(هذا العيد يخاطبكم) خطبة عيد الأضحى 1444 هـ - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1176 - عددالزوار : 133083 )           »          سبل تقوية الإيمان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          إقراض الذهب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          حكم المصلي إذا عطس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          فقه الاحتراز (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          سُنّة: عدم التجسس وتتبع عثرات الناس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          القراءة في فجر الجمعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          الصلاة قرة عيون المؤمنين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          إلى القابضين على جمر الأخلاق في زمن الشح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          الأخوة في الدين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 26-06-2023, 10:19 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,879
الدولة : Egypt
افتراضي (هذا العيد يخاطبكم) خطبة عيد الأضحى 1444 هـ

(هذا العيد يخاطبكم) خطبة عيد الأضحى 1444 هـ
د. محمد جمعة الحلبوسي

الله أكبر (تسعًا) لا إله إلا لله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر كلما ضجَّت الأصواتُ بالدعوات، الله أكبر كلما تقرَّب العابدون بالصالحات، الله أكبر كلما تعرَّضوا لنفحاتِ الرحمن في عرفات، وكلما سَفَحَت الأعين هنالك من العَبَرات، الله أكبر كلما تعاقب النورُ والظلُمات، الله أكبر عدَدَ ما خلَق الله في الأرض والسماوات، الله أكبر كبيرًا والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرة وأصيلًا، أما بعـد:
فها نحن نعيش في صباح يوم عيد الأضحى المبارك، وهذا اليوم يذكرنا بالمعاني الفاضلة والأخلاق السامية؛ يذكرنا بقصة من قصص القران الكريم، قصة العائلة الصابرة التي امتثلت لأوامر الله تعالى، قصة سيدنا إبراهيم وعائلته، فعندما امتثل سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام لأمر الله عز وجل عندما أمره بذبح ولده الوحيد، ولم يتردد في تنفيذ أمر الله تعالى، وعندما امتثل الابن البار سيدنا إسماعيل عليه السلام لأبيه سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام وتلقى الأمر لا في طاعة واستسلام فحسب، ولكن في رضا ويقين، وعندما امتثلت أمنا هاجر لأمر الله تعالى، وأطاعت زوجها وتركت صبيها دون أن تعترض ولو بكلمة واحدة رغم تمزق قلبها واحتراقه على فلذة كبدها، وجاءها الشيطان اللعين ليحرِّك أمومتها، لكنها رجمته بالحجارة فلم تكن أقل حبًّا وامتثالًا لله من زوجها وابنها الوحيد، فيوم أن امتثلت هذه العائلة لأمر الله تعالى جاءها الفرج من الله عز وجل، ففرَّج كربتها وكشف غمها؛ قال تعالى: ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ [الصافات: 103 - 107].

فالعيد من خلال هذا الموقف يخاطبكم ويقول لكم: يا مسلمون، الامتثال لأمر ربكم والطاعة لنبيكم صلى الله عليه وسلم، هو طريق نجاتكم وخلاصكم مما تعانوه اليوم من الهموم والغموم والكروب والآلام.

إن من سنن الله تعالى في الأمم والشعوب أن الذي لا يَمتثل لطاعة الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، محكوم عليه بالهلاك، وأن الذي يمتثل لطاعتهما فإنه مشمول برحمة الله؛ ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ [الصافات: 103 – 107].

يقول سيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عندما جاءه رجل، فقال: يا بن مسعود، أَوْصِنِي، فقَالَ: (إِذَا سَمِعْتَ اللَّهَ يَقُولُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا فَأَصْغِ لَهَا سَمْعَكَ، فَإِنَّهُ خَيْرٌ تُؤْمَرُ بِهِ، أَوْ شَرٌّ تُصْرَفُ عنه) [1].

فيا ترى كيف حالنا مع الامتثال لأوامر الله تعالى ورسوله؟ كيف تطبيقنا لشرع الله تعالى في تعاملاتنا؟

لقد ضرب سلفنا الصالح رضي الله عنهم أروع الأمثلة في الطاعة والامتثال لأمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ويكفيك شاهدًا لما نًازلت آية تحــريم الخمر التي ختـــمها الله عــــز وجــــــل بقوله: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [المائدة: 90]، قال الصحابة الكرام رضي الله عنهم: ((انتهينا، انتهينا))، فحمل كل واحد جرة الخمر وسكبها في الشارع، حتى قالوا: سالت شوارع المدينة خمرًا؛ لسرعة استجابة الصحابة رضي الله عنهم لأمر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم[2].

وهذا سيدنا طَلْحَةُ بنُ الْبَرَاءِ رضي الله عنه لما لَقِيَ النبي صلى الله عليه وسلم جعل يلصق برسول الله صلى الله عليه وسلم ويقبِّل قدميه، ويقول: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مُرْنِي بِمَا أَحْبَبْتَ، فَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا! فَعَجِبَ لذلك النبي صلى الله عليه وسلم وهو غلام، فقال له عند ذلك: "اذْهَبْ، فَاقْتُلْ أَبَاكَ!" - وكان أبوه مشركًا - هو اختبارٌ لمحبة هذا الغلام، وصدق امتثالُه. فماذا فعل الغلام؟ إن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يقتل أباك! فلم يتردد وخرج مسرعًا ليفعل ما أمره به النبي صلى الله عليه وسلم، فدعاه، فقال له: "أَقْبِلْ، فَإِنِّي لَمْ أُبْعَثْ بِقَطِيعَةِ رَحِمٍ" [3].

هكذا كانت سرعة امتثال الصحابة لأمر النبي صلى الله عليه وسلم، فأين نحن أيها المسلمون من أوامر الله ورسوله؟! أين الامتثال لأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!

أيـن المسلم من قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((خَيـــْرُ الأَصْحَابِ عِنْدَ اللهِ خَيْرُهُمْ لِصَاحِبِهِ، وَخَيْرُ الجِيرَانِ عِنْدَ اللهِ خَيْرُهُمْ لِجَارِهِ)) [4]، فهل امتثلنا لأمر نبينا صلى الله عليه وسلم، وكنا خير الأصحاب لأصحابنا وخير الجيران لجيراننا؟!

أين المسلم من قول النبي صلى الله عليه وسلم: عندما جاءه رجل فقال: ((مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَالَ: «أُمُّكَ» قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أُمُّكَ» قَالَ: "ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أُمُّكَ» قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أَبُوكَ»))[5]، فهل امتثلنا لأمر نبينا صلى الله عليه وسلم وأحسنَّا إلى أمهاتنا وآبائنا؟!

أين المسلم من قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ، يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا، وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ))[6]، وقوله صلى الله عليه وسلم: (( وَمَنْ أَتَاهُ أَخُوهُ مُتَنَصِّلًا فَلْيَقْبَلْ ذَلِكَ مِنْهُ مُحِقًّا كَانَ أَوْ مُبْطِلًا، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ لَمْ يَرِدْ عَلَيَّ الْحَوْضَ))[7] ، فهل امتثلنا لأمر نبينا صلى الله عليه وسلم وتركنا هجر المسلمين وقطيعة الأرحام، وقبلنا أعذارهم؟!

أين المسلم من قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لَأنْ يُطعَنَ في رأسِ رجلٍ بِمِخْيَطٍ من حديدٍ خيرٌ من أن يمَسَّ امرأةً لا تَحِلُّ له)) [8]، فهل امتثلنا لأمر نبينا صلى الله عليه وسلم وتركنا مصافحة النساء الأجنبيات؟!

أين المسلمة من قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((أَيُّمَا امْرَأَةٍ اسْتَعْطَرَتْ فَمَرَّتْ عَلَى قَوْمٍ لِيَجِدُوا مِنْ رِيحِهَا، فَهِيَ زَانِيَةٌ))[9] ، فهل امتثلت لأمر نبيها صلى الله عليه وسلم وتركت مخالطة الرجال والخروج من بيتها متعطرة متزينة، سواء كان خروجها للصلاة في المسجد، أو لزيارة محارمها، أو خروجها إلى السوق؟

وأنا أوكِّد على مسألة خروج النساء، وخاصة أيام الأعياد والأعراس وهنَّ متزينات ومتبرِّجات ومتعطرات بأنه على الرجال أن يتقوا الله في المجتمع، ويَمنعوا نساءهم من التبرج ولُبس الملابس الفاتنة، أين أنتم من سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه يوم أن استقبلته في الطريق امْرَأَةً مُتَطَيِّبَةً، فقال: أَيْنَ تُرِيدِينَ يَا أَمَةَ الْجَبَّارِ؟ فَقَالَتْ: الْمَسْجِدَ، فَقَالَ: وَلَهُ تَطَيَّبْتِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: إِنَّهُ قَالَ: أَيُّمَا امْرَأَةٍ خَرَجَتْ مِنْ بَيْتِهَا مُتَطَيِّبَةً تُرِيدُ الْمَسْجِدَ، لَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهَا صَلاَةً حَتَّى تَرْجِعَ فَتَغْتَسِلَ مِنْهُ غُسْلَهَا مِنَ الْجَنَابَةِ) [10].

إذا كان سيدنا أبو هريرة صلى الله عليه وسلم أمر تلك المرأة في ذلك الزمان زمان العفة والاحتشام والحياء بالغسل ليس لأنها جُنب، وإنما أمرها بالغسل لتذهب رائحة الطيب، فماذا سيقول لنساء اليوم؟!

فيا من جئتم إلى صلاة العيد، هذا العيد يخاطبكم ويقول لكم: العيد هو عيد سيدنا إبراهيم، وعيد سيدتنا هاجر، وعيد سيدنا إسماعيل، هذا عيدهم؛ لأنهم امتثلوا لأمر الله تعالى، فهل نحن امتثلنا لأمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، عيدنا الحقيقي يوم أن نمتثل لأمر الله تعالى، يوم أن نطبِّق ووصايا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في واقع حياتنا.

فيا من جاءك أخوك ليتصالح معك، امتثِل لأمر الله واعفُ عنه، يا من تشاجرت مع جارك اذهَب إليه واصطلح معه امتثالًا لأمر الله ورسوله، يا من جعلت أباك يغضب عليك اذهَب إليه وقبِّل قدَمه ليرضى عنك امتثالًا لأمر الله، يا من تشاجرت مع زوجتك هذا هو يوم العيد، فاعفُ عنها، ألا تُحب أن يغفر الله لك، يا من قطعت أرحامك هذا هو يوم الصلة، فصلْ من قطعك واعفُ عمن ظلَمك وأحسِن إلى من أساء اليك، والله لا فرجَ لنا مما نحن فيه، ولا حل لمشاكلنا إلا بالامتثال لأمر الله: ﴿ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا [الإسراء: 8]، ﴿ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ [الرعد: 11].


أسال الله ربَّ العالمين أن يجعلنا من المتخلقين بأخلاق الأنبياء، وممن يَمتثلون لأوامر الله تعالى، اللهم أعنَّا على فعل الخيرات وترك المنكرات..

الخطبة الثانية
الله أكبر (سبعًا) لا إله إلا لله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

الله أكبر عدد ما أزهرَت الأزهار، الله أكبر عدد ما أثمَرَت الأشجار، الله أكبر عدد ما غرَّدَت الأطيار، الله أكبر عدد ما لبَّى المُلبُّون من الحُجَّاج والعُمَّار، الله أكبر كم أعتق الله برحمته عبدًا من النار، الله أكبر كم تجاوز عن الذنوب والأوزار، الله أكبر كم عفا عن عباده وهو الرحيم الغفار.

الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بُكرَة وأصيلًا.

أيها المسلم الكريم:
إن هــذا العيد يخاطبـــكم ويقول لكـــم: لن يتحقق لكم عيدكم إلا يوم أن تكون عقولكم واعيـــة، وأذهانكم صافية، وقلوبكم نقية، وصفوفكم متوحدة، وشعوبكم عزيزة، وبلادكم محررة، ومقدساتكم عزيزة، وتعيشوا كالمجتمع الذي عاشه صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف كان ذلك المجتمع؟! ما أخلاقه؟ كيف كان تعاملهم مع بعضهم؟

اسمع معي إلى أخلاق ذلك المجتمع العظيم على لسان سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه[11]:
في خلافة سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه كان سيدنا عمر بن الخطاب قاضيًا على المدينة المنورة (على ساكنها أفضل الصلاة وأتم التسليم)، فلبث سيدنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) قاضيًا لمدة لم يختصم إليه فيها أحد، فطلب من سيدنا أبي بكر رضي الله عنه أن يعفيَه من هذه المهمة، فقال له أبو بكر رضي الله عنه أمِنْ مشقة القضاء تطلب الإعفاء يا عمر؟ فقال: لا يا خليفة رسول الله، ولكن ليس لي حاجة عند قوم مؤمنين: عرف كل منهم ماله من حقٍّ فلم يطلب أكثر منه، وما عليه من واجب فلم يقصِّر في أدائه، أحبَّ كل منهم لأخيه ما يُحب لنفسه، إذا غاب أحدهم تفقدوه، وإذا مرِض عادوه، وإذا افتقر أعانوه، وإذا احتاج ساعدوه، وإذا أُصيب واسَوه، دينُهم النصيحةُ، وخلقُهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ففِيمَ يَختصمون؟!

أرأيتُم أخلاق ذلك المجتمع العظيم! فيوم أن نصِل بأخلاقنا إلى هذه القمم، فهذا هو عيدنا الأعظم، ويوم أن يشعَّ بيننا هذا النور فهذا هو يوم الفرح والسرور، ويوم أن نترجم ما قاله نبينا صلى الله عليه وسلم: (( لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ - أَوْ قَالَ: لِجَارِهِ - مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ )) [12]، فهذا هو العيد يا أبناء الإسلام.


أعاده الله تعالى علينا وعليكم وعلى المسلمين باليُمن والإيمان، والسلامة والإسلام، وتقبَّل الله منا ومنكم ومن المسلمين صالح الأعمال، وكل عام وأنتم بخير.

[1] أخرجه سعيد بن منصور في التفسير: (4/ 1659).

[2] صحيح البخاري، كتاب المظالم- باب صب الخمر في الطريق: (3/ 173)، برقم (2464)، وصحيح مسلم، كتاب الأشربة - بَابُ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ، وَبَيَانِ أَنَّهَا تَكُونُ مِنْ عَصِيرِ الْعِنَبِ، وَمِنَ التَّمْرِ وَالْبُسْرِ وَالزَّبِيبِ، وَغَيْرِهَا مِمَّا يُسْكِرُ: (3/ 1571)، برقم (1980).

[3] أخرجه الطبراني في المعجم الكبير: (4/ 28)، ومعرفة الصحابة لأبي نعيم (2/ 842).

[4] سنن الترمذي، أبواب البر والصلة- بَابُ مَا جَاءَ فِي حَقِّ الجِوَارِ: (3/ 397)، برقم (1944)، وَقالَ الترمذي: ( حَدِيثٌ حَسَنٌ ).

[5] صحيح مسلم، كتاب الْبِرِّ وَالصِّلَةِ وَالْآدَابِ- بَابُ بِرِّ الْوَالِدَيْنِ وَأَنَّهُمَا أَحَقُّ بِهِ: (4/ 1974)، برقم (2548).

[6] صحيح مسلم، كتاب الْبِرِّ وَالصِّلَةِ وَالْآدَابِ- بَابُ تَحْرِيمِ الْهَجْرِ فَوْقَ ثَلَاثٍ بِلَا عُذْرٍ شَرْعِيٍّ: (4/ 1984)، برقم (2560).

[7] صحيح مسلم، كتاب الْبِرِّ وَالصِّلَةِ وَالْآدَابِ- بَابُ تَحْرِيمِ الْهَجْرِ فَوْقَ ثَلَاثٍ بِلَا عُذْرٍ شَرْعِيٍّ: (4/ 1984)، برقم (2560).

[8] أخرجه الطبراني (20/ 212) (487)، والبيهقي كما في ((الترغيب والترهيب)) للمنذري (3/ 26) .

[9] سنن النسائي، كتاب الزينة ما يكره للنساء من الطيب: (5/ 430)، برقم (9422).

[10] أخرجه أحمد في مسنده: (12/ 311)، برقم (7356).

[11] ينظر: آل البيت الأطهار والصحابة الأخيار في الميزان، محمود المعاضيدي: (ص:201).

[12] صحيح مسلم، كتاب الايمان- بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ مِنْ خِصَالِ الْإِيمَانِ أَنْ يُحِبَّ لِأَخِيهِ الْمُسْلِمِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ مِنَ الْخَيْرِ: (1/ 67)، برقم (45).




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 56.96 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 55.29 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.94%)]