مقتل الحسين رضي الله عنه - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         ميزة جديدة من واتساب ستمنعك من مشاركة رقم هاتفك المحمول (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          كيف يجنب الآباء أطفالهم من اضطراب fomo ويقللون الاعتماد على وسائل التواصل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          لاحظها على طفلك.. علامات خطيرة لاضطراب متعلق باستخدام السوشيال ميديا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          خطوات بسيطة يجب اتباعها لضمان تجربة إنترنت آمنة وتعليمية لطفلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          كل ما تحتاج معرفته عن تطبيق Essentials الجديد من جوجل.. وأبرز مميزاته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          واتساب يتيح ميزة نسخ الملاحظات الصوتية.. اعرف كيفية استخدامها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          تطبيق Google Keep يحصل على مميزات الذكاء الاصطناعى.. كيف تستفيد منها؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          احم طفلك من الإنترنت.. توصيات رسمية خلى بالك منها وابنك ماسك الموبايل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          لو خايف على أطفالك من فيس بوك.. 5 مميزات لتطبيق ماسنجر كيدز (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          كيف تحدد وقت استخدام طفلك للإنترنت على فيس بوك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 26-08-2023, 04:02 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,410
الدولة : Egypt
افتراضي مقتل الحسين رضي الله عنه

مقتل الحسين رضي الله عنه
أحمد بن عبدالله الحزيمي




الحمدُ للهِ يَخلُقُ مَا يَشاءُ ويختارُ، ويصطفِي للشَّرفِ مَن شَاءَ مِنَ الأَخيارِ، شَرَّفَ رَسولَهُ محمَّدًا صلى اللهُ عليه وسلم على كلِّ البَريَّةِ، وجعلَ ذُريَّتَه أشرفَ ذُريّةٍ، نحمدُهُ تعالَى ونَشكُرُه، ونُثنِي عليهِ ونَستغفرُه، ونشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وَحدَهُ لا شَريكَ لَه، ونَشهدُ أنَّ سيدَنا ونَبيَّنا محمدًا عبدُهُ ورَسولُهُ، صلى اللهُ وسلَّم وبارَكَ عَليهِم، وعلَى سَائرِ الصحابةِ والتَّابعينَ ومَن تَبِعهُم بإحسانٍ، أما بعدُ:
فأوصيكُم -عبادَ اللهِ- ونَفسِي بتقوى اللهِ تعالى:﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران: 102].


تحدَّثنا في خطبةٍ مَاضيةٍ عَن السِّيرةِ العَطِرَةِ للصحابيِّ الجليلِ الحُسينِ بنِ عَليٍّ رضي الله عنه، وأَشرْنا إلى بعضِ فضَائلِهِ، واليومَ نختِم الحديثَ عن الحادثِ المؤسفِ لمقتلِه والفتنةِ التي حصلتْ بعد ذلكَ.


معاشرَ الإخوةِ، تبدأُ قصةُ المِحنةِ، ومصيبةُ الأمةِ بعد وفاةِ أميرِ المؤمنينَ معاويةَ بنَ أبي سفيانَ -رضي اللهُ عنه- وكان قبلَ مَوتِهِ أَخذَ البيعةَ بالخلافةِ لابنِه يزيدَ بنِ مُعاويةَ، وهيَ بيعةٌ صحيحةٌ، كما قرَّرها أهلُ السنةِ والجماعةِ، لَم يُبايِعِ الحسينُ -رضي اللهُ عنه- ليزيدَ، وكذَا عبدُاللهِ بنُ الزبيرِ رضي الله عنهما.


ولَمَّا علِمَ أهلُ العراقِ أنَّ الحسينَ لَم يُبايِعْ يَزيدَ بنَ معاويةَ فرحوا بذلكَ، وكاتبوا الحسينَ يبايعونَه بالخلافةِ، وأكثروا عليه المكاتبةَ، وَكَانُوا أَهلَ فِتنَةٍ وَشِقَاقٍ، وَكَانُوا يُظهِرُونَ المَيلَ لِعَلِيٍّ وَشِيعَتِهِ، حتى قِيلَ: بلغتْ هذه المكاتباتُ نحوًا من خمسمائةِ كِتابٍ، كلُّها جاءتْهُ مِن العراقِ، مِن أهلِ الكوفةِ، تُبايعُهُ وتحثُّه على القُدومِ إليهِم.


أرادَ الحُسينُ -رضي الله عنه- أن يَطْمَئِنَّ أكثرَ إلى صِدقِ أهلِ الكوفةِ، وغايةُ ما يستطيعُ أنْ بَعَثَ ابنَ عمِّه مُسلِمَ بنَ عَقيلِ بنِ أبي طالبٍ ليعرِفَ جِديةَ القومِ وعدَدَهُم وقدرَتَهُم على ما أرادُوهُ مِنه، ذهبَ مُسلمٌ فوجَدَ الأمرَ كما توقَّعَ، فقد تجمَّعَ الناسُ عليهِ وبايعوهُ للحسينِ فأخذَ بَيعتَهُم، وبعثَ للحسينِ -رضي الله عنه- مُطمئِنًا ودَاعيًا له أنْ يَأتِيَ، فالأمرُ قد تَهيَّأ، والناسُ أجمعتْ عَليك، استعانَ الحسينُ -رضي الله عنه- باللهِ على الخروجِ إليهمِ.


حاولَ العَديدُ مِن الصَّحابةِ -رضي الله عنهم- ثَنْيَهُ عن الخُروجِ، وحذَّروهُ مِن غَدرِ الشيعةِ الذين خَذلُوا أبَاه كما خَذلوا أخاه الحسنَ، وخافوا عليه القتلَ، وذكَّروهُ بخيانةِ الشيعةِ، وأنهم لا يَأمَنونَ عليه القتلَ، واستحلفوهُ باللهِ أنْ يَعدِلَ عنِ الخروجِ إليهم فلَمْ يُجبْهُم، ومضى إلى العراقِ، فخرجَ يومَ التروية عامَ واحدٍ وستينَ للهجرةِ مُتوجِّهًا للكوفةِ.


وصَلَتْ هذه التحرُّكاتُ إلى أميرِ المؤمنينَ في الشامِ، وأنَّ أهلَ الكوفةِ قَطعوا أمرًا دُونَه، وبايعوا الحسينَ -رضي الله عنه- وهم بانتظارِه يَقدُمُ عليهِم، فأرسلَ يزيدُ عُبيدَ اللهِ بنَ زِيادٍ أميرًا على الكوفةِ لينظُرَ الخبرَ، فوجدَ الأمرَ كما قِيلَ، أُناسٌ ينتظرونَ الحسينَ، وقد أَعطَوا البيعةَ لابنِ عمِّه مسلمِ بنِ عَقِيلٍ، فقبضَ على مُسلِمٍ بعد أنْ بحثَ عَنهُ، ثُمَّ قَتَلَهُ في يومِ عَرفَةَ، بعد أن خذله الجموع التي حوله، وتفرَّقَ الجمعُ بعد ذلك.


وكانَ قَبلَ مَقْتلِهِ أوصَى مَن يُبلغُ الحسينَ ألا يأتي؛ لأنَّ أهلَ الكوفةِ قد كذبوكَ وكَذبونِي، وليسَ لكاذبٍ رَأيٌ، وأمرَهُ بالرجوعِ، وعدمِ مُواصلةِ السيرِ للكوفةِ.


عَلِمَ بما حصل لمُسلِم، فهَمَّ -رضي الله عنه- بالرجوع لكنه واصلَ مسيرَه للكوفةِ بعد إلحاحِ بعضِ مَن معه، لأخذِ الثأرِ، فواصلَ سَيرَهُ للعراقِ ومعه أولادُه ونِساؤُه.


نزَلَ قَريبًا مِنَ الكوفةِ في مكانٍ يسمَّى "كَرْبَلاءَ"، وحصلَتْ مراسلاتٌ بينه وبينَ أميرِ الكوفةِ، وأدركَ الحسينُ أنَّ الأمرَ ليس في صالِحِه، وأنَّ مَن معه لا قدرةَ لهم بقتالِ جَيشٍ، فكيف يُقاتِل اثنانِ وسبعونَ فارسًا جيشَ الكوفةِ بما لا يقل عن خمسةِ آلافٍ؟!


فجاءَ الرأيُ للحسينِ -رضي الله عنه- أنْ يحقِنَ دِماءَ المسلمينَ ويحفظَ مَن مَعه، ويُسجلَ موقفًا تَبرأُ به ذِمَّتُهُ، وهو غايةُ ما يَستطيعُه بعد أن خَدعَه مَن وَعدَه بنُصْرَتِهِ، فقالَ لأميرِ جيشِ الكوفةِ: إني أُخيِّرُكَ بين ثلاثةِ أمورٍ فاخترْ منها مَا شئتَ. قال: وما هِيَ؟ قال: أنْ تَدعَنِي أرجعُ مِن حَيثُ أَتيتُ، أو أذهبَ إلى ثَغْرٍ مِن ثُغورِ المسلمينَ، أو أذهبُ إلى أميرِ المؤمنينَ أَضعُ يدي في يدِه بالشَّامِ.


نُقِلَتْ هذه الخياراتُ إلى أميرِ الكوفةِ، وعَظُمَ مَقامُ الحسينِ -رضي الله عنه- واحْتُرِمَ بيتُ النبوةِ، وقالَ: أَرضَى أنْ يختارَ الحسينُ أيَّ واحدةٍ مِنهَا.


لكنَّ بطانةَ السُّوءِ أشاروا على عُبيدِ اللهِ بأَنه لا بدَّ أن يُؤسَرَ وَيَنزِلَ عَلَى حُكمِك أَو يُقَاتِلُوهُ؛ فرفضَ الحسينُ ذلكَ، وخوَّفَهُم باللهِ وهم لا يزالونَ مُصرِّينَ على رَأيِهِم، فاستمهَلَهُم ليلةَ الجمعةِ، فباتَ تلكَ الليلةَ يصلِّي للهِ ويستغفِرُه ويدعُو اللهَ -تبارك وتعالى- هو ومَن معَه -رضي الله عنهم- وكانَ الرأيُ ألا يُسلِمَ نفسَه لجيشِ الكُوفةِ.


وفي صباحِ يومِ الجمعةِ العاشرِ مِن مُحرَّمٍ سنةَ إحدَى وستينَ شَبَّ القتالُ بين فريقينِ غيرِ مُتكافِئينِ ولا مُتقارِبينِ، فقُتِلَ أصحابُ الحسينِ بين يَدَيِ الحسينِ، وقُتلَ مِن أَبنائِه ومِن آلِ بيتِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- ثمانيةَ عَشرَ رَجلًا، وبقِيَ الحسينُ نهارًا طَويلًا لا يَقدُمُ عليهِ أَحدٌ هَيبةً لَه، وخَوفًا مِن أنْ يتورَّطَ في دَمِهِ، حتى حرَّضَهُم أَميرُهُم وصَاحَ بهِم: ماذا تَنتظِرونَ؟ فَتَقَدَّمَ إِلَيهِ شَمِرُ بنُ ذِي الجَوْشَنِ، فَرَمَاهُ بِرُمْحِهِ في رَقَبَتِهِ، ثُمَّ طَعَنَهُ فَسَقَطَ -رَضِيَ اللهُ عَنهُ- شَهِيدًا مَظلُومًا، وَفَاضَت رُوحُهُ الطَّاهِرَةُ إلى بَارِيهَا مَغدُورًا به، ثم حَزَّ رَأسَهُ، وحملَهُ إلى أميرِ الكوفةِ.


وكانَ مَقتَلُهُ -رضي الله عنه- يومَ الجمعةِ يومَ عَاشوراءَ مِنَ المُحرَّمِ سنةَ إحدى وستينَ في كَربَلاءَ العراقِ، وله مِنَ العُمُرِ ثمانيةٌ وخمسونَ سنةً.


عبادَ اللهِ، لم يكنْ ليزيدَ بنِ معاويةَ يَدٌ في قتلِ الحسينِ كما قرَّر ذلكَ أهلُ العِلمِ؛ قالَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ: "إِنَّ يَزِيدَ لَمْ يَأْمُرْ بِقَتْلِ الْحُسَيْنِ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ النَّقْلِ، وَلَكِنْ كَتَبَ إلى ابْنِ زِيَادٍ أَنْ يَمْنَعَهُ عَنْ وِلَايَةِ الْعِرَاقِ، وَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ يَزِيدَ أَظْهَرَ التَّوَجُّعَ عَلَى ذَلِكَ، وَظَهَرَ الْبُكَاء فِي دَارِهِ، وَلَمْ يَسْبِ لَهُ حَرِيمًا أَصْلًا، بَلْ أَكْرَمَ أَهْلَ بَيْتِهِ، وَأَجَازَهُمْ حَتَّى رَدَّهُمْ إلى بَلَدِهِمْ، وأمَّا الرواياتُ التي تقولُ: إنه أُهينَ نِساءُ آلِ بيتِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وأنهنَّ أُخِذْنَ إلى الشامِ مَسبيَّاتٍ، وأُهِنَّ هناك، هذا كلامٌ باطلٌ؛ ا هـ.


أيها المسلمونَ، وعندمَا اقترفَ الرافضةُ تلكَ الجريمةَ النكراءَ، وساهموا في قتلِ ابنِ بِنتِ رسولِ اللهِ، والذريةِ الطاهرةِ وباؤوا بلعنَتِها طولَ الدَّهرِ، نَدِمُوا على تلكَ الفِعْلَةِ الشنيعةِ، فأرادُوا أنْ يُكفِّرُوا عن جَريمتِهِم، فانضمَّ بعضُهم إلى بعضٍ، وكانَ فيهِم أبناءُ أولئكَ القتلَةِ ممَّن لَم تتلطَّخْ يَدَيْهِ بدمِ الحسينِ والذريةِ الطاهرةِ، وفيهم أيضًا مَن نَكثَ عَهدَ النُّصرةِ للحسينِ لكنه لم يُشارِكْ في قَتلِهِ، فكوَّنوا حركةً أَسموْهَا "حركةَ التَّوابينَ" أي التوبةَ مِن قَتلِ الحسينِ غَدرًا، وأصبحوا حركةً متمرِّدةً على يزيدَ ومَن جاءَ بعده مِن بني أميةَ، وإليهِم يَرجِعُ ما نراه اليومَ في تلك المآتِمِ الدمويةِ، فكانوا أوَّلَ مَن شَقَّ الجيوبَ، ولَطَمَ الخدودَ على الحسينِ، ونادَى بشِعَارِ: يا لثاراتِ الحسينِ!التي أَصبحَ الشيعةُ اليومَ يردِّدونَه ويهتفونَ به في وَجْهِ باقي المسلمينَ.


أيها الإخوةُ، لم يَقتُلْ أَهلُ السُّنَّةِ وَلا بَنُو أُمَيَّةَ حُسَينًا كَمَا يَزعُمُ الرَّافِضَةُ، لَكِنَّ شِيعةَ العراقِ والكوفةِ بالخصوصِ هُم مَن يتحمَّلُ وِزْرَ قَتلِ الحُسينِ؛ فقد غَرَّروا بهِ، وألَحُّوا عليهِ بالخروجِ إليهِم ابتداءً لينصُرُوهُ، ويَفدُوهُ بأنفسهِم، لكنَّهم تَخلَّوْا عنه وغَدَروا بهِ، بل أكثرُ مِن هذَا سَاهَمَ كثيرٌ مِنهُم بسيوفِهِم في قَتلِ الذُّريةِ الطَّاهرةِ.


وقَدِ انتقَمَ اللهُ للحسينِ رضي الله عنه، قالَ الحافظُ ابنُ كثيرٍ: قَلَّ مَنْ نَجَا مِنْهُمْ فِي الدُّنْيَا إِلَّا أُصِيبَ بِمَرَضٍ، وَأَكْثَرُهُمْ أَصَابَهُ الْجُنُونُ.


عبادَ اللهِ، معَ هذهِ المنزلةِ العَلِيَّةِ والرتبةِ السَّنِيَّةِ للحسينِ رضي اللهُ عنه، لكننا لا نَتجاوَزُ في حُبِّنَا له حدودَ مَا حَدَّه لنا الشرعُ؛ فلا نُعظِّمُه بأنواعِ التعظيمِ التي لا تُصرَفُ إلا للهِ، كالدعاءِ والاستغاثةِ، ولا نُشرِكُ بنبيِّنا وآلِهِ كما أشْركَتِ النصارى بعيسى ابنِ مريمَ وأُمِّهِ حيثُ جعلوهُمَا في مَرتبةِ الأُلوهِيَّةِ.


ولا نَجعَلُ له ولا لغيرِهِ مِن آلِ البيتِ الطيبينَ مَا هو مِن خَصائصِ الأنبياءِ والمرسلينَ؛ كالعِصمَةِ والتَّشريعِ، كما أننا لا نعصِي جَدَّهُ صلى الله عليه وسلم، الذي نهانا عَنِ النِّيَاحةِ وعَن ضَربِ الخُدودِ وشَقِّ الجُيوبِ، وأخبرنا أنَّ هذا مِن عَمَلِ أَهْلِ الجَاهليةِ، وقد استُشْهِدَ عمُّه حمزةُ ومُثِّلَ بجثمَانِه ولم يُصَبِ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بعدَه بمثلِ مُصيبتِهِ فيهِ، ومعَ ذلكَ لم يجعل يومَ استشهادِهِ مَناحةً وحُزنًا، ولَم يَفعَلْ ذلك عليٌّ رضي اللهُ عنه في يومِ وفاةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ولم يفعلْ ذلكَ الحسنُ والحسينُ في يومِ استشهادِ أَبيهِما رضيَ الله عنهم، ونحن كذلك لا نَجعلُ يومَ استشهادِ الحسينِ يومَ نِياحةٍ ولَطْم، اقتداءً بهذا الهَديِ النبويِّ الذي تتابعَ عليهِ عَملُ أئمةِ آلِ البيتِ النبويِّ الطاهرِ؛ كالإمامِ عليٍّ وابنَيْهِ الحسنِ والحسينِ رضي الله عنهم.


ولا شكَّ أيها الإخوة أنها قصة محزنة مؤلمة، وخاب وخسر من شارك في قتل الحسين ومن معه وباء بغضب من ربِّه، وللشهيد السعيد ومن معه الرحمة والرضوان من الله، ومِنَّا الدعاء والترضي.


رَضِيَ اللهُ عَن سِبْطِ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وَرَيحَانَتِهِ، وَجَمَعَنَا بِهِ وَبِجَدِّهِ وَوَالِدِينَا وَالمُسلِمِينَ في جَنَّاتِهِ جَنَّاتِ النَّعِيمِ.
بارك الله.
الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ وحدَه، والصلاةُ والسلامُ على من لا نبيَّ بعدَه، أما بعدُ:
ادَّعَتِ الدولةُ الفاطميةُ التي حَكَمَتِ الدِّيارَ المِصريةَ أنَّ رَأسَ الحسينِ وصلَ إلى الديارِ المصريةِ ودَفنُوهُ بها وبَنَوْا عليهِ المشهدَ المشهورَ بمصْرَ الذي يُقالُ لَه "تَاجُ الحُسينِ"، وقد نَصَّ غيرُ واحدٍ مِن أئمةِ أهلِ العلمِ على أنه لا أصلَ لذلكَ، بلِ الصحيحُ الذي ذَهبَ إليه عددٌ مِن عُلماءِ أَهلِ السنةِ أنَّ الرأسَ مَدفونٌ بالبقيعِ بالمدينةِ المنورةِ عِندَ قبرِ أمِّهِ فاطمةَ وأخيهِ الحسنِ؛ ذَكر ذلك ابنُ أبي الدنيا وابنُ الجَوزيِّ والقُرطبيُّ وابنُ تيميةَ وغيرهم.


فرضِيَ اللهُ عنِ الحسينِ، ولعَنَ اللهُ قَاتِلَه وقاتلَ ذريتِهِ الطاهرةِ، ووفقنا اللهُ لاتباعِ نهجِ جَدِّهِ المصطفى صلى الله عليه وسلم، وَجَمَعَنَا بهم في الفردوسِ الأعلى من الجنَّةِ.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 57.18 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 55.51 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.93%)]