|
ملتقى القصة والعبرة قصص واقعية هادفة ومؤثرة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() قصة وعبرة: وجبت د. علي أحمد الشيخي ذكَرَ أحدُهم أنه حضر تشييع جنازة رجل أعمال معروف بالصلاح وحسن الخُلُق مع كلِّ من يتعامل معه، ثمَّ أضاف: لقد لفت نظري في المسجد عند الصلاة على الجنازة أن بعض العمال كانوا يبكون بحُرقة وألم، ويُواسي بعضُهم بعضًا، وكأنَّ المتوفَّى قريبٌ لهم، ومرةً أخرى يتكرَّر نفسُ المشهد في المقبرة بعد الدفن، ولكن في زاوية بعيدة عن ذوي المتوفَّى والمشيعين؛ حيث كان المشهد مهيبًا؛ إذ كانت الدموع تذرف من أعين العمال بغزارة على كفيلهم، وهم يُلقون النظرةَ الأخيرةَ على ضريحه؛ ذلك أنهم كانوا يَعدُّونه في مقام والدهم كما عرَفه محدثُنا من أحدهم بعد ذلك، ثمَّ يقول: وبينا كنتُ أتابع المشهد بتعجُّب ودهشة، كنت ألحظ أن مشاعرَ العمال متشابهةٌ، سواء الشرق آسيوي منهم أم العربي بمختلف جنسياتهم، فكلُّهم كانوا يبكونه بصدق وحرارة؛ مما دعاني وغيري إلى الذَّهاب إليهم وتعزيتهم في مُصابهم الجَلَل. ومما لا شك فيه أن هذه الدموع، وهذا الحزن على فِراق كفيلهم، بل وهذا الوداع المهيب منهم - يدل دلالةً واضحةً على أن ذلك الرجلَ الإنسانَ قد عاملهم بكل لُطف ورقيٍّ؛ فلم يظلمْهم، ولم يستعبدْهم، بل ووفَّاهم حقوقهم وزيادةً؛ ولهذا كانت مشاعرُهم لا تقبل تفسيرًا، غير أن نقول: إنها كانت صادقةً ومعبِّرةً، وأن هذا الوفاء هو ثمن الرفق والعدل والخُلُق الحسن. فكل إناء بما فيه ينضح؛ فصاحب الخُلُق الحسن يتعامل مع الناس بلطف ولين ورحمة، وصاحبُ الخلق القبيح يتعامل معهم بصَلَف وجلافة، وفي كلا الحالين يكسب أنصارًا في الأولى، أو أعداءً في الثانية؛ ولهذا يتوجَّب على رئيس أيِّ مؤسسة أن يتعامل مع موظَّفيه معاملةً حسنةً؛ فيقدِّر الظروف، ويساعد المتعثِّر بتوجيهه وإرشاده، ويحتوي من يجده غير متوافق مع فريق العمل؛ فيتحمل جَوْرَه، ويصبر على صَلَفِه، ويُسايسه بحكمة؛ فباللِّين والحكمة نَكسِبُ القلوب، وبالغلظة والشدة نزيد عدد الأعداء. وهذا ما نلاحظه جليًّا في تعامُلات التجار والبائعين؛ فهذا زبائنه كثيرة، وذاك يقل روَّاد محلِّه، وما هذا إلا بسبب نوع المعاملة التي يُقابَل بها الزبون من كلا البائعين؛ ولهذا تحرص الجهات الخدمية على أن يكون موظفو الاستقبال من ذوي الخُلُق الحسن والابتسامة الحاضرة، وهذا ما نجده أيضًا فيمن يشغل منصبَ مديرِ مكتبِ المدير، وكذا مدير مكتب كلِّ مَن علا مركزُه، فالحياة تعامُلٌ، والدينُ المعاملةُ، وكلُّ إنسان يملأ صحيفتَه بما شاء، والناس شهود الله في أرضه؛ يقول أنس بن مالك رضي الله عنه: مَرُّوا بجنازة فأثنَوا عليها خيرًا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((وَجَبَتْ))، ثم مروا بجنازة أخرى فأثنَوا عليها شرًّا، فقال: ((وجَبَتْ))، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ما وجبت؟! قال: ((هذا أثنيتُم عليه خيرًا، فوجبت له الجنة، وهذا أثنيتم عليه شرًّا، فوجبت له النار؛ أنتم شهود الله في الأرض))؛ (البخاري: 1367). ولنعلم أن ميزان الحكمة في تعامُلاتنا مع الغير يقوم على قاعدة الإنصاف؛ وذلك بأن تُعامل الناس بمثل ما تحبُّ أن يعاملوك به، أو بقاعدة: نربح معًا؛ سعيًا لحلول تعود بمنفعة مشتركة، وتحقِّق رضا الطرفين، أما أن نظل في منطقة الأنانية، فإن النتائج بلا شك سوف تكون مُحبطة، فالعَلاقات استثمارٌ لدى الغير، وقد قيل: زرعان يحبُّهما الله: زرعُ الشجر، وزرعُ الأثر؛ فإن زرعت الشجر، ربحتَ الظلَّ والثمر، وإن زرعت طيبَ الأثر، حصدتَ محبةَ الله ثمَّ البشرِ. ومن المبادرات الجميلة والنبيلة التي أعجبتني كثيرًا قيامُ قائد إحدى المدارس بتخصيص فقرة في برنامج الإذاعة المدرسية الصباحية باللغة البنغالية في أحد أيام الأسبوع؛ بهدف إظهار التقدير والاحترام لعاملي النظافة من هذه الجنسية، إلى جانب ترسيخ قيمة احترام المهن لدى الطلاب، ونبذ العنصرية، مما كان لها أبلغُ الأثر في نفوس إخواننا عمالِ النظافة من الجنسية البنغالية. فاصلة: عاشِروا الناس معاشرةً، إن غِبتُم حنُّوا إليكم، وإن متُّم بكَوا عليكم.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |