|
ملتقى القصة والعبرة قصص واقعية هادفة ومؤثرة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() التفاهم جمال ماضي التفاهم بين الناس يزيد المحبة بينهم ويقوي أواصر الرابطة , ويعلي من التقارب العاطفي بين أفراد المجتمع , ويظهر نجاح التفاهم بالإنصات والإصغاء إلى كلام الآخرين , وقد قالوا في معني الإنصات: هو حمل نية العمل لما يقال , لك أن تتصور لو أن هذا المعنى انتشر بيننا كأفراد في المجتمع , ماهو أثره على المجتمع والكل فيه يفهم مرامي الكلام وعلى استعداد لتقديم كل عون , وتحويل الكلمات والألفاظ إلى واقع حي , وبث الحياة في الشعارات حتى تتحقق آثارها بين الناس . بهذا التفاهم تقترب المساحات والمسافات بين أفراد المجتمع , حيث لا فروق بين آباء وأبناء , وأزواج وزوجات, ومديرين وعاملين , وقادة وأتباع , فإذا بالأداء يتحسن وبالعمل يتطور , وبالعلاقات تتجمل , في أبهج حياة وأسعد لحظات . فلماذا نخرج عن هذه الأجواء النادرة إلى أجواء مشحونة بالتوتر والانفعالات , تصغر الكبير , وتورط الهادئ , وتحول حياتنا إلى حرائق نحن الذين نشعلها بعدم تفاهمنا وتفهمنا كأفراد بعضنا لبعض بدلاً من الصراع والانشقاقات والتشنجات والانفعالات !! فالتفاهم يجعلنا منتبهين ومركزين وواثقين , ويجنبنا الوقوع في سوء الظن أو الفهم الخاطئ أو السيطرة بدون دليل . فالتفاهم يعني بعد هذا العرض : ( الأجواء الودية الصافية التي يسودها الاحترام والسكينة والتحلي بالصبر وسعة الصدر , والقدرة الجيدة على تجنب محاولات الضغط والسيطرة ليحل محلها التحابب والتقارب المتبادل بين أفراد المجتمع ) . في كثير من لحظات حياتنا اليومية نشعر بخطئنا في فهم الناس , أو نحس بأننا قد أسأنا فهم مقاصدهم ونواياهم , وبالتالي فقد نسيء تقديرنا واحترامنا لهم , ويتدخل الشيطان لتعميق الفجوة والجفوة معاً , وهو العدو المتربص الذي يؤرقه تفاهم الناس في مجتمعاتهم !! وعليه كان الواجب علينا أن نبحث في أصول التفاهم لنعمل بها ونمارسها في مجتمعاتنا . أصول التفاهم أولا: حسن الظن إن حسن الظن يؤدي إلى سلامة الصدر , وتدعيم روابط الألفة والمحبة والتفاهم بين أبناء المجتمع , فلا تحمل الصدور غلاً ولا حقداً , فالرسول صلي الله عليه وسلم يقول : ( إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ولا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تنافسوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخواناً ) . ومما يعين على حسن الظن الدعاء , وأن تضع نفسك بمنزلة الغير , وأن تحمل الكلام على أحسن الوجوه , وأن تفتح أبواب الأعذار لغيرك , وأن تتجنب الحكم على النيات أو تعامل الناس بحكم مسبق. والذين يسيئون الظن ويقعون في هذا المستنقع , إما لقلة الإيمان أو عدم شعوره بالثقة في نفسه , أو شعوره بالدونية أي أنه أقل من غيره , أو لارتكابه المعاصي فيظن أن الجميع يفعلون ذلك , ومن ثم كانت العواقب خطيرة , حيث يجره سوء الظن إلى المزيد من الذنوب , فتتحول حياته إلى جحيم , حيث يلصق التهم بالأبرياء بلا سند ولا دليل . ولذلك كان منهج عمر بن الخطاب : لا تظن بكلمة خرجت من أخيك المؤمن شرا وأنت تجد لها في الخير محملاً , وكان محمد بن سيرين يقول : إذا بلغك عن أخيك شيء فالتمس له عذراً , فإن لم تجد فقل : لعل له عذراً لا أعرفه . ثانيا : الإنصات يقول تعالي : ( فإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا) , فالسماع غير الاستماع , والاستماع غير الإنصات , فالاستماع التفهم لما يقال , والإنصات حمل نية العمل لما فهمت , وهكذا يكون الإنصات طريقاً للتفاهم بين الناس . ومن فوائد الإنصات الجيد : تعلم شيء جديد والتأكد من المعلومة وإظهار الاهتمام وبناء علاقات , وكل هذه الفوائد هي التفاهم بعينه الذي يتحقق بين الناس , فهل فعلاً نحن نجيد فن الإنصات ؟ إن أغلب مشاكلنا تبدأ من سوء التفاهم , وسوء التفاهم منشؤه من قصور في تلقي الرسالة ! وهذا القصور يرجع بدوره لسبب واحد : أن أحدنا لا يجيد فن الإنصات !! , فيقاطع ولا يتفهم وجهة النظر , ويفسر الكلام على هواه , وينشغل بالرد على المتحدث دون تركيز على الرأي المطروح , وكما قيل في ذلك : ( التعب الذي يأتيك من متابعة الإنصات خير بألف مرة من سوء التفاهم !!) . ولكي نصل إلى إنصات جيد وفعال يوصينا خبراء التربية بالتالي : - لا تقاطع أحداً أثناء حديثه - ركز على الأفكار الأساسية - تجنب التعبير عن الضيق بملامح وجهك - انتبه إلى تعبيرات من يحدثك - تجنب الانصراف عن الحديث - انتبه إلى الاحتفاظ بهدوئك - ركز فهمك للأشياء المقصودة - لا تتكلم أثناء كلام الآخر - فكر في تعبيرك قبل حديثك - لا تنفعل بمجرد سماع النقد والاعتراض - أظهر ترحيبك بالاعتراض والنقد فما أجمل أن تتحقق فينا الآية الكريمة , في قوله تعالى: { وتعيها أذن واعية} حيث نحتضن الغضب والغاضبين , ونمتص الألم ونحتوي المتألمين , ونعبر عن ذلك كله بالعين قبل الأذن , فالإنصات بالعين كما بالأذن . ولذلك يلجأ الناس دائماً للمنصت لهم لأنه المغناطيس الذي يلجئؤون إليه لتفريغ همومهم وأحزانهم وأفراحهم . ثالثاً : المصلحة المشتركة لو حرص كل منا على مصلحة الآخر قبل مصلحته , لصدق وتحقق التفاهم بين أبناء المجتمع , والإسلام يعلم أبناءه أن أي تعارض بين مصلحة الفرد والمجتمع فعليهم أن يقدموا على الفور مصلحة المجتمع , لأنها المصلحة العامة , فالرسول صلي الله عليه وسلم حينما رفض المال والسلطة والجاه والمكانة كان في الأصل يرفض المصلحة الشخصية التي قدمت بين يديه , فهو كصاحب رسالة غلب وقدم مصلحة الأمة العامة , لتكون قاعدة كل من يعمل في المجتمع . ومن ثم كانت القاعدة الإسلامية : ( لا ضرر ولا ضرار) بمعني أن أحكام الاسلام ليست موجبة للضرر بل كلها نفع , ثم إن الإسلام لا يسمح بضرر الإنسان للآخر , وحتي ضرره على نفسه , كما أنه لا يسمح بمطلق الضرر حتي على الحيوانات والطبيعة . ومن ثم فأي تنظيم للمجتمع بوضع قانون يلجأ إليه أفراده , لابد أن يقوم على هذه القاعدة فلا يسيطر عليه الأهواء والمصالح الشخصية , فتضر أكثر مما تنفع . رابعاً : التفاوض الهادف إذا كان معني التفاوض : ( أنه عملية اتصال بين شخصين أو أكثر يدرسون فيها البدائل للتوصل لحلول معقولة لديهم أو بلوغ أهداف مرضية لهم ) , فإنه لابد له من هدف واضح : وهو الوصول إلى حل وسط يرضي جميع الأطراف , وبهذا نقول : إن التفاوض الهادف هو الطريق إلى التفاهم بين أفراد المجتمع , حيث التعاون لا التصارع , وإلا كانت العواقب وخيمة حينما يتصور البعض أن هدف التفاوض هو الانتصار على خصمه وهزيمته وتحقيق الفوز عليه بأي ثمن . ومن أجل تفاوض هادف لابد من أن تكون المعلومات متوفرة وأكثر دقة من الطرفين , للوصول إلى إحداث توازن يشجع على التوصل إلى حل وسط , يحقق فوز الاثنين معاً , بعيداً عن أي ضغوط خارجية لا تؤدي إلا إلى تفكك أواصر المجتمع , ومحو المحبة بين أفراده , أو بمعني آخر : إحداث حاجز يحول بين تفاهم الناس , وبالتالي لا يحظي المجتمع بأي أمن واستقرار .
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |