|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() شعبان والاستعداد لرمضان عبدالعزيز محمد مبارك أوتكوميت الخطبة الأولى إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله، فلا مضل له، ومن يضلل الله، فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا رسول الله، نحمدك ربنا على ما أنعمت به علينا من نعمك العظيمة، وآلائك الجسيمة؛ حيث أرسلت إلينا أفضل رسلك، وأنزلت علينا خير كتبك، وشرعت لنا أفضل شرائع دينك، فاللهم لك الحمد حتى ترضى، ولك الحمد إذا رضيت، ولك الحمد بعد الرضا؛ أما بعد أيها الإخوة المؤمنون: فالاستعداد لرمضان يكون من شعبان، فكيف يستعد النبي صلى الله عليه وسلم لرمضان ويعد غيره؟ هو موضوع خطبتنا اليوم. روى الإمام البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول: لا يفطر، ويفطر حتى نقول: لا يصوم، وما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا رمضان، وما رأيته في شهر أكثر منه صيامًا في شعبان))[1]. تخبرنا عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستكمل صيام شهر كاملًا إلا رمضان، وأنه لم يصم غالبية أيام شهر إلا شعبان، فما الحكم من إكثار النبي صلى الله عليه وسلم من الصوم في شعبان؟ الحكمة الأولى: استغلال شهر غفلة الناس، وشهر عرض الأعمال على رب العالمين. سأل أسامة بن زيد حِبُّ النبي صلى الله عليه وسلم وابن حِبه؛ فقال: ((يا رسول الله، لم أرَكَ تصوم شهرًا من الشهور ما تصوم من شعبان؟ قال صلى الله عليه وسلم: ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم))[2]. استفدنا من الحديث شيئين اثنين: 1- أهمية استغلال غفلة الناس عن الطاعات في زمن الغفلة: للتقرب إلى الله بها؛ لأنها تكون لها قيمة عند الله، وشهر شعبان اعتبره النبي صلى الله عليه وسلم زمن الغفلة، ومن أمثلته: قيام الليل، فغالبية الناس ينامون، والقليل منهم يستغل هذا الوقت في الثلث الأخير من الليل للقيام لرب العالمين، ففعله له قيمة، ويكون ممن قال الله فيهم: ﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا ﴾ [السجدة: 16]، فاجتهد - أيها الأخ الكريم - في استغلال شعبان بالطاعات والقربات. 2- شهر ترفع فيه الأعمال إلى الله: وهذا الرفع هو الرفع السنوي أو الحولي، يكون في شعبان، تقرير عن كل أعمالك التي عملتها خلال السنة، يُعرض على الله في هذا الشهر، فالنبي صلى الله عليه وسلم يحب أن يعرض عمله على الله وهو صائم، فهل اجتهدنا حتى لا يعرض على الله إلا ما يحب؟ في عامنا: كالعرض الذي يحدث في شعبان. وفي أسبوعنا: لأن هناك عرضًا أسبوعيًّا على الله كل إثنين وخميس؛ لقوله: ((تعرض الأعمال يوم الإثنين والخميس، فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم))[3] وفي يومنا: لأن هناك عرضًا يوميًّا في كل يوم وليلة؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل الليل))[4]. وفي عمرنا: لأنه إذا مات الإنسان رفع عمله كله. الحكمة الثانية: قضاء رمضان الفائت. من كان عليه قضاء أيام من رمضان الفائت لسبب من الأسباب؛ كالمرض، أو الحمل، أو الرضاع، أو السفر، أو الحيض ... فشعبان فرصته للمبادرة بالقضاء، قبل دخول رمضان؛ عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((كان يكون عليَّ الصوم من رمضان، فما أستطيع أن أقضي إلا في شعبان))[5]، ما تستطيع قضاءه إما للتفرغ للنبيصلى الله عليه وسلم، وهذا نستفيد منه عظم حق الرجل على المرأة، أو لسبب آخر كالمرض ونحوه. وفي شعبان تتهيأ لها الظروف للقضاء؛ لأن النبيصلى الله عليه وسلم صائم، فتقضي ما فاتها من جهة، وتصوم شعبان استعدادًا لرمضان من جهة أخرى. ونستفيد منه فائدة أخرى؛ وهي كون الأسرة مجتمعة صائمة، يشجع بعضهم بعضًا على الصيام؛ إما قضاءً أو استحبابًا. الحكمة الثالثة: التهيؤ لاستقبال رمضان. النبي صلى الله عليه وسلم يتهيأ لاستقبال رمضان، ويهيئ أصحابه لذلك من خلال: • الإكثار من الصوم: كما سلف معنا، وكذلك كان السلف الصالح يكثرون من الصيام في شعبان، وأحث إخواني ممن لم يألفوا الصيام طوال العام من التطوع بالصيام في شعبان حتى يألفوه ويتعودوه، حتى إذا جاء رمضان لم يجدوا فيه تلك المشقة الكبيرة، ونقيس على الصيام: • الإكثار من قراءة القرآن الكريم: حتى إذا جاء رمضان تمرنت ألسنتنا على قراءته، ويكون لساننا رطبًا من ذكر الله، فنزداد خيرًا عظيمًا في رمضان. • التمرن على الصدقة: حتى إذا جاء رمضان تمرنت قلوبنا وأيدينا على الإنفاق. • التمرن على قيام الليل: ولو قليلًا، حتى إذا جاء رمضان، سهل علينا القيام حتى نفوز بالخير الكبير، وعلى هذا القياس في سائر الطاعات. وبذلك يكون شعبان بمثابة صلاة النافلة للفريضة والاستعداد النفسي له، ومن هذا الاستعداد النفسي كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول لأصحابه: ((إذا دخل رمضان فُتحت أبواب الجنة، وغُلقت أبواب جهنم، وسُلسلت الشياطين))[6]. قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [العنكبوت: 69]، فاجتهدوا – إخواني - لاستقبال رمضان، بالنية الصالحة والعزيمة الصادقة، فأمامنا متسع من الوقت، فاللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وآخر دعوانا الحمد لله رب العالمين. الخطبة الثانية: الحمد لله وكفى، وصلى الله وسلم على عبده المصطفى، وآله وصحبه، ومن اقتفى؛ أما بعد: فقد رأينا في الخطبة الأولى الحِكَمَ من إكثار النبي صلى الله عليه وسلم للصوم في شعبان. يقول بعض الصالحين: "رجب شهر الزرع، وشعبان شهر سقي الزرع، ورمضان شهر حصاد الزرع"، وهذا الكلام يقصد منه العمل لرمضان انتهاءً، لكن بدايته من رجب فشعبان، ومن أراد أن يشعر بحلاوة العبادات في رمضان؛ في صلاته، وصيامه، وقراءته للقرآن، واشتغاله بالذكر، وفي إنفاقه للمال، وغير ذلك من الطاعات، ويصل إلى درجة تجويد العبادة والإحسان فيها، كأنه يرى الله، فعليه: • أن يبذر الحَبَّ في الأرض من رجب، وهو كناية عن الاستعداد المبكر وتحمل مشاق الزرع والحرث، وترويض النفس؛ لقبول ما يأتي بإخضاعها وإصلاحها للاستنبات فيها. • ثم يأتي شعبان وهو شهر سقي الزرع، فلا يمكن زرع الزرع وإهماله، بل لا بد من السعي في سقيه، ودور الماء في ضمان استمرار الحياة؛ أي: استمرار العمل. • ثم إذا دخل رمضان فستحصد بإذن الله ثمار الجد والاجتهاد في الشهور السابقة، فيجد العبد في رمضان لذة لا توازيها لذة في إقباله على ربه، وحسن مناجاته، والاستمرار في ذلك أدعى لإدراك ليلة القدر، وإحياء الليالي، والصوم من اللغو والرفث، فيكون من عتقاء ربه، ومن الذين غفر الله لهم، فأنعم به من حصاد ومن نتائج. فانخرِطْ - أخي المؤمن، أختي المؤمنة - في تزكية نفسك، وادخُلْ في هذا المعسكر التدريبي بصياغة برنامج عمل لنفسك تلتزم به، وإن فاتك رجب فلا يفوتنك شعبان، وقوِّ إيمانك بالمزيد من الطاعات، فاللهم لا تحرمنا من الخير في شعبان، وزكِّ نفوسنا أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها، اللهم بارك لنا في رجب وشعبان، وبلغنا رمضان. (تتمة الدعاء). [1] رواه البخاري برقم: 1969، ومسلم برقم: 1156. [2] صحيح النسائي برقم: 2356. [3] رواه الترمذي برقم: 747، وصححه الألباني في صحيح وضعيف الترمذي بنفس الرقم. [4] رواه مسلم برقم: 179. [5] رواه البخاري برقم: 1950. [6] رواه البخاري برقم: 3277.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |