معجزات الأنبياء عليهم السلام - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         How can we prepare for the arrival of Ramadaan? (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          الأسباب المعينـــــــة على قيام الليل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          حكم بيع جوزة الطيب واستعمالها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          تريد لبس الحجاب وأهلها يرفضون فهل تطيعهم ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          ما هي سنن الصوم ؟ . (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          هل دعا الرسول صلى الله عليه وسلم للمسلمين الذين لم يروه ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          حكم قول بحق جاه النبي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          ليلة النصف من شعبان ..... الواجب والممنوع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          فضل صيام شهر رمضان.خصائص وفضائل شهر رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          المقصود بالتثليث النصراني الذي أبطله القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 17-10-2022, 03:02 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,610
الدولة : Egypt
افتراضي معجزات الأنبياء عليهم السلام

معجزات الأنبياء عليهم السلام
د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني

إن الحمدَ لله، نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا، ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ لهُ، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه.


﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]، أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وكلَّ ضلالةٍ في النارِ.


حَدِيثُنَا معَ حضراتِكم في هذه الدقائقِ المعدوداتِ عنْ موضوع بعنوان: «معجزات الأنبياء عليه السلام».
واللهَ أسألُ أن يجعلنا مِمَّنْ يستمعونَ القولَ، فَيتبعونَ أَحسنَهُ، أُولئك الذينَ هداهمُ اللهُ، وأولئك هم أُولو الألبابِ.
لقد أيَّدَ الله تعالى أنبياءه، ورسلَه بمعجزاتٍ؛ لتدلَّ على صدقِهم، وأنهم مُرسلُون من عندِ اللهِ تعالى.


وقد بعث الله كل نبي من الأنبياء بمعجزة تناسب أهل زمانه، فكان الغالب على زمان موسى عليه السلام السحر، وتعظيم السحرة، فبعثه الله بمعجزة بهرت الأبصار وحيَّرت كل سحار، فلما استيقنوا أنها من عند العظيم الجبار، انقادوا للإسلام، وصاروا من الأبرارِ.


وأما عيسى عليه السلام، فبُعِث في زمن الأطباء وأصحاب علم الطبيعة، فجاءهم من الآيات بما لا سبيل لأحد إليه، إلا أن يكون مؤيدًا من الذي شرع الشريعة، فمن أين للطبيب قدرة على إحياء الجماد، أو على مداواة الأكمه والأبرص، وبعث الموتى من قبورهم.


وكذلك محمد صلى الله عليه وسلمبعثَه الله في زمن الفصحاء والبلغاء، فأتاهم بكتاب من الله تعالى، لو اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثله، أو بعشر سور من مثله، أو بسورة من مثله لم يستطيعوا أبدًا، ولو كان بعضهم لبعض ظهيرًا ومساعدًا، وما ذاك إلا لأن كلام الرب لا يشبهه كلام الخلق أبدًا[1].


ومن أشهر المعجزات التي أيد الله بها رسله عليهم السلام السَّفينةُ لنوحٍ عليه السلام:
فعندما يئسَ نوحٌ عليه السلام من دعوةِ قومِه، واستفرغَ معهم كلَّ أساليبِ الدعوةِ أمرَه اللهُ تَعالى أن يَصنعَ سفينةً عظيمةً لم يكنْ لها نظيرٌ، وأمرَه أن يَحملَ فيها من كل زوجينِ اثنين من الحيواناتِ، وسائرِ ما فيه رُوحٌ من المأكولاتِ وغيرِها؛ لبقاءِ نسلِها، وأنْ يحملَ معه أهلَ بيتِه إلَّا من كان كافرًا فإنه قد نفذتْ فيه الدعوةُ التي لا تُردُّ، ووجبَ عليه حلولُ البأسِ الذى لا يُردُّ.


قَالَ تَعَالَى:﴿ وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ * وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ * فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ * حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ * وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ * وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ * قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ * وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ [هود: 37 - 44].

ومنْ أشهرِ المعجزاتِ التي أَيَّدَ الله بها رسلَهُ عليهم السلام الناقةُ لصالحٍ عليه السلام:
فعندَما دعا صالحٌ عليه السلامقومَه إلى عبادةِ الله الواحدِ الأحدِ، كذَّبوه وطلبُوا منه معجزةً تدلُّ على صدقِه.
قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ﴾ [النمل: 45].
وقَالَ تَعَالَى: ﴿ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ * مَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴾ [الشعراء: 153، 154].


فقَدْ ذَكَرَ المُفَسِّرُونَ: أَنَّ ثَمُودَ اجْتَمَعُوا يَوْمًا فِي نَادِيهِمْ، فَجَاءَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَالِحٌ عليه السلام، فَدَعَاهُمْ إِلَى اللهِ، وَذَكَّرَهُمْ، وَحَذَّرَهُمْ، وَوَعَظَهُمْ، وَأَمَرَهُمْ.


فَقَالُوا لَهُ: إِنْ أَنْتَ أَخْرَجْتَ لَنَا مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ -وَأَشَارُوا إِلَى صَخْرَةٍ هُنَاكَ- نَاقَةً مِنْ صِفَتِهَا كَيْتَ وَكَيْتَ، وَذَكَرُوا أَوْصَافًا سَمَّوْهَا وَنَعَتُوهَا وَتَعَنَّتُوا فِيهَا، وَأَنْ تَكُونَ عُشَرَاءَ طَوِيلَةً مِنْ صِفَتِهَا كَذَا وَكَذَا.


فَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ صَالِحٌ عليه السلام: أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَجَبْتُكُمْ إِلَى مَا سَأَلْتُمْ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي طَلَبْتُمْ أَتُؤْمِنُونَ بِمَا جِئْتُكُمْ بِهِ، وَتُصَدِّقُونِي فِيمَا أُرْسِلْتُ بِهِ، قَالُوا: نَعَمْ، فَأَخَذَ عُهُودَهُمْ وَمَوَاثِيقَهُمْ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ قَامَ إِلَى مُصَلَّاهُ فَصَلَّى للهِ تعالى مَا قُدِّرَ لَهُ، ثُمَّ دَعَا رَبَّهُ تعالى أَنْ يُجِيبَهُمْ إِلَى مَا طَلَبُوا، فَأَمَرَ اللهُ تعالى تِلْكَ الصَّخْرَةَ أَنْ تَنْفَطِرَ عَنْ نَاقَةٍ عَظِيمَةٍ كَوْمَاءَ عُشَرَاءَ عَلَى الْوَجْهِ المَطْلُوبِ الَّذِي طَلَبُوا، وَعَلَى الصِّفَةِ الَّتِي نَعَتُوا، فَلَمَّا عَايَنُوهَا كَذَلِكَ رَأَوْا أَمْرًا عَظِيمًا، وَمَنْظَرًا هَائِلًا، وَقُدْرَةً بَاهِرَةً، وَدَلِيلًا قَاطِعًا، وَبُرْهَانًا سَاطِعًا فَآمَنَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، وَاسْتَمَرَّ أَكْثَرُهُمْ عَلَى كُفْرِهِمْ وَضَلَالِهِمْ وَعِنَادِهِمْ؛ وَلِهَذَا قَالَ: ﴿ وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا ﴾ [الإسراء: 59]؛ أَيْ جَحَدُوا بِهَا، وَلَمْ يَتَّبِعُوا الحَقَّ بِسَبَبِهَا[2].


قَالَ تَعَالَى: ﴿ مَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ * وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ * فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ * فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [الشعراء: 154 - 158].


وقَالَ تَعَالَى:﴿ وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [الأعراف: 73].


ومنْ أشهرِ المعجزاتِ التي أَيَّدَ اللهُ بها رسلَهُ عليهم السلام إِلانَةُ الحدِيدِ، وتسبيحُ الجبالِ، والطيرِ معَ داودَ عليه السلام:
فقد كانَ دَاودُ عليه السلام لا يحتاجُ إلى أن يُدخلَ الحديدَ النارَ ولا يضربُه بمِطرَقةٍ، بل كانَ يفتِلُه بيدِهِ، مثلَ الخيوطِ؛ لأنَّ اللهَ سبحانه وتعالى أعطاهُ القدرةَ على إلانةِ الحديدِ.


قَالَ تَعَالَى:﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ * أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [سبأ: 10، 11].


قوله: ﴿ وَأَلَنَّا : أي جعلنَاه ليِّنًا في يده كالطينِ المبلولِ، والعجينِ[3].
وقوله: ﴿ سَابِغَاتٍ : أي دروعًا واسعةً[4].
وقوله: ﴿ وَقَدِّرْ : أي أحْكمْهُ[5].


وقد سخرَ اللهُ سبحانه وتعالى الجبالَ والطيرَ لتسبِّحَ مع داودَ عليه السلام.
قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ ﴾ [سبأ: [سبأ:10].


قوله: ﴿ أَوِّبِي : أي سبِّحي معهُ، فكانَ إذا سبَّحَ عليه السلام جاوبتْه الجبالُ بالتسبيحِ، وعكفتْ عليه الطيرُ من فوقِه تُسعِدُه على ذَلك[6].


وقَالَ تَعَالَى: ﴿ فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ ﴾ [الأنبياء: 79].
وقَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ ﴾ [ص: 18].


أقولُ قولي هذا، وأَستغفرُ اللهَ لي، ولكُم.

الخطبة الثانية:
الحمدُ لله وكفى، وصلاةً وَسَلامًا على عبدِه الذي اصطفى، وآلهِ المستكملين الشُّرفا، أما بعد:
فمِنْ أشهرِ المعجزاتِ التي أَيَّدَ الله بها رسلَهُۏ تسخيرُ الريحِ والطَّيرِ، والجنِّ لسليمانَ عليه السلام، فكانت الريحُ تسيرُ بأمرِه حيثُ يَشاءُ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ ﴾ [سبأ: 12].


فكَانَ يَغْدُو عَلَى بِسَاطِهِ مِنْ دِمَشْقَ فَيَنْزِلُ بِإِصْطَخَرَ يَتَغَذَّى بِهَا، وَيَذْهَبُ رَائِحًا مِنْ إِصْطَخَرَ فَيَبِيتُ بِكَابُلَ، وَبَيْنَ دِمَشْقَ وَإِصْطَخَرَ شَهْرٌ كَامِلٌ لِلْمُسْرِعِ، وَبَيْنَ إِصْطَخَرَ وَكَابُلَ شَهْرٌ كَامِلٌ لِلْمُسْرِعِ[7].


وقد كانَ سليمانُ عليه السلام يكلِّمُ الطيرَ، يفهمُ كلامَها، وتفهمُ كلامَه.


قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ ﴾ [النمل: 17].


قوله: ﴿ وَحُشِرَ : أي حُبِسَ أوُّلهم على آخرِهِم[8].


وقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ ﴾ [النمل: 16].
وَكَانَ سليمانُ عليه السلام يَعْرِفُ لُغَةَ الطَّيْرِ وَالحَيَوَانِ أَيْضًا، وَهَذَا شَيْءٌ لَمْ يُعطَه أَحَدٌ مِنَ الْبَشَرِ مِمَّا أَخْبَرَ اللهُ بِهِ، وَرَسُولُهُ صلى الله عليه وسلم[9].


وكانت الجنُّ يعملونَ بينَ يديه عليه السلام ما يشاءُ مِنَ الْبِنَايَاتِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.


قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ ﴾ [سبأ: 12].


ومنْ أشهرِ المعجزاتِ التي أَيَّدَ الله بها رسلَهُ عليهم السلام أنَّ إبراهيمَ عليه؛ السلاملما حطَّمَ آلهةَ قومِه التي كانوا يَعبدونها، أشعَلوا له نارًا عظيمة، ورمَوه فيها، فأمرَ اللهُ سبحانه وتعالى النارَ ألا تُصيبَه بأذًى، وأن تكونَ عليه بَرْدًا وسلامًا، فلم يحترق.


قالَ تَعالى: ﴿ قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ * قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ * وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ ﴾ [الأنبياء: 68 - 70].


فلما أُلْقِيَ في النارِ لم تمسَّهُ بسوءٍ بأمرِ اللهِ تعالى، كما قَالَ تَعَالَى:﴿ قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ ﴾ [الأنبياء: 69].


وقد أحيا إبراهيمُ عليه السلام الطيرَ بعدَ موتِهَا بإذن الله تعالى.


قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [البقرة: 260].


فأمرَه بذبحِ بعض الطيورِ، وتقطيعِها، وتفريقِها على عدَّةِ جبالٍ، ثم دعاهَا فلبَّتِ النداءَ، واجتمعتِ الأجزاءُ المتفرِّقةُ، والتَحمتْ كما كانت من قبلُ، ودبَّتْ فيها الحياةُ، وطارتْ محلِّقةً في الفضاءِ.


الدعـاء...
اللهم إنا نسألك فعل الخيرات، وتركَالمنكرات، وحبَّ المساكين، وأن تغفر لنا، وترحمنا، وإذا أردت فتنةَ قوم فتوفَّنا غير مَفتونين.


اللهم إنا نسألك حبَّك، وحبَّ من يُحبك، وحبَّ كلِّ عمل يقرِّبنا إلى حبك.


اللهم إنا نسألك من الخير كله عاجله وآجله، ما علمنا منه، وما لم نعلم، ونعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله، ما علِمنا منه وما لم نعلم.


اللهم إنا نسألك من خير ما سألك عبدك ونبيك صلى الله عليه وسلم، ونعوذ بك من شر ما استعاذ بك منه عبدك ونبيك صلى الله عليه وسلم.


اللهم إنا نسألك الجنة، وما قرَّب إليها من قول أو عمل، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عملٍ، ونسألك أن تجعل كل قضاء قضيتَه لنا خيرًا.


أقول قولي هذا، وأقم الصلاة.

[1] انظر: «تفسير ابن كثير» (2/ 45).

[2] انظر: «البداية والنهاية»، لابن كثير (1/ 311).

[3] انظر: «التفسير الوجيز»، للواحدي، صـ (879).

[4] انظر: «المفردات في غريب القرآن»، للأصفهاني، صـ (395).

[5] انظر: السابق، صـ (660).

[6] انظر: «التفسير الوجيز»، للواحدي، صـ (879).

[7] انظر: «تفسير ابن كثير» (6/ 499).

[8] انظر: «المفردات في غريب القرآن»، للأصفهاني، صـ (868).

[9] انظر: «تفسير ابن كثير» (6/ 182).




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 23-10-2022, 08:10 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,610
الدولة : Egypt
افتراضي رد: معجزات الأنبياء عليهم السلام

معجزات الأنبياء عليهم السلام (2)
د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني


إن الحمدَ لله، نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا، ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ لهُ، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه.


﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]، أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وكلَّ ضلالةٍ في النارِ، أما بعد:
فحَدِيثُنَا معَ حضراتِكم في هذه الدقائقِ المعدوداتِ لا يزال موصولا عنْ: «معجزات الأنبياء عليهم السلام ».


واللهَ أسألُ أن يجعلنا مِمَّنْ يستمعونَ القولَ، فَيتبعونَ أَحسنَهُ، أُولئك الذينَ هداهمُ اللهُ، وأولئك هم أُولو الألبابِ.


لقد أيَّدَ الله عز وجل أنبياءه ورسلَه عليهم السلام بمعجزاتٍ عظيمة؛ لتدلَّ على صدقِهم، وأنهم مُرسلُون من عندِ اللهِ عز وجل.


ومنْ أشهرِ هذه المعجزاتِ التي أَيَّدَ الله بها رسلَهُ عليهم السلام العَصا، واليَدُ لموسى عليه السلام:
أما العصا فكانتْ تتحولُ إلى حيَّةٍ عظيمةٍ عندما يُلقيها موسى عليه السلام على الأرضِ.


قَالَ تَعَالَى:﴿ وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى * قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى * قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى * فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى * قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى ﴾ [طه: 17 - 21].


وأما اليدُ، فكانَ موسى عليه السلام يُدخلُ يدَه في جيبِه «فتحةِ قميصِهِ التي تُدخل مِنها الرأسُ»، ثم ينزِعُها، فإذا هي تتلألأُ كالقمرِ بياضًا من غيرِ سوءٍ، أي: من غيرِ برَصٍ، ولا بَهَقٍ.


قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى ﴾ [طه: 22].


وأيَّدَ اللهُ عز وجل موسى عليه السلام بسبعِ معجزاتٍ أصابَ بها بني اسرائيلَ، وهيَ:
الأولى: السِّنينَ: هي ما أَصابهم من الجدْبِ والقحْطِ، بسببِ قلَّةِ مياهِ النيلِ، وانحباسِ المطرِ عن أرضِ مصرَ.
الثانية: نقصُ الثمراتِ: أي إنَّ الأرضَ تمنعُ خيرهَا، وما يَخرجُ منها يصابُ بالآفاتِ والجوائحِ.
الثالثة: الطوفانُ: الَّذِي يُتلفُ المزارعَ، ويهدمُ المدنَ، والقرَى.
الرابعة: الجرادُ: الَّذِي لا يدعُ خضراءَ ولا يابسةً.
الخامسة: القُمَّلُ: هي حشرةٌ تؤذي الناسَ في أجسامِهم.
السادسة: الضَّفادعُ: التي نغَّصتْ عليهم عيشتَهم لكثرتِها.
السابعة: الدمُ: الَّذِي يصيبُ طعامَهم وشرابَهم.


قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ * فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ * وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ * فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ ﴾ [الأعراف: 130 - 133].


فهذه تسعُ معجزاتٍ بيِّنات أَرْسَلَ اللهُ سبحانه وتعالى بها مُوسى عليه السلام إلى فرعونَ.


قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا ﴾ [الإسراء: 101].


ومنْ أشهرِ المعجزاتِ التي أَيَّدَ اللهُ بها عيسى عليه السلام أنَّهُ كان يمسحُ الأكمَهَ - هو الَّذِي يُولدُ أعمى - فيبرأُ بإذنِ اللهِ، ويمسحُ الأبرصَ - هو الَّذِي فيه بياضٌ في جلدهِ يُحدثُ حِكَّةً شديدةً - فيُذهبُ اللهُ عنهُ برصَهُ، ويمرُّ على الموتَى فيُناديهم فيُحييهِم بإذنِ اللهِ تعالى.


قَالَ تَعَالَى: ﴿ إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ ﴾ [المائدة: 110].


وكانَ عليه السلام يصنعُ من الطينِ ما يُشبهُ الطيرَ، ثمَّ يَنفخُ فيها فتُصبحُ طيرًا بإذنِ اللهِ.


قالَ تَعَالى حاكيًا عنْ عيسى عليه السلام: ﴿ وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران: 49].


ومن المعجزاتِ الأخرى التي أيدَ اللهُ بها عبدَه عيسى عليه السلام المائدةُ التي أنزَلها الله منَ السماءِ عندما طلب الحواريونَ من عيسى إنزالها، وكانت على الحالِ التي طلبَها عيسى عليه السلام عيدًا لأوَّلهم وآخرِهم.


قَالَ تَعَالَى:﴿ إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ * قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ * قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ ﴾ [المائدة: 112، 115].


وقد أَيَّدَ اللهُ نبيَّه محمدًا صلى الله عليه وسلم بعدةِ معجزاتٍ، من أشهرها:
الأولى: القُرآنُ الكريمُ:
قَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴾ [فصلت: 41، 42].


وقد تحدَّى اللهُ بهذا الكتابِ فصحاءَ العربِ، وقد كانتِ الفصاحةُ والبلاغةُ وجودةُ القولِ هي بضاعةُ العربِ التي نبغتْ بها، وكانَ مقتلُ هذه الدعوى أنْ يعارِضَ فصحاؤُهم هذا الكتابَ، ويأتوا بشيءٍ من مثلِه، ولكنَّهم عجزوا عن ذلك.


قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 23، 24].


وقَالَ تَعَالَى:﴿ قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ﴾ [الإسراء: 88].


الثانية: انشقاق القمر:
عندَما سألَ أهلُ مكةَ الرسولَ صلى الله عليه وسلم أن يُريَهم القمرَ نصفين، دعا صلى الله عليه وسلم ربه تعالى، فانشقَّ القمرُ شقَّين حتَّى رأوا حِراءَ بينهما، وقدْ كانَ القمرُ عند انشقاقِه بدرًا.


فأنكروا ذلك إنكارًا شديدًا، وقالوا: سحرنا محمدٌ، وقال بعضهم: اسألوا القوافل بعد رجوعها هل رأتْ مثل ما رأينا؟ فلما رجعت القوافل سألوا أهلها، فقالوا: لقد رأينا القمر انشق نصفين في يوم كذا وكذا، فقال الكفار: هذا سحرٌ مستمر في جميع الأقطار.


قَالَ تَعَالَى: ﴿ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ * وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ ﴾ [القمر: 1، 2].


وقد شاهدَ الناسُ هذِه المعجزَةَ في أنحاءِ الجزيرةِ العربيةِ، وخارجِها[1].


الثالثة: تكثيرُه صلى الله عليه وسلم الماءَ، ونبعُهُ من بينَ أصابعِهِ الشريفةِ:
رَوَى البُخَارِيُّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه قَالَ: عَطِشَ النَّاسُ يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ يَدَيْهِ رِكْوَةٌ[2] فَتَوَضَّأَ، فَجَهِشَ النَّاسُ نَحْوَهُ[3]، فَقَالَ: «مَا لَكُمْ؟».


قَالُوا: لَيْسَ عِنْدَنَا مَاءٌ نَتَوَضَّأُ، وَلَا نَشْرَبُ إِلَّا مَا بَيْنَ يَدَيْكَ.


فَوَضَعَ يَدَهُ فِي الرِّكْوَةِ، فَجَعَلَ المَاءُ يَثُورُ[4] بَيْنَ أَصَابِعِهِ، كَأَمْثَالِ العُيُونِ، فَشَرِبْنَا وَتَوَضَّأْنَا.


وَلَوْ كُنَّا مِائَةَ أَلْفٍ لَكَفَانَا، كُنَّا خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةً[5].


الرابعة: بكاء، وحنينُ الجذْعِ لهُ صلى الله عليه وسلم:
رَوَى البُخَارِيُّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه قَالَ: «كَانَ جِذْعٌ يَقُومُ إِلَيْهِ[6] النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا وُضِعَ لَهُ المِنْبَرُ سَمِعْنَا لِلْجِذْعِ مِثْلَ أَصْوَاتِ العِشَارِ[7] حَتَّى نَزَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ[8]»[9].


الخامسة: تسليمُ الحجرِ عليهِ صلى الله عليه وسلم:
رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنِّي لَأَعْرِفُ حَجَرًا بِمَكَّةَ كَانَ يُسَلِّمُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أُبْعَثَ إِنِّي لَأَعْرِفُهُ الْآنَ»[10].


أقولُ قولي هذا، وأَستغفرُ اللهَ لي، ولكُم.

الخطبة الثانية
الحمدُ لله وكفى، وصلاةً وَسَلامًا على عبدِه الذي اصطفى، وآلهِ المستكملين الشُّرفا، وبعد..
السادسة: من المعجزات التي أيَّد الله بها رسولَنا محمدًا صلى الله عليه وسلم تكثيرُه صلى الله عليه وسلم الطعامَ:
رَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ أَبُو طَلْحَةَ لِأُمِّ سُلَيْمٍ: لَقَدْ سَمِعْتُ صَوْتَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ضَعِيفًا، أَعْرِفُ فِيهِ الجُوعَ، فَهَلْ عِنْدَكِ مِنْ شَيْءٍ؟


قَالَتْ: نَعَمْ.
فَأَخْرَجَتْ أَقْرَاصًا مِنْ شَعِيرٍ، ثُمَّ أَخْرَجَتْ خِمَارًا[11] لَهَا، فَلَفَّتِ الخُبْزَ بِبَعْضِهِ، ثُمَّ دَسَّتْهُ[12] تَحْتَ يَدِي وَلَاثَتْنِي[13] بِبَعْضِهِ، ثُمَّ أَرْسَلَتْنِي إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَذَهَبْتُ بِهِ، فَوَجَدْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي المَسْجِدِ، وَمَعَهُ النَّاسُ، فَقُمْتُ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «آرْسَلَكَ أَبُو طَلْحَةَ؟».


فَقُلْتُ: نَعَمْ.
قَالَ: «بِطَعَامٍ؟».
فَقُلْتُ: نَعَمْ.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِمَنْ مَعَهُ: «قُومُوا».


فَانْطَلَقَ، وَانْطَلَقْتُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ حَتَّى جِئْتُ أَبَا طَلْحَةَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: يَا أُمَّ سُلَيْمٍ قَدْ جَاءَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالنَّاسِ، وَلَيْسَ عِنْدَنَا مَا نُطْعِمُهُمْ؟


فَقَالَتْ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ.
فَانْطَلَقَ أَبُو طَلْحَةَ حَتَّى لَقِيَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو طَلْحَةَ مَعَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «هَلُمِّي يَا أُمَّ سُلَيْمٍ، مَا عِنْدَكِ».


فَأَتَتْ بِذَلِكَ الخُبْزِ، فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَفُتَّ، وَعَصَرَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ عُكَّةً[14] فَأَدَمَتْهُ[15].
ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيهِ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَقُولَ[16]، ثُمَّ قَالَ: «ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ»، فَأَذِنَ لَهُمْ، فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا ثُمَّ خَرَجُوا.


ثُمَّ قَالَ: «ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ»، فَأَذِنَ لَهُمْ، فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، ثُمَّ خَرَجُوا، ثُمَّ قَالَ: «ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ»، فَأَذِنَ لَهُمْ، فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا ثُمَّ خَرَجُوا.


ثُمَّ قَالَ: «ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ»، فَأَكَلَ القَوْمُ كُلُّهُمْ وَشَبِعُوا، وَالقَوْمُ سَبْعُونَ، أَوْ ثَمَانُونَ رَجُلًا[17].


الدعـاء...
اللهم احفظنا بالإسلام قائمين، واحفظنا بالإسلام قاعدين، واحفظنا بالإسلام راقدين، ولا تُشْمِت بنا عدوًّا، ولا حاسدًا.
اللهم إنا نسألك من كل خير خزائنه بيدك، ونعوذ بك من كل شر خزائنه بيدك.
اللهم اقسِم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا.
اللهم متِّعنا بأسماعنا، وأبصارنا، وقوتنا ما أحييتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغَ علمنا، ولا تسلِّط علينا من لا يرحمنا.
اللهم إنا نعوذ بك من الجُبن، ونعوذ بك من البخل، ونعوذ بك من أن نُردَّ إلى أرذل العمر، ونعوذ بك من فتنة الدنيا وعذاب القبر.


أقول قولي هذا، وأقم الصلاة.

[1] انظر: «البداية والنهاية» (4/ 294).

[2] ركوة: أي إناء صغير من الجلد يشرب منها الماء.

[3] فجهش الناس نحوه: أي أسرعوا إلى أخذ الماء.

[4] يثور: أي يخرج متدفقًا.

[5] صحيح: رواه البخاري (3576).

[6] يقوم إليه: أي يستند عليه وهو يخطب.

[7] العشار: جمع عشراء وهي الناقة التي أتى على حملها عشرة أشهر.

[8] فوضع يده عليه: أي فسكن.

[9] صحيح: رواه البخاري (918).

[10] صحيح: رواه مسلم (2277).

[11] خمارا: أي ثوبا تغطي به المرأة رأسها.

[12] دسته: أي أدخلته بقوة.

[13] لاثتني: أي لفت بعضه على رأسه، وبعضه على إبطه، من الالتياث، وهو الالتفاف.

[14] عكة: أي إناء مستدير من جلد يجعل فيه السمن والعسل غالبا.

[15] فأدمته: أي جعلته إداما للمفتوت.

[16] ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ ص فِيهِ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَقُولَ: أي دعا بالبركة، وقال: بسم الله.

[17] متفق عليه: رواه البخاري (3578)، ومسلم (2040).



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 98.20 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 96.06 كيلو بايت... تم توفير 2.13 كيلو بايت...بمعدل (2.17%)]