|
ملتقى القصة والعبرة قصص واقعية هادفة ومؤثرة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() من سنن الله التي لا تتبدل ولا تتغير فهد بن عبد العزيز الشويرخ الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد: فسنن الله جل وعلا في عباده: نوعان, سنن كونية, وسنن شرعية. والسنن الكونية لا تتبدل, ولا تتغير في السلف والخلف. فهي جارية مع الأسباب المقتضية لها, قال الله جل وعلا: {ولن تجد لسنة الله تبديلا}قال العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله: أي تغييراً, بل سنته تعالى وعادته جارية مع الأسباب المقتضية لمسبباتها. وقال العلامة العثيمين رحمه الله: اقرأ التاريخ يتبيَّن لك ما قدره الله على العباد، وأن سنة الله سبحانه وتعالى في السابقين ستكون في اللاحقين. سنن الله جل وعلا كثيرة, ذكر أهل العلم أمثلة لها, ومن ذلك:
فلا ينبغي أن يستوحش المؤمن ما دام أنه على الحق, قال أحد السلف: عليك بطريق الحق, ولا تستوحش لقلة السالكين, وإياك وطريق الباطل, ولا تغتر بكثرة الهالكين. قال العلامة ابن القيم رحمه الله: وكلما استوحشت في تفردك فانظر إلى الرفيق السابق, واحرص على اللحاق بهم, وغُضَّ الطرف عمن سواهم فإنهم لن يغنوا عنك من الله شيئاً, وإذا صاحوا بك في طريق سيرك فلا تلفت إليهم, فإنك متى التفت إليهم أخذوك أو عاقوك.
وقال العلامة صالح بن فوزان الفوزان: سنة الله في خلقه أنه يبتلي عباده ليتميز المؤمن الصادق من المنافق { أم حسبتم أن تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة والله خبير بما تعملون} [التوبة:16] { ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب وما كان الله ليطلعكم على الغيب } [آل عمران:179]
وقال الله عز وجل: {كذلك يضرب الله الحق والباطل فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال} [الرعد:17] قال الإمام القرطبي رحمه الله: قيل: إن المثلين ضربهما الله للحق في ثباته, والباطل في اضمحلاله, فالباطل وإن علا في بعض الأحوال فإنه يضمحل كاضمحلال الزبد والخبث. وقال العلامة الشوكاني رحمه الله: وهذان مثلان ضربهما الله سبحانه للحق والباطل, يقول: إن الباطل وإن ظهر على الحق في بعض الأحوال وعلاه, فإن الله سبحانه سيمحقه ويبطله, ويجعل العاقبة للحق وأهله. ومن الأمثلة لذلك ما جرى لكتب ومؤلفات شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله, وكتب ومؤلفات خصومه, قال العلامة صالح بن فوزان الفوزان: هذا المثل العظيم ينطبق على شيخ الإسلام ابن تيمية مع خصومه, فإنهم حاولوا الظهور عليه واستعدوا عليه السلطة في وقته, وضايقوه, وكتبوا ما كتبوا من التلبيس والتدليس ضده, ولكن سرعان ما نسف الحق الذي معه ما روجوه من الباطل وبقي علمه النافع في كتبه التي صار المسلمون _ ولله الحمد _ يتسابقون إلى نشرها وإحيائها, وعفا الزمن على كتب خصومه, ونسيها الناس, فأصبحت في زوايا الإهمال والامتهان, وهذه سنة الله في خلقه, ولن تجد لسنة الله تبديلاً. إمهال العصاة وعدم معاجلتهم بالعقوبة ليتوبوا من ذنوبهم: قال العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله: سنته في الأولين والآخرين أن لا يعاجلهم بالعقاب, بل يستدعيهم إلى التوبة والإنابة, فإن تابوا وأنابوا غفر لهم ورحمهم, وأزال عنهم العقاب, فإن استمروا على ظلمهم وعنادهم, وجاء الوقت الذي جعله موعداً لهم أنزل بهم بأسه. فمن سنة الله جل وعلا في عباده الإمهال, لكي يتعظوا بالأحداث, ويقلعوا عما هم عليه من معاص وموبقات, فينبغي المبادرة إلى التوبة والإنابة إلى الله من جميع الذنوب: من كفر ونفاق وعصيان, فعندما ينزل العذاب, فسنته سبحانه وتعالى أنه لا ينفع إيمان من آمن عند ذلك, قال الله جل وعلا: {فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين * فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنت الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون} [غافر:85] وهذا فرعون لما أدركه الغرق آمن, فلم ينفعه ذلك. قال الله عز وجل: { وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتبعهم فرعون وجنوده بغيا وعدوا حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين * آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين * فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون} [يونس:90_92] فينبغي عدم الغفلة عن سنن الله, والعبد ما دام في زمن الإمكان فيمكنه تدارك نفسه بالتوبة قبل نزول العقوبة والعذاب.
