|
ملتقى التنمية البشرية وعلم النفس ملتقى يختص بالتنمية البشرية والمهارات العقلية وإدارة الأعمال وتطوير الذات |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() قوة ومجالات القراءة بقلب أبو سهيل أحمد بن فارس نبض الحب في تلخيص كتاب القراءة بقلب للدكتور خالد اللاحم (3) هي كل مجالات الحياة، وكل ألوان نشاط الإنسان؛ من: الصلاة، وقراءة القرآن، الحج، العمرة، أذكار الصباح والمساء، أذكار اليوم والليلة، أذكار النوم، متابعة الأذان، سماع الخطب والمحاضرات والمواعظ، قراءة الكتب والمقالات والمواقع والمجلات، البحث العلمي، الدراسة والاختبارات، المقابلات، الإدارة بكافة فروعها ومجالاتها. قوة القراءة بقلب المسألة الأولى: قُوَى القلب الأربع: الأولى: قوة الحفظ: أي التخزين وتثبيت الكلمات أو الصور في القلب. الثانية: قوة التذكُّر: أي الاسترجاع واستعادة ما تم تخزينه. الثالثة: قوة التركيز: أي حضور القلب وقوة انتباهه على الأمر الحاضر. الرابعة: قوة الذكاء: أي الفهم والاستنباط؛ أي: الفقه والتفكير والتأمل والاستنتاج، وفهم الروابط بين الأشياء والأمور. هذه القُوَى الأربع للقلب قد فاوت الله تعالى بين خلقه في نصيب كل مخلوق منها؛ ابتلاءً واختبارًا لعباده، ويمكن تنميتها ومضاعفتها بكثرة التدريب والتمرين. المسألة الثانية: قوة القلب تدريب أو حفظ: قوة القلب تقوم على أمرين: الأول: كثرة وكثافة التدريب والتمرين والرياضة. الثاني: كثرة وعمق الكلمات المخزونة في القلب، وحسب قوة هذا التخزين وعمقه تكون قوة القلب، هذان أمران لا بد منهما لزيادة قوة القلب، ولا يغني أحدهما عن الآخر. المسألة الثالثة: القراءة بقلب مهارة وعادة يمكن زراعتها وتنميتها: قال ابن مسعود رضي الله عنه: عَوِّدُوهم الخير؛ فإن الخير عادة. لا تتصور أنك ستغير من عاداتك فجأة، تذكَّر وتأكَّد: أنه لا بد لك من اكتساب عادات الجد بالتدرج، وإلا فستظل في الفشل إلى الأبد. " إن قوة التركيز، وقوة التحكم بالخواطر وحديث النفس: من أهم مهارات الحياة، فمَن تدرَّب على هذه المهارة حتى يتقنها، فإنه يستفيد منها، ومن كان مهملاً لها قد ترك العنان لنفسه تفكِّر كيف شاءت، ومتى شاءت، فإنه يكون مثل الطفل الذي تربَّى على الفوضى، فهو معرَّض للخطر والهلاك في أي وقت، ويصعب قيادته وتوجيهه الوِجهة المطلوبة عند الحاجة"[1] ا هـ. المسألة الرابعة: تدريب الأطفال على القراءة بقلب: ويكون ذلك بالتدرُّج، وعلى مَهَلٍ وبرفق، وبالترغيب والتشجيع وتَكرارِ المحاولة، إلى أن يتم النجاح بإذن الله تعالى. التربية - بحمد الله تعالى - سهلة وميسرة، لكنها تحتاج إلى مبادرة وتبكير، وتحتاج إلى طول نفَس، وسَعَة صدر، وحضور قلب، ويَقَظة مستمرة، أما حين تفقد التربية هذه الأمور، فإن المربي يقع في ضدها، وحينها يُفسِد أكثر مما يُصلِح. التربية هي: التعليم الميسر المستمر على مراحل متتابعة، كل مرحلة تؤدي لما بعدها تلقائيًّا. التربية هي: القراءة بقلب، والواقع أن أطفالنا وشبابنا يصبحون ويمسون على قراءة البلوتوث، والبلايستيشن، والإنترنت، والقنوات الفضائية، ثم الجرائد والمجلات، ثم مجالس القِيل والقال، هذه قراءتهم في الحياة، فكيف نرجو - لمن كانت هذه حاله - ذِكرًا وحفظًا؟ وكيف نرجو له نجاحًا وفلاحًا؟! المسألة الخامسة: قيادة القلب: إن قيادة القلب والتحكم في النفس تتحقق بقيادة اللسان، حقيقةٌ أطلقها المربي الأعظم، وعالم النفس الأكبر، نبيُّنا محمد عليه الصلاة والسلام، إنها حقيقة يعجز عن فقهها البشر، لولا أن الله منَّ عليهم بها من طريق الوحي، هذه الحقيقة لخَّصها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: ((لا يزال لسانك رطبًا من ذكر الله))، أيضًا حديث النبي: ((هل يكبُّ الناسَ على وجوههم في النار إلا حصائدُ ألسنتهم)). إن المنطلَق للنجاح في الحياة لياقة اللسان، أقصد لياقة اللسان المُوجَّهة، التي تصدر عن عقل ووعي وانتباه وبقصد، وإلا فإن اللسان يتحرك كثيرًا وحركته خفيفة، إنها كثرة تدريب اللسان على ذكر الله، على قراءة اسم الله كثيرًا، يقول الله - عز وجل -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ﴾ [الأحزاب: 70]. لاحظ الربط بين صلاح الأعمال - أي: النجاح في الحياة - وبين القول والاشتراط أن يكون سديدًا. لقد كانت هذه القاعدة أول ما أطلقت موجَّهةً إلى أعرابي لا يقرأ ولا يكتب ولا يحفظ، جاء يريد أمرًا مختصرًا سهلاً ملخَّصًا في تربية النفس والاستقامة على شريعة الله، فأهدى إليه النبي صلى الله عليه وسلم وللناس كلِّهم هذه القاعدة الواضحة الكبيرة، التي يفهمها الطفل الصغير قبل العالم الكبير، والعامِّيُّ الأُميُّ قبل العالم الألمعي، ويستطيعها العاجز الضعيف قبل الجَلْد القوي. لقد لخص النبي صلى الله عليه وسلم قيادة القلب والنفس في خمس كلمات: الأولى: "لا يزال"؛ أي: الدوام والاستمرار ومَسْك الزمام. الثانية: "لسانك" نص على اللسان مع أن المدار على القلب؛ لأنه لا يمكن قيادة القلب إلا باللسان؛ ولأنه الأمر الظاهر الذي يمكن رؤيته وسماعه، ومن ثَمَّ تركيز التوجيه والتدريب عليه. الثالثة: "رطبًا"؛ أي: كثرة القراءة؛ أي: الحركة الدائمة للسان وعدم توقفه، بحيث يستمر رطبًا. الرابعة: "ذكر" أن تكون القراءة بقلب؛ أي بوعيٍ وانتباه، أما إن كانت بدون انتباه - بلا ذكر - فلا تفيد شيئًا. الخامسة: "الله" المعنى: أن محتوى ومضمون القراءة يجب أن يكون قراءة اسم الله تبارك وتعالى، وأن يكون خالصًا لوجه الله، لا تريد به أحدًا سواه، أيها الإنسان إنما أنت كلام، النفس لا تسكت أبدًا، بل تتكلم على مدار الساعة - بل الدقيقة والثانية - ولا يمكن تسكينها، بل كلامها يجري مع نفسها، أنت تتكلم وإن كان لسانك صامتًا، لا يوجد إنسان يمكن أن يسكت عن الكلام لحظة واحدة؛ إن القلب يتكلم على مدار الساعة لا يسكت أبدًا، فإما أن يتكلم بخير أو بشر. وإن قيادة النفس تكون من خلال قيادة اللسان بذكر الله تعالى. إن قيادة القلب تقوم على مبدأ المبادرة ومَسْك الزمام، وليس مبدأ الدفاع والمقاومة، وقد لخص بعضهم هذا المبدأ بقوله: "ونفسك إن لم تشغلها بالحق، شغَلتْك بالباطل". إن مقود القلب هو اللسان، ومن يتعوَّد على قيادة قلبه بلسانه، يمكنه الاستغراق في أي مكان وأي ظرف، حتى لا يَشعُر بما حوله مهما كان الإزعاج. من أعاجيب التأكيد على هذه القضية في القرآن الكريم قول الله تعالى: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ ﴾ [المؤمنون: 1 - 3]. لاحظ الربط بين الخشوع في الصلاة وبين تدريب اللسان على الكلام الطيب وبُعده عن اللَّغْو، إن كثرة اللَّغْوِ وكثرة سماعه هو الذي يُفسد القلب، ويُذهِب الخشوع في الصلاة، تذكَّر أن هذه الهواجس التي تملأ قلبك آناء الليل والنهار تدمِّر حياتك، وتقضي على طموحاتك، وتَحُول بينك وبين تحقيق أهدافك، وتؤدي إلى نقصك عن أقرانك في الدِّين والدنيا والآخرة. تَذكَّرْ: أن فتح باب القلب لهذه الهواجس هو الذي يحرمك من عمق القراءة، ويؤدي إلى ضياع الوقت في قراءة سطحية وهمية، تظن أنك تقرأ بينما دقائق حياتك الثمينة الغالية النفيسة تذهب في هواجس دون أن تُحس أو تشعر، فيضيع وقتك دون إنجاز أعمالك وتحقيق طموحاتك. من يتقن قيادةَ القلب، يمكنه تحصيل علم غزير، وإيمان عميق، وعمل صالح كثير، في وقت قصير، وجهد يسير، يمكنه تحقيق الاستثمار الأمثل للوقت والحياة، وتحقيق أعلى المستويات، وبلوغ أعلى الدرجات، وأرفع الرتب والمستويات. إذًا الخلاصة: أتقن كلامك تحقق أحلامك؛ لا، بل: ((لا يزال لسانك رطبًا من ذكر الله))، إن كنت تريد العزة والرِّفعةَ والنصر والسعادة، والحياة الطيبة في الدنيا والآخرة. إن من أهم مقاصد قيادة القلب: تحقيق البصيرة بالوسواس الخناس الذي يُضعِف القلب، ويحدث النسيان والسهو عن القراءة، ويقلِّلُ من تأثيرها في القلب، أو يصد عنها بالكلية، فإذا أمكن قيادة القلب تحققت القراءة، وتحقق كونها بقلب، ولم يتمكن الوسواس الخناس من تعطيل القلب أو إضعافه، فيتحقق بذلك قوة القلب بأنواعها، ومن ثَمَّ تحقيق الأهداف في الحياة. المسألة السادسة: قوة القلب بين التوكل والتدريب: الأول: التوكل على الله تعالى والتضرع إليه. الثاني: فِعل الأسباب التي أمرنا الله تعالى بفعلها. ولا يصح أبدًا إغفال أو إهمال أحد الجانبين، أو التركيز على جانب دون الآخر؛ فكلاهما مطلوب، والقاعدة في هذا: (اعقلها وتوكل). المسألة السابعة: القراءة بقلب في جوف الليل: إن قراءة القرآن في جوف الليل الآخر لا يعدلُها أي قراءة، إنها الوقود لصحة القلب وحياته، فهي المنطلق والأساس في كل ما يقال في القراءة بقلب، بدونها يصبح القلب ضعيفًا، ولا يمكنه القيام بما تم توصيفه وتوضيحه في هذا البحث، إن قناعة الناس وإيمانهم بأهمية هذا العلاج ضعيفة؛ لذلك يحصل التهاون به، حتى من بعض طلاب العلم والدعاة الصالحين. القراءة في جوف الليل سر من أسرار الحياة سهل ميسَّر بعون الله، فاستَفِدْ منه قبل فوات الأوان، وحينها لا يمكن الاستدراك ولا ينفع الندم. جوف الليل الآخر من أهم أوقات القراءة بقلب؛ لذا فإن الشيطان يحرص أشد الحرص على تفويت هذه الفرصة كل ليلة على الإنسان؛ ليتمكن منه وينتصر عليه، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، حيث قال: (( يَعْقِدُ الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاثَ عقدٍ، يضرب على كل عقدة: عليك ليل طويل فارقد))، وقال عن رجل نام حتى أصبح: ((ذاك رجلٌ بالَ الشيطان في أذنيه))؛ البخاري ومسلم. [1] الحفظ التربوي للقرآن وصناعة الإنسان (ص: 65).
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |