|
فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() تولي المرأة الإمامة «رئاسة الدولة» د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني تعريف الإمامة: الإمامة لغةً: تقدم تعريفها في الفصل الأول «إمامة المرأة الرجل في الصلاة». وتقدم أنها نوعان: أحدهما: إمامة كبرى. الآخر: إمامة صغرى، وهي التي تكون في الصلاة. والمراد هنا: الإمامة الكبرى، أو العظمى، وتسمى بالرياسة، والخلافة، والقائم بها يسمى خليفة وإماما، فأما تسميته إماما فتشبيها بإمام الصلاة في اتباعه والاقتداء به، ولهذا يقال: الإمامة الكبرى، وأما تسميته خليفة فلكونه يخلف النبي صلى الله عليه وسلمفي أمته فيقال: خليفة بإطلاق، وخليفة رسول اللهصلى الله عليه وسلم[1]. الإمامة شرعًا: عرفتها الحنفيةبأنهااستحقاق تصرف عام في الدين والدنيا على المسلمين[2]. وعرَّفتها الشافعية بأنها خلافة الرسول صلى الله عليه وسلم في إقامة الدين، وحفظ حوزة الملة بحيث يجب اتباعه على الأمة كافة[3]. وعرفها الماوردي بأنها موضوعة لخلافة النبوة في حراسة الدين، وسياسة الدنيا[4]. وعرفها ابن خلدون بأنها حمل الكافة على مقتضى النظر الشرعي في مصالحهم الأخروية والدنيوية الراجعة إليها[5]. وهذه التعريفات تكاد تكون متقاربة؛ إذ تجتمع كلها في كون الإمامة منصبًّا يمكِّن القائم به القيام بمصالح العباد الدينية، والدنيوية. أدلة مشروعية الإمامة: دل على مشروعية الإمامة الكتاب، والسنة، والإجماع، والمعقول. أما الكتاب: 1- فقولهسبحانه وتعالى: ﴿ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ﴾ [البقرة: 30]،أي جعلكم خلفاء بعد الملائكة عليهم السلام، ومن ذلك قيل للسلطان الأعظم: خليفة، لأنه خلف الذي كان قبله، فقام بالأمر مقامه[6]. وجه الدلالة: هذه الآية أصل في نصب إمام وخليفة يسمع له ويطاع، لتجتمع به الكلمة، وتنفذ به أحكام الخليفة[7]. 2- قولهتبارك وتعالى: ﴿ يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ ﴾ [ص: 26]. وجه الدلالة: كما في الآية السابقة. 3- قولهتبارك وتعالى: ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ ﴾ [النور: 55]، أي يجعل منهم خلفاء[8]. وجه الدلالة: كما في الآية الأولى. 4- قولهسبحانه وتعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ﴾ [النساء: 59]. وجه الدلالة: أمر الله سبحانه وتعالى بطاعة أولي الأمر، وهم الأمراء والولاة، وقد صحت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلمبالأمر بطاعة الأئمة والولاة فيما كان طاعة وللمسلمين مصلحة[9]، فدل ذلك على إيجاب تنصيب الإمام[10]. قال القاضي ابن العربي رحمه الله: الآية تشمل الأمراء والعلماء جميعا، أما الأمراء فلأن أصل الأمر منهم والحكم إليهم، وأما العلماء فلأن سؤالهم واجب متعين على الخلق، وجوابهم لازم، وامتثال فتواهم واجب[11]. 5- قولهسبحانه وتعالى: ﴿ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ ﴾ [المائدة: 48]. 6- قولهسبحانه وتعالى: ﴿ وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ ﴾ [المائدة: 49]. وجه الدلالة من الآيتين: أمر الله سبحانه وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بأن يحكم بشرعه عز وجل، ولا يترك الحكم بما بيَّن الله تعالى من القرآن من بيان الحق وبيان الأحكام[12]، وهذا أمرٌ له، ولأمته صلى الله عليه وسلم؛ لأنه يخبر عن الله تعالى كما في قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ﴾ [الطلاق: 1]، وكذلك كل أَمر أُمر به صلى الله عليه وسلم ما لم يأت دليل على التخصيص[13]. 7- قولهسبحانه وتعالى: ﴿ لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ﴾ [الحديد: 25]. وجه الدلالة: أخبر الله سبحانه وتعالى أنه أرسل الرسل عليهم السلام، وأنزل معهم الكتاب؛ ليتعامل الناس بالحق، والعدل[14]، وهذا لا يكون إلا بتنصيب الإمام. أما السنة: 1- فعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ لَقِيَ اللهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا حُجَّةَ لَهُ، وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً»[15]. وجه الدلالة: أوجب الله سبحانه وتعالىعلى كل مسلم مبايعة الإمام، ويكفي من لا يعرف أن يعتقد دخوله تحت طاعة الإمام ويسمع ويطيع له في السر والجهر، ولا يعتقد خلافا لذلك، فإن أضمره فمات مات ميتة جاهلية؛ لأنه لم يجعل في عنقه بيعة[16]. 2-عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يَحِلُّ لِثَلَاثَةِ نَفَرٍ يَكُونُونَ بِأَرْضِ فَلَاةٍ إِلَّا أَمَّرُوا عَلَيْهِمْ أَحَدَهُمْ»[17]. 3-عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا كَانَ ثَلَاثَةٌ فِي سَفَرٍ فَلْيُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمْ»[18]. وجه الدلالة من الحديثين: شرع النبي صلى الله عليه وسلم لكل عدد بلغ ثلاثة فصاعدا أن يؤمروا عليهم أحدهم؛ لأن في ذلك السلامة من الخلاف الذي يؤدي إلى التلاف، فمع عدم التأمير يستبد كل واحد برأيه، ويفعل ما يطابق هواه فيهلكون، ومع التأمير يقل الاختلاف وتجتمع الكلمة، وإذا شرع هذا لثلاثة يكونون في فلاة من الأرض أو يسافرون فشرعيته لعدد أكثر يسكنون القرى والأمصار ويحتاجون لدفع التظالم، وفصل التخاصم أولى وأحرى، وفي ذلك دليل على أنه يجب على المسلمين نصب الأئمة والولاة والحكام[19]. أما الإجماع: فقد أجمعت الأمة على وجوب تولية الإمام على الأمة[20]. قالالماوردي رحمه الله:عقد الإمامة لمن يقوم بها في الأمة واجب بالإجماع وإن شذ عنهم الأصم[21][22]. وقال ابن حزمرحمه الله: «اتفق جميع أهل السنة، وجميع المرجئة[23]، وجميع الشيعة[24]، وجميع الخوارج على وجوب الإمامة، وأن الأمة واجب عليها الانقياد لإمام عادل يقيم فيهم أحكام الله، ويسوسهم بأحكام الشريعة التي أتى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم حاشا النجدات من الخوارج فإنهم قالوا لا يلزم الناس فرض الإمامة... وقول هذه الفرقة ساقط يكفي من الرد عليه وإبطاله إجماع كل من ذكرنا على بطلانه والقرآن والسنة»[25]. وقال أيضا: «واتفقوا أن الإمامة فرض، وأنه لا بد من إمام حاشا النجدات، وأراهم قد حادوا الإجماع وقد تقدمهم»[26]. وقال القرطبي رحمه الله: لا خلاف في وجوب نصب إمام وخليفة يُسمع له ويطاع بين الأمة، ولا بين الأئمة إلا ما روي عن الأصم حيث كان عن الشريعة أصم، وكذلك كل من قال بقوله واتبعه على رأيه ومذهبه[27]. وقال ابن خلدون رحمه الله: «إن نصب الإمام واجب قد عُرف وجوبه في الشرع بإجماع الصحابة والتابعين؛ لأن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عند وفاته بادروا إلى بيعة أبي بكر رضي الله عنه، وتسليم النظر إليه في أمورهم، وكذا في كل عصر من بعد ذلك، ولم تُتْرَكِ الناس فوضى في عصر من الأعصار، واستقر ذلكإجماعا دالا على وجوب نصب الإمام»[28]. وقال الدمشقي رحمه الله «ت بعد 785هـ»: «اتفق الأئمة على أن الإمامة فرض»[29]. أما المعقول: فلأن قيام الناس بما أوجبه الله تعالى من الأحكام عليهم في الأموال والجنايات والنكاح والطلاق وسائر الأحكام كلها، ومنع الظالم وإنصاف المظلوم على تباعد أقطارهم وشواغلهم واختلاف آرائهم ممتنع غير ممكن؛ إذ قد يريد واحد أن يحكم عليه إنسان، ويريد آخر أن لا يحكم عليه، فلا تصح إقامة الدين إلا بنصب إمام حسن السياسة يقوم بشؤون الناس، وينصر السنة[30]. يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |