|
فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() شهادة النساء في غير المعاملات المالية، والعقوبات، وما يطلع عليه الرجال د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني المراد بهذه المسألة:شهادة النساء في النكاح، والإيلاء، والظهار، والرجعة، والخلع، والطلاق، والنسب، والوكالة في غير المال مما يطلع عليه الرجال في الغالب. تحرير محل النزاع: أجمع أهل العلم على مشروعية شهادة المرأة في الأموال. ونُقل الإجماع على مشروعية شهادتها فيما لا يطلع عليه إلا النساء. ونُقل الإجماع أيضا على عدم مشروعية شهادتها في العقوبات كما تقدم. واختلفوا في حكم شهادتها فيما ليس بمال، ولا يُقصد به المال، وما ليس بعقوبة، وما يطلع عليه الرجال على قولين. سبب اختلافهم: من قال بأن الأصل عدم شهادتها إلا فيما استثناه الشارع لم يقل بشهادتها إلا فيما فيه نص. ومن قال بأن الأصل مشروعية شهادتها قاس شهادتها فيما لا نص فيه على شهادتها فيما فيه نص وهو الأموال. أقوال العلماء في شهادة المرأة في غير المعاملات المالية، والعقوبات، وما يطلع عليه الرجال: القول الأول: لا تجوز شهادة المرأة. القائلون به: الأوزاعي[1]، والزهري[2]، والنخعي[3]، وأبو ثور[4]، والمالكية[5]، والشافعية[6]، وأهل المدينة[7]، والصحيح من مذهب الحنابلة[8]، وأكثر الفقهاء[9]. الأدلة التي استدلوا بها: أولا: القرآن الكريم: 1- قال الله تعالى:﴿ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ ﴾ [الطلاق:2]. 2- قال الله تعالى:﴿ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ ﴾ [المائدة:106]. وجه الدلالة: أن الله تعالى نص في الشهادة فيما سوى الأموال على الرجال دون النساء في ثلاثة مواضع في الطلاق والرجعة كما في الآية الأولى، والوصية كما في الآية الثانية، فلم يجز أن يقبل فيه شهادة النساء كالزنا[10]. وفي الآية الأولى وجوب اختصاص الشهادة على الرجعة بالذكور دون الإناث؛ لأن قوله: (ﮉ) مذكَّر، ولذلك لا مدخل لشهادة النساء فيما عدا الأموال[11]. ثانيا: السنة النبوية: 1- عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ، وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ»[12]. وجه الدلالة: هذا نص في اشتراط الذكورة في الشهادة على النكاح، وقيس على النكاح ما في معناه مما ليس بمال، ولا هو المقصود منه[13]. 2- عَنِ الزُّهْرِيِّ رحمه الله، قَالَ: «مَضَتِ السُّنَّةُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالْخَلِيفَتَيْنِ بَعْدَهُ: أَنَّهُ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي الْحُدُودِ، وَالنِّكَاحِ، وَالطَّلَاقِ»[14]. وجه الدلالة: هذا نص في اشتراط الذكورة في الشهادة على النكاح، وقيس على النكاح ما في معناه مما ليس بمال، ولا هو المقصود منه[15]. أجيب بأنه لا يُحتج به؛ لأنه مرسل من طريق إسماعيل بن عياش وهو ضعيف عن الحجاج بن أرطاة وهو هالك[16]، فلا يصلح أن يكون حجة[17]. ثالثا: المعقول: 1- لعدم وجود دلالة توجب قبول شهادتهن في شيء من ذلك[18]. 2- لأن كل ما لم يكن المقصود منه المال إذا لم يقبل فيه شهادة النساء على الانفراد لم يقبلن فيه مع الرجال، وشهادة النساء هنا ليس بمال، ولا المقصود منه المال، ويطلع عليه الرجال، فلم يكن للنساء في شهادته مدخل، كالحدود والقصاص[19]. 3-لأن شهادة النساء حجة ضرورة؛ لأنها جعلت حجة في باب الديانات عند عدم الرجال، ولا ضرورة في الحقوق التي ليست بمال لاندفاع الحاجة فيها بشهادة الرجال، ولهذا لم تجعل حجة في باب الحدود، والقصاص[20]. أجيب بأننا لا نُسلِّم بأنها ضرورة، فإنها مع القدرة على شهادة الرجال في باب الأموال مقبولة، فدل أنها شهادة مطلقة لا ضرورة، وبه تبين أن نقصان الأنوثة يصير مجبورا بالعدد فكانت شهادة مطلقة[21]. القول الثاني: تجوز شهادة المرأة مع الرجال. القائلون به: الشعبي[22]، وجابر بن زيد[23]، وسفيان الثوري[24]، وإياس بن معاوية[25]، والحنفية[26]، وراية عند الحنابلة[27]، وإسحاق بن راهويه[28]. الأدلة التي استدلوا بها: أولا: القرآن الكريم: قوله تعالى: ﴿ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ ﴾ [البقرة:282]. وجه الدلالة: هذه الآية عامة؛ جعل الله سبحانه وتعالى لرجل وامرأتين الشهادة على الإطلاق؛ لأنه سبحانه وتعالى جعلهم من الشهداء، والشاهد المطلق من له شهادة على الإطلاق، فاقتضى أن يكون لهم شهادة في سائر الأحكام كالنكاح، والطلاق، والوكالة، والوصية، والعتاق، والنسب إلا ما قيد بدليل[29]؛ لأن الأصل في شهادة النساء القبول لوجود ما يبتنى عليه أهلية الشهادة، وهي المشاهدة، والضبط، والأداء، ونقصان الضبط بزيادة النسيان انجبر بضم الأخرى إليها فلم يبق بعد ذلك إلا الشبهة، ولهذا لا تقبل فيما يندرئ بالشبهات[30]. أجيب عنه من وجهين: أحدهما: أن هذه الآية نص في الأموال، فلم يصح استعمال العموم فيها[31]. الآخر: أن شهادة الأنثى ليست بأصل في الشهادة، وإنما هي بدل أو شهادة ضرورة، ولذلك جاءت في القرآن بصفة الضرورة، وعلى نعت البدلية، قال الله: ﴿ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ ﴾ [البقرة:282]، كما قال تعالى: ﴿ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا ﴾ [النساء:43]، وقال: ﴿ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ﴾ [البقرة:196]، وإنما جازت في الأموال رفقًا من الله تعالى؛ لكثرة الوقوع فيها فقد يحضرها الرجال، وقد يغيبون عنها، فلو وقف ربط الشهادة على الذكور مع ذلك لضاعت الحقوق فرخص في شهادة النساء، وبقيت على أصل الرد في غيرها من الحقوق[32]. ثانيا: الآثار: عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، أَنَّهُ «أَجَازَ شَهَادَةَ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ فِي الطَّلَاقِ، وَالنِّكَاحِ»[33]. وجه الدلالة: لم يُنقل أنه أنكرَ عليه منكِر من الصَّحَابة رضي الله عنهم فكان إجماعا منهم على الجواز[34]. أجيب بأنه منقطع، وفي سنده الحجاج بن أرطأة لا يحتج به[35]، ورواية ابن أبي شيبة فيها أبو لبيد وهو لا يروي عن عمر رضي الله عنه، ورواية عبدالرزاق فيها الأسلمي وهو متروك[36]. ثالثا: المعقول: لأن شهادة رجل وامرأتين في إظهار المشهود به مثل شهادة رجلين؛ لرجحان جانب الصدق فيها على جانب الكذب بالعدالة، لا أنها لم تجعل حجة فيما يدرأ بالشبهات لنوع قصور وشبهة فيها، وهذه الحقوق تثبت بدليل فيه شبهة، فجاز أن تثبت بشاهد وامرأتين كالأموال[37]. أجيب عنه من وجهين: أحدهما: أنه قياس مع الفارق؛ فالأموال يصح الإبراء منها، والإباحة لها بخلاف غيرها[38]. الآخر:أن الشبهة لا مدخل لها في النكاح، وإن تصور بأن تكون المرأة مرتابة بالحمل، لم يصح النكاح[39]. الترجيح أرى أن شهادة المرأة لا تُقبل فيما ليس بمال، ولا يُقصد به المال، وما ليس بعقوبة، وما يطلع عليه الرجال؛ لسببين: أحدها: قوة أدلة القائلين بعدم شهادة النساء في ذلك، وضعف أدلة القول الآخر. الآخر: القول بعدم قبول شهادة المرأة في هذه الأمور، وكذا العقوبات موافق لمقاصد الشريعة؛ فهو يُجنِّب ساحات القضاء من اختلاط الرجال الأجانب بالنساء الأجنبيات، وهذا الاختلاط فيه منكر عظيم، ومشاق لا تخفى على ذي بصيرة، ولو قلنا بمساواة الرجال بالنساء في الشهادة على هذه الحقوق لغصت ساحات القضاء بالرجال الأجانب، والنساء الأجنبيات، وهذا فيه منكر عظيم، ومشاق كبيرة على المرأة[40]. يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |