أبو بكر رضي الله عنه - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 65 - عددالزوار : 52005 )           »          الحرص على الائتلاف والجماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 80 - عددالزوار : 45813 )           »          الدِّين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 196 - عددالزوار : 64220 )           »          فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 374 - عددالزوار : 155230 )           »          6 مميزات جديدة فى تطبيق الهاتف الخاص بنظام iOS 18 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          إيه الفرق؟.. تعرف على أبرز الاختلافات بين هاتف iPhone 12 و Google Pixel 9 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          برنامج الدردشة Gemini متاح الآن على Gmail لمستخدمى أندرويد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          كيفية حذف صفحة Word فى 3 خطوات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          خطوات.. كيفية إعادة ترتيب الأزرار وتغيير حجمها في مركز التحكم بـiOS 18 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 12-08-2022, 10:10 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,565
الدولة : Egypt
افتراضي أبو بكر رضي الله عنه

أبو بكر رضي الله عنه
إبراهيم الدميجي

منقولة بتصرف وزيادات


أما بعد: فأوصيكم أيُّها الناس ونفسي بتقوى الله، فإنَّ تقوى اللهِ خَلَفٌ من كلِّ شيءٍ، وليس من تقوى الله خَلَفٌ.

أيُّها المسلمون، ما كان تزويقَ ألفاظٍ، وما كان حديثًا يُفْترى ذلك الحديثُ الذي روى به التاريخ أنباء أعظم ثُلَّةٍ ظهرَتْ على وجه الأرض في دنيا الناس، وفي ميدان العقيدة والإيمان.

إن التاريخ الإنساني بعرضه وطوله لم يشهد من الصدق والتوثيق وتحرِّي الحق والحقيقة مثل ما شهد تاريخ الإسلام في سِيَر رجاله السابقين.

إن التاريخ لم يشهد رجالًا اشتدَّ باللهِ عزمُهم، وصدقَتْ لله نِيَّاتُهم، في غايات شريفة من الإيمان والإصلاح، نذروا لها حياتهم، صدقوا ما عاهدوا الله عليه في جسارة وتضحية، إنه لم يشهد كما شهد في الرجال من صَحْب رسول الله رضي الله عنهم وأرضاهم أجمعين.

كيف أنجز هؤلاء الأبرار هذا الإنجاز، وفتحوا هذه الفتوح في بضع سنين؟! كيف شادوا بقرآن الله وكلماته نظامًا جديدًا، وعالمًا فريدًا يهتزُّ نُضرَةً، ويتفوق قوةً وقدرةً، في لمح البرق وضيائه؟! أضاءوا الإنسانيةَ بحقيقة التوحيد وصفاء العقيدة ونور الشريعة، إن هذا- وربِّكَ- الإعجازُ في الإنجاز، ويقود هذا الإعجازُ إلى إعجازٍ آخرَ يتمثَّلُ في سِيَرهم الذاتية وطبائعهم النفسية التي صاغ الدينُ فضائلها، وهذَّب القرآنُ سجاياها، عاشوا مع نبيِّهم محمد صلى الله عليه وسلم: ﴿ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الأعراف: 157].

نفوسٌ صدَقَتْ في إيمانها، فتولَّدت فيها قوةُ الثبات، وحقيقةُ الولاء، فكان ذلك البذل العظيم الذي بذلوا، والهول الشديد الذي احتملوا، والفوز الكبير الذي حازوا، لقد حرَّروا البشرية من وثنية العبودية، وتِيهِ الضمير، وضلال المسير، وضياع المصير.

في دراسة السِّيَر والتاريخ لسلفنا الصالح نشهدُ كتائبَ الحقِّ وهي تطوي العالم بإيمانها، ترفعُ رايات الحق لتُعْلِنَ توحيدَ الربِّ وتحريرَ الخلق.

أيُّها الإخوة، وهذه وقفةٌ مع سيرة رجل من هؤلاء الرجال؛ بل إنه رجل لا كالرجال، إنه الصدِّيق أبو بكرٍ، خليفةُ رسول الله الأوَّل، والمؤمنُ برسول الله من الرجال الأُوَل رضي الله عنه وأرضاه، وجزاه عن الإسلام والمسلمين خيرًا، سبق إلى الإيمان، وبادَرَ إلى الرُّفْقة، ولازم الصُّحْبة، واختصَّ بالمرافقة في الغار والهجرة: ﴿ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا ﴾ [التوبة: 40].

فمن سرَّهُ أن ينظُر إلى عتيقٍ من النار فلينظُر إلى أبي بكر، كيف لا؟! وقد أعلن المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر خطيبًا: ((إنَّ أَمَنَّ الناسِ عليَّ في صُحْبته ومالِه أبو بكر، ولو كنتُ مُتَّخِذًا خليلًا غيرَ ربِّي لاتَّخَذْتُ أبا بكرٍ، ولكن أخوة الإسلام ومودتُه، لا يبقى بابٌ في المسجدِ إلَّا باب أبي بكرٍ))؛ رواه البخاري، وروى كذلك قوله صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي إِلَيْكُمْ فَقُلْتُمْ: كَذَبَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: صَدَقَ، وَوَاسَانِي بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَهَلْ أَنْتُمْ تَارِكُونَ لِي صَاحِبِي؟!)).

ويزداد الأمرُ وضوحًا ووضاءة حين يقول عليه الصلاة والسلام: ((ما لأحَدٍ عندنا يَدٌ إلَّا وقد كافَيْناهُ ما خلا أبا بكْرٍ؛ فإن له عندنا يدًا يُكافئه اللهُ بها يومَ القيامةِ))؛ رواه الترمذي، وصحَّحه الألباني.

أبو بكرٍ الأبيضُ النحيفُ اللطيفُ، خفيفُ العارضين، جَعْدُ الشعر، دقيقُ الساقين، خفيفُ اللحم، يخضِبُ الحناءَ والكَتَم.

هو الوقورُ جميل السَّمْت، يغار على مروءته، ويتجنبُ ما يُريب، لم يشرب الخمر في الجاهلية؛ لأنها تُخِلُّ بوقارِ مثلِه، وقد سُئل عن ذلك يومًا فقال: كنت أصون عرضي وأحفظُ مروءتي.

أيُّها الإخوة في الله، أصحاب المقاماتِ والقياداتِ، وذوو الشرف والوجاهات، يعتصمون بالوقار والاحتشام، ويستزيدون من خلائق الصدق والمروءة والوفاء، في شفافيةِ نفس، ورهافةِ حِسٍّ، لقد بلغَتْ نفسُه قُصارى ما تبلغه نفسٌ طيبةٌ من رعاية حقوق الناس، ومسارعةٍ إلى الخيرات، ودرْءٍ للشرور وساقط الأمور.

يقول ربيعة الأسلمي رضي الله عنه: جرى بيني وبين أبي بكر كلامٌ، فقال لي كلمةً كرهتُها، وندم أبو بكر عليها، فقال: يا ربيعةُ، رُدَّ عليَّ مثلها حتى يكون قِصاصًا، قلت: لا أفعل، قال: لتقولَنَّ أو لأستعدِيَنَّ عليك رسولَ الله، فقلت: ما أنا بفاعلٍ، فانطلق أبو بكر إلى رسول الله، وجاءني ناسٌ من قومي من أسْلَم، فقالوا: رحم الله أبا بكر! في أي شيء يستعدي عليك، وهو الذي قال لك ما قال؟! فقلت: أتدرون من هذا؟ أبو بكر ثاني اثنين، وهو ذو شيبةٍ في الإسلام، إياكم لا يلتفت فيراكم تنصُروني عليه فيغضَب، فيأتي رسولُ اللهِ فيغضب لغضبه، فيغضبُ اللهُ لغضبِهما، فيهلكَ ربيعة، وانطلق أبو بكر وتبعتُه وحدي، حتى أتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فحدَّثه الحديثَ كما كان، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم إليَّ رأسه فقال: ((يا ربيعةُ، مالك وللصدِّيق؟)) فقلت: يا رسول الله، كان كذا وكذا، فقال لي أبو بكر كلمةً كرهتُها، وطلب منِّي أن أقول كما قال حتى يكون قِصاصًا فأبيتُ، فقال عليه الصلاة والسلام: ((أجَلْ لا ترُدَّ عليه، ولكن قل: قد غَفَرَ اللهُ لكَ يا أبا بكْرٍ))؛ رواه أحمد.

أبو بكرٍ يكره أن يسيءَ إلى أحد؛ لأنه - وهو الودودُ المؤدَّبُ - يعلم ما تُوقِعهُ الإساءةُ في النفسِ من ألمٍ قد يخرِجُها عن طورها في حِلْمها وأناتها، لقد كان يتحاشى السَّقَطَ من الكلام، وإذا مدحه مادحٌ قال: اللهم لا تؤاخذني بما يقولون، واغفِر اللهُمَّ لي ما لا يعلمون، واجعلني خيرًا مما يظنُّون.

لقد كان كريمَ النزَعات والطوايا، سريعَ التأثُّرِ بمآسي مَنْ حولَه، مع طموحٍ عجيب إلى المُثُلِ العُلْيا، يُسابق إلى الخيرات، ويُبادر إلى صنوف البر والإحسان، ومواساةِ ذوي الحاجات.

صلى رسولُ اللهِ الفجرَ ذات يوم بأصحابه، فلما قضى صلاته قال: ((أيُّكم أصبحَ اليومَ صائمًا؟))، قال أبو بكر: أنا، قال: ((مَنْ تَبِعَ منكم اليومَ جنازةً؟))، قال أبو بكر: أنا، قال: ((مَنْ أطعَمَ اليومَ مِسْكينًا؟))، قال أبو بكر: أنا، قال: ((فمَنْ عادَ منكم اليومَ مريضًا؟))، قال أبو بكر: أنا، فقال رسول الله: ((ما اجتمَعْنَ في امرئٍ إلَّا دَخَلَ الجنةَ))؛ رواه مسلم.

أيُّها الإخوة، إن أبا بكر رضي الله عنه بأفعاله الجميلة، ومبادراته المتنوعة يَدخلُ الجنة ليس من باب واحد؛ ولكن يُنادَى مِن أبواب الجنة جميعِها؛ فلقد عدَّد رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أبوابَ الجنة فكان مما قال: ((مَنْ كانَ مِنْ أهْلِ الصلاةِ دُعي من بابِ الصلاةِ، ومَنْ كانَ من أهْلِ الجِهادِ دُعِي من بابِ الجِهادِ، ومن كان من أهْلِ الصَّدَقةِ دُعِي من بابِ الصَّدَقةِ، ومَنْ كان من أهْلِ الصيامِ دُعِي من بابِ الصيامِ وبابِ الرَّيَّانِ))، فقال أبو بكر رضي الله عنه: ما على الذي يُدْعى من تلك الأبواب من ضرورة؟ وهل يُدْعى من كلِّها أحدٌ يا رسول الله؟ قال: ((نَعَم، وأرجُو أنْ تكُونَ منهم يا أبا بكْرٍ))؛ متفق عليه، ومن أجلِ هذا فلا جَرَمَ أنْ يقولَ عمرُ وعليٌّ رضي الله عنهما: ما سابقْنا أبا بكرٍ إلى خيرٍ قطُّ إلا سبقنا عليه.

أيُّها الإخوة، ولئن كان أبو بكر أليفًا مألوفًا، سَمْحًا ودُودًا، ليِّنًا سَهْلًا، حسنَ الحديث، أديبَ المجالسة، فلتعلَمُوا أن هذا الرفيعَ من السجايا والجميلَ من المحامد يؤازره قِسْطٌ وافرٌ من رجاحة العقل، وحصيفِ الذكاء الذي يتميَّز به، ويحتاج إليه ذوو الأقدار الكبيرة من الرجال، فقد قيل فيه وفي أبي عبيدة بن الجرَّاح رضي الله عنهما: "هما داهِيتا قريش"، ولقد كان أبو بكر أسرعَ إلى الفِطْنةِ والإدراكِ فيما يُعَرِّضُ به النبيُّ صلى الله عليه وسلم لأصحابه من التلميح دون التصريح.

روى الشيخان عن أبي سعيدٍ الخُدْري رضي الله عنه قال: جلس رسول الله على المنبر يومًا فقال: ((إنَّ عَبْدًا خيَّرَهُ اللهُ أنْ يُؤتيَه زهْرَةَ الدُّنْيا وبين ما عنده، فاختارَ ما عِنْدَه)) فبكى أبو بكر وبكى، وقال: فَدَيْناك بآبائنا وأمهاتنا، فكان رسولُ اللهِ هو المخيَّر، وكان أبو بكر أعلَمَنا به.

ويقترنُ بدماثة الخُلُق وهدوءِ الطبع ورجاحةِ العقل قوةٌ في الحق وشجاعةٌ في النفس وإخلاصٌ للمبدأ؛ فحين أسلمَ أعلن إسلامَه، وجهر بصلاته، ولقي من الأذى في مكة ما لقي، وتحمَّل في ذلك ما تحمَّل.

وفي المعارك كان هو القريبَ من رسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلم، شهد المشاهِدَ كُلَّها، وكانت معه الرايةُ يومَ تَبُوك، ولم تُذكَر له قطُّ هزيمةٌ في ساعةٍ من ساعاتِ الشِّدَّة؛ لا في أحُد، ولا الخندقِ، ولا حُنَيْنٍ، ولا ثبَتَ أحدٌ حيثُ يصعُب الثباتُ إلا كان هو أوَّلَ الثابتين، لم يُفارق نبيَّه محمدًا صلى الله عليه وسلم لا حَضَرًا ولا سَفَرًا.

ولقد اجتمعت تلك الصفاتُ كلُّها، وبرزَتْ في أجْلى صورها، وأبهى ممارساتها حينما تولَّى الخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلقد كان خيرَ خليفة، أرْحَمَ الناس وأحناهم عليهم في عِفَّةٍ وصِدْقٍ وعَدْلٍ وحَزْمٍ، وأناةٍ وكَيْسٍ، ويقظةٍ ومتابعةٍ، ومَنْ ردَّ أهلَ الرِّدَّة بإذن الله إلا أبو بكر؟! قال أنس: لما مات رسولُ الله صلى الله عليه وسلم صِرْنا كالغنم في الليلة المطيرة حتى ثبَّتَنا الله بأبي بكر، ولما جادله عمرُ في المرتدين صاح به: يا عمرُ، أجبَّارٌ في الجاهلية، خوَّار في الإسلام؟! جئتُ أبتغي نصرك، فجئتني بخُذْلانك، والله لأقاتلنَّ من فرَّق بين الصلاة والزكاة حتى تنفرِدَ سالِفَتي! قال عمر رضي الله عنه: فما هو إلا أن رأيت صدر أبي بكر انشرح له، فعلمت أنه الحق، قال شيخ الإسلام: لم يُحفَظ عن الصدِّيق خطأٌ؛ لا في العلم، ولا في العمل.

أيُّها الإخوة، والحديث يطول في مسيرةٍ لا ينقضي منها العجب، فهل تعي الأمةُ في أعقاب الزمن وفي مواضع الفتنِ المجيدَ من تاريخها؟ أم هل يعي شبابُها أنَّ رُوحَ التاريخ يكمنُ في سِيَر الرجال الأفذاذ؟ ولكن ما الحيلةُ إذا كان الرجالُ لا يُقدِّرونَ الرجال؟!

بارك الله لي ولكم.

الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ، رفع قدرَ أولي الأقدار، أحمدُه سبحانه وأشكره على فضله المدرار، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الواحدُ القهَّار، وأشهد أنَّ سيدنا محمدًا عبدُه ورسولُه المصطفى المختار، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه الطيِّبين الأطْهار، من المهاجرين والأنصار والتابعين ومَنْ تَبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، أما بعد:
فاتقوا الله رحمكم الله أيها المسلمون، واعلموا أنَّ الأُمَمَ والشعوبَ كما تُحقِّق العِزَّ والمجدَ يمسُّها الضَّعْفُ والهوان، وتاريخُ الإسلام ليس مجردَ أحداثٍ مدونةٍ، ووقائعَ مسجَّلة، ولكنَّه عقيدةُ الأُمَّةِ ودينُها ومقياسُها وميزانُها وعِظتُها واعتبارُها.

التاريخُ هو الكَنْز الذي يحفظُ مُدَّخراتِ الأُمَّة في الفكر والثقافة والعلم والتجربة، وهو الذي يَمُدُّها- بإذن الله - بالحِكمِ التي تحتاجُ إليها في مسيرة الزمن وتقلُّبِ الأحداث، والأمةُ التي لا تُحسِنُ فِقْهَ تاريخِها، ولا تحفظُ حقَّ رجالها، أمةٌ ضعيفةٌ، هزيلةٌ، ضالَّةٌ عن حقائق سُنَن الله، مُضيِّعةٌ لمعالم طريقها.

أيُّها الإخوة، وإن شئتم مزيدًا من سيرة هذا الرجل المبارك، والقدوة الحسنة فلتعلموا أن هذا الإلْفَ المألوف الرحيم بالغرباء قبل الأقربين غزيرُ الدمعة، شجيُّ النشيج، وقد كان رجلًا أسِيفًا؛ أي: لا يملك نفسَه من البكاء إذا قرأ القرآن.

رضي الله عن أبي بكر وأرضاه، وأطاب ذِكْرَه حيًّا وميتًا، ورضي اللهُ عن الصحابة أجمعين، اللهُمَّ صَلِّ على محمدٍ.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 72.04 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 70.32 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.39%)]