|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() لا تشرب الخمر فإنها مفتاح كل شر د. محمد جمعة الحلبوسي الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، أحمده سبحانه وأثني عليه الخير كله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتَّبع سنته بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد: فنقف اليوم مع وصية من وصايا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، هذه الوصية يحذرنا نبينا صلى الله عليه وسلم من خلالها من آفة خطيرة، هذه الآفة هي أصْلُ الشرور والفتن والمصائب، فكم فرَّقت هذه الآفةُ بين رجل وزوجته! وكم شتَّتَت من أُسَر، وهتكتْ مِن أعراض، وجرَّأت على السرقة والقتل، وأوْدَت بأصحابها إلى الانتحار! فتعالـوا لنستمع معًا إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وإلى وصيته العظيمة التي ينقلها لنا الصحابي الجليل سيدنا أبو الدرداء رضي الله عنه، فيقول: أَوْصَانِي خَلِيلِي صلى الله عليه وسلم فقال: ((لَا تَشْرَبِ الْخَمْرَ؛ فَإِنَّهَا مِفْتَاحُ كُلِّ شَرٍّ )) [1]. صدقت يا سيدي يا رسول الله، نعم والله، إنها مِفْتاحُ كل شر، وإنها أمُّ الخبائث، فكم سمعنا وقرأنا عن مصائب الخمور والمخدِّرات، فكَمْ من أخٍ زنى بأخته، وكم من أب وقع على ابنته! كم كانت الخمور والمخدِّرات سببًا لضياع كثير من الشباب، وتفكُّكِ كثير من العائلات! هذه قصة حقيقية حدثت في لبنان، نَشَرَتْها إِحْدَى جَرَائِدِها الرسمية، حيث نشرت خبرًا لشَابٍّ كان يتَعَاطَى الْخَمْرَ، وفي ذات ليلة عاد إلى بيته وهو سكران فدَخَلَ عَلَى أُمِّهِ، فَرَاوَدَهَا عَنْ نَفْسِهَا لِيَفْعَلَ بِهَا الْفَاحِشَةَ فَامْتَنَعَتْ، فَهَدَّدَهَا إِنْ لَمْ تُمَكِّنْهُ مِنَ الْوُقُوعِ عَلَيْهَا أَنْ يَقْتُلَ نَفْسَهُ، فَتَرَدَّدَتْ ثُمَّ لَمَّا رَأَتْهُ مُصِرًّا رضخت لِمَصِيرِهَا الأَلِيمِ، وَوَقَعَ عَلَيْهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ هَذَا الْخَاسِرُ كَأَنَّهُ أَحَسَّ أَنَّهُ فَعَلَ شَيْئًا قَبِيحًا وَهُوَ سَكْرَانُ، فَسَأَلَ أُمَّهُ وَحَلَّفَهَا بِاللهِ وَأَصَرَّ عَلَيْهَا أَنْ تُخْبِرَهُ مَاذَا فَعَلَ؟ فَلَمَّا أَخْبَرَتْهُ خَرَجَ مِنَ الْبَيْتِ إِلَى مَحَطَّةِ وَقَودٍ قَرِيبَةٍ، وَاشْتَرَى جالون بَنْزِينٍ، وَدَخَلَ الْحَمَّامَ وَأَغْلَقَهُ، ثُمَّ صَبَّ عَلَى جِسْمِهِ الْبَنْزِينَ، وَأَحْرَقَ نَفْسَهُ حَسْرَةً وَأَلَمًا عَلَى مَا فَعَلَ بِأُمِّهِ![2]. أرأيتم ماذا كانت نتيجة الخمور، ثَلاثةُ ذُنُوبٍ كَبَائِر مُتَوَالِيَة: شَرِبَ الخَمْرَ، ثُمَّ زَنَى بِأُمِّهِ، ثُمَّ قَتَلَ نَفْسَه! هكذا تفعل أمُّ الخبائث بصاحبها، وهذه هي نتيجة الانْحِرَافِ عَنْ مَنْهَجِ اللهِ! ولذلك قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ﴾ [المائدة: 90، 91]. عندما نزلت هـذه الآية في تحريم الخمور وختمها الله تعالى بقوله: ﴿ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ﴾ قال الصحابة الكرام رضي الله عنهم: "انتهينا، انتهينا"، فحمل كل واحد جرَّة الخمر وسكبها في الشارع، حتى قالوا: سالت شوارع المدينة خمرًا؛ لسرعة استجابة الصحابة رضي الله عنهم لأمر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم[3]. فأين من يقول: انتهينا عن الخمر والربا والزنى والكذب؛ امتثالًا لأمر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم؟! ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ وَمُدْمِنُ الْخَمْرِ، والمنَّان بما أعطى))[4]. وقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، إِنَّ عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَهْدًا لِمَنْ يَشْرَبُ الْمُسْكِرَ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ)) قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ؟ قَالَ: ((عَرَقُ أَهْلِ النَّارِ)) أَوْ ((عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ))[5]. بعض الناس يقول: الحمد لله أنا لا أشرب الخمر، لكنني أجلس مع أصدقائي وهم يشربون الخمر أو يتناولون المخدِّرات، فهل عليَّ في هذا الجلوس أثم؟ نقول: نعم عليك إثم، فلا يجوز لك الجلوس مع قوم يشربون الخمر حتى وإن كنت أنت لا تشرب الخمر؛ وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك، فقال صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَجْلِسْ عَلَى مَائِدَةٍ يُدَارُ عَلَيْهَا بِالْخَمْرِ))[6]. لأن شرب الخمر كبيرة من كبائر الذنوب، والجلوس معهم وسيلة إلى مشاركتهم في عملهم السيئ أو الرضا به، فلا يجوز الجلوس في مجالس الشرب المُحَرّم؛ خمرًا سائلًا كانت أو مخدرات مطعومة أو مشروبة أو مشمومة، فإنها مجالسُ الفسق والفساد. والمؤمن مطالب بإنكار المنكر بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، لكن يلزمه حينئذٍ القيام والبعد عن مكان المنكر إن استطاع، قال تعالى: ﴿ وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأنعام: 68]. بل اسمع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: ((لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَ، وَشَارِبَهَا، وَسَاقِيَهَا، وَبَائِعَهَا، وَمُبْتَاعَهَا، وَعَاصِرَهَا، وَمُعْتَصِرَهَا، وَحَامِلَهَا، وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ))[7]. تدبَّرْ معي أخي المسلم في هذا الحديث جيدًا.. معنى اللعن: هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله[8]، فربُّنا لعن الخمر ومن يشربها ومن يقدمها ومن يبيعها ومن يشتريها ومَنْ يَطْلُبُ عَصْرَهَا لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ، ومن يحملها ومن حُمِلت إليه. يعني الزوجة التي لا تشرب الخمر، ولكنها تقدِّم لزوجها الخمر، فهي ملعونة... الموظَّف الذي لا يشرب الخمر، ولكنه يقدِّم الخمر إلى الزبائن، فهو ملعون... الشخص الذي لا يشرب الخمر، ولكنه يبيع الخمر، هو ملعون... الشخص الذي لا يشرب الخمر، ولكنه يحملها في سيارته مِن مكان إلى آخر، هو ملعون...كل مَن اقترب من الخمر ملعون، ومطرود مِن رحمة الله... فالخمر يحرم شربها وبيعها وحملها والإعانة عليها بأي وجه من الوجوه. فيا أيها الأب والأخ والمدرس والأم والقريب: أحسنوا الرعاية على أولادكم- ذُكُورِهم وإناثِهم- وجنِّبوهم جلساءَ السوء، وامنعوهم من أماكن الفساد، واحذروا عليهم مِن السهر مع رُفقة السوء، وامنعوهم من الدخَان؛ فإنه بداية المخدِّرات والمسْكِرات. والطفل- الذي هو في مقتبل الحياة- لا يعرف خيرًا ولا يعرف شرًّا؛ إلا أن وليَّه والمسؤول عنه هو الذي يجب عليه أن يجنِّبه كلَّ ضار، وأن يرشده إلى كل نافع وخير. ويا أيها المسؤولون في هذه المدينة: حماية المدينة والمجتمع من دخول الخمر والمخدرات أمانة وستحاسَبون عليها أمام الله تعالى إن قصَّرتم فيها ((..فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مسؤول عَنْ رَعِيَّتِه)). وأنا أذكركم جميعًا أيها المجتمع: لو شرب إنسانٌ الخمر فغاب عقلُه، وسرق وزنى وقتل، فهو مجرم، ولكنْ قد اشترك معه في الجريمة الذي سَمح للخمور أن تدخل...واشترك معه الذي باع له الخمر، والذي فتح محلات تُباع فيها الخمر، واشترك معه في الجريمة الذي وقَّع ووافَق على بيع الخمر، واشترك معه في الجريمة الذي صنع الخمر، وفتَح مصنع الخمر، وكلُّ مَن اقترب من الخمر وساهم فيها اشترك في هذه الجريمة. وأنت أيها الجالب للخمر والمخدِّرات، وأنت يا من تبيع الخمر والمخدرات، وأنت يا من تحملها بسيارتك، كيف تطيب نفسُك بأن تدمِّر نفسَك ومجتمعك؟! كيف ترضى لنفسك أن تكون ممن يسعون في الأرض فسادًا؟! كم كانت الخمر والمخدِّرات سببًا لزِنَى الأخ بأخته، ووقوع الأب على ابنته! كم كانت سببًا لضياع كثير من الشباب، وتفكُّكِ كثير من العائلات، كيف ترضى أن تفسد شباب المسلمين؟! هل ترضى الفساد لأولادك وبناتك؟! إن كنت لا ترضى فكيف ترضاه لأولاد المسلمين وبناتهم؟! هذا المال الذي تجنيه من هذا العمل حرامٌ، وسيكون عليك وبالًا في الدنيا قبل الآخرة، فاتَّق الله في نفسك، وارجع إلى الله عزَّ وجلَّ، وكن داعيًا إلى الخير، ولا تكن سببًا في الشر وداعيًا إلى الشر، قال الله تعالى:﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [المائدة: 2]، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم. الخطبة الثانية اسمع إلى هذه القصة العجيبة: عن الفضيل بن عياض رحمه الله أنه حضر عند تلميذ له حضَرَه الموتُ، فجعل يلقِّنه الشهادة، ولسانه لا ينطق بها، فكرَّرها عليه، فقال: لا أقولها وأنا بريء منها، ثم مات.فخرج الفُضَيل مِن عنده وهو يَبكي، ثم رآه بعد مدةٍ في مَنامه وهو يُسحب به في النار، فقال له: يا مسكين، بم نُزِعَت منك المعرفة؟ فقال: يا أستاذ، كان بي عِلّةٌ، فأتيتُ بعض الأطباء، فقال لي: تشرب في كل سنَةٍ قَدحًا مِن الخمر، وإن لم تفعل تبْقَ بك علَّتُك، فكنتُ أشربها في كل سنة لأجل التداوي! فهذه حال مَن شربها للتداوي، فكيف حال من يشربها لغير ذلك؟![9]. أيها المسلم، إن الله تعالى لم يجعـل شفاء الناس فيما حـرم عليهم، وإنما الشفاء فيـما أباح الله جل وعلا؛ ولهذا لما سأل رجـل النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا رسول الله، إني أصنع الخمر للدواء؟ فنهاه صلى الله عليه وسلم عنها وقال: ((إِنَّهَا لَيْسَتْ بِدَوَاءٍ وَلَكِنَّهَا دَاءٌ))[10]. فحريٌّ بالمسلم أنْ يحْذَر مِن هذه المعصية التي جعلها الله تعالى مِن أكبر الكبائر. [1] سنن ابن ماجه، كتاب الأشربة، باب: الْخَمْرُ مِفْتَاحُ كُلِّ شَرٍّ (2/ 1119)، برقم (3371) في الزوائد إسناده حسن. [2] فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام لابن عثيمين: (1/ 139). [3] صحيح البخاري، كتاب المظالم- باب صب الخمر في الطريق: (3/ 173)، برقم (2464)، وصحيح مسلم، كتاب الأشربة - بَاب تَحْرِيم الْخَمْرِ، وَبَيَانِ أَنَّهَا تَكُونُ مِنْ عَصِيرِ الْعِنَبِ، وَمِنَ التَّمْرِ وَالْبُسْرِ وَالزَّبِيبِ، وَغَيْرِهَا مِمَّا يُسْكِرُ: (3/ 1571)، برقم (1980). [4] صحيح ابن حبان، كِتَاب إِخْبَارِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ مناقب الصحابة- باب إخباره صلى الله عليه وسلم عن البعث وأحوال الناس في ذلك اليوم: (16/ 334)، برقم (7340) قال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح. [5] صحيح مسلم، كتاب الأشربة - بَابُ بَيَانِ أَنَّ كُلَّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَأَنَّ كُلَّ خَمْرٍ حَرَامٌ: (3/ 1587)، برقم (2002). [6] سنن الترمذي، أبواب الأدب - بَابُ مَا جَاءَ فِي دُخُولِ الحَمَّامِ: (4/ 410)، برقم (2801) قال الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. [7] سنن أبي داود، كتاب الأشربة - باب العنب يُعصَر للخمر: (5/ 517)، برقم (3674) وهذا إسناد حسن. [8] قال الراغب الأصفهاني: (اللعن: الطرد والإبعاد على سبيل السخط، وذلك من الله في الآخرة عقوبة، وفي الدنيا انقطاع من قبول رحمته وتوفيقه، ومن الإنسان دعاء على غيره)؛ المفردات في غريب القرآن: (ص:741). [9] الكبائر للذهبي: (ص: 85). [10] سنن الترمذي، أبواب الطب- بَابُ مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ التَّدَاوِي بِالمُسْكِرِ: (3/ 456)، برقم (2046)، وقال الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |