خطبة عن تربية الأبناء - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1329 - عددالزوار : 138239 )           »          شرح كتاب الحج من صحيح مسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 57 - عددالزوار : 42220 )           »          حكم من تأخر في إخراج الزكاة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          حكم من اكتشف أنه على غير وضوء في الصلاة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          المسيح ابن مريم عليه السلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 20 - عددالزوار : 5466 )           »          يا ربيعة ألا تتزوج؟! وأنتم أيها الشباب ألا تتزوجون؟! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          فضائل الحسين بن علي عليهما السلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          سودة بنت زمعة - رضي الله عنها - (صانعة البهجة في بيت النبوة) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          حجة الوداع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          التشريع للحياة وتنظيمها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 07-11-2021, 06:25 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,090
الدولة : Egypt
افتراضي خطبة عن تربية الأبناء

خطبة عن تربية الأبناء
رافع العنزي



الخطبة الأولى[1]
عباد الله، إن من أعظم النِّعم التي ينعم الله بها على عِباده نعمةَ الأولاد؛ فهم - إذا صلحوا - عملٌ صالح يستمر للأبوين حتى بعد موتهما؛ فقد قال النَّبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلَّا من ثلاثة: إلا من صدقةٍ جارية، أو علمٍ يُنتفع به، أو ولدٍ صالح يَدعو له))، ومع صلاحهم ينال الأبوان برَّهم، وطاعتهم، ونفعهم، وهكذا تكون نِعمة الأولاد تعود على الأبوين بالخير في الدنيا والآخرة، وهم زينة الحياة الدنيا: ﴿ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ [الكهف: 46]، والأولاد المقصود بهم الأبناء والبنات.

هم والله أمانة؛ لأن الأمر من الملك الجبار جاء بوجوب وقاية الأولاد من النار، وأن يبعدهم المسؤول عنهم عن كلِّ طريق يوصل إلى جهنم: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم: 6]، قال عَلِيُّ بنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه: عَلِّمُوهُمْ، وَأَدِّبُوهُمْ.

وجاء البيان من رسول ربِّ العالمين بأنَّ المرء يُسأل عن رعيَّته يوم الدين، فبأي شيء يجيب مَن ضيَّع أولاده؟ وبماذا سينطق مَن خان الأمانة؟ يقول عليه الصلاة والسلام: ((كلُّكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته...، والرجل راعٍ في أهله وهو مسؤول عن رعيَّته، والمرأة راعية في بيت زَوجها ومسؤولة عن رعيَّتها))، فتربية الأولاد ورعايتهم مسؤوليَّة قد يتسبَّب إهمالُها وعدم حفظها في مَصير مؤلم ينتظر الوالدين، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما مِن عبد يَسترعيه الله رعيَّةً، يموت يوم يموت وهو غاشٌّ لرعيَّته، إلا حرَّم الله عليه الجنَّة)).

يقول ابن القيم رحمه الله: "وكم ممن أشقى ولده وفلذة كبده في الدنيا والآخرة بإهماله، وترك تأديبه، وإعانتِه له على شهواته، ويزعم أنه يكرِمه وقد أهانه، وأنَّه يرحمه وقد ظلمه وحرَمَه، ففاته انتفاعُه بولده، وفوَّت عليه حظَّه في الدنيا والآخرة، وإذا اعتبرت الفساد في الأولاد، رأيتَ عامَّته من قِبَل الآباء".

إن من أعظم ما يقدِّم الأب لابنه تربيتَه على الدين وصالح الأخلاق.
قال الله تعالى عن لقمان في وصيته لولده: ﴿ وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ [لقمان:13]، فأول ما ابتدأ به وأول ما دلَّه عليه في وعظه ونصحه وتوجيهه، أنْ ذكَّرهُ بحق الله جل جلاله، وبيَّن له أن ضياع هذا الحق هو الظلم العظيم.


ومما يُربَّى عليه الأبناء والبنات مراقبةُ الله عز وجل: لقد ركز منهج الإسلام في التربية على تنمية جانب المراقبة لله عزَّ وجلَّ، قال الله تعالى عن لقمان الذي أرشد ولدَه إلى هذه المراقبة: ﴿ يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ﴾ [لقمان: 16].

ومما يربَّى عليه الأبناء عمود الإسلام الصلاةُ: قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين تبعًا له: ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ﴾ [طه: 132].

وأثنى الله على نبيِّه إسماعيل عليه السلام: ﴿ وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا ﴾ [مريم: 55].

وعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ)).

ومما يربَّى عليه الأبناء القدوة الحسنة؛ فقد كثرت القدوات السيئة من الحمقى وأصحاب الأهواء وجامعي الأموال.
ولذا كان المنهجُ الإلهيُّ - في إصلاحِ البشريَّةِ وهدايتِها إلى طريقِ الحقِّ - مُعتمِدًا على وجودِ القُدْوَةِ التي تحوِّل تعاليمَ ومبادئَ الشريعةِ إلى سلوكٍ عمليٍّ، وحقيقةٍ واقعةٍ أمام البشر جميعًا؛ فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو القدوةَ التي تترجم المنهج الإسلاميَّ إلى حقيقة وواقع، قال تعالى: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾ [الأحزاب: 21]، ولما سُئِلَت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن خُلُقِهِ صلى الله عليه وسلم، قالت: ((كان خُلُقُهُ القُرآنَ!)).

ومما يعين على التربية الدعاءُ للأولاد بالصَّلاح والهداية والخير، فها هو الخليل إبراهيم عليه السلام يدعو فيقول: ﴿ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ ﴾ [إبراهيم: 35]، وقال أيضًا: ﴿ رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ ﴾ [إبراهيم: 40].

وها هم عباد الرَّحمن يدْعون بأن يهب الله لهم ما تقر به أعينهم من الذريَّة الصالحة: ﴿ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ﴾ [الفرقان: 74].

إِنَّ الوَلَدَ الصَّالِحَ لَمِنْ خَيرِ مَا يَدَّخِرُهُ المَرْءُ لِنَفْسِهِ بعدَ وَفَاتِهِ، فَأَولَادُ الرجُلِ مِن كَسْبِهِ، وَعَمَلُهُم الصَّالِحُ مِنْ عَمَلِهِ إِنْ كَانَ بِسَبَبِهِ، وَدُعَاؤُهُم الصَّالِحُ زَادٌ لَهُ فِي قَبْرِه.

ودعاء الوالد لولده من الدعاء المستجاب الذي يُرجى أن يتحقَّق بإذن الله عز وجل؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ثلاثُ دعواتٍ مستجاباتٌ لا شكَّ فيهن: دعوةُ المظلوم، ودعوةُ الوالد، ودعوةُ المسافر)).
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ...


الخطبة الثانية
عباد الله: إن صلاح الأب في نفسه له أثرٌ عظيم في صلاح الأبناء، قال تعالى: ﴿ وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ﴾ [النساء: 9]، قال بعض المفسرين: "فِيهِ إِرْشَادٌ لِلآبَاءِ الذِينَ يَخْشَونَ تَرْكَ ذُرِّيةٍ ضِعَافٍ أَنْ يَتَّقُوا اللهَ في سَائِرِ شُؤُونِهِم؛ حَتَّى تُحْفَظَ أَبْنَاؤُهُم وَتُغَاثَ بِالعِنَايَةِ مِنْهُ تَعَالى، وَفِيه تَهْدِيدٌ بِضَيَاعِ أَوْلَادِهِمْ إِنْ فَقَدُوا تَقْوَى اللهِ تَعَالى، وإِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ تَقَوَى الأُصُولِ تَحْفَظُ الفُرُوعَ" اهـ.

وقَالَ تعالى: ﴿ وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ ﴾ [الكهف: 82].

قَالَ ابنُ كَثِيرٍ رحمه الله: "(وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا): فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ الصَّالِحَ يُحفَظُ فِي ذُرِّيَّتِهِ، وَتَشْمَلُ بَرَكَةُ عِبَادَتِهِ لَهم فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، بِشَفَاعَتِهِ فِيْهِم، وَرَفْعِ دَرَجَتِهِم إِلَى أَعْلَى دَرَجَةٍ فِي الجَنَّة، لِتَقَرَّ عَيْنُهُ بِهِم، كَمَا جَاءَ فِي القُرْآنِ وَوَرَدَتِ السَّنَّةُ بِهِ، وَقَدْ ذُكِرَ أنَّه الأَبُ السَّابِعُ، وقِيلَ: العَاشِرُ، وَأَيًّا كَانَ، فَفِي الآيَةِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ صَلَاحَ الآبَاءِ يُفِيدُ العِنَايَةَ بِالأَبْنَاءِ" اهـ.


وعن ابنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: "حُفِظَا بِصَلَاحِ أَبِيهِمَا، وَلَمْ يُذْكَرْ لَهُمَا صَلَاحٌ" اهـ.

ويقول الإِمَامُ العَادِلُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِالعَزِيزِ رحمه الله: "مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يَمُوتُ إِلَّا حَفِظَهُ اللَّهُ فِي عَقِبِهِ وَعَقِبِ عَقِبِهِ" اهـ.

وصلوا رحمكم الله ...


[1] مستفادة من خطب أخرى.







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 68.78 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 67.06 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.50%)]