَفْسَهُ مِنَ الذُّعْرِ وَالْجَزَعِ، وَحَبَسَ جَوَارِحَهُ عَنِ التَّسَخُّطِ وَالْفَزَعِ، قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: «ذَنْبٌ أَذْنَـبْتُهُ، أَبْكِي عَلَيْهِ ثَلَاثِينَ سَنَةً. قِيلَ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: قُلْتُ لِشَيْءٍ قَضَاهُ اللهُ: لَيْتَهُ لَمْ يَقْضِهِ، أَوْ لَيْتَهُ لَمْ يَكُنْ»، وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: «لَوْ قُرِضَ لَحْمِي بِالْمَقَارِيضِ كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَقُولَ لِشَيْءٍ قَضَاهُ اللهُ: لَيْتَهُ لَمْ يَقْضِهِ»؛ فَالِابْتِلَاءُ قَدْ يَكُونُ عَلَامَةً عَلَى حُبِّ اللهِ لِلْعَبْدِ؛ فَعَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِنَّ عِظَمَ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلَاءِ، وَإِنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ» (رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ)، وَلِذَلِكَ كَانَ الْأَنْبِيَاءُ -وَهُمْ صَفْوَةُ اللهِ مِنْ خَلْقِهِ- أَشَدَّ النَّاسِ بَلَاءً.
أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلَاءً؟
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يُوعَكُ، فَوَضَعْتُ يَدِي عَلَيْهِ فَوَجَدْتُ حَرَّهُ بَيْنَ يَدَيَّ فَوْقَ اللِّحَافِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَشَدَّهَا عَلَيْكَ! قَالَ: «إِنَّا كَذَلِكَ يُضَعَّفُ لَنَا الْبَلَاءُ، وَيُضَعَّفُ لَنَا الْأَجْرُ» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلَاءً؟ قَالَ: «الْأَنْبِيَاءُ»، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ الصَّالِحُونَ، إِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ لَيُبْتَلَى بِالْفَقْرِ، حَتَّى مَا يَجِدُ أَحَدُهُمْ إِلَّا الْعَبَاءَةَ يَجُوبُهَا، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ لَيَفْرَحُ بِالْبَلَاءِ، كَمَا يَفْرَحُ أَحَدُكُمْ بِالرَّخَاءِ» (رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ). يَجُوبُهَا أَيْ يُخَرِّقُهَا لِيَلْبَسَهَا مِنْ شِدَّةِ الْفَقْرِ؛ وَلِذَلِكَ يَنْبَغِي عَلَى مَنْ أُصِيبُ بِشَيْءٍ مِنْ أَقْدَارِ اللهِ الْمُؤْلِمَةِ: أَنْ يُظْهِرَ الرِّضَا لِمَوْلَاهُ؛ قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ -رَحِمَهُ اللهُ-: «الرِّضَا مِنْ أَعْمَالِ الْقُلُوبِ، نَظِيرُ الْجِهَادِ مِنْ أَعْمَالِ الْجَوَارِحِ؛ فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ذُرْوَةُ سَنَامِ الْإِيمَانِ»، قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ - رضي الله عنه -: «ذُرْوَةُ سَنَامِ الْإِيمَانِ: الصَّبْرُ لِلْحُكْمِ، وَالرِّضَا بِالْقَدَرِ».
مِمَّا يُعِينُ الْعَبْدَ عَلَى الصَّبْرِ
أَلَا وَإِنَّ مِمَّا يُعِينُ الْعَبْدَ عَلَى الصَّبْرِ عَلَى أَقْدَارِ اللهِ الْمُؤْلِمَةِ: تُذَكُّرَ الْأَجْرِ الْعَظِيمِ بِرَفْعِ الدَّرَجَاتِ وَتَكْفيرِ السَّيِّئَاتِ لِمَنِ ابْتُلِيَ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَقْدَارِ؛ فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى إِلَّا حَاتَّ اللَّهُ عَنْهُ خَطَايَاهُ، كَمَا تَحَاتُّ وَرَقُ الشَّجَرِ» (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ)؛ فَفِي الْمَصَائِبِ وَالِابْتِلَاءَاتِ تَطْهِيرٌ لِصَحَائِفِ الْعِبَادِ مِنَ الذُّنُوبِ وَالسَّيِّئَاتِ؛ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنهمَا- أَنَّهُمَا سَمِعَا رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ وَصَبٍ، وَلَا نَصَبٍ، وَلَا سَقَمٍ، وَلَا حَزَنٍ حَتَّى الْهَمِّ يُهَمُّهُ، إِلَّا كُفِّرَ بِهِ مِنْ سَيِّئَاتِهِ» (رَوَاهُ مُسْلِمٌ)، وَالْوَصَبُ وَالنَّصَبُ هُمَا الْوَجَعُ وَالتَّعَبُ. وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ - رضي الله عنه - أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «فَمَا يَبْرَحُ الْبَلَاءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ مَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ» (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ).
سُنَّةُ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- فِي عِبَادِهِ
إِنَّ الِابْتِلَاءَ بِأَقْدَارِ اللهِ الْمُؤْلِمَةِ مِنْ أَمْرَاضٍ وَزَلَازِلَ وَفِتَنٍ، وَطُغْيَانٍ وَفَقْرٍ وَغَيْرِهَا مِنَ الْمِحَنِ، هِيَ سُنَّةُ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- فِي عِبَادِهِ، وَالسَّعِيدُ مِنْهُمْ مَنْ أَلْهَمَهُ اللهُ الصَّبْرَ عَلَى هَذِهِ الْأَقْدَارِ، فَجَعَلَ مَا يُصِيبُهُ مِنْهَا كَفَّارَةً لِذُنُوبِهِ وَرِفْعَهً لِدَرَجَاتِهِ، حَتَّى إِذَا مَا قَدِمَ عَلَى رَبِّهِ أَكْرَمَهُ وَقَرَّبَهُ وَأَعْطَاهُ بِصَبْرِهِ عَلَى مَا أَصَابَهُ بِهِ وَابْتَلَاهُ؛ قَالَ -تَعَالَى-: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ، يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ، وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتٌ بَلْ أَحْياءٌ وَلكِنْ لا تَشْعُرُونَ}. (البقرة:155-157).
حَالُ الْأَنْبِيَاءِ عِنْدَ الْبَلَاءِ
يَجِبُ عَلَى مَنْ أُصِيبُ بِشَيْءٍ مِنْ أَقْدَارِ اللهِ الْمُؤْلِمَةِ أَنْ يَلْجَأَ لِخَالِقِهِ وَمَوْلَاهُ، وَيُبَادِرَ بِالتَّوْبَةِ وَالرُّجُوعِ إِلَيْهِ، وَطَلَبِ الْمَغْفِرَةِ مِنْهُ، وَسُؤَالِهِ عَفْوَهُ وَرِضَاهُ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ رَفْعِ النِّقَمِ وَاسْتِبْدَالِهَا بِالرَّحَمَاتِ وَالنِّعَمِ؛ فقَالَ -تَعَالَى-: {وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (يونس:107)، وَقَالَ -تَعَالَى-: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (الأنفال:33)، وَلِذَلِكَ كَانَ حَالُ الْأَنْبِيَاءِ عِنْدَ الْبَلَاءِ هُوَ اللُّجُوءَ إِلَى رَبِّ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ؛ قَالَ -تَعَالَى- عَنْ نَبِيِّهِ أَيُّوبَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-: {وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (الأنبياء:83-84).
الْأَدْعِيَة الَّتِي تُفَرِّجُ الْكُرُوبَ
وَمِنَ الْأَدْعِيَةِ الَّتِي تُفَرِّجُ الْكُرُوبَ، وَتَرْفَعُ الْبَلَايَا، دَعْوَةُ نَبِيِّ اللهِ يُونُسَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- وَهُوَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ؛ فَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ» (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ). قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ -رَحِمَهُ اللهُ-: «الدُّعَاءُ سَبَبٌ يَدْفَعُ الْبَلَاءَ، فَإِذَا كَانَ أَقْوَى مِنْهُ دَفَعَهُ، وَإِذَا كَانَ سَبَبُ الْبَلَاءِ أَقْوَى لَمْ يَدْفَعْهُ، لَكِنْ يُخَفِّفْهُ وَيُضْعِفْهُ؛ وَلِهَذَا أُمِرَ عِنْدَ الْكُسُوفِ وَالآيَاتِ بِالصَّلَاةِ وَالدُّعَاءِ وَالِاسْتِغْفَارِ وَالصَّدَقَةِ».

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 76.15 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 74.43 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.26%)]