وقال العلامة السعدي رحمه الله: سنة الله في الأولين التي لا تتبدل ولا تتغير: أن كلّ من سار في الظلم والعناد والاستكبار على العباد أن تحلّ به نقمته وتسلب عنه نعمته. {سنة الله في الذين خلوا من قبل } فمن تمادى في العصيان, وتجرأ على الأذى, ولم ينته منه, فإنه يعاقب عقوبة بليغة.
نيل المطالب العالية والدرجات الرفيعة لا يكون إلا بمشقة: قال العلامة عبدالرحمن بن يحيى المعلمي رحمه الله: سُنة الله عز وجل في المطالب العالية والدرجات الرفيعة: أن يكون في نيلها مشقّةً ليتم الابتلاء ويستحق البالغ إلى تلك الدرجة شرفها وثوابها قال الله تعالى {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّىٰ نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} [محمد:31]
ذكر الحافظ ابن كثير رحمه الله عند تفسير قوله تعالى: {واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين} [الأعراف:175] أن رجلاً يُقال له بلعام, كان مجاب الدعوة, وإن موسى أقبل في بني إسرائيل يريد الأرض التي فيها بلعام, فرعب الناس رعباً شديداً, فأتوا بلعام, فقالوا: ادع الله على هذا الرجل وجيشه, قال: حتى أؤامر ربي, فآمر في الدعاء عليهم, فقيل له: لا تدع عليهم فإنهم عبادي وفيهم نبيهم, فقال لقومه: إني قد آمرت ربي في الدعاء عليهم, وإني قد نهيت ثم ذكر الحافظ ابن كثير أنه قال لقومه: سأدلكم على أمر عسى أن يكون فيه هلاكهم, إن الله يبغض الزنا, وإنهم إن وقعوا في الزنا هلكوا, ورجوت الله أن يهلكهم فأخرجوا النساء تستقبلهم...فعسى أن يزنوا فيهلكوا, ففعلوا فأخرجوا النساء تستقبلهم...ووقعوا في الزنا...فسلط الله عليهم الطاعون, فمات منهم سبعون ألفاً. نجاة من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر عند نزول العقوبة والعذاب: قال الله عز وجل: {وإذ قالت أمة منهم لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا قالوا معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون * فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون} [الأعراف:164_165] قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: فنصّ على نجاة الناهين. وقال العلامة السعدي رحمه الله: سنة الله....أن العقوبة إذا نزلت نجا منها الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر. وقال الله جل وعلا: ﴿ {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة } ﴾ [الأنفال:25] قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: عن ابن عباس في تفسير هذه الآية أمر الله المؤمنين أن لا يقروا المنكر بين ظهرانيهم فيعمهم الله بالعذاب." وهذا تفسير حسن جداً. وختاماً فقد ذكر ذلك الفريق العلمي الذي أعدّ: "المختصر في التفسير" عند سياقهم للفوائد من بعض آيات القرآن الكريم أن من سنن الله تعالى: & أن يدفع شر بعض الخلق وفسادهم في الأرض ببعضهم. & أن يولي كل ظالم ظالماً مثله يدفعه إلى الشر ويحثه عليه ويزهده في الخير وينفره عنه & لا يهلك قرية من القرى إذا كان أهلها مصلحين في الأرض.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |