جفاء أمي مع زوجتي - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الخل إدام وغذاء ودواء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          الحبة السوداء شفاء من كل داء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          دور التربية الإسلامية في مواجهة التحديات لشبكات التواصل الاجتماعي (pdf) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          المرض الاقتصادي: أشكاله وآثاره (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          من أعلام الأدب الرشيد (عماد الدين خليل أنموذجا) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          صحابة منسيون (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 6 - عددالزوار : 10929 )           »          نماذج لفقهاء التابعين من ذوي الاحتياجات الخاصة ودورهم في الفقه الإسلامي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 12 )           »          جسور بين الأفكار.. أم أنفاق للاختراق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          التوازن في حياة الإنسان: نظرة قرآنية وتنموية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          الحضارات والمناهج التنويرية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العام > ملتقى مشكلات وحلول
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى مشكلات وحلول قسم يختص بمعالجة المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 17-11-2021, 09:48 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 165,370
الدولة : Egypt
افتراضي جفاء أمي مع زوجتي

جفاء أمي مع زوجتي


أ. عائشة الحكمي


السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
قمتُ بإرسال هذه المشكلة نيابةً عنْ صاحِب المشكلة، وأرجو الإجابة في أسرع وقتٍ.

أُعاني مِن مُشكلتي مع طرفَيْن؛ هما: أمي وزوجتي، أمِّي امرأةٌ صالحة، وتعْمَل في مجال الدعوة والتعليم (مدرسة قرآن)، ولكنَّها وقعتْ في (الكِبْر والعجب)، وكما تعلمون فإنَّ الشيطانَ لا يترُك العبدَ الصالح إلا ويُريد أنْ يوقِعَه في شُرُورِه، فإذا عجز دخَل له مِن باب العجب بالعبادة والالتزام، فيَرى أن عبادته هذه توجِب على الآخرين احترامه وتقديره، بل أحيانًا تقديسه! وهذا ما حدَث لأمي؛ إذ ترى نفسها فوق الكل (زوجتي وأهلها والناس كلهم)، فتحقر التزامَهم وطاعتهم، وتَرْميهم بالرِّياء؛ لأنَّهم في رأيِها أقل منَّا في كلِّ شيء!
أمَّا زوجتي فأحسبها صالحة، تتبَّع مواضِع رضا أمي قدْرَ الإمكان، ولكن كثيرًا ما تفهم أمي تصرُّف زوجتي خطأ، فعندما ولدْت زوجتي أول مولودٍ لها كانتْ متعبة جدًّا، وبعدها بمدة أرادتْ أمي أن تساعدها زوجتي في تنظيف المنزل، ولكن زوجتي لَم تستطعْ ذلك؛ لتعبها الشديد، فكنتُ أخبر أمي بتعبها وأنها مرهَقة مِن السهر طويلاً مع المولود، ولا تنام إلا قليلاً! فتتضايَق أمِّي مِن حديثي هذا!
فأمِّي - هداها الله - شديدة في تعامُلاتِها، وتريد أن أطيعَها في كلِّ شيء، وإذا ما تصرفتُ تصرفًا غير مرضٍ لها، تغضب وتقول: أخَذَك أهلُ زوجك منِّي، وأصبحتَ لا تطيعني!

أخبروني كيف أبرها ولا أغضبها.


الجواب
بسم الله الموفق للصواب
وهو المستعان

قال رجلٌ لأبيه: "يا أبتا، إنَّ عظيم حقِّكَ لا يبطل صغير حقِّي، ولا أقول: إنِّي وإياكَ بالسواء، ولكنَّ الله - جلَّ وعز - لا يحب الاعتداء"؛ "المحاسن والمساوئ"؛ البيهقي.
أيتها العزيزة، أشكر لكِ سَعْيكِ في الإصلاح وعمل الخَيْر، حُزتِ مِن الألوكة الشُّكر الجميل، ومن الله - سبحانه وتعالى - الأَجْر الجزيل، وهذا جوابي على صاحب الاستشارة، وبالله التوفيق:
أيها الأخ الفاضل، يُسَمِّي علماءُ الاجتماع الأسرةَ التي يسكُن ذَوُو القربى مع أهل البيت في دارٍ واحدة: "الأسرة المُمتدَّة"، كالحال الذي كانتْ عليه أُسرتُك الكريمة حين سَكَنْتَ أنتَ وزوجكَ في الدار نفسِها، وعلى أنَّني سَمِعتُ مِن بعض أساتذتي بعضَ التباكي على فَقْد الأسرة الممتَدَّة في زماننا هذا، بعد أنِ انْتَزَعتْها "الأسرةُ النواة"، أو "الأسرة النَّوويَّة" مِن مَوْضِعِها وحلَّتْ محلَّها، إلا أنني أرى الصورة "النووية" للأُسرة؛ والتي تعني: اقتِصار الدار على سَكَن الزوجَيْن والأبناء - هي الأَمْثل والأفضل؛ لتَحقيق الاستِقرار الأُسَري، ولو نَظَرْنا اجتماعيًّا إلى شَكْل الأسرة في صَدْر الإسلام، لَوَجَدْناها - بحسب الاصطلاح الاجتماعي - أسرةً نوويَّة، وليستْ ممتدَّة؛ فقد عاش الصحابةُ - رضوان الله عليهمْ أجمعين - في بُيُوت منفصِلة عنْ آبائِهِم وأُمَّهاتهم، فالصُّورة النووية للأسرة هي الصورة الإسلامية للبيت المسلم، أمَّا الأسرة الممتدَّة فهي الصُّورة العُرْفيَّة التي مزَّقت العلاقات بعُيُوبها، ولذلك كَرِه جُمهورُ الفُقَهاء مِنَ الحنفيَّة والشافعيَّة والحنابِلة الجَمْع بين الزوجة وأقارب الزَّوج في مَسكنٍ واحدٍ، جاء في "الموسوعة الفقهيَّة" ما نصُّه: "فالجمْعُ بين الأبوَيْن والزوجة في مَسْكنٍ واحدٍ لا يجوز، "وكذا غيرهما مِن الأقارب"، ولذلك يكون للزوجة الامتناعُ عن السكنى مع واحدٍ منهما؛ لأنَّ الانْفراد بِمَسكنٍ تأمن فيه على نفسِها ومالِها حقُّها، وليس لأحدٍ جَبْرها على ذلك، وهذا مذْهَب جُمهور الفُقَهاء من الحنفيَّة والشافعيَّة والحنابلة"، لذا يبدأ حلُّ هذه المشكلة بالاستِقلال عن والدَيْك الكريمَيْن، وهو ما أقدمتَ عليه بالفِعل، ولو لَم تخطُ هذه الخطوة لنصحتُكَ بها، فهي أهمُّ الحُلُول لمشكلتكَ؛ كي لا تخسرَ هذه الزوجة الفاضلة التي صبرتْ على أذى أهلِكَ صبرًا جميلاً لا تحتمله بناتُنا اليوم.

أمَّا من الناحية النفسيَّة فثمَّة أسباب وراء تصرُّفات والدتكَ الكريمة على هذا النحو، مِن ذلك:
أولاً: التنافُس العاطفي بين الأم وزوجة الابن؛ لكَسْب قلب الابن/الزوج، والمنافسة تعني: الربح أو الخسارة، وإذا علمت الطبيعة العاطفيَّة للمرأة أدركتَ شراسَة هذا التنافُس العاطفي، وكلما شعرتْ والدتُك الكريمة بأن زوجتكَ هي الرابحة في هذه المنافَسة، مِن خلال دفاعكَ المستميت عنها، والتبرير الدائم لأخطائها، والْتِماس الأعذار لها، ازدادتْ والدتُكَ أَلَمًا، وزادها الألَم قسوةً على هذه الزوجة التي استطاعت استلاب قلب ابنها بمنتهى السُّهولة، كما أنَّ الطبيعة التملُّكيَّة من طبائع الأمهات، فأنتَ وإنْ لَم تكن ملك والدتكَ إلاَّ أنَّكَ قطعة منها؛ فقد تخلَّقتَ في رحِمها، وكان بيتكَ الأول في أحشائِها، تتغذَّى مِن دَمِها جنينًا، ومِن لبنِها رضيعًا، وهو ما يفَسِّر بعض الحكمة مِن تقديم الأم على الأب في الإسلام.
ثانياً: التأثير النفسي للمرحلة الفسيولوجيَّة، فأهدأ الناس قد تتغيَّر نفسيَّاتهم مع التقدُّم في السِّنِّ؛ نتيجة التغييرات الهرمونيَّة، وعلى أنك لَم تذكرْ عمر والدتك الكريمة - مدَّ الله عُمرها على طاعته - لكن على الأرجح أنها قد تجاوَزَت الأربعين، وما يتبع ذلك مِن أثر انقطاع الحيض أو الاقتراب مِن سنِّ انقطاعه على نفسيَّة المرأة، حيث يؤدِّي نقصُ هرمون الإستروجين في جسم المرأة إلى التقلُّب المزاجي، والشُّعور بالاكتئاب والتوتُّر، ولا بد مِن تعويض نقص هذا الهرمون ببديلٍ نباتيٍّ؛ كحبوب الصويا، سواء ما كان منها في شكله الطبيعي أم الصيدلاني.
ثالثاً: تعامُلك أنتَ مع المشكلة، فالملاحَظُ أنَّ هذه التوتُّرات تحدُث دائمًا حين يتزوَّج الأبناء الذكور، بينما لا تحدُث حين تتزوَّج البنات إلا ما ندر! فهل كلُّ الأمهات يحببنَ الأبناء أكثر من البنات؟! كلاَّ، ولكن البنات أذكى اجتماعيًّا وعاطفيًّا من الأبناء، ولذلك لا ينفصِلْنَ شُعُوريًّا عنْ أُمَّهاتهنَّ بعد الزواج، وتبقى أمهاتهنَّ مُستشاراتهن وصديقاتهن، ويقصصْنَ عليهنَّ ما يجري لهن في بيوتِ أزواجهنَّ، بعكس الأبناء الذين تتغيَّر شكل علاقاتهم بأمهاتهم بعد الزواج، وإن لم يشعروا بهذا التغيير، لكن الأمهات يشعرْنَ بهذا التبدُّل الشُّعوري؛ لأنهن يقرأنَ العلاقة بعُيُون العاطفة.

فَهْم هذه النِّقاط مما سيُساعدك - بمشيئة الله - على تفهُّم المشكلة والصَّبر عليها، وعلى ضَوئها أقترح عليك بعض الطرُق للتعامل مع والدتك العزيزة:
أولاً: قُم بزياراتٍ خاصَّة متكَرِّرة ومنتظمة لوالدتكَ، لا تصطحب فيها زوجتكَ معكَ؛ بحيثُ تجلس مع والدتكَ على انفراد، وتتابع معها الأخبار والأحداث، وتشتري لها بعض المستَلزمات الخاصة، تمامًا كما لو لَم تكنْ قد تزوَّجتَ، وخُذها معك إلى نزهةٍ قصيرة ولو لمجرد سياحة في السيارة، وتناول (أكواز الذرة)، ودَعْها تطمئن إلى أنَّ زواجكَ الذي ظلَّتْ تحلم به لَم يغَيِّر ابنها البار الذي كان يؤثرها ويهتم بشؤونها.
ثانيًا: اعقِد لقاءاتٍ مُنتظمة بين والدتكَ وزوجكَ في بيئةٍ محايدة "حديقة أو بحر أو مطعم"، شريطة أن يكونَ هذا المتنَزَّه محببًا للمرأتَيْن معًا، فمن شأن ذلك تخفيف حدَّة المنافَسة على المكان، بعيدًا عنِ الشُّعور بأن "هذا مكاني وحدي، وأنا السيدة والملكة فيه"!
ثالثًا: اطلب مِن زوجتكَ أن تتعامَلَ مع والدتكَ برُوح الدُّعابة، وألا تكون العلاقة بينهما علاقة تلميذة غبيَّة مع معلِّمة صارمة، بل عليها أن تبذلَ وسْعها لجَعْل العلاقة والديَّة وودِّيَّة، وسوف تكون زوجةً ذكيَّة لو استطاعتْ أن ترسمَ الابتسامة على وجْهِ والدتكَ بسبب نكتة أو موقف طريف، ساعِدْها أنتَ على معرفة الأشياء التي قد تثير ضحِك والدتكَ.
رابعًا: عندما تخالفك والدتُكَ في بعض آرائكَ، وتتهم زوجتكَ بالتحريض، فلا تشتغل بالدفاع عن زوجتكَ، وتحسين صورتها، فهذا أكبر خطأ قد ترتكبه في علاقتكَ بِوالدتكَ، وعِوَضًا عن ذلك غلِّف كلامك بمدْح والدتكَ، والتركيز على إيجابياتها قبل إخبارها بأنك رجل، وأن لك رأيَك الخاص، وأن التلويحَ المستمر بتأثير أهل زوجتك على آرائك - طعنٌ في رجولتكَ أنت، وليس في أهل زوجتكَ، كما أنه طعن في تربيتها لك، فهي مَن ربَّتْك وليس أهل زوجتك!
خامسًا: لا تُحاول التدخُّل دائمًا في المشكلات القائمة بين والدتك وزوجتك؛ لأنَّ المشكلات قد تحدث بين الأخوات في البيت الواحد، ولا يستلزم الأمر دائمًا تدخُّل طرفٍ ثالث، فهذه من طبيعة الحياة الاجتماعيَّة نتيجة القُرب الشديد، والضغوط النفسيَّة، وضُعْف الوازع الديني.
سادسًا: كنْ مُحايدًا ولا تقف في صفِّ أحد، فهذا أفضل أسلوب في الأجواء التنافُسيَّة اللاعقلانيَّة.
وفي الواقِع، قد يكون التحسُّن بطيئًا؛ إذْ لَيْس منَ السَّهل تغييرُ الناس، خاصَّةً إذا كانْت هذه نفْسيَّاتهم وشخصيَّاتهم، وقد قال اللهُ تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الرعد: 11]، فلا تتصوَّر أنَّ الألَم سينتهي إن لَم تغيِّر والدتك الكريمة من نفسها، وتتَّقي الله في هذه المرأة الصالحة التي أحْصَنت ابنها، وصبرتْ على أذاها بقلبٍ كبير وعقل راجح.
وتذكَّر - أيها الفاضل - أننا لا نعيش في الجنة؛ حيث لا غلّ ولا حسَد ولا غَيْرة؛ ﴿ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ ﴾ [الحجر: 47]، ولكننا نعيش في الحياة الدنيا؛ حيث لا مناص منَ الأَلَم، حتى مِن أقرب الناس إلينا، فلا بد من الصبر الجميل، وتحمُّل الأذى، والدعاء بالهداية، وألا ينقطع البر والصلة وإن لَم ينقطعْ عنكَ الأذى والأَلَم.

والله - سبحانه وتعالى - أعلم بالصواب، وهو العليم الخبير.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 53.72 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 52.05 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.10%)]