|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() ذكرى عيد الأضحى ياسين باجا يحتفل المسلمون في اليوم العاشر من شهر ذي الحجّة الهجري من كل سنة في جميع أنحاء العالم بعيد الأضحى المبارك، وهو من أعظم المناسبات الدينية الإسلامية التي تهدف إلى تعزيز وتجديد الإيمان بالله وتعظيمه وإعلاء القيّم الدينية والتقرّب إلى الله تعالى، ولإحياء سُنّة النبيّ إبراهيم الخليل عليه الصلاةُ والسلام لَمّا أمره الله تعالى بذَبح ابنه وفلذة كبده إسماعيل عليه السلام؛ قال الله - سبحانه وتعالى - في مُحكم تنزيله: ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ﴾ [الصافات: 102]، بعد امتثالهم لأمر الله تعالى وتصديق الرؤيا، فداه الله بذبحٍ (كبش أبيض)، كما ورد في قوله تعالى: ﴿ وَفَدَيْنَٰهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍۢ * وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ * سَلَامٌ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ * كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الصافات: 107 – 109]، ليعلو بذلكَ ذكر آل إبراهيم في العالمين، جزاءً له على إخلاص عمله لله وحده وبتوفيقٍ منه تبارك وتعالى.. فأصبحت بعدها الأضحية شرعية على الأمّة الإسلامية جمعاء، ليتذكّر العبد المسلم صَبر النبيّ إبراهيم وابنه عليهما أفضل الصلاة والسّلام على طاعة الخالق، ومدى انصياعهما لأوامره، والتأكيد على أنّ محبّة الله تعالى وتنفيذ أوامره مُقدّمة على محبّة الأبناء وهوى النفس راغبينَ بما عنده منَ الأجر العظيم والثّواب الجزيل على هذه الطّاعة. ويعتبر هذا العيد شعيرة من شعائر الإسلام العظيمة، التي وجب على الإنسان أن يعظمها، امتثالًا لأوامر الله عزَّ وجل، فهي من أعظم العبادات وأجلّ الطّاعات، قال الله - سبحانه وتعالى - في كتابه العزيز: ﴿ ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَٰٓئِرَ ٱللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى ٱلْقُلُوبِ ﴾ [الحج: 34]. وذلك بالتقرّب إلى اللَّه بذبحِ الأضاحي، والصدقة من لحومها على المحتاجين من الأقارب والجيران.. وهذا ما يعزّز روابط المحبّة والتضامن الاجتماعي، ومن ثم تجاوز الخلافات القائمة بين المتخاصمين ونشر التسامح، وكما هي أيضًا فرصة ثمينة لمساعدة الآخرين والتوسعة على النفس وأهل البيت، وتقديم الهدايا وإكرام الضيف.. إضافة إلى ما سبق، فتعظيم شعائر الإسلام واجب على كل مسلم، والأضحية سنّة مؤكّدة عن الرسول صلى الله عليه وسلم يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها، فقد لا يضحي المسلم المعسر في عيد الأضحى الذي لا يملك القدرة المادية لشراء الأضحية كما بيّن ذلك جمهور العلماء.. ولكن يجب أن يكون قلبه ممتلئًا بالتعظيم لهذه الشعيرة الدينية ومؤمنًا بها.. لا أنْ يكون العيد والكبش وسيلةً للافتخار والتباهي أمام الجيران وأفراد العائلة وأخذ الصور والفيديوهات ليتم نشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، دون احترامٍ لمشاعر الناس المحتاجة التي لا تملك ثمن شراء الأضحية، وبالخصوص في هذه السنة نتيجة غلاء أسعار المواد الغذائية الأساسية، وآخرها ارتفاع ثمن الأضاحي بشكل صاروخي في مختلف أسواق البلد.. بل وجب شراء الأضحية حسب القدرة الشرائية للإنسان شريطة أن تكون خالية من العيوب، وبلغت السن الشرعي والبدينة غير الهزيلة، كما جاء في الحديث عَنِ الْبَرَاءِ بنِ عَازِبٍ رضي الله عنه قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فقال: "أَرْبَعٌ لَا تَجُوزُ فِي الضَّحَايَا: الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا، والْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا، والْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ ظَلْعُهَا، والْكَسِيرَةُ الَّتِي لَا تُنْقِي"؛ رَوَاهُ أحمد، وصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ. وعلاقة بما سبق، فالأعياد بصفة عامة تعتبر من أعظم الطقوس لنقل القيم الدينية والعرفية من جيل إلى جيل أو بعبارة أخرى من الكبار (الآباء) إلى الصغار (الأبناء)، لأنهم يفرحون ويحتفلون ويتأثّرون أكثر من غيرهم بالأخص في مثل هذه المناسبات وفي النهاية يؤمنون بكل ما يشاهدون خلال تلك الأيام من الأحداث من صلاة، ونحر، وتكبير، وتهليل، وصلة للرحم... على أنَّها جزء من المناسك الدينية التي يحثنا عليها ديننا الحنيف، وسيحاولون تقليدها كلما عادت عليهم تلك الأعياد كلّ سنة، وذلك امتثالًا لأوامر الله تبارك وتعالى. كما هو أيضا فرصة للفرح والبهجة وتبادل التهاني والتبريكات بين أفراد العائلة والأصدقاء والجيران، مثل أن يقول المرء لأخيه المسلم: "تقبل الله منا ومنكم"، "مبروك العواشر" و"عيد مبارك سعيد"... ولبس اللّباس الجديد، والتطيّب بأجود العطور واستخدام السواك، والذهاب مبكرًا لحضور الصلاة وخطبة العيد في المصلى، وبعد الرجوع من الصلاة يتم ذبح الأضحية بحضور أهل البيت، ثم يأتي بعدها موعد الشواء والأكل في جوّ يسوده الفرح والبهجة، وتقديم الهدايا والتصدق على الفقراء والمحتاجين.. ومن خلال ذلك يتمّ تمرير الحب والعاطفة لأبنائنا، ليفهموا ذلك ويشاركونا تفاصيله الإنسانية العظيمة في جوانب حياتهم، لأن كلَّ عيد يختلفُ عن غيره. لذلك وجب على الآباءِ شرح معنى القيم والدروس المرجوة من هذا العيد الكبير.. وأنَّ العيد لا يقتصر على الذبح والأكل فقط، بل يتجاوز ذلك إلى ما هو ديني وروحي كما أشرت في بداية المقال.. وفي الختام: في يَوم العيد، لابُدَّ من إظهار الفرحة وتَبادل التهَاني والتزاور بين مختلفِ أفرَاد العائلة والأصدقاء والجيران، ومشاركة الأهل طقوس العيد وزيارة الأحباب وصلة الرحم.. افرحوا بالعيد، وأحيوا سُنَّة الرسول صلى الله عليه وسلم، بالتكبير والتهليل والذكر وشُكر اللَّه على ما هَداكم، يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ﴾ [البقرة: 185]. فالحَمدُ لِلَّه الّذِي بَلَّغنَا العيد بصِحَّةٍ وعَافية، مبتهلينَ إليه عزّ وجل أن يتقَبَّل منَّا الصّلاة والقيّام وتلاوة القُرآنِ وصَالِحَ الأعمَال على أكمَل وَجهٍ، وأن يَجعلنَا ممَّن غفرَ لهُم ما تقدّمَ من ذَنبِهم ومَا تأخَّر وفازُوا بالأجْر العَظِيم.. طَابَت أعيادُكم برفقة من تُحبّون، وكلّ عام والفَرح يملأ قلوبَكم وَأنتم إلى اللَّه أقرَب إن شَاء اللّه.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |