القدر والشرع - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         دعاء الشفاء ودعاء الضائع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          تخريج حديث: رقيت يوما على بيت حفصة، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم على حاجته، مستقبل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          أسماء العقل ومشتقاته في القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          كيف نكتسب الأخلاق الفاضلة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: المؤمن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          وقفات تربوية مع سورة التكاثر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          {وما كان لنبي أن يغل} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          بين الاجتهاد الشخصي والتقليد المشروع: رد على شبهة «التعبد بما استقر في القلب» (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          الإسلام والحث على النظافة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          فتنة تطاول الزمن.. قوم نوح عليه السلام نموذج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-09-2022, 08:47 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,587
الدولة : Egypt
افتراضي القدر والشرع

القدر والشرع
إبراهيم الدميجي

الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، لا عز إلا في طاعته، ولا سعادة إلا في رضاه، ولا نعيم إلا في ذكره، الذي إذا أُطيع شكر، وإذا عُصي تاب وغفر، والذي إذا دُعي أجاب، وإذا استُعيذ به أعاذ، وأشهد أن محمدًا عبدالله ورسوله، صلى الله عليه وسلم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله، واستمسكوا بدينه، وعظموا شريعته، واعلموا أن كل شيء بقضاء وقدر؛ قال سبحانه: ﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾ [القمر: 49]، فالقدر خلقه والشرع أمره، ولا يؤمن عبدٌ حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، وأن الله على كل شيء قدير، وأن الله قد كتب المقادير وشاءها، وأنه قد أحاط بكل شيء علمًا.

فالقدر هو تقدير الله تعالى للأشياء، والشرع هو دينه الذي ارتضاه، فمن أطاع الله تعالى وعبده، فقد اجتمع في حقِّه الأمران: القَدَرُ والشَّرْعُ، وهو مستحق للأجر والمثوبة، ومن عصاه فقد تحقق فيه القدر دون الشرع، وهو مستحق للسخط والعقوبة، وقد ضلَّ بعض الناس في هذا الباب؛ إذ ظنوا أن القدر ملازم للشرع على الدوام، وهذا باطل، فإن الكفر داخل في جملة مقادير الله تعالى، وقد قال في كتابه: ﴿ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ ﴾ [الزمر: 7]، وسر المسألة أن لله تعالى حكمًا عظيمة جليلة في الابتلاء الذي لا يكون إلا بوجود الصراع والدفع بين الخير والشر، والحق والباطل، والهدى والضلال، فلو لم يوجد شر في المخلوقات لم تظهر خيرية الخير، وتعطلت كثير من الأمور التي يحبها الله تعالى؛ كالتناهي عن المنكر، والجهاد في سبيل الله، والقيام لله تعالى في شديدات الأمور، ونحو ذلك، فالضدُّ يُظهر حسنه الضد؛ قال سبحانه: ﴿ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴾ [البقرة: 251].

والشر ليس إلى الله تعالى، بل هو راجع إلى نقص المخلوق وخِذلان الله له من جهة قطع إمداد الخير عنه؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((والشر ليس إليك))[1]، فأفعال الله تعالى لا توصف أبدًا بالشر؛ لأنها عدل أو إحسان، وكلاهما خير، وأفعال الله كل غاياتها طيبة محمودة، أما ما يضاف للعبد، فإنه قد يكون شرًّا بالنسبة له، أما بالنسبة لِقَدَرِ الله فهو خير.

قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: "لا بد من الإيمان بالقدر، فإن الإيمان بالقدر من تمام التوحيد؛ كما قال ابن عباس: هو نظام التوحيد، فمن وحد الله وآمن بالقدر، تَمَّ توحيده، ومن وحد الله وكذَّب بالقدر نُقض توحيده.

ولا بد من الإيمان بالشرع، وهو الإيمان بالأمر والنهي، والوعد والوعيد، كما بعث الله بذلك رسله وأنزل كتبه، والإنسان مضطر إلى شرع في حياته الدنيا، فإنه لا بد له من حركة يجلب بها منفعته، وحركة يدفع بها مضرته، والشرع هو الذي يميز بين الأفعال التي تنفعه، والأفعال التي تضره، وهو عدل الله في خلقه، ونوره بين عباده، فلا يمكن الآدميين أن يعيشوا بلا شرع يميزون به بين ما يفعلونه ويتركونه"[2].

عباد الرحمن، إن من لطف الله تعال بعباده أنه يزعجهم عن رغبة القرار في الدنيا ليرغبوا إلى الآخرة، ويعملون لها عملها، فجَعَلَ الدنيا مستمتع مسافر، وزاد راكب، وميدان امتحان، وتكليف تشريف، فلم يكتب لها الخُلْدَ، ولم يجعل لها السلامة من الآفات، فحلالها منغِّص فكيف بحرامها، فإن غفل وليُّه بحلالها، وقسا قلبه بالانغماس فيها، لَسَعَ الحكيم قلبه بحرمان أو آفة، أو مرض أو خوف، أو مصيبة تقرع قلبه الغافل؛ لينتبه من غفلته لعقله، ويثِبَ من سقطته لصهوة عزمه، ويقوم من رقدته لفلاح آخرته، فيسعى للدرجات العلا من الجنة والرضوان المقيم، هذا في شأن المنغمِس في المباح، أما العاصي فيزعج قلبه بسوط أشدَّ، فيفسد عليه ما عصى به ربه؛ لعله يفهم الرسالة، ويتدارك الفوات، ويلحق بركب التوابين، فإن لم يفعل فسد قلبه وعلاه الران، ولا إله إلا الله، والله المستعان؛ وقد ذكر ابن القيم رحمه الله قاعدة مطردة في ذلك فقال: "وهذه القاعدة مطردة في كل شيء عُصيَ الرب به، فإنه يفسده على صاحبه، فمن عصاه بماله أفسده عليه، ومن عصاه بجاهه أفسده عليه، ومن عصاه بلسانه أو قلبه أو عضو من أعضائه أفسده عليه، وإن لم يشعر بفساده".

فأي فساد أعظم من فساد قلب خَرِبٍ من محبة الله وخوفه، ورجائه والتوكل عليه، والإنابة إليه، والطمأنينة بذكره، والأنس به، والفرح بالإقبال عليه؟ وهل هذا القلب إلا قلب قد استحكم فساده والمصاب لا يشعر؟ وأي فساد أعظم من فساد لسان تعطل عن ذكره وما جاء به، وتلاوة كلامه، ونصيحة عباده، وإرشادهم ودعوتهم إلى الله؟ وأي فساد أعظم من فساد جوارح عطلت عن عبودية فاطرها وخالقها وخدمته، والمبادرة إلى مرضاته، وبالجملة: فما عُصي الله بشيء إلا أفسده على صاحبه.

ومن أعظم معصية العقل إعراضه عن كتابه ووحيه الذي هدى به رسوله وأتباعه والمعارضة بينه وبين كلام غيره، فأي فساد أعظم من فساد هذا العقل؟! وقد أرى الله سبحانه أتباع رسوله من فساد عقل هؤلاء ما هو من أقوى أسباب زيادة إيمانهم بالرسول وبما جاء به، وموجبًا لشدة تمسكهم به"[3].

عباد الله، إن المؤمن يعلم أن لعقله مدًى ينتهي إليه فلا يزيغ بعجب، ولا يطغى بكبر، وهو يعلم أن كل قضاء الله تعالى بعبده المؤمن خير؛ وفي الحديث: ((عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله خير))، وقال مسروق رحمه الله تعالى: "كان رجل بالبادية له كلب وحمار وديك، فالديك يوقظهم للصلاة، والحمار ينقلون عليه الماء ويحمل لهم خباءهم، والكلب يحرسهم، قال: فجاء الثعلب فأخذ الديك، فحزنوا له وكان الرجل صالحًا، فقال: عسى أن يكون خيرًا، ثم جاء ذئب فخرق بطن الحمار فقتله، فحزنوا عليه فقال الرجل: عسى أن يكون خيرًا، ثم أُصيب الكلب بعد ذلك فقال: عسى أن يكون خيرًا، ثم أصبحوا ذات يوم فنظروا فإذا قد سُبي من حولهم وبقوا هم، قال: وإنما أخذوا أولئك لما كان عندهم من أصوات الكلاب والحمير والديكة، فكانت الخيرة لهؤلاء في هلاك هذه الحيوانات كما قدره الله تعالى"، فإذًا من عرف خفيَّ لطف الله تعالى، رضيَ بفعله على كل حال.

وقطع عروة بن الزبير رحمه الله رجله من ركبته، من آكلة خرجت بها، ثم قال: "الحمد لله الذي أخذ مني واحدة. وايمك – أي: قسمًا بك يا ألله - لئن كنت أخذتَ لقد أبقيتَ، ولئن كنت ابتليتَ فقد عافيتَ"، ثم لم يَدَعْ ورده تلك الليلة.

وكان ابن مسعود رضي الله عنه يقول: "الفقر والغنى مطيتان ما أبالي أيتهما ركبت، إن كان الفقر فإن فيه الصبر، وإن كان الغنى فإن فيه البذل".

وقد كان عمران بن الحصين رضي الله عنهما قد استسقى بطنه، فبقي ملقًى على ظهره ثلاثين سنة، لا يقوم ولا يقعد - قد نقب له في سرير من جريد كان عليه موضع لقضاء حاجته - فدخل عليه مطرف وأخوه العلاء فجعل يبكي لما يراه من حاله، فقال: لم تبكي؟ قال: لأني أراك على هذه الحالة العظيمة، قال: "لا تبكِ؛ فإن أحبه إلى الله تعالى أحبه إليَّ".

ولما قدِم سعد بن أبي وقاص إلى مكة - وقد كان كُفَّ بصره - جاءه الناس يُهرعون إليه، كل واحد يسأله أن يدعو له، فيدعو لهذا ولهذا - وكان مجاب الدعوة - قاله عبدالله بن السائب: فأتيته وأنا غلام فتعرفت عليه فعرفني، وقال: أنت قارئ أهل مكة؟ قلت: نعم، فذكر قصة قال في آخرها: فقلت له: يا عم أنت تدعو للناس، فلو دعوت لنفسك، فردَّ الله عليك بصرك، فتبسَّم وقال: "يا بني، قضاء الله سبحانه عندي أحسن من بصري"، وقال بعض السلف: "لو قُرض جسمي بالمقاريض لكان أحب إليَّ من أن أقول لشيء قضاه الله تعالى سبحانه: ليته لم يقضِه".

قال الغزالي رحمه الله تعالى: "إذا تأملت هذه الحكايات عرفت – قطعًا - أن الرضا بما يخالف الهوى ليس مستحيلًا، بل هو مقام عظيم من مقامات أهل الدين، ومهما كان ذلك ممكنًا في حب الخلق وحظوظهم، كان ممكنًا في حق حب الله تعالى وحظوظ الآخرة قطعًا".

بارك الله لي ولكم ...

الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه؛ أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله، واستمسكوا بدينه، واعلموا أن الدعاء غير مناقض للرضا، ولا يخرج صاحبه عن مقام الرضا، وكذلك كراهة المعاصي ومقت أهلها، ومقت أسبابها، والسعي في إزالتها بالأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر - لا يناقضه أيضًا، وقد غلط في ذلك بعض البطالين المغترين، وزعم أن المعاصيَ والفجور والكفر من قضاء الله وقدره عز وجل، فيجب الرضا به، وهذا جهل بالتأويل، وغفلة عن أسرار الشرع.

فأما الدعاء، فقد تعبدنا به، وكثرة دعوات رسول الله صلى الله عليه وسلم وسائر الأنبياء عليهم السلام - على ما نقلناه في كتاب الدعوات - تدل عليه، ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في أعلى المقامات من الرضا؛ وقد أثنى الله تعالى على بعض عباده بقوله: ﴿ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ﴾ [الأنبياء: 90].

وأما إنكار المعاصي وكراهتها وعدم الرضا بها، فقد تعبَّد الله به عباده وذمَّهم على الرضا به؛ فقال: ﴿ وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا ﴾ [يونس: 7]، وقال تعالى: ﴿ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ ﴾ [التوبة: 87]، وعن ابن مسعود رضي الله عنه: "إن العبد ليغيب عن المنكر ويكون عليه مثل وزر صاحبه، قيل: وكيف ذلك؟ قال: يبلغه فيرضى به".

وقد أمر الله تعالى بالمنافسة في الخيرات وتوقِّي الشرور؛ فقال تعالى: ﴿ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ﴾ [المطففين: 26]، وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((لا حسد إلا في اثنتين؛ رجل آتاه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل والنهار، فسمعه جار له، فقال: ليتني أُوتيت مثلما أُوتي فلان فعملت مثلما يعمل، ورجل آتاه الله مالًا فهو ينفقه في حقه، فقال رجل: ليتني أُوتيت مثلما أُوتي فلان، فعملت مثلما يعمل))[4].

وأما بغض الكفار والإنكار عليهم ومقتهم، فما ورد فيه من شواهد القرآن والأخبار لا يُحصى؛ مثل قوله تعالى: ﴿ لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران: 28]، وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ ﴾ [المائدة: 51]، وقال تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا ﴾ [الأنعام: 129]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((المرء مع من أحب))[5].

"وبهذا يُعرف أيضًا أن الدعاء بالمغفرة، والعصمة من المعاصي وسائر الأسباب المُعِينة على الدين غير مناقض للرضا بقضاء الله تعالى، فإن الله تعبَّد العباد بالدعاء؛ ليستخرج الدعاء منهم صفاءَ الذكر، وخشوع القلب، ورقة التضرع، ويكون ذلك جلاء للقلب وسببًا لتواتر مزايا اللطف"[6].

ومن جميل كلام ابن الجوزي رحمه الله تعالى: "إذا رأيت سربال الدنيا قد تقلص عنك، فاعلم أنه قد لطف بك؛ لأن المنعِم لم يقلصه عليك بخلًا أن يتمزق، لكن رفقًا بالماشي أن يتعثر، أحرِمْ عن الحرام بنزع مِخيط الهوى؛ لعل جذب التوفيق يقارن ضعف كسبك"[7].

عباد الله، لأن الدعاء الخالص هو أعظم الأسباب في تحصيل الخير، ودفع الشر؛ فينبغي على الداعي أن يراعي جهة العبودية بدعائه، وأنه يتقرب إلى ربه بعبادة يحبها الله تعالى؛ قال السعدي رحمه الله تعالى: "وينبغي لمن دعا ربه في حصول مطلوب، أو دفع مرهوب، ألَّا يقتصر في قصده ونيته في حصول مطلوبه الذي دعا لأجله، بل يقصد بدعائه التقرب إلى الله بالدعاء وعبادته التي هي أعلى الغايات، فيكون على يقين من نفع دعائه، وأن الدعاء مخ العبادة وخلاصتها، فإنه يجذب القلب إلى الله، وتلجئه حاجته للخضوع والتضرع لله الذي هو المقصود الأعظم في العبادة، ومن كان قصده في دعائه التقرب إلى الله بالدعاء، وحصول مطلوبه، فهو أكمل بكثير ممن لا يقصد إلا حصول مطلوبه فقط، كحال أكثر الناس، فإن هذا نقص وحرمان لهذا الفضل العظيم، ولمثل هذا فليتنافس المتنافسون، وهذا من ثمرات العلم النافع، فإن الجهل مَنَعَ الخلقَ الكثيرَ من مقاصد جليلة، ووسائل جميلة، لو عرفوها لقصدوها، ولو شعروا بها لتوسلوا إليها، والله الموفق"[8].
من يسأل الناس يحرموه
وسائلُ الله لا يخيبُ


[1] أحمد في المسند (803)، ومسلم (1/ 215).

[2] مجموع الفتاوى (3/ 111) مختصرًا.

[3] الصواعق المرسلة (1/ 525).

[4] البخاري (6/236).

[5] البخاري (8/48)، ومسلم (8/43).

[6] الإحياء (3/ 435- 445) بانتقاء واختصار وتصرف.

[7] المدهش (1/ 435) بتصرف يسير.

[8] مجموع الفوائد واقتناص الأوابد، عبدالرحمن بن ناصر بن سعدي رحمه الله تعالى (ص: 74).




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 55.18 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 53.51 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.03%)]