|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() خطر أكل أموال الناس بالباطل محمد بن حسن أبو عقيل الخطبة الأولى الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:فيا عباد الله، أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى وطاعته، والحذر من أكل أموال الناس بالباطل؛ وهو ما يأخذه الإنسان، ويستولي عليه من أموال الناس من غير وجه حق، قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ﴾ [النساء: 29]، يقول السعدي رحمه الله: "ينهى تعالى عباده المؤمنين أن يأكلوا أموالهم بينهم بالباطل؛ وهذا يشمل أكلها بالغصوب والسرقات، وأخذها بالقمار والمكاسب الرديئة؛ بل لعله يدخل في ذلك أكل مال نفسك على وجه البطر والإسراف؛ لأن هذا من الباطل، وليس من الحق، ثم إنه -لما حرم أكلها بالباطل- أباح لهم أكلها بالتجارات والمكاسب الخالية من الموانع، المشتملة على الشروط من التراضي وغيره"[1]. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((...كل المسلم على المسلم حرام؛ دمُه ومالُه وعِرْضُه))[2]. عباد الله، ولأكل أموال الناس بالباطل صورٌ كثيرة، ومظاهرُ عديدة، جاء الإسلام بتحريمها، وحماية الناس منها؛ ومن ذلك: 1- الربا، فأكله والتعامل به محرم بنص القرآن والسُّنَّة، فمن القرآن: قوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا ﴾ [البقرة: 275]، وقال تعالى: ﴿ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ﴾ [البقرة: 276]، ومن السنة: ما ورد عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: لعن رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ آكلَ الربا، ومُوكِلَه، وكاتبَه، وشاهديْه، وقال: ((هم سواءٌ))[3]. 2- ومن أكل أموال الناس بالباطل: الرِّشْوةُ؛ وهي ما يُعْطى ويُبذَلُ لإبطالِ حقٍّ، أو لإحقاقِ باطلٍ، وقد نهى النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم عنها، وحذَّر منها تحذيرًا شديدًا؛ حيث لعنَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وعلَى آلِه وسلَّمَ الرَّاشيَ والمُرتَشي[4]. 3- ومن صور أكل أموال الناس بالباطل: السرقة وهي حرام، والسارق مأثوم، وعقوبة السرقة قطع اليد، كما قال تعالى: ﴿ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [المائدة: 38]، وفي الحديث: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لعن اللهُ السارقَ، يسرقُ البيضةَ فتقطعُ يدُه، ويسرقُ الحبلَ فتقطعُ يدُه))[5]. 4- ومن صور أكل أموال الناس بالباطل: الغصب؛ وهو الاستيلاء على حق الغير عدوانًا بغير حق على سبيل الظلم، وذلك محرم إجماعًا؛ لقوله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ﴾ [النساء: 29]، ومن ذلك غصْبُ الأرض، والاستيلاءُ عليها، وقد توعَّد النبي صلى الله عليه وسلم من غصبَ أرضًا، وانتزعها من صاحبها بأشد الوعيد، فعن عبدالله بن عمر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من أخذ من الأرضِ شيئًا بغيرِ حقِّه، خُسِفَ به يومَ القيامةِ إلى سبعِ أرضين))[6]. 5- ومن أكل أموال الناس بالباطل: الغش في المعاملات التجارية، ففي الحديث: أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ مَرَّ علَى صُبْرَةِ طَعامٍ، فأدْخَلَ يَدَهُ فيها، فَنالَتْ أصابِعُهُ بَلَلًا، فقالَ: ((ما هذا يا صاحِبَ الطَّعامِ؟))، قالَ: أصابَتْهُ السَّماءُ يا رَسولَ اللهِ، قالَ: ((أفَلا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعامِ كَيْ يَراهُ النَّاسُ، مَن غَشَّ فليسَ مِنِّي))[7]. 6- كما حَذَّرَ النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن كثرةِ الحلفِ في البيعِ، فقال صلى الله عليه وسلم: ((إيَّاكُمْ وكَثْرَةَ الحَلِفِ في البَيْعِ، فإنَّه يُنَفِّقُ، ثُمَّ يَمْحَقُ))[8]؛ أي: يُروجُ السلعةَ، ثم يُذهب البركة من كسب البائع, ومن الثلاثة الذين لا ينظر الله إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم، ((والْمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ بالحَلِفِ الكاذِبِ))[9]. عباد الله، ومن أكل أموال الناس بالباطل: 7- الاتجار بالمخدرات واستعمالها: قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [المائدة: 90]، وفي الحديث: ((كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وكُلُّ خَمْرٍ حَرامٌ))[10]. 8- ومن أكل أموال الناس بالباطل: التطفيفُ في الكيل والميزان؛ قال تعالى: ﴿ وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ ﴾ [المطففين: 1]، يقول البغوي في تفسيره: "يعني: الذين ينقصون المكيال والميزان، ويبخسون حقوق الناس، قال الزجاج: إنما قيل للذي ينقص المكيال والميزان: مُطفِّف؛ لأنه لا يكاد يسرق في المكيال والميزان إلا الشيء اليسير الطفيف"[11]. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بالآيات والذكر الحكيم، إنه تعالى جواد كريم، ملك بر رؤوف رحيم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:فيا عباد الله، أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى، ولنعلم أن من أكل أموال الناس بالباطل: 9- أكل أموال اليتامى ظُلْمًا؛ كما قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ﴾ [النساء: 10]. 10- ومن صور أكل أموال الناس بالباطل: أكل مال الأجير والمستخدَم؛ وذلك بعدم إعطاء العُمَّال والأُجَرَاء والموظفين حقوقهم بعد استيفائهم لأعمالهم؛ سواء كان ذلك بجَحْدِ حق الأجير وإنكاره من طرف المسؤول أو صاحب العمل، أو ببخسه في حقِّه فلا يعطيه إيَّاه كاملًا؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((قال الله تعالى: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حُرًّا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرًا فاستوفى منه ولم يعطه أجره))[12]. 11 - ومن أكل أموال الناس بالباطل: عدم رد الأمانة، وعدم الوفاء بالدين؛ فمن الناس مَن يأخذ الديْن وفي نيته ألَّا يرُدَّه، أو يُماطل في رَدِّه لصاحبه، ومنهم من يخون الأمانة المودعة لديه، أو لا يردها لصاحبها، والله سبحانه وتعالى يقول: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ﴾ [النساء: 58]، و"الأمانات كل ما ائتمن عليه الإنسان وأمر بالقيام به، فأمر الله عباده بأدائها؛ أي: كاملة موفرة، لا منقوصة ولا مبخوسة، ولا ممطولًا بها، ويدخل في ذلك أمانات الولايات والأموال والأسرار؛ والمأمورات التي لا يطلع عليها إلا الله"[13]، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((مَن أخَذَ أمْوالَ النَّاسِ يُرِيدُ أداءَها أدَّى اللَّهُ عنْه، ومَن أخَذَ يُرِيدُ إتْلافَها أتْلَفَهُ اللَّهُ))[14]. عباد الله، ومن أكل أموال الناس بالباطل: 12- سؤال الناس من غير حاجة؛ كمن يطوف على التجار مُدَّعيًا أنه مستحق للزكاة وهو يكذب في ذلك، أو من يسأل الناس في المساجد والطرقات وهو غير صادق، فهذا أكل لأموال الناس بالباطل، فليتذكرْ هؤلاء قول النبي صلى الله عليه وسلم عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما يَزَالُ الرَّجُلُ يَسْأَلُ النَّاسَ، حتَّى يَأْتِيَ يَومَ القِيَامَةِ ليسَ في وجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ))[15]، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((مَن سَأَلَ النَّاسَ أمْوالَهُمْ تَكَثُّرًا، فإنَّما يَسْأَلُ جَمْرًا فَلْيَسْتَقِلَّ، أوْ لِيَسْتَكْثِرْ))[16]. فاتقوا الله عباد الله، وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه، فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]، وقال عليه الصلاة والسلام: ((مَنْ صلَّى عليَّ صلاةً صلى الله عليه بها عشرًا)) اللهُمَّ صَلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين، وعن سائر الصحابة أجمعين، وعن التابعينَ لهم وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بمنِّك وفضلك وإحسانك يا أرحم الراحمين، اللهُمَّ أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين، واجعل هذا البلد آمنًا مطمئنًا وسائرَ بلادِ المسلمين، اللهم انصر دينك وكتابك وسنةَ نبيِّك وعبادَك المؤمنين، اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم وفِّق ولي أمرنا لما تُحِبُّ وترضى وهيِّئ له البطانة الصالحة التي تُعينه على الحق يا رب العالمين، اللهُمَّ وفِّق علماءنا وشيبنا وشبابنا ونساءنا وذرياتنا لكل خير، ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكوننَّ من الخاسرين، ربَّنا آتنا في الدنيا حسنةً، وفي الآخرة حسنةً، وقِنا عذاب النار. عباد الله، إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القُرْبى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعِظُكم لعلكم تذكرون، وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم، ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها، وقد جعلتم الله عليكم كفيلًا، إنَّ الله يعلم ما تفعلون، واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكرُ الله أكبرُ، والله يعلم ما تصنعون. [1] السعدي، تيسير الكريم الرحمن، ص 175. [2] صحيح مسلم، الرقم: 2564. [3] صحيح مسلم، الرقم: 1598. [4] سنن الترمذي، الرقم: 1336. [5] صحيح البخاري، الرقم: 6783. [6] صحيح البخاري، الرقم: 2454. [7] صحيح مسلم، الرقم: 102. [8] صحيح مسلم، الرقم: 1607. [9] صحيح مسلم، الرقم: 106. [10] صحيح مسلم، الرقم: 2003. [11] البغوي، معالم التنزيل: 8/ 361. [12] صحيح البخاري، الرقم: 2227. [13] السعدي، تيسير الكريم الرحمن، ص 183. [14] صحيح البخاري، الرقم: 2387. [15] صحيح البخاري، الرقم: 1474. [16] صحيح مسلم، الرقم: 1041.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |