|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() أدلة حجاب الوجه ومنع الاختلاط ووجوب التسليم لله رب العالمين إبراهيم الدميجي الحمدُ للهِ الذي أعَزَّ من أطاعه واتَّقاه، والحمدُ للهِ الذي أذلَّ من خالف أمره فعصاه، النَّاصر لدينه وأوليائه، القائل في مُحكَم آياته ﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 104]، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كلِّ شيءٍ قدير، وأشهد أن نبيَّنا محمَّدًا عبدُه ورسولُه وخليلُه ومُصْطفاه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلِّم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدِّين، أَمَّا بَعْدُ: فاتقوا الله تعالى حقَّ تقاته، واستمسكوا بما يوصلكم لمرضاته، ولا تموتُنَّ إلا وأنتم مسلمون. أيها المسلمون، إن من أعظم وأهم أسباب قوَّة قلب العبد ورسوخ يقينه، وسلامة صدره، وتمام رضاه؛ الاستسلام لله عز وجل في أمره ونهيه، وقضائه وقدره، فالكون كونه، والخَلْقُ خَلْقُه، وهو المالك على الحقيقة، وغيرُه مملوكٌ، وهو الربُّ المتصرف بالتدبير والتقدير، وغيرُه مربوبٌ، ومن غابَتْ عنه هذه الحقيقة، وانشغل بتوافه الدنيا ورذائل أهلها لم يصمُد قلبُه للابتلاء. فلندخل يا عباد الله إلى جُنَّة وجَنَّة التسليم لله عز وجل، ولنستسلم له جل جلاله في كل شيء، فبه خيرُ الدنيا الآخرة. أيها الناس، إن الإسلام مأخوذٌ من التسليم؛ إذ إن معنى الإسلام في اللغة: الانقياد والإذعان، يقال: أسْلَم لله: إذا انقاد وأذعن وأطاع له، فالتسليم هو الإسلام، قال الله سبحانه وتعالى عن إبراهيم عليه السلام: ﴿ إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [البقرة: 131]. إن التسليم لله عز وجل من أخصِّ أركان الدين، وبه يجُوزُ العبدُ الصراطَ، وتثقل به الموازين، وهو من أوجب الواجبات، وأعلى القُرُبات. بل "إن مبنى العبوديةِ والإيمانِ بالله، وكُتُبه، ورُسُله على التسليم، وعدمِ الخوض في تفاصيل الحكمة في الأوامر، والنواهي، والشرائع؛ ولهذا لم يحكِ اللهُ سبحانه عن أُمَّةِ نبيٍّ صَدَّقت نبيَّها وآمنت بما جاء به، أنها سألته عن تفاصيل الحكمة فيما أمرها به، ونهاها عنه، ولو فعلت ذلك لما كانت مؤمنةً بنبيِّها، بل انقادت، وسَلَّمت، وأذعنت، وما عرَفت من الحكمة عرَفته، وما خفي عنها لم تتوقَّف في انقيادها، وإيمانها، واستسلامها على معرفته، ولا جعلت طلبه من شأنها، فحال المؤمن مع الأمر سمِعْنا وأطَعْنا، ومع النهي، سمِعْنا وانتهينا، ومع الخبر سمِعْنا وصدَّقْنا. قال الله تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 36]، وقال تعالى في وصف المنافقين: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا ﴾ [النساء: 60، 61]، وقال عنهم: ﴿ وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ * وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ ﴾ [النور: 48، 49] ﴿ أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [النور: 50]. وإن من عِظَم أمر التسليم والانقياد لله عز وجل ولرسوله وشرعه وأمره ونهيه، أن الله سبحانه وتعالى ذكره في أكثر من عشرين موضعًا من القرآن الكريم، وكل آية تحمل دلالة معينة وإشارة هامة على طريق التسليم. عباد الرحمن، إِنَّ من قضايا التسليم لله ورسوله قضية حِجَابِ الْمَرْأَةِ المسلمة، فقد جَاءَتْ بِهَا الشريعة، وَتَضافَرَتْ عَلَيْها النُّصُوصُ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَمَعَ هَذَا فَلا يَزَالُ أَعْدَاءُ الإِسْلامِ فِي الدَّاخِلِ وَالْخَارِجِ وَأَصْحَابُ الأَغْرَاضِ الدَّنِيَّةِ وَالْمَقَاصِدِ الْخَفِيَّةِ يُدَنْدِنُونَ حَوْلَ الْحِجَابِ، تَارَةً بِالتَّشْكِيكِ فِي شَرْعِيَّتِهِ، وَتَارَةً بِالسُّخْرِيَةِ وَالذَّمِّ لِمُرْتَدِيَتِهِ، وَفي كل يوم لهم طريقة في حربه. أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ، إِنَّ حِجَابَ الْمَرْأَةِ سِتْرٌ لَهَا وَصِيَانَةٌ، وَعَفَافٌ وَحِفْظٌ لَهَا بِإِذْنِ اللهِ، وَأَمَانَةٌ، وَعَلامَةٌ عَلَى الصَّلاحِ وَالدِّيَانَةِ. إِنَّ الْحِجَابَ هُوَ اللِّبَاسُ الذِي يَسْتُرُ جَمِيعَ بَدَنِ الْمَرْأَةِ مِنَ رَأْسِهَا إِلَى أَخْمَصَي قَدَمَيْهَا، بِشَرْطِ أَلَّا يَكُونَ فِتْنَةً فِي نَفْسِهِ، وَلا يَكُونُ لِبَدَنِهَا وَاصفًا وَلا يَكُونَ ضَيِّقًا وَلا شَفَّافًا، ومن أدلة ذلك قَوْلُ اللهِ تَعَالَى: ﴿ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ﴾ [النور: 31]، وَالْخِمَارُ هُوَ مَا تُخَمِّرُ بِهِ الْمَرْأَةُ رَأْسَهَا؛ أي: تُغَطِّيهِ، فَإِذَا كَانَتْ مَأْمُورَةً بِأَنْ تَضْرِبَ بِالْخِمَارِ عَلَى جَيْبِهَا، كَانَتْ مَأْمُورَةً بِسَتْرِ وَجْهِهَا بِطَبِيْعَةِ الحَال، وَتَوْضِيحُ ذَلِكَ: أَنَّ الْخِمَارَ يَنْزِلُ مِنَ الرَّأْسِ إِلَى الْجَيْبِ وَهُوَ الصَّدْرُ وَالنَّحْرُ فَيَلْزَمُ مِنْهُ تَغْطِيَةُ الْوَجْهِ، ثُمَّ نَقُولُ: إِذَا وَجَبَ سَتْرُ النَّحْرِ وَالصَّدْرِ كَانَ وُجُوبُ سَتْرِ الْوَجْهِ مِنْ بَاب أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْوَجْهَ مَوْضِعُ الْجَمَالِ وَالْفِتْنَةِ، فَإِنَّ النَّاسَ الذِينَ يَتَطَلَّبُونَ جَمَالَ الصُّورَةِ لا يَسْأَلُونَ إِلَّا عَنِ الْوَجْهِ، والْوَجْهُ هُوَ مَوْضِعُ الْجَمَالِ، فَكَيْفَ يُفْهَمُ أَنَّ هَذِهِ الشَّرِيعَةَ الْحَكِيمَةَ تَأْمُرُ بِسَتْرِ الصَّدْرِ وَالنَّحْرِ، ثُمَّ تُرَخِّصُ فِي كَشْفِ الْوَجْهِ؟! وَمِنْ أَدِلَّةِ الْقُرْآنِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ ﴾ [النور: 31]؛ أي: لا تَضْرِبُ الْمَرْأَةُ بِرِجْلِهَا فَيُعْلَمَ مَا تُخْفِيهِ مِنَ الْخَلاخِيلِ وَنَحْوِهَا مِمَّا تَتَحَلَّى بِهِ فِي القَدَم، فَإِذَا كَانَتِ الْمَرْأَةُ مَنْهِيَّةً عَنِ الضَّرْبِ بِالأَرْجُلِ خَوْفًا مِنِ افْتِتَانِ الرَّجُلِ بِمَا يَسْمَعُ مِنْ صَوْتِ خَلْخَالِهَا وَنَحْوِهِ، فَكَيْفَ بِكَشْفِ الْوَجْهِ؟ فَأَيُّهُمَا أَعْظَمُ فِتْنَةً أَنْ يَسْمَعَ الرَّجُلُ خَلْخَالًا بِقَدَمِ امْرَأَةٍ لا يَدْرِي مَا هِيَ؟ وَمَا جَمَالُهَا؟! وَمِنْ أَدِلَّةِ الْقُرْآنِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الأحزاب: 59]، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: "أَمَرَ اللهُ نِسَاءَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا خَرَجْنَ مِنْ بُيُوتِهِنَّ فِي حَاجَةٍ أَنْ يُغَطِّينَ وُجُوهَهُنَّ مِنْ فَوْقِ رُؤُوسِهِنَّ بِالْجَلابِيبِ وَيُبْدِينَ عَيْنًا وَاحِدَةً"، وَتَفْسِيرُ الصَّحَابِيِّ حُجَّةٌ، وَقَولُهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ "وَيُبْدِينَ عَيْنًا وَاحِدَةً"، إِنَّمَا رَخَّصَ فِي ذَلِكَ؛ لِأَجْلِ الضَّرُورَةِ وَالْحَاجَةِ إِلَى نَظَرِ الطَّريِقِ، فَأَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ حَاجَةٌ فَلا مُوجِبَ لِكَشْفِ الْعَيْنِ، وَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ خَرَجَ نِسَاءُ الأَنْصَارِ كَأَنَّ عَلَى رُؤُوسِهِنَّ الْغِرْبَانُ مِنَ السَّكِينَةِ، وَعَلَيْهِنَّ أَكْسِيَةٌ سُودٌ يَلْبَسْنَهَا. وعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِذَا خَطَبَ أَحَدُكُمُ الْمَرْأَةَ، فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ يَنْظُرَ مِنْهَا مَا يَدْعُوهُ إِلَى نِكَاحِهَا، فَلْيَفْعَلْ))؛ رَوَاهُ أَحْمَد. فَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفَى الْجُنَاحَ - وَهُوَ الإِثْمَ - عَنِ الْخَاطِبِ خَاصَّةً إِذَا نَظَرَ إِلِى مَخْطُوبَتِهِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ نَظَرُهُ لِلْخِطْبَةِ، فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ غَيْرَ الْخَاطِبِ آثِمٌ بِالنَّظَرِ إِلى الأَجْنَبِيَّةِ بِكُلِّ حَالٍ، وَإِنَّ كُلَّ أَحَدٍ يَعْلَمُ أَنَّ الْخَاطِبَ إِنَّمَا يَنْظُرُ إِلَى الْوَجْهِ؛ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ بِالذَّاتِ لِمُرِيدِ الْجَمَالِ بِلَا رَيْبٍ، وَمَا سِوَاهُ تَبَعٌ لا يُقْصَدُ غَالِبًا. وَمِنْ أَدِلَّةِ السُّنَّةِ كذلك: حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاءَ لَمْ يَنْظُرِ اللهُ إِلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ))، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: فَكَيْفَ تَصْنَعُ النِّسَاءُ بذُيُولِهِنَّ؟ قَالَ: ((يُرْخِينَ شِبْرًا))، قَالَتْ: إِذًا تَنْكَشِفُ أقْدَامُهُنَّ! قَالَ: ((فَيُرخِينَهُ ذِرَاعًا لا يَزِدْنَ))؛ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ بسند صحيح، فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ سَتْرِ قَدَمِ الْمَرْأَةِ، وَأَنَّهُ أَمْرٌ مَعْلُومٌ مُتَقَرِّرٌ عِنْدَ نِسَاءِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ، وَالْقَدَمُ أَقَلُّ فِتْنَةً مِنَ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ بِلا رَيْبٍ، فَالتَّنْبِيهُ بِالأَدْنَى تَنْبِيهٌ عَلَى مَا فَوْقَهُ وَمَا هُوَ أَوْلَى مِنْهُ بِالْحُكْمِ، وَحِكْمَةُ الشَّرْعِ تَأْبَى أَنْ يَجِبَ سَتْرُ مَا هُوَ أَقَلُّ فِتْنَةً وَيُرَخِّصُ فِي كَشْفِ مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْهُ فِتْنَةً، فَفِي هَذِهِ الأَدِلَّةِ بَيَانٌ وَاضِحٌ لمن رام الهدى، أَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَحْفَظَ أَعْرَاضَنَا وَأَهَالِينَا وَجَمِيعَ الْمُسْلِمِينَ، وَاللهُ الْمُوَفِّقُ وَالْهَادِي، وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ:فَاتَّقُوا اللهَ أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ، وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مَغْزُوُّونَ مِنْ أَعْدَاءِ الإِسْلامِ مِنَ الدَّاخِلِ وَالْخَارِجِ، وَهُمْ كَانُوا وَلا زَالُوا يَسْتَخْدِمُونَ جَانِبَ الْمَرْأَةِ لِبَثِّ الرَّذِيلَةِ، وَقَمْعِ الْفَضِيلَةِ، وَإِنَّ مَسْأَلَةَ الْحِجَابِ مِنَ الْمَسَائِلِ التِي شَوَّشُوا بِهَا عَلَى نِسَائِنَا، بَلْ وَعَلَى بَعْضِ رِجَالِنَا، فَأَطَاعَهُمْ مَنْ أَطَاعَهُمْ، وَتَبِعَهُمُ الْجُهَّالُ وَالسُّفَهَاءُ. قال الشَّيْخُ عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ سعْدِي رَحِمَهُ اللهُ: "وَلَمْ تَنْزِلْ آيَةُ الْحِجَابِ إِلَّا فِي الْمَدِينَةِ، فَاحْتَجَبَ نِسَاءُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَعَنْهُنَّ وَعن التَّابِعِينَ، وَاسْتَمَرَّ عَلَى ذَلِكَ عَمَلُ الْقُرُونِ الْمُفَضَّلَةِ، فَكَانَ كَالإِجْمَاعِ عِنْدَهُمْ، حَتَّى شَذَّ بَعْضُ الفُقَهَاءِ، فَقَالَ بِعَدَمِ وُجُوبِهِ، فَنَمَا هَذَا الأَمْرُ إِلَى أَنْ عُدَّ هَذَا الْقَوْلُ الْبَاطِلُ خِلافًا فِي هَذَا الزَّمَانِ، وَأَخَذَ بِهِ كَثِيرٌ مِنَ الْمُنْتَسِبِينَ لِلْعِلْمِ، فَأَخَذُوا يَنْشُرُونَ عَلَى صَفَحَاتِ الْمَجَلَّاتِ وَالْجَرَائِدِ الِإسْلَامِيَّةِ إِبَاحَةَ السُّفُورِ لِلنِّسَاءِ، وَالْحَالُ أَنَّ هَذَا قَوْلٌ بَاطِلٌ، لا يُعَدُّ خِلافًا فِي الْمَسْأَلَةِ؛ لِأَنَّهُ خَارِقٌ لِمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ وَسَائِرُ الْقُرُونِ الْمُفَضَّلَةِ". أيها المسلمون، ومما يورده المرجفون: أن القول بكشف الوجه هو قول جمهور العلماء، وأنه لا يقول بوجوب تغطية الوجه إلا القليلُ منهم؛ بل وزعم بعضُهم أنه لا يقول به إلا علماء نجد فقط. وهذا كلُّه محض كذب وافتراء؛ فإن الإجماع العمليَّ على مرِّ العصور منعقدٌ على أن المرأة تُغطي وجهها ولا تخرج سافرةً، قال ابن حجر: "لم تزل عادة النساء قديمًا وحديثًا يسترن وجوههن عن الأجانب"، ونقل ابن رسلان اتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه"، وكذا نقله النووي عن إمام الحرمين الجويني. وقال أبو حامد الغزالي: "لم يزل الرجال على مرِّ الزمان مكشوفي الوجوه، والنساء يخرجن متنقبات"، ونسبة جواز كشف الوجه للجمهور باطل، اسمع- رعاك الله- أقوال المذاهب الأربعة في هذه المسألة: قال السَّرْخَسِيُّ الحنفي- في كلام له حول النظر إلى الأجنبيات-: "فدلَّ على أنه لا يُباح النظر إلى شيء من بدنها، ولأن حرمة النظر لخوف الفتنة، وعامة محاسنها في وجهها؛ فخوف الفتنة في النظر على وجهها أكثر منه إلى سائر الأعضاء". وقال ابن نجيم الحنفي: "قال مشايخنا: تمنع المرأة الشابة من كشف وجهها بين الرجال في زماننا للفتنة". وقال ابن العربي المالكي: "والمرأة كلُّها عورة؛ بدنها، وصوتها، فلا يجوز كشف ذلك إلا لضرورة أو لحاجة كالشهادة، أو داءٍ يكون ببدنها". وقال تقي الدين ابن السبكي الشافعي: "الأقربُ إلى صنع الأصحاب أن وجهَها وكفَّيْها عورةٌ في النظر لا في الصلاة". ونقل ابن مفلح الحنبلي عن شيخ الإسلام ابن تيمية أنه قال: "وكشف النساء وجوههن بحيث يراهن الأجانب غير جائز". اللهم صلِّ على محمدٍ.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |