متفائلون .. رغم الزلازل! - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 65 - عددالزوار : 52054 )           »          الحرص على الائتلاف والجماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 80 - عددالزوار : 45840 )           »          الدِّين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 196 - عددالزوار : 64229 )           »          فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 374 - عددالزوار : 155272 )           »          6 مميزات جديدة فى تطبيق الهاتف الخاص بنظام iOS 18 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          إيه الفرق؟.. تعرف على أبرز الاختلافات بين هاتف iPhone 12 و Google Pixel 9 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          برنامج الدردشة Gemini متاح الآن على Gmail لمستخدمى أندرويد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          كيفية حذف صفحة Word فى 3 خطوات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          خطوات.. كيفية إعادة ترتيب الأزرار وتغيير حجمها في مركز التحكم بـiOS 18 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصور والغرائب والقصص > ملتقى القصة والعبرة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى القصة والعبرة قصص واقعية هادفة ومؤثرة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 30-05-2022, 04:01 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,565
الدولة : Egypt
افتراضي متفائلون .. رغم الزلازل!

متفائلون .. رغم الزلازل!


هنادي الشيخ نجيب





بعد زلزال أصاب إحدى المدن، خرج مراسل قناة تلفزيونية؛ ليرصد ردَّات فعل المواطنين الذين علقوا داخل سياراتهم في الطرق المزدحمة.

نقر المراسل على زجاج إحدى السيارات، وسأل السائق عن إحساسه جرَّاء التعرُّض لهذا الحادث المروِّع؛ فردَّ عليه بصوت مرتفع وبلهجة عنيفة قائلاً: "أنا أكره هذه المدينة، إنها مدينة المصائب والكوارث! زلازل، فيضانات، حرائق... سَئِمت منها ومن بلاءاتها، وآخرها أني محبوس هنا بين الرُّكام، وسأتأخَّر عن اجتماع مهم في مكتبي!

خطا المراسل خطوات إلى الوراء، كأنه يهرب من شظايا التوترات السائدة، وراح يبحث في تلك البؤرة -المشحونة بالانطباعات السلبية- عن أي مؤشر بشري إيجابي!

وبينما كان يتفقَّد أرض الواقع بحسِّه الإعلامي؛ إذ بوهج مريح ينبعث من وجه رجل تقلَّد ابتسامة عريضة في هذا الخضم البائس! استفزَّت تلك البشاشة المراسلَ، وأراد أن يعرف خلفيتها، فأومأ للسائق بيده ليفتح له النافذة، وطرح عليه السؤال نفسه، ظانًّا أن مجرد طرحه سيُعِيد الرجل إلى الحالة المأساوية التي تتواءم مع المحيط المتأزِّم!

لكن الرجل حافظ على طلاقته، مجيبًا بكل لطف وسلاسة: "أولاً: الحمد لله أن الزلزال لم يتسبب لي بأذى، وأني بخير وعافية، ولم يصبني أي سوء.

ثانيًا: لقد اتصلت بعائلتي، واطمَأنَنْت على حالهم، مما يعني أن أعمدة بيتي متينة، وهم الآن في أمان.

ثالثًا: لي رغبة قديمة في تعلُّم اللغة الإسبانية، وهذه الزحمة أتاحت لي القيام بذلك في السيارة، من خلال أشرطة كنت اشتريتها لهذا الغرض، وبما أننا في مدينة معروفة بكثرة الزلازل؛ فقد أعددت "ترمسًا" من قهوتي المفضَّلة، فهل تحب أن تشاركني فنجانًا منها؟!


أيها القراء الأكارم، إنه حدث واحد، حدث عاشه كثيرون بتفاصيله ومشاهده، عاينوا نتائجه، وتابعوا تردداته، لكنهم -برغم حقيقة وقوعه التي لم يختلف عليها اثنان- اختلفت انطباعاتهم، وأحاسيسهم، وتصوراتهم؛ بل تفاوتت ردود أفعالهم، حتى لكأن المراقِب لهم يكاد يصل إلى لحظة الشك بما تراه عيناه أو تسمعه أذناه!

وهنا يلح علينا سؤالان منطقيان -في محاولة لفهم ما يجري-:
الأول: هل تغيِّر هذه الانطباعات المتفاوتة من كون الحقيقة واحدة؟
الثاني: هل ينفي الاتفاق على معاينة الحدث الواحد أن هناك تفاوتًا في ردود الأفعال وطريقة التأثر؟
"الإجابة عن هذين السؤالين واضحة من سياق القصة، فلا الانطباعات المتفاوتة تغيِّر من كون الحقيقة واحدة، ولا الاتفاق على الحقيقة الواحدة ينفي وجود تأثُّرات مختلفة!".

إن ما يتعرَّض له كل واحد منا من حوادث، أو "مطبات"، أو خسائر في حياته؛ هي بمثابة زلازل على درجات مختلفة، أشدُّها هو الذي يتعرض للطموحات، والأحلام التي شقَّت طريقها في لجج من الأماني الباطلة، وأصعبها هو الذي ينقضُّ على مسيرة عمل وجهد تكللت في بداياتها بالنجاح المستفز، الذي كان سببًا -من حيث لم يكن ذلك متوقَّعًا أو متصوَّرًا- في إنهاء تلك المسيرة، بدل رعايتها وتبنِّيها!

وبمواكبة الهزات والزلازل لحياتنا، لا بد أن نسأل أيضًا عن طريقة تعاملنا معها وتفسيرنا لها، وعن أنجع الوسائل لتخطِّيها مع الحد الأدنى من الإصابات! لكننا مطالبون -رغم حرصنا على التقليل من الانعكاسات المؤذية- بالاعتراف بأننا نخوض أصعب تجربة لمنع حصول الفاجعة! والفاجعة آنذاك هي: "أن لا نمتلك شجاعة التخلي عن الأشياء - أو قولوا: المشاعر والرغبات والأحلام - قبل أن تتخلى هي عنا، وتدير ظهرها لنا، في وقت أشد ما نكون حاجة إليها لتحفزنا وتدفعنا"!

ومن شؤم تلك الزلازل أنها قد تتلازم مع حدوث هزات ارتدادية، متمثلة في ظهور بعض الأشخاص المنتفعين، الذين يفتشون عن الفجوات، والهفوات، والزلات، كما لو كانوا يبحثون عن كنز! مما يضطرنا لمواجهة مفترَق زلق ومصيري؛ حيث يتحتم علينا دفع ثمن غال لاجتيازه، وهو أن نخسر، ونخسر، ونخسر، لكننا نفلسف كل تلك الخسارات - من باب تخفيف آثارها - وَفْق قاعدة: "أنتَ لا تعتني بأشياء ما لم تفقد أخرى، ذلك من تقدير الخسائر التي لا بد منها".

وحتى يكتمل المشهد، تحل الانطباعات المسبقة -أو ما يسمى البارادايم- وسط الأحداث؛ لتلعب دورًا سلبيًّا في مواجهة الحقيقة، فتصير أكثر خطورة من الأكاذيب!

فهل تعلمون ما هي " الانطباعات المسبقة"؟
إنها نظارة العقل ونظام التفكير، والعدسات التي يرى الناس من خلالها الحياة، "وقد تجعلهم يرون الأمور على غير حقيقتها"؛ فالبارادايم هو مجموع ما لدى الإنسان من تصورات، وخبرات، ومعلومات، ومعتقدات، ونظم، ومكتسبات؛ مهمتها رسم الحدود التي يسير داخلها العقل، واقتراح التصرف تجاه المواقف المختلفة، وهذا من أهم أسباب اختلاف البشر.

وإليكم مثالاً على ذلك:
قاد رجل سيارته على طريق جبلي متعرِّج، في زيارة لأحد أصدقائه، وبينما كان مستجمعًا انتباهه خشية الانزلاق؛ إذ بسيارة مسرعة تظهر في الاتجاه المعاكس، ولما صار السائق بمحاذاة الرجل، فتح نافذته، وصرخ بصوت هستيري: "خنزير"، اغتاظ الرجل، وانهال على السائق بالشتائم والسباب، وقبل أن ينهي موجة غضبه اصطدمت سيارته بخنزير ميت ملقى وسط الطريق!

ذلكم هو "البارادايم"، أو الانطباعات المسبقة التي تزيد طينة الزلازل بِلَّة!

لقد اعتقد الرجل أن كلمة "خنزير" كانت شتيمة وجَّهها السائق إليه، بسبب الخبرات والتجارب المسبقة لديه؛ لذلك اتخذ موقفًا شرسًا ردًّا على ما تعرَّض له، لكن الحقيقة هي أن السائق قصد تحذير الرجل من الخنزير الميت، ولم يكن يملك متسعًا من الوقت ليشرح الوضع، فاختصر بكلمة: "خنزير".

ويبدو من خلال تلك الحادثة أن الانطباعات المسبقة هي التي تشكل الفرق بين الحقيقة والظاهر؛ فقد يبني أحدهم انطباعات عن آخرين، ويطلق عليهم أحكامه، ويكون ذلك خلاصة تجاربه ومعتقداته، ونتاج تحليل كل ما يراه بواسطة نظام تفكيره، وباستخدام نظارة عقله؛ لتتحول "الحقيقة المشاهدة" إلى استنتاجات ودروس تبتعد عن "الحقيقة نفسها" أشواطًا كبيرة! وتتفاقم التأثرات، وتتعقد المواقف إذا ما قام العقل باستدراج الأحداث المشابهة، وإسقاطها على الآخرين، دون الالتفات إلى إمكانية اختلاف المقاصد والنيات، وإن تشابهت الأعمال والتحركات!

ولأن المعرفة تخفِّف من وطأة الصدمات، نعود لنؤكد بأن الانطباعات المسبقة هي أكثر خطرًا من الأكاذيب، خاصة عند وقوع الزلازل، وعند مسيس الحاجة ليدٍ تنتزعنا من آثاره الراعبة؛ إذ الكذب هو خلاف الحقيقة، وإثباته سهل بالمقارنة، أما الانطباعات المعلبة - التي تتكئ على ظاهر حقيقة ما - فاكتشافها شاقٌّ وعسير، ويحتاج إلى جرعة فائضة من حسن الظن، وبُعد النظر، مع زيادة في المعرفة وتنويع مصادرها، وتقبل احتمال الخطأ، أو على الأقل توقع عدم صحة الرأي في موضوع ما، والبحث عن أفضل ما في الناس بدل البحث عن أسوأ ما فيهم!

أَجَل أيها القراء، قد يكون ما نتعرض له حدثًا لا ينكر وقوعه أحد، لكن أحدًا لا يتفق مع غيره في تفسيره، وهنا تقع المفارقات والافتراقات!

المهم عندنا أن نحرص على أن تَسبِق أيَّ حدث أو عمل نية خيرة، ورغبة في الارتقاء الروحي، وحاجة لبلوغ الرضا الرباني، ثم بعد ذلك امتهان اللياقة في التعامل الإيجابي والمنفتح مع الزلازل؛ لأنها - كما يرى الناصحون من خلال عدساتهم العقلية - قد تكون مقبرة الرعونات النفسية والحظوظ الشخصية، التي تسللت إلينا في غفلة منا! "ومَن منا معافى من تلك التسريبات الشيطانية؟!".

ومهما اختلفت المواقف، وتنوعت الأحداث، وكثرت الزلازل لأسباب حقيقية أو متوهمة؛ يبقى أن نحذر من استحلال الأعراض بذريعة التقويم، ومن إلباس الحسد والظلم لبوس النصح وبيان الحق؛ فالغاية وإن علت، لا تبرر للوسيلة إن نزلت.

وبما أننا نريد أن نتعلم كيف نستل من المِحَن الظاهرة المنح الباطنة، وكيف نحارب السلبية بالإيجابية، فعلينا أن نستدرج التفاؤل بحسن التأثر؛ ليبقى سيد المواقف، ولنعزز قناعتنا العملية بأن قَدَم الإسلام لا تثبت إلا على قنطرة التسليم.


فلله وحده نسلم أمورنا، وإليه وحده نصرف آمالنا، وأبصارُنا متعلقة بالواقفين على قمم الجبال، الذين لم يهبطوا من السماء، بل عافسوا الأرض "بمطباتها" وحزنها، بقلوب مُشْرَئِبَّة للعلياء، ونفوس تجاوزت الزلازل والمحن بقوة من الله، وكانوا على يقين عندما زُلزِلت قلوب غيرهم، وزاغت أبصارهم، وظنوا بربهم الظنون، سائلين: ﴿ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ؟ ﴾، فأجابوهم: ﴿ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ ﴾.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 53.26 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 51.59 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.13%)]