خطبة: قصة موسى الرضيع مع فرعون الوضيع - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4954 - عددالزوار : 2057198 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4529 - عددالزوار : 1325307 )           »          الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 65 - عددالزوار : 52134 )           »          الحرص على الائتلاف والجماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 80 - عددالزوار : 45913 )           »          الدِّين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 196 - عددالزوار : 64250 )           »          فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 374 - عددالزوار : 155317 )           »          6 مميزات جديدة فى تطبيق الهاتف الخاص بنظام iOS 18 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          إيه الفرق؟.. تعرف على أبرز الاختلافات بين هاتف iPhone 12 و Google Pixel 9 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          برنامج الدردشة Gemini متاح الآن على Gmail لمستخدمى أندرويد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 47 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12-08-2022, 10:25 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,565
الدولة : Egypt
افتراضي خطبة: قصة موسى الرضيع مع فرعون الوضيع

خطبة: قصة موسى الرضيع مع فرعون الوضيع
د. سامي بشير حافظ

إن الحمد لله نحمده ونستعينه.
أيها المؤمنون، قصة موسى عليه السلام ومواجهته مع فرعون وبني إسرائيل من القصص التي تكررت كثيرًا في القرآن، وأما قصة ولادته، فلم تذكر إلا في سورة واحدة وهي سورة القصص؛ حيث بدأ الله هذه السورة بذكر حال فرعون مع بني إسرائيل، وحال أم موسى مع ابنها الرضيع الذي ولدته، فعندما ولدت أم موسى طفلَها الصغير ولدَته في وقت حرج؛ حيث أصدر فيه فرعون الطاغية أمرًا بقتل كل طفل ذكر يُولد من بني إسرائيل، وحينها أوحى الله تعالى إليها أن تُرضعه، فإذا خافت عليه فعليها أن تلقيه في البحر، وأمرها ألا تخاف من ذلك ولا تحزن، وبشرها ربُّها بأنه سيرده لها، بل سيصبح من المرسلين، فقال تعالى: ﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ [القصص: 7]


ثم عندما وضعت الطفل الصغير في التابوت وألقته في البحر، وصل بإرادة الله وقدرته وتدبيره إلى من يريد قتله وهو فرعون، وصل إلى بيته وقصره، فقال تعالى:﴿ فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ [القصص: 8]


فأراد الله حفظه، فسخَّر له امرأة تحفظه، ولكن ليست كأي امرأة، إنها امرأة فرعون الطاغية الذي يريد قتله، فقال الله: ﴿ وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ [القصص: 9].


ثم قال الله: ﴿ وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا [القصص: 10]؛ أي: حزينًا لا تعلم ماذا حدث لابنها الصغير وما فعل الله به،﴿ إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [القصص: 10]؛ أي كادت أن تظهر أمره وتفضح خبره؛ لأنها لم تتحمل ما حدث له، ولكن الله ربط وثبَّت قلبها حتى تكون من المؤمنين، ثم قال الله: ﴿ وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (11) وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ [القصص: 11، 12]، فأمرت أمُّ موسى أختَه أن تبحث عنه وتسأل عن أخباره، فسمعت أن امرأة فرعون تبحث عن مرضعة ترضع موسى، فقامت فأخبرتهم بامرأة ترضعه وهي أمه وهم لا يعلمون بذلك، ثم ردَّ الله موسى إلى أمه لترضعه في أمن وسلامٍ بعد أن كانت ترضعه في خوف وقلق، وهذا هو وعد الله الحق لها ﴿ فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ [القصص: 13].


أيها المؤمنون، قصة ولادة موسى الرضيع مع فرعون الطاغية الوضيع، قصة فيها دروس وعبر، ومن ذلك:
1- من العَجَب أنَّ الله عز وجل يقول لأم موسى: (فإذا خفت عليه فألقيه في اليم)، ومعلوم أنَّ المرء إذا خاف على شيء حفظه عنده وخبَّأه، ولكنَّ الله القوي القادر اللطيف العليم أوحى إليها أن تلقيه حتى يريها قدرته ومشيئته.

2- في هذه الآيات تتجلى لنا إرادة الله ومشيئته في حفظ عبده المؤمن، ولو تآمرت عليه أقوى قوى الأرض لقتله، ففرعون ذُكر له أنه سيولد طفل تكون نهاية ملكه على يده، فأمر بقتل الأطفال الذكور كلهم، ثم تراجَع فأصبح يقتلهم سنة ويَدَعهم سنة أخرى؛ حتى لا يفنى الذكور من بني إسرائيل، وفي العام الذي يقتل فيه الذكور وُلد موسى عليه السلام.

3- من قدرة الله وحفظه لعبده المؤمن أن قذف في قلب زوجة فرعون الطاغية دفاعها عن قتل الطفل، بل زيادة على ذلك قذف في قلبها حُبَّ الطفل الصغير موسى عليه السلام، واتخاذه ولدًا لها.

4- تُثبت لنا هذه القصة قدرة الله العظيم؛ حيث إنَّ نساء بني إسرائيل كنَّ يختبئن عند ولادتهن بالذكور؛ حتى لا يعلم بهن فرعون فيذبح أطفالهن، ولكن الشأن هنا مع موسى مختلف جدًّا، فالله القوي القادر عز وجل الحفيظ الحافظ، هو من أرسل موسى الصغير إلى فرعون الطاغية، وأدخله قصره، ولم ينتظر من فرعون أن يبحث عنه.

5- هذه القصة تُحكي لنا قصة رجل جبار ملك طاغية، وطفل ضعيف رضيع لا حول له ولا قوة إلا بربه عز وجل، فكانت النتيجة انتصار الطفل الصغير على الملك العظيم.

6- قوة الله وقدرته وحفظه لعباده المتقين، جعلت الطفل الصغير يقتحم قصر فرعون، ويدخل عليه بلا إذنٍ ولا واسطة، ثم يقتحم قلب امرأته فتُحبه، ثم يبحثون له عن مرضعة ترضعه حتى يكبر ويشِبَّ، ثم يتربى في بيته، وكل ذلك وفرعون يقف متفرجًا غير قادر على منع ذلك، وهو من يريد قتله أصلًا.

7- على العبد أن يعلم يقينًا أنَّ الله على كل شيء قدير، وأنه مهما اجتمعت عليه قوى الأرض وملوكها وجنودها ليضروه، فلن يستطيعوا الوصول إليه إذا لم يُرِد الله ذلك، وفي الحديث قال صلى الله عليه وسلم: (واعلم أنَّ الأمة لو اجتمعت على أن يضروك بشيءٍ، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك)؛ أخرجه أحمد وصححه الألباني.

8- على العبد أن يثق بربه وخالقه ومولاه، وأن يتوجه إليه، وألا يخشى أحدًا إلا ربه، وألا يخشى المخلوقين مهما بلغوا، وأن يستشعر عظمة الله القوي القادر أمام قوة العبد الضعيف العاجز.

9- نزول الطمأنينة على القلب والسكينة عند المقلقات والفواجع والمدلهمات، نعمة من الله؛ قال تعالى عن أم موسى: ﴿ إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [القصص: 10]، ربطنا: أي ثبتناها فصبرت، فاللهم أنزل على قلوبنا الصبر والطمأنينة والراحة والهناء يا رب العالمين.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي لكم من كل ذنبٍ، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية
الحمد لله وكفى، وسلام على المصطفى وآله وصحبه ومن اقتفى أثره إلى يوم الدين، أما بعد:

فمن الفوائد والعبر:
10- أن يعلم العبد بأنه مهما تراكمت عليه المصائب والهموم والضغوط والمشكلات، فإن الفرج بيد الله عز وجل، وأنَّ الله مُطَّلِع عليه، فقد يتأخر البلاء سنوات طويلة لحكمة يريده الله، إما اختبار وامتحان للعبد، وإما رفعة في درجاته، أو تكفير لسيئاته، وإما منزلة لا يبلغها في الجنان إلا بمثل هذا الابتلاء.

11- أن تدبير بعض الظلمة قد يؤول إلى تدميرهم، ففرعون دبَّر وخطَّط وقتل الذكور من الأطفال خوفًا من الطفل الذي سيأتي ويزول ملكه به، فكانت النتيجة تدميره وإهلاكه على يديه.

12- عناية الله وحفظه وتدبيره لعبده المؤمن الضعيف يتجلى في موسى، فبعد أن كانت أمه خائفةً عليه من فرعون وبطشه وجبروته، ردَّه الله عليها بتوصية من فرعون وبأمره وبإشراف منه حتى ترضعه، وربما بمقابل على ذلك، وتحفظه عندها وتقر عينها به في أمان واستقرار، فسبحان من يدبر الأمور وبيده كل شيء.

13- وجود الصالحين بين المفسدين نعمة في تخفيف الشر، يقول ابن عاشور رحمه الله: "وجود الصالحين من بين المفسدين يُخفف من لأْواء فساد المفسدين، فإنَّ وجود امرأة فرعون كان سببًا في صدِّ فرعون عن قتل الطفل، مع أنه تحقق أنه إسرائيلي، فقالت امرأته لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولد"[1].

14- العبد ولو علم أنَّ الله ناصره ومؤيده، فإنه لا بد له مع ذلك من فعل الأسباب والسعي فيها، قال السعدي - رحمه الله ـ: "ومنها: أنَّ العبد ولو عرف أنَّ القضاء والقدر ووعد الله نافذ لا بد منه، فإنه لا يهمل فعل الأسباب التي أُمر بها، ولا يكون ذلك منافيًا لإيمانه بخبر الله، فإنَّ الله قد وعد أم موسى أن يردَّه عليها، ومع ذلك، اجتهدت على ردِّه، وأرسلت أخته لتقصه وتطلبه"[2].

15- في هذه القصة والآيات المذكورات تتجلى لنا أسماء الله وصفاته ومنها: القوي القادر، الحفيظ الحافظ، اللطيف، الرحمن الرحيم، الحكيم جل وعلا.

ألا فصلوا وسلموا على مَن أمركم الله بالصلاة والسلام عليه نبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم..

[1] التحرير والتنوير لابن عاشور، 20 /86.

[2] تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان للسعدي، 618.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 52.24 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 50.57 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.20%)]