|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() المواساة نسيم الحياة خميس النقيب الأخلاق من أجلها أنزلت الكتب وأرسلت الرسل وفرضت الفرائض وسنت السنن. ومن أسمى الأخلاق وأجلها خلق المواساة، فهو نسيم الحياة، وضياء الجباه، وقربة من الله!! المواساة أصل عظيم من أصول الإسلام، وخلق كريم من أخلاق القرآن، مبدأ أصيل من مبادئ الدين، وينبوع متجدد من ينابيع الإيمان، المواساة وقود الحياة وروح الأمة، فإذا صحت الروح عاشت الأمة قوية عزيزة مرهوبة الجانب، وإذا فسدت الروح تهاوت الأمة وخارت قواها وأصبحت مطمعًا للطامعين، وهدفًا للأعداء والمتجبرين المتسلطين!! وإنّما الأممُ الأخلاقُ ما بقيتْ ![]() فإن همُو ذهبتْ أخلاقُهمْ ذهبُوا ![]() وليسَ بعامرٍ بنيانُ قومٍ ![]() إذا أخلاقُهم كانتْ خرابا ![]() والإنسان الذي هو لبنة في بناء الأمة ما هي قيمته المادية إذا كان بعيدا من الروح المتقدة، والقيم المُعبدة، مجردًا من الفضائل والقيم والمثل والأخلاق؟ إنها هي التي تجعل للأمة قيمة دونها كل ذهب الأرض؟!! صلاحُ أمرِكَ للأخلاقِ مرجعُهُ *** فقوِّمِ النفسَ بالأخلاقِ تستقمِ المواساة تباذل لا تخاذل، تقارب لا تباعد، ود وحب لا كُره وبُغض، تجانس وتعاون لا تشتت وتغابن،في زمن كثرت فيه الشدائد، وادلَّهمت فيه الخطوب، وانتشرت فيه النوازل، المجتمعات في حاجة ماسة إلى المواساة، والأُسر في حاجة ماسة إلى التماسك، والبيوت في حاجة إلى التعاون، لتتسع قيم التعاون والتعاضد، وتعم قيم المودة والمحبة، وتتألق قيم الموالاة والمواساة، وتنتشر قيم التسامح والتصالح، لتجتمع في "المجتمع" الكلمة، ويتوحد فيه الصف، وترتفع له الراية، وتعود العزة المفقودة، وترجع الكرامة الضائعة، وينبت من جديد الشموخ الموجوع!! كيف لا وديننا دين أخلاق، كيف لا وشريعتنا شريعة أخلاق، كيف لا وقرآننا قرآن أخلاق، كيف لا ونبينا نبي أخلاق: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4]. لقد سُئلت السيد عائشة رضي الله عنها عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: "كان خلقه القرآن، يغضب بغضبه ويرضى برضاه"؛ رواه أحمد، وفي رواية: "كان قرآنًا يمشي على الأرض". يقول ابنُ القيمِ رحمه اللهُ موضحا قيمة المواساة في معناها الواسع: مواساة بالخدمةِ، ومواساة بِالنصِيحة والإرشاد، ومواساة بالدعاء والاستغفار، ومواساة بالتوجع لهم، والتألم لهم، يفرح لفرحهم ويحزن لحزنهم ويتوجع بوجعهم، وعلى قدر الإيمان تكون المواساة فكلما ضعف الإيمان ضعفت المواساة وكلما قوي قويت. ولقد جاء صلى الله عليه وسلم ليكمل مكارم الأخلاق ويتمِّمها: "بُعثت لأُتَمِّم مكارم الأخلاق"؛ رواه أحمد. المواساة في القرآن باب مفتوح لكل طارق، ومنهل يفيض لكل ناهل، وزمزم ينضح لكل شارب، وينبوع يتدفق لكل وارد. عندما كان يصلي في مكة عند الكعبة، أراد أبو جهل أن ينهاه عن الصلاة فوقف له رب السماوات بالمرصاد، حتى لو دعا ناديه وعشيرته وأهله وزمرته، فإن الله سيدعو زبانيته لهؤلاء المرجفين، وكأنها معركة يقف الله مع رسوله يدافع عنه ويصد عنه ويواسيه؛ حتى لا يطع المشركين ولا ينتهي عن صلاته بأي حال من الأحوال": ﴿ أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى * عَبْدًا إِذَا صَلَّى * أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى * أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى * أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى * أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى * كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ * نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ * فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ * سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ * كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ ﴾ [العلق: 9 - 19]. ولَمَّا فتر الوحي عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأبطأ عنه جبريل عليه السلام، فقال المشركون: قد ودع محمد، فأنزل الله تعالى: ﴿ مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى ﴾ [الضحى: 3]، وفي رواية، احتبس جبريل عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت بعض نساء المشركين: ما أرى صاحبك إلا قد قلاك، فأنزل الله تعالى قوله مواسيًا نبيَّه: ﴿ مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى ﴾ ما تركك ربك، ما أهملك. الله تعالى الرحمن الرحيم يواسي نبيه الكريم صاحب الخلق العظيم، بينما كان مطاردًا تاركًا مكة التي هي موضع الميلاد ومنشأ الصبا، ومجمع الذكريات التي فيها رأي الحياة، ودرجت على الأرض قدماه، واستقبل فيها وحي الله، بينما كان يقول: والله إنك خير بلاد الله، وأحب بلاد الله إلى الله، ولولا أني أُخرجت ما سكنت غيرك، يواسيه الله قائلًا: ﴿ إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ ﴾ [القصص: 85]؛ أي: بحق القرآن ستعود يا محمد إلى مكة سالِمًا غانِمًا، ميسورًا منصورًا، فرحًا مسرورًا. وقد تحقق وعد الله، وعاد إلى مكة منتصرًا علة رأس عشرة آلاف موحد بالله متواضعًا فاتحًا: ﴿ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ﴾ [النصر: 1 - 3]. هنا تجد الله عاصم النبيه من كل أذى يلحق به، ﴿ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ﴾ [المائدة: 67]، فلا أحد ينال منك، ولا أحد يؤذيك، ولا أحد يحزنك؛ لأن الله يحميك من كل شر، ويحفظك من كل سوء، ويعصمك من كل حاقد، وينصرك في كل ميدان. ولَما عقدوا نية الغدر وبيَّنوا قمة المكر في دار الندوة، كان الله مع رسوله أقوى منهم ومكر منهم، ﴿ وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ﴾ [الأنفال: 30]. وكان مكر الله أقوى وأوسع وأبلغ، فنصر رسوله وأظهره على المشركين، وهاجر في سلام واطمئنان وأنشأ في المدينة دولة الإسلام في ثبات وإيمان، ولَما وصلوا للغار وكادوا أن يصلوا إليهم، كانت مواساة عظيمة من الله لرسوله ومن رسول الله لأبي بكر الصديق: ﴿ إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 40]. كان الله يرشده دومًا إلى الصبر، مواسيًا له في شدائده أن الله معه وأنه تحت عين الله، ﴿ وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ﴾ [الطور: 48]؛ أي اصبرْ لقضاءِ ربِّك فيما حمَّلكَ من رسالتِه، وفيما ابتلاكَ به من قومِك، فإنك بأعينِنَا نراكَ ونحفظُكَ، ونحوطك ونحرسك. وحين تفطرَ قلبُه صلي الله عليه وسلم حزنًا على إعراضِ قومِه عن الاستجابةِ لنداءِ الحقِّ، واساهُ ربنُّا عز وجل في قرآنه من فوق سبع سموات بقولهِ: ﴿ فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا ﴾ [الكهف: 6]. لعلك مهلك نفسك حزنًا بسببِ توليِهم وإعراضِهم عن الحقِّ، فهذه الآياتُ وأمثالُها نزلتْ مواساةً وتطييبًا لخاطرِ نبيِّنَا صلي اللهُ عليه وسلم، كما واساهُ ربُّه سبحانَهُ موجهًا إياهُ ألا يُحَمِّلَ نفسَه فوقَ طاقتِها، ﴿ لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ﴾ [الشعراء: 3]. يؤمنوا أو لا يؤمنوا ما عليك إلا أن تبلغ فحسب، ﴿ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ ﴾ [الرعد: 40]. لا تستطيع السيطرة عليهم، فهم من أماكن شتى ومن جذور شتى، ومن نزغات شتى ﴿ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ ﴾ [الغاشية: 22]. فلا تكلفْ نفسَك تكليفًا شاقًّا مُضْنيًا، فما عليك إلا البلاغُ والبيانُ، أما هدايةُ التوفيقِ فمن اللهِ وحدَهُ، حيثُ يقولُ سبحانه: ﴿ إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴾ [القصص: 56]. ولَما لاك المشركون في عَرضه وبيته وزوجه في حادثة الإفك، نزل القرآن يواسي السيد عائشة أم المؤمنين ويبرئها مما قالوا، ويبيِّن لهم أنه خير وليس شرًّا، ويتوعده الذين لاكوه ونشروه بالعذاب العظيم في الآخرة: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [النور: 11]. ولما أصابه - صلى الله عليه وسلم - من المشركين من أذى ومن إعراض عن دعوته، ومن تهم باطلة لرسالته، جاءت الآيات في سورة الأنعام لتسلِّيه وتواسيه صلى الله عليه وسلم، ﴿ قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ * وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ ﴾ [الأنعام: 33، 34]؛ أي: هم لا يتهمونك أيها الرسول الكريم، بالكذب في نفس الأمر، ولكنهم يعاندون الحق ويدفعونه بصدورهم، كما روى سفيان الثوري عن أبي إسحاق، عن ناجية، عن على بن أبي طالب ـ رضى الله عنه ـ أنه قال: قال أبو جهل للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: يا محمد، إنا لا نكذبك ولكن نكذب ما جئت به، فأنزل الله ـ تعالى ـ قوله: ﴿ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ ﴾ [الأنعام: 33]. وفي معنى هذه الآية جاءت آيات كثيرة؛ منها قوله تعالى: ﴿ فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ ﴾ [الكهف: 6]، فلعلك أيها الرسول الكريم قاتل نفسك همًّا وغمًّا، إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفًا، ومنها قوله سبحانه: ﴿ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ﴾ [فاطر: 8]، ومنها قوله ـ عز وجل ـ: ﴿ فَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ ﴾ [يس: 76]، أنهم لا ينسبونه إلى الكذب، فهم قد لقَّبوه قبل البعثة بالصادق الأمين، ولكنهم يجحدون الآيات الدالة على صدقه، أي إنكارها بألسنتهم مع اعتقادهم صدقها. وهذه أمٍّ لم يذكر في التاريخِ كلِّه أن يقال لام: إذا خفتِ على ابنك ألقِيه في اليمِّ، أي قلب يصمد؟!، واي نفس تثبت؟! أنه الملكُ جلَّ جلالُه مواسيًا لأمِّ موسى عليه السلام: ﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴾ [القصص: 7]. فردَّ اللهُ إليها ولدَها: ﴿ فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [القصص: 13]. بل جاءت المواساةُ في القرآنِ الكريمِ مع مريمَ عليها السلام حينما اشتدَّ عليه الأمرُ خوفًا من قومِها: ﴿ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا ﴾ [مريم: 23]، فيأتِيها الردُّ مواسيًا إياها، ﴿ فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا ﴾ [مريم: 24]. وفي الهجرة تجلت المواساة وعظمت في أبهى معناها وأجمل صورها كيف؟! نعم هذا هو خلقُ الإيثارِ الذي امتدحَ اللهُ به الأنصارَ المواسين لإخوانِهم من المهاجرين، فقال جل وعلا: ﴿ وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الحشر: 9]. المواساة صلب الدين، والحقيقة: أن الدين معاملة، والدين بذل، والدين عطاء، والدين سمو وعلو، والدين تعاطف وتحالف، و"لا يزال الله في حاجة العبد ما دام في حاجة أخيه". طوبى لمن جعل دنياه مزرعة لآخرته، جعل فيها المواساة والتعاون والتعاطف، فالمؤمن في دار عمل والآخرة دار جزاء، العبد في دار تكليف والآخرة دار تشريف، وما يغرسه هنا يحصده هناك، وما يزرعه هنا يجنيه هناك، ﴿ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى ﴾ [النساء: 77]. "من أقال مسلمًا أقال الله عثرته"؛ يقول إبراهيم بن أدهم: المواساة من أخلاق المؤمنين، قال بعض الصحابة الكرام: كان سيدنا جعفر أبا المساكين، كان يذهب إلى بيته، فإذا لم يجد لنا شيئًا أخرج لنا عكة أثرها عسل فشقها ونعلقها. وكان بعض الصحابة إن رأى مسكينًا يقول: اذهب واقترض على اسمي. يقترض على اسم هذا المحسن. عن أبي حمزة رحمه الله قال: إن علي بن الحسين كان يحمل الخبز في الليل على ظهره يتبع في المساكين في الظلمة، ويقول: إن الصدقة في سواد الليل تطفئ غضب الرب، ومات علي بن الحسين ووجدوا في ظهره أثرًا مما كان ينقل الجرب بالليل إلى منازل الأرامل. يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |