زكاة الزروع والثمار وما يتعلق بها من أحكام - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 5034 - عددالزوار : 2184885 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4615 - عددالزوار : 1465524 )           »          الدعاء والذكر عند قراءة القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 1141 )           »          خمس عشرة فائدة في الاستماع إلى تلاوة القرآن الكريم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          وقفات قرآنية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          قلبٌ وقلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 50 - عددالزوار : 11028 )           »          خواطرفي سبيل الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 48 - عددالزوار : 11913 )           »          حفر قناة السويس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 18 )           »          وِرْدُ الخَيْر أدعيةٌ وأذكار (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          مع نبيين : هارون وموسى عليهما السلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة
التسجيل التعليمـــات التقويم

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 10-08-2023, 07:27 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 163,223
الدولة : Egypt
افتراضي زكاة الزروع والثمار وما يتعلق بها من أحكام

زكاة الزروع والثمار وما يتعلق بها من أحكام
عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شُرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضل له، ومن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعدُ:
فأقول وبالله التوفيق:
الزكاة هي أحد أركان الإسلام، وهي قرينة الصلاة في مواضع كثيرة من كتاب الله عز وجل، وقد أجمع المُسلمون على فرضيتها، فمن أنكر وجوبها مع علمه به فهو كافر خارج عن الإسلام، ومن بخل بها أو انتقص منها شيئًا، فهو آثم ومُعرَّض للعُقوبة من الله جل وعلا.


ومن أنواع الزكوات الواجبة: ( زكاة الزُروع والثمار ).


ومن الأحكام التي تتعلق بهذا النوع من الزكاة ما يلي:
حُكم زكاة الزُروع والثمار:
زكاة الزُروع والثمار واجبة بالقُرآن والسُنة والإجماع.
أولًا: من القُرآن:
1- قوله تعالى: ﴿ وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ [الأنعام: 141].
والشاهد في هذه الآية هو قوله تعالى: ﴿ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ [الأنعام: 141].


قال الشيخ محمد الأمين بن محمد المُختار الشنقيطي رحمه الله: (اختلف العُلماء في المُراد بهذا الحق المذكور... فقال جماعة من العُلماء: هذا الحق هو الزكاة المفروضة وممن قال بهذا أنس بن مالك وابن عباس وطاوس والحسن وابن زيد وابن الحنفية والضحاك وسعيد بن المُسيب ومالك ونقله عنهم القُرطبي ونقله ابن كثير عن أنس وسعيد وغيرهما ونقله ابن جرير عن ابن عباس وأنس والحسن وجابر بن زيد وسعيد بن المُسيب وقتادة وطاوس ومحمد ابن الحنفية والضحاك وابن زيد) اهـ[1].


وقال إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل أبو إبراهيم المُزني رحمه الله: (قال الشافعي رحمه الله تعالى: في قول الله تبارك وتعالى: "وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ" دلالة على أنه إنما جعل الزكاة على الزرع) اهـ[2].


2- قولهتعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ [البقرة: 267].


والشاهد في هذه الآية الكريمة هو أن الأمر بالإنفاق يُفيد الوجوب، وأن النهي عن إخراج الرديء مخصوص بالفرض، وهذان الأمران مُتعلقان بالزكاة.


رُوي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وابن سيرين رحمه الله وغيرهما إلى أن الأمر بالإنفاق في الآية يعني الأمر بالزكاة المفروضة.


قال القُرطبي رحمه الله: (اختلف العُلماء في المعنى المُراد بالإنفاق هنا فقال علي بن أبي طالب وعبيدة السلماني وابن سيرين: هي الزكاة المفروضة) اهـ[3].


والأمر بالزكاة شامل لزكاة الزُروع والثمار لقولة تعالى: ﴿ وَمِما أَخْرَجْنَا لَكُم منَ الأَرْضِ.


ثانيًا: من السنة:
وردت أحاديث عِدة تدل على وجوب الزكاة في ناتج الأرض نذكر منها ما يلي:
1- عن أبي سعيد الخُدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليس فيما أقل من خمسة أَوْسُق صدقة)[4].


2- عن سالم بن عبد الله عن أبيه رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (فيما سقت السماء والعُيون أو كان عَثَرِيًّا العُشر وما سُقي بالنضح نصف العُشر)[5]؛ العَثَري: النخيل الذي يشرب بعُروقه من التُربة بدون سقي، وفي رواية: (فيما سقت الأنهار والغيم العُشُور، وفيما سُقي بالسَّانية نصف العُشر)[6].


العُشور: جمع عُشر.


السَّانية: هي البعير التي يُستقى بها الماء من البئر، ويُقال له الناضح.


ثالثًا: الإجماع:
أجمع العُلماء على وجوب الزكاة فيما أخرجته الأرض، ولكن اختلفوا في تفاصيل الأصناف التي تجب فيها الزكاة.


قال ابن قُدامة رحمه الله: (أجمع أهل العلم على أن الصدقة واجبة في الحِنطة والشعير والتمر والزبيب؛ قاله ابن المُنذر وابن عبد البر) اهـ[7].


متى تجب الزكاة في الزُروع والثمار:
تجب الزكاة في الزُروع والثمار عند نضج المحصول الزراعي وبدو صلاحه: بأن يشتد الحَب ويحْمَرَّ الثمر ففي هذه الحال تثبت الزكاة في ذمة المُزارع.


قال ابن قُدامة رحمه الله: (ووقت وجوب الزكاة فِي الحَب إذا اشتد وفي الثمرة إذا بدا صلاحها) اهـ[8].


ويترتب على معرفة وقت الوجوب:
1- الحُكم بالضُمان: فلو تلف الزرع قبل وقت الوجوب سقطت عنه الزكاة مُطلقًا، وأما بعد وقت الوجوب فلا تسقط عنه الزكاة إلا إذا كان التلف بآفة سماوية أو بأمر لا يد له فيه.


2- لو باعها قبل بُدو الصلاح فلا زكاة عليه والزكاة على المُشتري ولو باعها بعد بُدو الصلاح فالزكاة على البائع.


3- لو ورث الزرع والثمار قبل بُدو الصلاح تلزمه زكاته ولو ورثها بعد بُدوه فلا زكاة عليه.


وقت إخراج الزكاة في الزُروع والثمار:
وقت إخراج الزكاة في الزُروع والثمار بعد الحصاد مُباشرة بعد تصفيته وتنقيته وجفافه لقول الله تعالى: ﴿ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ [الأنعام: 141].


قال ابن جرير الطبري رحمه الله: (وذلك أن الجميع مُجمعون لا خلاف بينهم أن صدقة الحرث لا تُؤخذ إلا بعد الدياس والتنقية والتذرية، وأن صدقة التمر لا تُؤخذ إلا بعد الجفاف) اهـ[9].


وقال ابن حزم الظاهري رحمه الله: (ولا خلاف بين أحد من الأُمة في أن الزكاة لا يجوز إيتاؤها يوم الحصاد، لكن في الزرع بعد الحصاد والدرس والذرو والكيل وفي الثمار بعد اليبس والتصفية والكيل) اهـ[10].


وقال البهوتي رحمه الله: (ويجب إخراج زكاة الحب مُصفى من قشره وتبنه والثمر يابسًا لحديث عتاب بن أسيد أنه صلى الله عليه وسلم أمر أن يُخرص العنب زبيبًا كما يُخرص النخل وتُؤخذ زكاته زبيبًا كما تُؤخذ زكاة النخل تمرًا، ولا يُسمى زبيبًا وتمرًا حقيقة إلا اليابس وقيس عليهما الباقي، ولأن ذلك حالة كماله ونهاية صفات ادخاره ووقت لزوم الإخراج منه فلو خالف وأخرج سنبلًا ورطبًا وعنبًا لم يُجزئه إخراجه) اهـ[11].


الأصناف التي تُؤخذ منها زكاة الزُروع والثمار:
أجمع العُلماء على وجوب الزكاة في أربعة أصناف من الزُروع والثمار وهي: القمح والشعير والتمر والزبيب.


لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بأخذ الزكاة منها كما ثبت ذلك حين بعث صلى الله عليه وسلم أبي مُوسى ومُعاذ بن جبل إلى اليمن يُعلمان الناس قال: (لا تأخذوا الصدقة إلا من هذه الأربعة الشعير والحِنطة والزبيب والتمر)[12].


قال ابن قُدامة رحمه الله: (أجمع أهل العلم على أن الصدقة واجبة في الحِنطة والشعير والتمر والزبيب؛ قاله ابن المُنذر وابن عبد البر) ا هـ[13].


أما ما عدا هذه الأصناف الأربعة كالخُضروات والفواكه والبُقول، فمُختلف فيها بين العُلماء على أقوال:
القول الأول:
أنها تجب في القليل والكثير مما أخرجته الأرض من الحُبوب والثمار والفواكه والخُضروات والبُقول والزُهور وهو قول الحنفية ورواية عند الحنابلة، واستدلوا بعُموم قوله تعالى: (﴿ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا ﴾ [الأنعام: 141]، وقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ ﴾ [البقرة: 267].


وحديث سالم بن عبد الله عن أبيه رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (فيما سقت السماء والعُيون أو كان عَثَرِيًِّا العُشر، وما سُقي بالنضح نصف العُشر )[14].


وفي رواية: ( فيما سقت الأنهار والغيم العُشُور وفيما سُقى بالسَّانية نصف العُشر )[15].


قال ابن العربي رحمه الله: ( أقوى المذاهب وأحوطها للمساكين قول أبي حنيفة وهو التمسك بالعُموم ) اهـ[16].


القول الثاني:
أنها لا تجب إلا فيما يُكال ويُقْتَات وييبس كالبُر والذُرة والأُرز والتمر والزبيب وما أشبه ذلك وأنها لا تجب في أقل من خمسة أوْسُق وهو قول الشافعية والمالكية.


والمُراد بالمُقتات: هو ما يتخذه الناس قُوتًا يعيشون به حال الاختيار لا حال الضرورة.


وعليه فلا زكاة في الجوز واللوز والبندق والفُستق وما كان مثلها لأنه ليس مما يقتات الناس به.


وكذلك لا زكاة في التفاح والرُمان والكُمثرى والخُوخ ونحوها لأنها لا تُدخر.


واستدلوا بحديث أبي سعيد الخُدري رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( ليس فيما دون خمسة أَوْسُق من التمر صدقة )[17].


وفي رواية بلفظ: ( ليس فيما دون خمسة أوساق من تمر ولا حب صدقة )[18].


قالوا: وهذا يدل على أن الزكاة إنما تجب فيما يُكال ويُقتات مثل التمر والحُبوب أما الفواكه والخُضروات فليست مما يُكال فلا تجب فيها الزكاة.


وهذه الأدلة أخص من أدلة الحنفية وحمل العام على الخاص واجب عند جميع العُلماء.


القول الثالث:
أنها تجب في كل حب وثمر يُكال ويُدخر ولو لم يكن قُوتًا مثل حب الرشاد والصنوبر والفُستق والكمون والكراوية والخردل والكسبرة وما أشبهها، وهو قول الحنابلة في المشهور من المذهب.


واحتجوا بنفس أدلة القول الثاني.


القول الرابع:
أنها لا تجب إلا في أربعة أشياء وهي: الحِنطة والشعير والزبيب والتمر وهو رواية عند الحنابلة.


واحتجوا بحديث أبي موسى الأشعري ومُعاذ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهما: ( لا تأخذَا الصدقة إلا من هذه الأصناف الأربعة: الشعير والحِنطة والزبيب والتمر )[19].


القول الخامس:
أنها لا تجب إلا في القمح والشعير والتمر والزبيب وهو قول ابن حزم الظاهري واستدل بالحديث السابق: ( لا تأخذوا الصدقة إلا من هذه الأربعة الشعير والحِنطة والزبيب والتمر )[20].


الترجيح:
الراجح في هذه المسألة هو قول جُمهور العُلماء من المالكية والشافعية ورواية عند الحنابلة أنها تجب في كل حب وثمر يُكال ويُدخر ولو لم يكن قُوتًا.


وعليه فلا تجب الزكاة في الفواكه أو الخُضروات لأن الخُضروات كانت كثيرة بالمدينة والفواكه كانت كثيرة بالطائف ولم يُنقل عنه صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه أنه أخذ الزكاة من شيء من ذلك.


قال ابن القيم رحمه الله: ( ولم يكن من هديه " صلى الله عليه وسلم "أخذ الزكاة من الخيل والرقيق ولا البغال ولا الحمير ولا الخُضراوات ولا المباطخ والمَقَاثِي والفواكه التي لا تُكال ولا تدخر إلا العنب والرُطب فإنه يأخذ الزكاة منه جملة ولم يُفرق بين ما يبس منه وما لم ييبس( اهـ[21].


وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: (ليس في الفواكه ونحوها من الخُضروات التي لا تُكال ولا تُدخر كالبطيخ والرُمان ونحوهما زكاة إلا إذا كانت للتجارة، فإنه يُزكي ما حال عليه الحول من قيمتها إذا بلغت النصاب كسائر عُروض التجارة، وإنما تجب الزكاة في الحُبوب والثمار التي تُكال وتُدخر كالتمر والزبيب والحِنطة والشعير ونحو ذلك؛ لعموم قوله تعالى: ﴿ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ﴾، وقوله تعالى: ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ﴾، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ليس فيما دون خمسة أَوْسُق من تمر ولا حب صدقة"؛ مُتفق على صحته، فدل على وجوبها فيما بلغ ذلك من الحُبوب التي تُكال وتُدَّخر، ولأن أخذ النبي صلى الله عليه وسلم الزكاة من الحِنطة والشعير يدل على وجوبها في أمثالها) اهـ[22].


وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: (الحُبوب والثمار تجب فيها الزكاة بشرط أن تكون مكيلة مُدخرة، فإن لم تكن كذلك فلا زكاة فيها، هذا هو أقرب الأقوال) اهـ[23].


وسُئل أيضًا رحمه الله: (الزكاة في الحُبوب والثمار فقط وأما ما عدا ذلك من الخُضروات والبطيخ والقُطن وما أشبهه، فلا زكاة فيه، لكن إذا أعده الإنسان للتجارة بعد أن يجنيه صار عُروض تجارة) اهـ[24].


شُروط وجوب الزكاة في الزُروع والثمار:
يُشترط لوجوب الزكاة في الزُروع والثمار شرطان:
الشرط الأول: بُلوغ النصاب:
ذهب جُمهور العُلماء من المالكية والشافعية والحنابلة إلى أن الزكاة لا تجب في الزُروع والثمار حتى تبلغ النصاب وهو خمسة أَوْسُق وهذا ما عليه ابن عُمر وجابر وعُمر بن عبد العزيز والحسن وعطاء وغيرهم.


لحديث أبي سعيد الخُدري رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ليس فيما دون خمسة أَوْسُق من التمر صدقة)[25].
وفي رواية بلفظ: (ليس في حب ولا تمر صدقة حتى يبلغ خمسة أَوْسُق)[26].


وعليه فلا تجب الزكاة في أقل من ذلك مهما كانت قيمة الزرع أو الثمر.


وذهب الحنفية إلى عدم اشتراط النصاب في زكاة الزُروع والثمار، فالزكاة واجبة في القليل والكثير، وهذا قول ابن عباس ومُجاهد والنخعي.


لحديث: سالم بن عبد الله عن أبيه رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( فيما سقت السماء والعُيون أو كان عَثَرِيًّا العُشر، وما سُقي بالنضح نصف العُشر )[27].


ومقدار الوسق = سُتون صاعًا.
والصاع = أربعة أمداد والمد حَفْنة بكفي الرجل المُعتدل.
وعليه فالخمسة أَوْسُق = ثلاثمائة صاع.


ومقدار النصاب بالكيل المصري: هو خمسون كيلة ( أربعة أرادب وكيلتان ).


والراجح هو ما ذهب إليه جُمهور العُلماء.


قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ( لا تجب الزكاة في الحُبوب والثمار حتى تبلغ نصابًا والنصاب خمسة أَوْسُق والوسُق سُتون صاعًا بصاع النبي صلى الله عليه وسلم فيكون مجموع الآصُع ثلاثمائة صاع بصاع النبي صلى الله عليه وسلم، فما دون ذلك فلا زكاة فيه) اهـ[28].


ولكن يلاحظ أن النصاب يُقدر بعد تصفية الحُبوب من قُشورها وجفاف الثمار؛ قال ابن قُدامة رحمه الله: (وتعتبر الخمسة الأوْسُق بعد التصفية في الحُبوب والجفاف في الثمار، فلو كان له عشرة أَوْسُق عنبًا لا يجيء منه خمسة أَوْسُق زبيبًا لم يجب عليه شيء؛ لأنه حال وجوب الإخراج منه فاعتبر النصاب بحاله) اهـ[29].


الشرط الثاني: أن يكون مملوكًا له وقت وجوب الزكاة أي وقت بدو الصلاح في الثمر واشتداد الحب في الزرع.


حُكم ضم الأصناف المُختلفة تكميلًا للنصاب:
اتفق العُلماء على أنه لا تجب زكاة الزُروع والثمار إلا عن كل صنف من الأصناف الواجب فيها الزكاة مُستقلًا إذا كمل خمسة أَوْسُق؛ أي يُزكى عن كل نوع من الأنواع على حِدة، ولا تُجمع الأجناس المُختلفة من الثمار للحُصول على النصاب فلا يُجمع التمر مع الزبيب من أجل تكميل النصاب؛ أي لا تضم الأنواع إلى بعضها البعض، وإن بلغ كل نوع من الأنواع نصابًا، فالواجب إخراج زكاة كل نوع بشكل مُستقل ومُنفصل.


واتفقوا أيضًا على أن الزُروع التي تكون من نفس الجنس يتم ضمها إلى بعضها البعض بحيث تُحتسب نصابًا واحدًا؛ حيث قالوا: تجمع أنواع الزبيب بعضها إلى بعض وتجمع أنواع البر بعضها إلى بعض وإن اختلفت في الجودة والرداءة؛ وذلك لأن الاسم الواحد يجمعها فاسم البر يجمع أصناف البر واسم التمر يجمع أصناف التمر؛


أي: إذا كان الجنس الواحد منه أنواع ضُم بعضها إلى بعض في تقدير النصاب.


المقدار الواجب إخراجه في زكاة الزُروع والثمار:
القدر الواجب إخراجه في زكاة الزرع والثمار يختلف باختلاف طريقة السقي.
فإن كان يُسقى بلا كُلفة ولا مُؤونة كالذي يشرب من السماء والأنهار والعيون وما يشرب بعُروقه وهو الذي يُغرس في أرض ماؤها قريب من وجهها، فتصل إليه عُروق الشجر فيستغني عن سقي، وكذلك ما كانت عُروقه تصل إلى نهر أو ساقية ففيه العُشر، وإن كان يُسقى بكُلفة ومؤونة كما لو احتاج آلة ترفع المياه كالمضخات وما شابه ففيه نصف العُشر، وهذا قول الأئمة الأربعة بل قال ابن قُدامة رحمه الله: (لا نعلم فيه خلافًا) اهـ[30].


والدليل على ذلك حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( فيما سقت الأنهار والغيم العُشور وفيما سُقي بالسَّانية نصف العُشر )[31].


وعن عن ابن عُمر رضي الله عنهما: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( فيما سقت السماء والعُيون أو كان عَثَرِيًّا العُشر وما سُقي بالنضح نصف العُشر )[32].


وقوله: "ما سقي بالنضح"؛ أي: ما سقي بالسَّواني وهي النواضح ومُفردها ناضحة.


ولكن إذا كانت الأرض تُسقى أحيانًا بالمطر، وأحيانًا بالآلة أُخرى على السواء: وجبت في المحصول ثلاثة أرباع العشر وهو الوسط بين العُشر الذي يخرج مما سقي بلا مؤونة، ونصف العُشر الذي يخرج فيما سقي بالآلة والكُلفة.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 128.59 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 126.87 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.34%)]