|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() أحمي سمعي وبصري د. عبدالعزيز حمود التويجري الخطبة الأولى الحمد لله الولي الحميد، يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد، وأشهد أن لا إله إلا الله ذو العرش المجيد، وأشهد أن نبينا محمدًا عبدالله ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه وأزواجه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين؛ أما بعد: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ﴾ [الأحزاب: 70]. في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها، قالت: ((أرسل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش، زوج النبي صلى الله عليه وسلم؛ غيرةً عليَّ، قالت: فاستأذنت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله مع عائشة في مرطها، فقالت: يا رسول الله، إن أزواجك أرسلْنَني إليك يسألْنَك العدل في ابنة أبي قحافة، قالت: ثم وقعت بي، فاستطالت عليَّ، وأنا أرقب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأرقب طرفه، هل يأذن لي فيها؟ قالت: فلم تبرح زينب حتى عرفت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكره أن أنتصر، قالت: فلما وقعت بها لم أنشبها حتى أنحيت عليها، قالت: فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: إنها ابنة أبي بكر)). يا ألله! ما أعظم الموقف وما أنصفه! زوجتان لرجل، كل منهما تريد أن تنتصر لنفسها في حضرة ضرتها. أما في الغيبة ومن ورائها، فهو الإنصاف والعدل وقول الحق؛ قالت عائشة رضي الله عنها وهي تتحدث عن زينب في غيبتها: ((وكانت زينب تساميني في المنزلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم أرَ امرأةً قط خيرًا في الدين من زينب، وأتقى لله، وأصدق حديثًا، وأوصل للرحم، وأعظم صدقةً، وأشد ابتذالًا لنفسها في العمل الذي تصدق به، وتقرب به إلى الله تعالى))؛ [متفق عليه]. طابت منابتها فطاب صنيعها ![]() إن الفِعال إلى المنابت تنسبُ ![]() ![]() ![]() ويأتي دور زينب في الحديث عن ضرتها عائشة في غيبتها. لما رميتِ الصديقة في الإفك وتأخر الوحي، وضاق الأمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت عائشة رضي الله عنها: ((فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل زينب ابنة جحش عن أمري، فقال: يا زينب، ماذا علمتِ أو رأيتِ؟ فقالت: يا رسول الله، أحمي سمعي وبصري، والله ما علمت على عائشة إلا خيرًا، قالت: وهي التي كانت تساميني من أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعصمها الله بالورع)). بعض المعادن قد غلت أثمانها ![]() ما خالص الإبريز كالفخارِ ![]() بين الخلائق في الخلال تفاوت ![]() والشهد لا ينقاس بالجمارِ ![]() تلكم هن النساء الناصعات من جيل العدل والإنصاف. مَن تقول مِن النساء لمن تساميها في المنزلة عند زوجها أو من قريناتها: (أحمي سمعي وبصري، ما أعلم عن فلانة إلا خيرًا). من يحتمي بالورع، فلا يقول عن قرينه في العمل أو المنصب: (أحمي سمعي وبصري، ما أعلم عن فلان إلا خيرًا). إن من المصائب - والمصائب جمة - أن يُبتلَى المرء بصديق له يأمنه، يعرف منه ما لا يعرفه غيره، فيغدره بالسعي إلى ذي سلطان أو جاه أو مال أو غيره، ليذكره عنده بغير الجميل، ويتعرض له بالوقيعة والوشاية؛ ليجازى بجائزة، إنما هي لُعاعة من الدنيا، طعام، أو كساء، أو دينار، أو إطراء، إنما هي بمثلها في جهنم. أخرج أبو داود في سننه وصححه الألباني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من أكل برجل مسلم أكلة، فإن الله يطعمه مثلها في جهنم، ومن كُسيَ برجل مسلم ثوبًا، فإن الله يكسوه مثله في جهنم، ومن قام برجل مسلم مقام سمعة ورياء، فإن الله يقوم به مقام سمعة ورياء يوم القيامة)). ألَا أبعد الله خبزة أهتك بها ديني، وأخاطر من أجلها بآخرتي. و((من رمى مسلمًا بشيء يريد شينه به، حبسه الله على جسر جهنم، حتى يخرج مما قال))؛ [أخرجه أهل السنن]. ألم ترَ أن الليث ليس يضيره ![]() إذا نبحت يومًا عليه کلابُ ![]() ![]() ![]() حق المسلم على أخيه أن ينصره إذا ظُلم، ويذب عن عرضه إذا خِيض فيه، فإن في ذلك أجرًا عظيمًا، وفي خذلانه إثمًا مبينًا، والمؤمن مرآة المؤمن، يحوطه من ورائه. ثبت أن عليه الصلاة والسلام قال: ((من حمى مؤمنًا من منافق، بعث الله له ملكًا يحمي لحمه يوم القيامة من نار جهنم، ومن رد عن عرض أخيه، رد الله عن وجهه النار يوم القيامة، وما من امرئ ينصر مسلمًا في موضع ينتقص فيه من عرضه، وينتهك فيه من حرمته، إلا نصره الله في موطن يحب نصرته)). وهذا ما التزمه القدوات أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في حق إخوانهم. ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في القوم في تبوك قال: ((ما فعل كعب بن مالك؟ فقال رجل: يا رسول الله، حبسه برداه والنظر في عطفيه، فقال معاذ: بئس ما قلت، والله يا رسول الله ما علمنا عليه إلا خيرًا)) فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ مقرًّا لإنكار معاذ على ذلك المغتاب لأخيه، ومشرعًا لمثله بالرد والذب. فإن من أعظم ما يفكك بنيان الأمة، ويهد أركانها، ويهدد الفضيلة - الطعن في الأعراض والاستطالة على الحرمات. ﴿ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [البقرة: 229]. أستغفر الله لي ولكم، وللمسلمين والمسلمات، فاستغفروه، إن ربنا لغفور شكور. الخطبةالثانية الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير خلق الله أجمعين؛ أما بعد: فالوقيعة في الأعراض بضاعة الجبناء، وكف اللسان عن المسلمين سمة العلماء، وكلٌّ إلى جنسه يحن؛ العلماء الربانيون حفظوا الله فحفظهم وطهر ألسنتهم، اجتنبوا الغِيبة والطعن والهمز واللمز، كما تُجتنب النجاسات، لا يسمحون بأن تُدار في مجالسهم، كما لا يسمحون لكؤوس الخمر - أجارهم الله - أن تُدار فيها. يقول أحدهم: صحبت فلانًا عشرين سنة، والله ما سمعت منه كلمة عتاب. ويقول آخر: والله ما اغتبت مسلمًا مذ علمت أن الله حرم الغِيبة. وكان الإمام أبو عبدالله البخاري إذا أراد أن يضعِّف رجلًا في الحديث، قال: فيه نظر، وكان يقول: إني لأرجو أن ألقى الله ولا يحاسبني أني اغتبت أحدًا. قال ابن معين إمام علم الرجال في الحديث: "إنا لنطعن على أقوام لعلهم قد حطوا رحالهم في الجنة من مائتي سنة، قال ابن جنيد: فدخلت على ابن أبي حاتم، وهو يحدث بكتاب الجرح والتعديل، فحدثته بهذا، فبكى، وارتعدت يداه، وسقط الكتاب، وجعل يبكي ويستعيدني الحكاية". سلف إذا مر الزمان بذكرهم ![]() وقف الزمان لهم مجلًّا مكبرا ![]() ![]() ![]() اللهم طهر قلوبنا من النفاق، وألسنتنا من الغيبة وقول الزور، وأموالنا من الربا وأكل الحرام، واحفظنا بحفظك، واستر علينا بسترك، يا عزيز يا رحيم. اللهم احفظ علينا ديننا وأمننا وأعراضنا، ومن أراد بنا سوءًا، فاشغله بنفسه، واجعل كيده في نحره.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |