هل ينافي الرضا البكاء على الميت؟ - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4518 - عددالزوار : 1311409 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4943 - عددالزوار : 2041986 )           »          تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1174 - عددالزوار : 132269 )           »          3 مراحل لانفصام الشخصية وأهم أعراضها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          متلازمة الشاشات الإلكترونية: كل ما تود معرفته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          ما هي أسباب التعرق الزائد؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          أضرار الوجبات السريعة على الأطفال: عواقب يُمكنك تجنبها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          الوقاية من القمل بالقرنفل: أهم الخطوات والنصائح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          علاج جفاف المهبل: حلول طبيّة وطبيعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          الوقاية من القمل في المدارس: دليل شامل للأهل والمعلم! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-01-2023, 02:09 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,857
الدولة : Egypt
افتراضي هل ينافي الرضا البكاء على الميت؟

هل ينافي الرضا البكاء على الميت؟
إبراهيم الدميجي

الحمد لله شرح صدور المؤمنين فانقادوا لطاعته، وحبَّب إليهم الإيمان وزينه في قلوبهم، فلم يجدوا حرجًا في الاحتكام إلى شريعته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله، واستمسكوا بدينه، واعلموا أن الفوز كل الفوز في طاعته، وأن الخيبة والخسران في معصيته.

عباد الرحمن، يسأل بعض الأفاضل سؤالًا تلح الأحوال على الدوام بدوران حاله على كافة الناس؛ ذلك أن الله تعالى قد كتب الموت على كل حي؛ كما قال سبحانه: ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ [آل عمران: 185]، وقد أمرنا سبحانه بالرضا بقضائه، فهل ينافي الرضا البكاء على الميت؟

أيها المؤمنون: إن هذا سؤال من الأهمية بمكان، فقد اشتبه على كثير من الناس لاشتباه صوره، وتداخل أطرافه، وصعوبة تصوره، والجواب: أن دمع العين لا بأس به، بل هو محمودٌ محبوب؛ لصدوره عن لين القلب بالرحمة، فهو غير منافٍ للرضا ما لم يصحبه محذور كأقوال وأفعال أهل الجزع، وقد كان سيد الراضين صلى الله عليه وسلم يبكي رحمة بالميت، مع امتلاء قلبه بالرضا والحمد لربه تعالى: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب: 21].

فعن أنس بن مالك، قال: ((شهدنا دفن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس على القبر، فرأيت عينيه تدمعان، فقال: هل منكم من أحد لم يقارف الليلة؟ فقال أبو طلحة: أنا، فقال: انزل في قبرها، فنزل في قبرها))[1]، وعنه أيضًا رضي الله عنه: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على ابنه إبراهيم رضي الله عنه، وهو يجود بنفسه، فجعلت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم تذرفان، فقال له عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه: وأنت يا رسول الله؟ فقال: يا ابن عوف، إنها رحمة، ثم أتبعها بأخرى، فقال: إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون))[2]، وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنةً له تقضي[3]، فاحتضنها، فوضعها بين يديه، فماتت وهي بين يديه، فصاحت أم أيمن، فقال يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتبكين عند رسول الله؟ فقالت: ألست أراك تبكي؟ قال: إني لست أبكي[4]، إنما هي رحمة، إن المؤمن بكل خير على كل حال، إن نفسه تنزع من بين جنبيه وهو يحمد الله تعالى))[5].

وعن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال: ((أرسلت بنت النبي صلى الله عليه وسلم[6]: إن ابني قد احتُضر فاشهدنا، فأرسل يقرئ السلام، ويقول: إن لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمًّى، فلتصبر ولتحتسب، فأرسلت إليه تقسم عليه ليأتينها، فقام ومعه سعد بن عبادة، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت، ورجال، فرُفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم الصبيُّ، فأقعده في حِجره، ونفسُهُ تقعقع، قال: كأنها شن، وفي رواية: تقعقع[7] كأنها في شن[8]، ففاضت عيناه، فقال سعد: يا رسول الله، ما هذا؟ قال: هذه رحمة جعلها الله في قلوب مَن شاء مِن عباده؛ إنما يرحم الله من عباده الرحماء))[9]، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ((رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل عثمان بن مظعون وهو ميت، حتى رأيت الدموع تسيل))، ولفظ الترمذي: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم قبَّل عثمان بن مظعون وهو ميت، وهو يبكي، أو قال: عيناه تذرفان))[10]، وعن أنس رضي الله عنه: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم نَعَى زيدًا وجعفرًا للناس قبل أن يأتيهم خبرهم، فقال: أخذ الراية زيد فأُصيب، ثم أخذ جعفر فأُصيب، ثم أخذ ابن رواحة فأُصيب - وعيناه تذرفان - حتى أخذ الراية سيفٌ من سيوف الله حتى فتح عليهم))[11].

وعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: ((اشتكى سعد بن عبادة شكوى له، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعُوده مع عبدالرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وعبدالله بن مسعود رضي الله عنهم، فلما دخل عليه وجده في غاشية أهله[12]، فقال: قد قضى؟ قالوا: لا يا رسول الله، فبكى النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رأى القوم بكاء النبي صلى الله عليه وسلم بكَوا، فقال: ألا تسمعون؟ إن الله لا يعذِّب بدمع العين، ولا بحزن القلب، ولكن يعذِّب بهذا[13] - وأشار إلى لسانه - أو يرحم[14]))[15] [16].
واملأ فؤادك رحمةً لذوي الأسى = لا يرحم الرحمنُ مَن لا يرحم

قال شيخ الإسلام: "ولهذا لم نؤمر بالحزن المنافي للرضا قط، مع أنه لا فائدة فيه، فقد يكون مضرة، لكن يُعفى عنه إذا لم يقترن به ما يكرهه الله، لكن البكاء على الميت على وجه الرحمة حسن مستحب، وذلك لا ينافي الرضا، بخلاف البكاء عليه لفوات حظه منه"[17].

وبهذا تعرف معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم لما بكى على الميت وقال: ((إن هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء))[18]، وأن هذا ليس كبكاء من يبكي لحظِّه لا لرحمة الميت، وإن الفضيل بن عياض لما مات ابنه عليٌّ، ضحِك، وقال: "رأيت أن الله قضى فأحببت أن أرضى بما قضى الله به"، فحاله حال حسن بالنسبة إلى أهل الجزع، وأما رحمة الميت مع الرضا بالقضاء، وحمد الله، كحال النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا أكمل؛ قال تعالى: ﴿ ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ [البلد: 17]، فذكر سبحانه التواصي بالصبر والرحمة؛ والناس أربعة أقسام:

منهم من يكون فيه صبر بقسوة، ومنهم من يكون فيه رحمة بجزع، ومنهم من يكون فيه القسوة والجزع، والمؤمن المحمود الذي يصبر على ما يصيبه ويرحم الناس[19]، وقال ابن القيم رحمه الله: "وقد ذُكر في مناقب الفضيل بن عياض أنه ضحك يوم مات ابنه علي، فسُئل عن ذلك فقال: إن الله تعالى قضى بقضاء فأحببت أن أرضى بقضائه، وهديُ رسول الله أكمل وأفضل؛ فإنه جمع بين الرضا بقضاء ربه تعالى، وبين رحمة الطفل، فإنه لما قال له سعد بن عبادة: ما هذا يا رسول الله؟ قال: ((هذه رحمة، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء))، والفضيل ضاق عن الجمع بين الأمرين، فلم يتسع للرضا بقضاء الرب وبكاء الرحمة للولد، هذا جواب شيخنا سمعته منه"[20].

وعلى الباكي أن يتذكر الرضا، ويحرك به قلبه؛ حتى لا تأخذه زفرات الحزن لشيء من الاعتراض وهو لا يشعر.
قل لقوم يستنزفون المآقي
هل شَفيتم من البكاء غليلا
ما أتينا إلى الحياة لنشقى
فأريحوا أهلُ العقول العقولا
كل من يجمع الهموم عليه
أخذته الهموم أخذًا وبيلا



بارك الله لي ولكم ...

[1] البخاري (1285) (1342).

[2] البخاري (1303)، ومسلم (2315).

[3] تقضي: تشرف على الموت، زاد النسائي: "صغيرة"، وهي بنت ابنته زينب من أبي العاص بن الربيع رضي الله عنهم.

[4] أي: لست أنوح.

[5] أحمد (1/ 268)، والترمذي في الشمائل (324)، وصححه الألباني في مختصر الشمائل (279).

[6] قيل: إنها زينب رضي الله عنها بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.

[7] تقعقع: تضطرب وتتحشرج؛ أي: إن روح الصبي تخرج من جسده.

[8] الشَّنُّ: القِربة البالية.

[9] البخاري (1284)، ومسلم (923).

[10] أبو داود (3163)، والترمذي (989)، وصححه الألباني.

[11] البخاري (4262).

[12] غاشية أهله: أي الذين يغشونه للخدمة وغيرها؛ [عن: فتح الباري لابن حجر (3/ 175)].

[13] "ولكن يعذِّب بهذا": أي: إن قال سوءًا؛ [عن: فتح الباري (3/ 175)].

[14] "أو يرحم": أي: إن قال خيرًا؛ [فتح الباري (3/ 175)].

[15] البخاري (1304)، ومسلم (924).

[16] وانظر: رحمة للعالمين، لسعيد بن وهف القحطاني رحمه الله تعالى (1/ 81 - 84).

[17] فالمحمود بكاء الرحمة بالميت، لا بكاء فوات حظ نفسه منه.

[18] البخاري (1284)، ومسلم (923).

[19] أمراض القلوب (1/ 58)، وانظرها في مجموع الفتاوى (10/ 47).

[20] تحفة المودود بأحكام المولود (1/ 106).


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 51.70 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 50.02 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.24%)]