مساواة المرأة الرجل في الميراث - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         شرح صحيح مسلم الشيخ مصطفى العدوي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 591 - عددالزوار : 70574 )           »          الوصايا النبوية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 37 - عددالزوار : 16803 )           »          بين الوحي والعلم التجريبي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          غزة في ذاكرة التاريخ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 9 - عددالزوار : 9113 )           »          حين تتحول الحماسة إلى عبء بين الجاهل والعالم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          نعمة الأمن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          نصائح وضوابط إصلاحية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 61 - عددالزوار : 32303 )           »          الألباني.. إمام الحديث في العصر الحديث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 8 - عددالزوار : 2916 )           »          منهجية القاضي المسلم في التفكير: دروس من قصة نبي الله داود (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          واجبات الصلاة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة
التسجيل التعليمـــات التقويم

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 07-02-2022, 06:45 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 163,175
الدولة : Egypt
افتراضي مساواة المرأة الرجل في الميراث

مساواة المرأة الرجل في الميراث
د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني


المساواة لغةً: السين والواو والياء أصل يدل على استقامة واعتدال بين شيئين، يقال: هذا لا يساوي كذا، أي لا يعادله[1]، وساوى الشيءُ الشيءَ: إذا عادله، وساويت بين الشيئين: إذا عدلت بينهما، وسويت، ويقال: فلان وفلان سواء، وقوم سواء، أي متساوون؛لأنه مصدر لا يثنى ولا يُجمع، ومنه قوله تعالى:﴿ لَيْسُوا سَوَاءً ﴾ [آل عمران: 113]، أي مستوين[2].


والمساواة: هي المماثلة، والمعادلة المعتبرة بالطول، والوزن، والكيل، يقال: هذا ثوب مساوٍ لذاك الثوب، وقد يُعتبر بالكيفية، نحو: هذا السواد مساوٍ لذلك السواد[3].


يقال: ساواه مساواة إذا ماثله وعادله قدرًا أو قيمةً، ومنه قولهم: هذا يساوي درهما أي تعادل قيمته درهما[4].


والسواء: العدل[5]، ومنه قوله تعالى: ﴿ فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ ﴾ [الأنفال: 58]، ﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ ﴾ [آل عمران: 64]،أي عَدْل من الحكم[6].

الفرق بين المساواة والمماثلة:
المساواة تكون بين المختلفين في الجنس والمتفقين؛ لأن التساوي هو التكافؤ في المقدار لا يزيد، ولا ينقص.


وأما المماثلة فلا تكون إلا في المتفقين، تقول: فقهه كفقهه، ولونه كلونه، وطعمه كطعمه، فإذا قيل: هو مثله على الإطلاق، فمعناه أنه يسد مسدَّه، وإذا قيل: هو مثله في كذا فهو مساو له في جهة دون جهة[7].


يتضح مما تقدم أن المساواة في اللغة معناها المماثلة، والمعادلة بين الأشياء.


تعريف الميراث:
الميراث لغةً: مصدر، أصله مِوْراثٌ، انقلبت الواو ياءً لكسرة ما قبلها، تقول: ورثت أبي، وورثت الشيء من أبي[8].


والميراث: هو أن يكون الشيء لقوم ثم يصير إلى آخرين بنسب، أو سبب[9].


ويقال: وَرِثْتُ فلَانا مَالا، إِذا مَاتَ مُوَرِّثك فَصَارَ ميراثُه لَك، وفي التنزيل: ﴿ يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ﴾ [مريم: 6]، أَي يبقى بعدي فيصير له ميراثي[10]، والمراد وراثة النبوة والعلم والفضيلة دون المال، فالمال لا قدر له عند الأنبياء حتى يتنافسوا فيه[11]، وقال الله عز وجل: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ ﴾ [مريم: 40]، أي يبقى ويفنى مَن سواه، فيرجع ما كان مِلك العباد إليه وحده لا شريك له[12].


ويُقال: أَوْرَث الميت وارِثَه مالَه، أي تركه له[13].


و: وَرَّثت فلَانا من فلَان، أَي جَعلْت مِيرَاثه لَهُ[14].


والإرث من الشيء: البقية من أصله[15].


والوِرْث، والوَرْث، والإِرْث، والإراث، والوِرَاث، والتّراث بمعنى وَاحِد[16].


وقيل لمال الميت: إرث، وميراث؛ لأنه يخلفه، ويبقى بعده[17].


وَالْوَارِث: اسم من أسماء الله عز وجل، وهو الباقي بعد فناء الخلق، والمسترد أملاكهم، وموارثهم بعد موتهم[18].


يتضح مما تقدم أن الميراث في اللغة له معنيان:
أحدهما: انتقال شيء من قوم إلى قوم آخرين سواء كان الحقُّ معنويا، أو حسِّيا.


الآخر: البقاء، والبقية.


الميراث شرعا:
عرَّفَته الحَنَفية:بأنه انتقال مال الغير إلى الغير على سبيل الخلافة[19].


وعرَّفته الشافعية: بأنهنصيب مقدر شرعا للوارث[20].



وعرَّفته المالكية: بأنه حق قابل للتجزي يثبت لمستحقه بعد موت من كان له ذلك[21].



وقيل: هو انتقال المال عن القرابة، ونحوها[22].



وعرَّفته الحنابلة: بأنه الحق المخلَّف عن الميت[23].


وكل هذه التعريفات متقاربة، يمكن إجمالها بقولنا: الميراث هو حقٌّ ينتقل عن الميت إلى ورثته.


الأدلة على عدم مساواة المرأة الرجل في الميراث:
دلَّ الكتاب، والسنة، والإجماع، والمعقول على عدم مساواة المرأة الرجل في حالات معينة.


أما الكتاب:
1- فقول الله عز وجل: ﴿ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا * وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ [النساء:11-12].


2- قال عز وجل:﴿ يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [النساء:176].


وجه الدلالة: هذه الآيات قدَّر الله فيها علم المواريث، ولم يفوض تقديره إلى مَلَك مقرَّب، ولا نبي مرسَل، وبيَّن نصيب كل واحد من النصف والربع والثمن والثلثين والثلث والسدس بخلاف سائر الأحكام كالصلاة والزكاة والحج وغيرها؛ فإن النصوص فيها مجملة[24].


وقوله تعالى: ﴿ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ﴾ [النساء: 11]،يفيد أن الذكر إذا اجتمع مع الأنثى أخذ مثلي ما تأخذه الأنثى، وأخذت هي نصف ما يأخذ الذكر[25].


وسوى الله سبحانه وتعالى بقوله تعالى:﴿ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ ﴾ [النساء: 11]،بين الأبوين مع وجود الولد، وفاضلَ بينهما مع عدمه في أن جعل سهميهما للذكر مثل حظ الأنثيين، والمعنى فيه أنهما يدليان بقرابة واحدة وهي الأبوة، فاستويا مع وجود الولد؛ فإن عدم الولد فَضَل الأب الأم بالذكورة والنصرة ووجوب المؤنة عليه، وثبتت الأم على سهم لأجل القرابة[26].


واتفق العلماء على أن التشريك في قوله تعالى: ﴿ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ ﴾ [النساء: 12]، يقتضي التسوية بين الذكر والأنثى؛ لأن مطلق اللفظ يدل عليه[27].


وآيات المواريث قطعية الثبوت والدلالة، معلومة من الدين بالضرورة لا مجال للاجتهاد فيها، ولا تقبل التغير بتغير الزمان والمكان والأحوال كما جاء في بيان هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف[28].


3- قال تعالى: ﴿ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ ﴾ [النساء: 32].


وجه الدلالة: نصيب الرجال والنساء في الأجر سواء، وأما نصيبهم في مال الدنيا فبحسب ما علِمه الله من المصالح رتب أنصبتهم[29].


أما السنة:
فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى جِئْنَا امْرَأَةً مِنَ الْأَنْصَارِ فِي الْأَسْوَاقِ، فَجَاءَتِ الْمَرْأَةُ بِابْنَتَيْنِ لَهَا، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَاتَانِ بِنْتَا سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ قُتِلَ مَعَكَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَقَدْ اسْتَفَاءَ عَمُّهُمَا مَالَهُمَا وَمِيرَاثَهُمَا كُلَّهُ، فَلَمْ يَدَعْ لَهُمَا مَالًا إِلَّا أَخَذَهُ، فَمَا تَرَى يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَوَاللَّهِ لَا تُنْكَحَانِ أَبَدًا إِلَّا وَلَهُمَا مَالٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَقْضِي اللَّهُ فِي ذَلِكَ»، قَالَ: وَنَزَلَتْ سُورَةُ النِّسَاءِ: ﴿ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ﴾ [النساء: 11] الْآيَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «ادْعُوا لِي الْمَرْأَةَ وَصَاحِبَهَا» فَقَالَ لِعَمِّهِمَا: «أَعْطِهِمَا الثُّلُثَيْنِ، وَأَعْطِ أُمَّهُمَا الثُّمُنَ، وَمَا بَقِيَ فَلَكَ»[30].


وجه الدلالة: لم يسوِّ النبي صلى الله عليه وسلم بين البنات والعم، بل قضى صلى الله عليه وسلم لابنتي سعدٍ بالثلثين، ولأمهما بالثمن، ولعمهما الباقي، وهو نص لا يحتمل التأويل[31].


أما الإجماع:
فقد أجمعت الأمة على أن الذكور «الابن، وابن الابن، والأخ الشقيق، والأخ لأب» يعصِّبون أخواتهم إذا اجتمعوا معهم للذكر مثل حظ الأنثيين، فالابن يعصِّب أخته وترث معه للذكر مثل حظ الأنثيين بنص الكتاب، وابن الابن يعصِّب أخته وإن سفل، ويعصِّب من لا فرض له من عماته فيشتركون في الميراث للذكر مثل حظ الأنثيين، والأخ من الأب والأم يعصِّب أخته ويقاسمها للذكر مثل حظ الأنثيين، والأخ للأب كذلك يعصِّبها، ويقاسمها[32].


قال ابن بطال رحمه الله»ت 449هـ«: «أجمع العلماء أن... وللإخوة الرجال والنساء للذكر مثل حظ الأنثيين»[33].



وقال القرطبي رحمه الله: «وأجمع العلماء على أن الأولاد إذا كان معهم من له فرض مسمى أعطيه، وكان ما بقي من المال للذكر مثل حظ الأنثيين»[34].


وقال زكريا الأنصاري رحمه الله»ت 926هـ«: فإن اجتمع البنون والبنات فللذكر مثل حظ الأنثيين للإجماع، ولآية ﴿ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ﴾ [النساء: 11]، ولآية ﴿ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ﴾ [النساء: 176]، وإنما فضل الذكر على الأنثى؛ لأنه قوام على النساء بالنفقة، وغيرها[35].


وقال ابن المنذر رحمه الله «ت 317هـ»: أجمع أهل العلم على أن مال الميت بين جميع ولده للذكر مثل حظ الأنثيين، إذا لم يكن معهم أحد من أصحاب الفرائض، فإذا كان من له فرض معلوم بدئ بفرضه فأعطيه، وجعل الفاضل من المال بين الولد للذكر مثل حظ الأنثيين[36].


وأجمعوا على أن بني الابن، وبنات الابن يقومون مقام البنين والبنات ذكورهم كذكورهم، وإناثهم كإناثهم، إذا لم يكن للميت ولد لصلبه[37].


وأجمعوا على أن الأبوين إذا ورثاه أن للأب الثلثين، وللأم الثلث[38].


وأجمعوا على أن رجلا لو ترك أخاه وأخته، أن المال بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين[39].


وأجمعوا على أن الأبناء وأبناء الابن مع البنات، وبنات الابن عصبة، لهم ما فضل عنهم يقتسمونه بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين[40].


وأجمعوا على أن الإخوة والأخوات من الأب يقومون مقام الإخوة والأخوات من الأب والأم ذكورهم كذكورهم وإناثهم كإناثهم، إذا لم يكن للميت إخوة ولا أخوات لأب وأم[41].


أما المعقول:
1- فلأن الله عز وجل أعلم بمصالح عباده منهم، فوضع القسمة بينهم على التفاوت على ما علم من مصالحهم[42]؛ فالرجل تجب عليه النفقة وما يتعلق بها بخلاف المرأة فلا يجب عليها شيء من ذلك، فالمرأة مرعية في كنف أبيها، أو من يقوم مقامه شرعا حتى تتزوج، فإذا تزوجت لزم زوجها نفقتها حتى لو كانت الزوجة غنية، والتسوية بينهما ليست من العدل[43].


قال الحافظ ابن كثير رحمه الله«ت 774هـ»: فاوت الله بين الصنفين، فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين؛ وذلك لاحتياج الرجل إلى مؤنة النفقة والكلفة ومعاناة التجارة والتكسب وتجشم المشقة، فناسب أن يعطى ضعفي ما تأخذه الأنثى[44].


2- للقاعدة الشرعية «الغُنم بالغُرم»، فكما أن الرجل إذا كان من العصبة يتحملدية قتل الخطأ عن القاتل، فكذلك له حظٌّ في الميراث أكثر من المرأة التي لا تتحمل شيئا من الدية[45].


3- لأن الزعم بعدم مساواة المرأة الرجل في الميراث يناقض المبدأ الأصلي في المساواة بين حقوق النساء والرجال؛ كما في قوله تعالى: ﴿ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [البقرة: 228]، أي من الحقوق[46].



4- لأن اللهعز وجل افتتح آية الفرائض بما لم يفتتح به غيرها من آيات الأحكام، فقال سبحانه وتعالى: ﴿ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ﴾ [النساء: 11]، فأخبر تعالى عن نفسه أنه موصٍ تنبيها على حكمته فيما أوصى به، وعلى عدله ورحمته، أما حكمته فإنه علم سبحانه ما تضمنه أمره من المصلحة لعباده[47].


هل المرأة ترث أقل من الرجل دائما، أم توجد أحوال تساوي فيها الرجل؟


عند التتبع، والاستقراء لأحوال المرأة في الميراث نستنتج الآتي:
1- خمس أحوال ترث فيها المرأة نصف الرجل:
أحدها: البنت مع الابن، وبنت الابن مع ابن الابن؛ لقوله سبحانه وتعالى: ﴿ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ[النساء:11].


الثانية: الأخت الشقيقة مع الأخ الشقيق؛ لقوله عز وجل﴿ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ[النساء:176].


الثالثة: الأخت لأب مع الأخ لأب؛ لقوله عز وجل: ﴿ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ[النساء:176].


الرابعة: الأم مع الأب في حال عدم وجود أولاد؛ لقوله عز وجل: ﴿ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ ﴾ [النساء:11].


الخامسة: الزوج، والزوجة؛ لقوله عز وجل: ﴿ وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ [النساء:12].
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 135.70 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 133.98 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.27%)]