القبر والبعث والحشر يوم القيامة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         استحباب الإتيان بأذكار النوم على طهارة ولكن هل من توضأ للنوم ثم انتقض وضوؤه هل تلزمه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          : Writing “Bismillaah ir-Rahmaaan il-raheem” on wedding invitations is permissible (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          هل تقال أذكار النوم والاستيقاظ عند كل نوم واستيقاظ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          فوائد عظيمة في قراءة آية الكرسي والمعوذات قبل النوم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          حكم كتابة البسملة فى بطاقات الدعوة، وكيفية كيفية إتلاف ما كتب عليه اسم الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          شرح دعاء "لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين " (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          تعلم أمور الدنيا لا يتنافى مع تعلم الدين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          شراء واستخدام صندوق مطليّ بماء الذهب فيه عطور (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          أحكام تزيين النساء وعرض صورهن في مجموعة نسائية مغلقة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          حكم طباعة الصور المجانية من الإنترنت على القمصان وبيعها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16-11-2022, 06:11 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,240
الدولة : Egypt
افتراضي القبر والبعث والحشر يوم القيامة

القبر والبعث والحشر يوم القيامة
د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني

إن الحمدَ لله، نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا، ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ لهُ، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]، أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله عز وجل، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وكلَّ ضلالةٍ في النارِ، أما بعدُ:

فحَدِيثُنَا معَ حضراتِكم في هذه الدقائقِ المعدوداتِ عن «القبر، والبعث، والحشر يوم القيامة».

واللهَ أسألُ أن يجعلنا مِمَّنْ يستمعونَ القولَ، فَيتبعونَ أَحسنَهُ، أُولئك الذينَ هداهمُ اللهُ، وأولئك هم أُولو الألبابِ.

اعلموا أيها الإخوة المُؤمنونَ أنه ممَّا يجبُ علينا الإيمان به: الإيمانُ بسؤالِ الملكينِ في القبر، وهما المنكرُ والنكيرُ، يسألانِ العبدَ ثلاثةَ أسئلةٍ:

1- مَنْ ربُّكَ؟

2- مَا دينُكَ؟

3- منِ الرسولُ الَّذِي أُرسلَ إليكَ؟

روى التِّرمِذِيُّ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا قُبِرَ المَيِّتُ أَتَاهُ مَلَكَانِ أَسْوَدَانِ أَزْرَقَانِ، يُقَالُ لِأَحَدِهِمَا: المُنْكَرُ، وَلِلْآخَرِ: النَّكِيرُ، فَيَقُولَانِ: مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ؟ فَيَقُولُ مَا كَانَ يَقُولُ: هُوَ عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَيَقُولَانِ: قَدْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُولُ هَذَا، ثُمَّ يُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعًا فِي سَبْعِينَ، ثُمَّ يُنَوَّرُ لَهُ فِيهِ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ، نَمْ، فَيَقُولُ: أَرْجِعُ إِلَى أَهْلِي، فَأُخْبِرُهُمْ، فَيَقُولَانِ: نَمْ كَنَوْمَةِ العَرُوسِ الَّذِي لَا يُوقِظُهُ إِلَّا أَحَبُّ أَهْلِهِ إِلَيْهِ، حَتَّى يَبْعَثَهُ اللهُ مِنْ مَضْجَعِهِ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ مُنَافِقًا قَالَ: سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ، فَقُلْتُ مِثْلَهُ، لَا أَدْرِي، فَيَقُولَانِ: قَدْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُولُ ذَلِكَ، فَيُقَالُ لِلأَرْضِ: التَئِمِي عَلَيْهِ، فَتَلْتَئِمُ عَلَيْهِ، فَتَخْتَلِفُ[1] فِيهَا أَضْلَاعُهُ، فَلَا يَزَالُ فِيهَا مُعَذَّبًا حَتَّى يَبْعَثَهُ اللهُ مِنْ مَضْجَعِهِ ذَلِكَ»[2].

ويجبُ علينا الإِيمانُ بِنعيمِ القَبرِ وعذابِهِ، النعيمِ لأهلِ الطاعةِ، والعذابِ لمن كان مستحقًّا له من أهلِ المعصيةِ، والفجورِ؛ قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ [إبراهيم: 27].

ورَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا مَاتَ عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَالعَشِيِّ[3]، إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ فَمِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَيُقَالُ: هَذَا مَقْعَدُكَ[4] حَتَّى يَبْعَثَكَ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ»[5].

ورَوَى البُخَارِيُّ عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنهم عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا أُقْعِدَ المُؤْمِنُ فِي قَبْرِهِ أُتِيَ، ثُمَّ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ [إبراهيم: 27]»[6].

وقَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ لنَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (46) وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ [غافر: 46، 47].

قال العلماءُ:«هَذِهِ الْآيَةُ أَصْلٌ كَبِيرٌ فِي اسْتِدْلَالِ أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى عَذَابِ الْبَرْزَخِ فِي الْقُبُورِ»[7].

وقَالَ تَعَالَى: ﴿ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ [التوبة: 101].

استدلَّ الإمامُ البُخَارِيُّرحمه الله في صحيحِهِ بهذه الآيةِ، والتي قبلَها على عذابِ القبرِ[8].

ورَوَى مُسْلِمٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ تُبْتَلَى فِي قُبُورِهَا، فَلَوْلَا أَنْ لَا تَدَافَنُوا، لَدَعَوْتُ اللهَ أَنْ يُسْمِعَكُمْ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ الَّذِي أَسْمَعُ مِنْهُ».

ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ، فَقَالَ: «تَعَوَّذُوا بِاللهِ مِنْ عَذَابِ النَّارِ».

قَالُوا: نَعُوذُ بِاللهِ مِنْ عَذَابِ النَّارِ.

فَقَالَ: «تَعَوَّذُوا بِاللهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ».

قَالُوا: نَعُوذُ بِاللهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ[9].

ويجب الإيمانُ ببعثِ الموتى يومَ القيامةِ، وذلك بإحيائِهم، وإخراجِهم من قبورِهم للحساب، والجزاء.

فإنَّ اللهَ تعالى يجمعُ أجسادَ المقبورينَ التي تحلَّلت ويعيدُها بقدرتِه كما كانتْ، ثم يعيدُ الأرواحَ إليها، ويسوقُهم إلى محشرهِم؛ لفصلِ القضاءِ[10].

قالَ اللهُ تَعالى مقرِّرًا للبعثِ بأنَّ القادرَ على الابتداءِ قادرٌ على الإعادةِ منْ بابٍ أوْلى: ﴿ وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [الروم: 27].

وقَالَ تَعَالَى: ﴿ مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِي [لقمان: 28].

وقَالَ تَعَالَى: ﴿ زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ [التغابن: 7].

وعندمَا قَالَ المعترِضُ على البعثِ: ﴿ وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ [يس: 78].

قَالَ تَعَالَى: ﴿ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ [يس: 79].

ورَوَى البُخَارِيُّ عَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ «إِنَّ رَجُلًا حَضَرَهُ المَوْتُ، لَمَّا أَيِسَ[11] مِنَ الحَيَاةِ أَوْصَى أَهْلَهُ: إِذَا مُتُّ فَاجْمَعُوا لِي حَطَبًا كَثِيرًا، ثُمَّ أَوْرُوا[12] نَارًا، حَتَّى إِذَا أَكَلَتْ لَحْمِي، وَخَلَصَتْ[13] إِلَى عَظْمِي، فَخُذُوهَا فَاطْحَنُوهَا فَذَرُّونِي[14] فِي اليَمِّ فِي يَوْمٍ حَارٍّ، أَوْ رَاحٍ[15]، فَجَمَعَهُ اللهُ فَقَالَ: لِمَ فَعَلْتَ؟ قَالَ: خَشْيَتَكَ، فَغَفَرَ لَهُ»[16].

ورَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ أَرْبَعُونَ».

قَالُوا: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَرْبَعُونَ يَوْمًا.

قَالَ: أَبَيْتُ[17].

قَالَ: أَرْبَعُونَ سَنَةً.

قَالَ: أَبَيْتُ.

قَالَ: أَرْبَعُونَ شَهْرًا.

قَالَ: أَبَيْتُ.

قَالَ رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «وَيَبْلَى كُلُّ شَيْءٍ مِنَ الإِنْسَانِ، إِلَّا عَجْبَ ذَنَبِهِ[18]، فِيهِ يُرَكَّبُ الخَلْقُ[19]»[20].

ورَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَا تُفَضِّلُوا بَيْنَ أَنْبِيَاءِ اللهِ، فَإِنَّهُ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ، فَيَصْعَقُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ، إِلَّا مَنْ شَاءَ اللهُ، ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ أُخْرَى، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ بُعِثَ، فَإِذَا مُوسَى آخِذٌ بِالعَرْشِ، فَلَا أَدْرِي أَحُوسِبَ بِصَعْقَتِهِ يَوْمَ الطُّورِ، أَمْ بُعِثَ قَبْلِي»[21].

أقولُ قولي هذا، وأَستغفرُ اللهَ لي، ولكُم.



الخطبة الثانية

الحمدُ لله وكفى، وصلاةً وَسَلامًا على عبدِه الذي اصطفى، وآلهِ المستكملين الشُّرفا، أما بعد:

فممَّا يجبُ الإيمانُ به في اليوم الآخر الإيمانُ بالحشْرِ، وهو الجمعُ بعد الموتِ؛ للحسابِ والجَزاءِ.

وقد دلَّتِ الآياتُ والأحاديثُ على حشرِ العبادِ بعد بعثِهم إلى أرضِ المحشرِ حُفاةً عُراةً غير مختونين.

قَالَ تَعَالى: ﴿ يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ [إبراهيم: 48].

وقَالَ تَعَالى: ﴿ وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا [الكهف: 47].

ورَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنه قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا[22]».

قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ النِّسَاءُ وَالرِّجَالُ جَمِيعًا يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ؟!

قَالَ صلى الله عليه وسلم: «يَا عَائِشَةُ الْأَمْرُ أَشَدُّ مِنْ أَنْ يَنْظُرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ»[23].

وَهذا الحشرُ عامٌّ لجميعِ الخلائقِ، وهناكَ حشرٌ آخرُ إما إلى الجنةِ، وإمَّا إلى النارِ، فنسأل الله من فضله.

فيُحشرُ المؤمنونَ إلى الجنةِ وفدًا، والوفدُ همُ القائمونَ الرُّكبَانُ.

قَالَ تَعَالَى: ﴿ يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا [مريم: 85].

قَالَ عَليٌّرضي الله عنه فِي قَولِهِ تَعَالى: ﴿ يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا، قال:«أَمَا وَاللهِ مَا يُحْشَرُ الْوَفْدُ عَلَى أَرْجُلِهِمْ، وَلَا يُسَاقُونَسَوْقًا، وَلَكِنَّهُمْ يُؤْتَوْنَ بِنُوقٍ لَمْ يَرَ الخَلَائِقُ مِثْلَهَا، عَلَيْهَا رِحَالُ الذَّهَبِ، وَأَزِمَّتُهَا الزَّبَرْجَدُ، فَيَرْكَبُونَ عَلَيْهَا حَتَّى يَضْرِبُوا أَبْوَابَ الجَنَّةِ»[24].

وأما الكفارُ فإنهم يُحشرونَ إلى النارِ على وجوهِهم عُميًا، وبُكمًا، وصُمًا.

قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا [الإسراء: 97].

وقَالَ تَعَالَى: ﴿ الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا [الفرقان: 34].

ورَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ يُحْشَرُ الكَافِرُ عَلَى وَجْهِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ؟

قَالَ: «أَلَيْسَ الَّذِي أَمْشَاهُ عَلَى الرِّجْلَيْنِ فِي الدُّنْيَا قَادِرًا عَلَى أَنْ يُمْشِيَهُ عَلَى وَجْهِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ؟!».

قَالَ قَتَادَةُ: «بَلَى وَعِزَّةِ رَبِّنَا»[25].

الدعـاء...

اللهم إنا نسألك علمًا نافعًا، ورزقًا طيبًا، وعملًا متقبَّلًا.

اللهم إنا نسألك يا الله بأنك الواحد الأحد، الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد، أن تغفر لنا ذنوبنا، إنك أنت الغفور الرحيم.

اللهم إنا نسألك بأن لك الحمد، لا إله إلا أنت، وحدك لا شريك لك، المنان يا بديع السموات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، يا حي يا قيوم، إنا نسألك الجنة، ونعوذ بك من النار.

اللهم حرِّم وجوهَنا على النار.

اللهم ارزقنا العمل بما نعلم.

اللهم آتنا في الدنيا حسنةً، وفي الآخرة حسنةً، وقنَا عذابَ النارِ.

أقول قولي هذا، وأقم الصلاة.


[1] فتختلف: أي تزول عن الهيئة المستوية التي كانت عليها من شدة التئامها عليه وشدة الضغطة.

[2] حسن: رواه الترمذي (1071)، وحسنه الألباني.

[3] بالغداة والعشي: أي في الصباح، والمساء.

[4] مقعدك: أي مكانك.

[5] متفق عليه: رواه البخاري (1379)، ومسلم (2866).

[6] صحيح: رواه البخاري (1369).

[7] انظر: «تفسير ابن كثير» (7/146).

[8] انظر: «صحيح البخاري» (2/97).

[9] صحيح: رواه مسلم (2867).

[10] انظر: «أصول الإيمان»، صـ (213).

[11] أيس: أي يأس.

[12] أوروا: أي أوقدوا.

[13] خلصت: أي وصلت.

[14] فذروني: أي فرقوا أعضائي، وألقوها، أو فرقوا رمادي بعد حرقي.

[15] راح: أي شديد الريح.

[16] صحيح: رواه البخاري (3479).

[17] أبيت: أي أمتنع من تعيين ذلك بالأيام والسنين والشهور؛ لأنه لم يكن عنده علم بذلك.

[18] عجب ذنبه: هو عظم لطيف في أصل الصُّلب.

[19] يركَّب الخلق: أي يجعله الله تعالى سببا ظاهرا لإنشاء الخلق مرة أخرى، والله تعالى أعلم بحكمة ذلك.

[20] متفق عليه: رواه البخاري (4814)، ومسلم (2955).

[21] متفق عليه: رواه البخاري (3414)، ومسلم (2373).

[22] غُرلا: أي غير مختونين.

[23] متفق عليه: رواه البخاري (6527)، ومسلم (2859).

[24] انظر: «تفسير الطبري» (18/254).

[25] متفق عليه: رواه البخاري (4760)، ومسلم (2806).




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 67.49 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 65.81 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.48%)]