|
رمضانيات ملف خاص بشهر رمضان المبارك / كيف نستعد / احكام / مسابقات |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() مفهوم الصيام د. محمود فتوح محمد سعدات إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أمّا بعد: تعد العبادة واحدة من حاجات الإنسان التي يتوجه فيها باطنياً نحو الحقيقة التي أبدعته ويرى ذاته تحت هيمنتها، فيتمثل في واقع الحال سير الإنسان من الخلق نحو الخالق، وبغض النظر عن الفوائد المتوخاة منها فأنها بحد ذاتها من حاجات الإنسان الروحية وعدم الإتيان بها ينجم حصول خلل في اتزانه، وفراغ في وجود الإنسان. وإن ثمة فراغ في وجود الإنسان إذا لم يتم إشباعه بما يؤدي إلى حصول حالة من الاضطراب وفقدان التوازن في جانبها الروحي. وإشباع هذا الفراغ يتم بالعبادة ملبياً متطلبات حاجاته الأخرى فيكون محافظاً على الجانب الروحي والمادي في نفس الوقت ليحصل الاتزان في ذاته. إن الروح الإنسانية ذات شفافية عالية وتبدي ردود الفعل بسرعة وإذا ما ضغط عليها الإنسان في عمل ما يتمثل رد فعلها في الفرار والتملص، لذلك أكد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) على أن يعبد المرء مادامت لديه رغبة واندفاع والكف حينما يشعر بالتعب والتثاقل أي أن لا يفرض العبادة على نفسه وعليه التوافق ولا يرغم نفسه على شيء منها لان بذلك يدفعها تلقائياً إلى الملل والتهرب، ويصبح الأمر وكأنه قدم لها الدواء المر فيترك فيه سيئة، لذا وجب عليه أن يجعل العبادة مقرونة بالنشاط والبهجة، وأن يترك في نفسه ذكرى طيبة عنها، فلا بد للإنسان أن يأتي بالعبادة وفق النهج السليم لها ولا يكون استيعابه لها محدوداً فلا يفرط بها بحيث تصبح عبئاً عليه فيفرضها ولا يتركها بحيث يصبح فاقداً لها، وبذلك يكون الإنسان ملماً لكل جوانب حياته كالجانب العبادي والأخلاقي والاجتماعي فتصبح لديه القدرة والقابلية على بناء مجتمع إسلامياً سليماً. فرض الله سبحانه وتعالى الصوم على المسلمين في السنة الثانية للهجرة بقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183]، والله تعالى لا يكتب شيئاً على عباده إلا إذا كان فيه مصلحة ومنفعة لهم، فالصوم صحة لبني البشر وله فوائد لا يمكن حصرها، وقد قال عز من قائل: ﴿ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ ﴾ [البقرة: 184]، وقال رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم: (صوموا تصحّوا) وقال أيضاً: (عليكم بالصوم فإنه محسمة للعروق ومذهبة للأشر). ويعد الصيام شعيرةٌ من الشعائر الإسلامية العظيمة، وعبادة من العبادات التي لها أكبرُ الأثرِ في حياة المسلم روحيًّا وخلقيًّا واجتماعيًّا؛ ذلك أنَّ شهر رمضان موسمٌ عظيم من مواسم الخير؛ تصفو فيه النفوس، وتقترب القلوب من خالقها، وتفتح فيه أبواب الجنَّة، أنزل الله فيه القرآنَ على نبيِّه العظيم صلى الله عليه وسلم هُدًى للناس وفرقانًا بين الحق والباطل وتبيانًا لسبل الخير. ويعتبر الصوم ركنٌ من أركان الإسلام الخمسة، وهو فرض عين على كلِّ مسلم قادر مقيم، يقول رسول الله – (صلى الله عليه وسلم) -: (بُنِي الإسلامُ على خمسٍ: شهادة أن لا إله إلا الله وأنَّ محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً) (البخاري، 1379). ويعد الصيام من العبادات والشعائر التي تعبَّد الله بها الأمم السابقة؛ لقوله سبحانه وتعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183]. وقد بيَّنت الآية أنَّ الصيام فريضة الله في كلِّ دين أنزَلَه الله، ودين الله في صيغته الأخيرة الخاتمة والناسخة قد فرض فيه الصوم بصيغةٍ نهائية وخاتمة وناسخة؛ ولذلك كان صومًا ما شئت أنْ ترى من واقعيَّته إلا رأيت، ومن سهولته إلا رأيت، ومن نفعه إلا رأيت، ومن آثاره الطيِّبة على الحياة البشريَّة اجتماعيًّا وسلوكيًّا وعمليًّا، ذلك أنَّ الصوم مدرسةٌ إسلاميَّة عظيمة تُربِّي الإنسان بكلِّ مكوناته ومقوِّماته النفسيَّة والجسميَّة والروحيَّة والخلقيَّة والاجتماعيَّة؛ إذ إنَّ للصوم حِكَمًا كثيرة وفوائد جمَّة من الناحية الاجتماعيَّة، ومن الناحية الفرديَّة منها: العطف على المساكين؛ لأنَّ الصائم عندما يعضُّه الجوع يتذكَّر من هذا حاله في عموم الأوقات، فيحمله هذا على رحمة المساكين؛ لأنَّ الرحمة في الإنسان تنشأ عن الألم والصيام طريقة عمليَّة لتربية الرحمة في النفس، ومتى تحقَّقت رحمة الغني للفقير الجائع أصبحت للكلمة الإنسانية الداخليَّة سلطانها النافذ. الصوم فى اللغة: قال ابن منظور في لسان العرب الصوم: ترك الطعام، والشراب، والكلام: صام يصوم صوماً وصياماً، واصطام... والصوم في اللغة: الإمساك عن الشيء، والترك له، وقيل للصائم: صائم؛ لإمساكه عن المطعم والمشرب، والمنكح، وقيل للصامت: صائم لإمساكه عن الكلام، وقيل للفرس: صائم؛ لإمساكه عن العلف مع قيامه... قال أبو عبيدة: كل ممسك عن طعام، أو كلام، أو سير فهو صائم. وقال الله تعالى إخباراً عن مريم: ﴿ إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا ﴾ [سورة مريم، الآية:26] أي: صمتاً؛ لأنه إمساك عن الكلام، ويفسره قوله تعالى: ﴿ فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا ﴾ [سورة مريم، الآية:26]. الصوم في الشرع: توجد تعريفات عدة للصوم في الشرع منها: • هو الإمساك عن الأكل والشرب والجماع، وغيرها مما ورد به الشرع في النهار على الوجه المشروع، ويتبع ذلك الإمساك عن الرفث والجهل وغيرها من الكلام المحرم والمكروه (كتاب الصيام من شرح العمدة، لشيخ الإسلام ابن تيمية، 1/ 24). • عبارة عن إمساك مخصوص: وهو الإمساك عن الأكل، والشرب، والجماع من الصبح إلى المغرب مع النية (التعريفات للجرجاني، ص177، والمصباح المنير، للفيُّومي، 1/ 352). • عبارة عن إمساك عن أشياء مخصوصة في وقت مخصوص (المغني لابن قدامة، 4/ 323، والشرح الكبير، 7/ 323). • هو عبارة: عن إمساك مخصوص، في وقت مخصوص، على وجه مخصوص (الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي، 7/ 323). • هو الإمساك عن الأكل والشرب والجماع وغيرها مما ورد به الشرع في النهار على الوجه المشروع (كتاب الصيام من شرح العمدة، لشيخ الإسلام ابن تيمية، 1/ 24). • هو إمساك مخصوص من شخص مخصوص، عن شيء مخصوص، في زمنٍ مخصوص (الإعلام بفوائد عمدة الأحكام، لابن الملقن، 5/ 153). • هو الإمساك عن المفطر على وجه مخصوص (الموسوعة الفقهية، 28/7). • هو إمساكٌ بِنِيَّةٍ عن أشياء مخصوصة، في زمن معيَّن، من شخص مخصوص (الروض المربع مع حاشية ابن قاسم، 3/ 346، ومنتهى الإرادات لمحمد بن أحمد الفتوحى،2/ 5، والإقناع لطالب الانتفاع، للحجَّاوي، 1/ 485).
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |