|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() خطبة: الثبات على الدين رافع العنزي إن الله جل وعلا أسبغ على العباد نعمًا ظاهرة وباطنة، لا تُعد ولا تحصى، ومن تلك النعم نعمة عظيمة، هي أنفسُ النعم وأعظمُها، من حازها فهو السعيد، ومن حُرمها فهو الشقي، اصطفاها الله عز وجل، فمنحها من شاء من عباده، وحُرِم منها خلق كثير، إنها نعمة الهداية إلى دين الإسلام؛ يقول الحق تبارك وتعالى: ﴿ وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [البقرة: 132]. وهذه النعمةُ من أكثرُ النِّعَمِ عُرضةً للزوال، حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ الْقُلُوبَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ يُقَلِّبُهُماُ كما يشاء))، لذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من قوله: ((يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ))، ومن دعاء الراسخين في العلم: ﴿ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴾ [آل عمران: 8]، بل إن كل مسلمٍ يدعو في كل ركعةٍ من صلواته (الفريضةِ والنافلة) بالحفاظ على هذه النعمة، فيقول: ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾، والله جل وعلا أمر عباده بسؤال الهداية، ففي الحديث القدسي: ((... يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلاَّ مَنْ هَدَيْتُهُ فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ))، يقول ابنُ القيم رحمه الله: العبد لا يستغني عن تثبيت الله له طرفة عين. واعلموا عباد الله أنَّ من أخطر أسبابِ زوالِ الدين التعرُّضُ للفتن، ومن استشرف الفتن زلَّت به القدم، والحي لا يؤمن من الفتنة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم محذرا أمته: ((تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا، فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ...))، والفتن التي تعرض على القلوب هي أسباب مرضها، وهي فتن الشهوات وفتن الشبهات، وفتن المعاصي والبدع. ومن أسباب هلاك العبد: التهاون بصغائر الذنوب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يَا عَائِشَةُ، إِيَّاكِ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ فَإِنَّ لَهَا مِنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ طَالِبًا))، وفي حديث آخر قال صلى الله عليه وسلم: ((إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ فَإِنَّهُنَّ يَجْتَمِعْنَ عَلَى الرَّجُلِ حَتَّى يُهْلِكْنَهُ)). ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي!". ولا يُنجِي من ذلك إلا رحمةُ الله تعالى، ثم الأعمالُ الصالحة، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِى كَافِرًا، أَوْ يُمْسِى مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا))، وهذا لعِظم الفتن ينقلب الإنسان في اليوم الواحد هذا الانقلاب. فمن أسباب الثبات على الدين الدعاء كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في صلاته: ((... وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ...))، وعند مسلم: ((إِذَا فَرَغَ أَحَدُكُمْ مِنَ التَّشَهُّدِ الآخِرِ، فَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ أَرْبَعٍ: مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ شَرِّ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ)). ومن أسباب الثبات على الدين تلاوةُ كتابِ الله عز وجل، والإكثارُ من ذكره، قال تعالى: ﴿ قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ﴾ [النحل: 102]. وكذلك الإكثار من نوافل العبادات يحفظ من الفتن، ففي الحديث القدسي: ((وَمَا يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أحْبَبْتُهُ، كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، ويَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بِهَا، وَرجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإنْ سَألَنِي أعْطَيْتُهُ، وَلَئِن اسْتَعَاذَنِي لأعِيذَنَّهُ)). ومن حَفِظَ جوارِحَهُ حسُنَت خاتمتُه، قال القرطبي رحمه الله: ((سوء الخاتمة لا تكون لمن استقام ظاهرُه وصلُح باطنه، ما سُمِع بهذا ولا عُلم به، وإنما تكون لمن كان له فسادُ العقل، أو إصرارٌ على الكبائر، وإقدامٌ على العظائم، ومن تمسك بالدين ثبَّته الله في مدلهمات الأمور)؛ ا هـ. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ... الخطبة الثانية عباد الله، إن هذه الدنيا بزخارفها ومُتَعِها متاع الغرور، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ ﴾ [فاطر: 5]. تأمل فيه إشارة الى أن الدنيا تغرُّ مَن لا يعرفها، كما يقول بعض السلف: الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا. هذه الدنيا لا تساوي عند الله شيئًا. فيجب على المسلم أن يتوب؛ لأن الانسان لا يدري ما يعرض له، فكم مِن معافى أمسى مع أهل القبور انتقل في لحظات من عالم الدنيا الى عالم الآخرة. عباد الله، إن حياة الإنسان فرصة واحد غير قابلة للتعويض، فلا تغامر في حياتك؛ لأنه يترتب عليها سعادة أبدية أو شقاوة أبدية. فلذلك قال الله في الذين خفت موازينهم وفرطوا في هذه الحياة الدنيا: ﴿ وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [البقرة: 132]، خسروا كل شيء. نسأل الله أن يتوفانا مسلمين ويلحقنا بالصالحين. وصلوا رحمكم الله ..
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |