الأثر بعد الرحيل - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1117 - عددالزوار : 129633 )           »          الصلاة مع المنفرد جماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          الاكتفاء بقراءة سورة الإخلاص (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          أصول العقيدة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          الإسلام يبيح مؤاكلة أهل الكتاب ومصاهرتهم وحمايتهم من أي اعتداء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          تحريم الاعتماد على الأسباب وحدها مع أمر الشرع بفعلها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          تفسير القرآن الكريم ***متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3097 - عددالزوار : 369941 )           »          وليس من الضروري كذلك! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          مساواة صحيح البخاري بالقرآن الكريم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          محرومون من خيرات الحرمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 08-09-2021, 05:39 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,790
الدولة : Egypt
افتراضي الأثر بعد الرحيل

الأثر بعد الرحيل













تركي بن إبراهيم الخنيزان




إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومَن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، أما بعد أيها المؤمنون، فإنَّ الأعمارَ مضروبةٌ، والآجالَ مُحدَّدَةٌ مكتوبةٌ، وأنتَ منذُ خرجتَ إلى الدنيا وأجلُكَ ينقُص، وكُلُّ يومٍ يُقرِّبُك إلى قبرِك، ولا أحدَ مِنَّا يعلمُ متى يأتيه الموتُ، وتُفارقُ جسدَهُ الرُّوح، وإذا ماتَ العبدُ وفاضَتْ رُوحُهُ إلى بارِيهَا، وانتقلَ إلى ربِّهِ ومولاهُ، فلن يكونَ مَعَهُ بعدَ موتِهِ إلا ما قدَّمه في حياتِهِ مِن أعمالٍ وفِعَال؛ قال صلى الله عليه وسلم: "يَتْبَعُ المَيِّتَ ثَلاثَةٌ، فَيَرْجِعُ اثْنانِ ويَبْقَى معهُ واحِدٌ: يَتْبَعُهُ أهْلُهُ ومالُهُ وعَمَلُهُ، فَيَرْجِعُ أهْلُهُ ومالُهُ ويَبْقَى عَمَلُهُ".








فتخيَّل يا عبدَ اللهِ أنك مِتَّ الآن؟ ما آثارُكَ بعدَ الموت؟ ما الأعمالُ المباركةُ التي سيستمرُّ بها أجرُكَ بعد موتك؟ كم مُسلِمًا علَّمتَ؟ كم تائهًا إلى طريقِ الحقِّ هديت؟ كم غرسًا غَرَستَ؟ كم حديثًا عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم بلَّغت؟ كم بئرًا حَفَرت؟ كم مسجدًا بَنَيت؟ كم صدقةً جاريةً أجريت؟








يقولُ الشاعر:



قد ماتَ قومٌ وَمَا مَاتَتْ مكَارِمُهُم *** وعاشَ قومٌ وَهُم في الناسِ أمواتُ








وقال الآخر:



وكُنْ رجُلًا إنْ أَتَوْا بَعدَهُ *** يقولون مرَّ وهذا الأثر








عبادَ الله، إنَّ مِنْ أَعْظَمِ الأَعْمَالِ أَجْرًا تلكَ الأعمالُ التي يَتَعَدَّى نَفْعُهَا إلى الآخَرِينَ، ويَبْقَى ويَستَمِرُّ أَثَرُهَا وأجرُها، فإذا ماتَ الإنسانُ انْقَطَعَ عَمَلُه، وَسَيْأْتِي عليهِ زَمَانٌ طَويلٌ تَحْتَ الثَّرى، وينساهُ الناسُ، ولا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَزِيْدَ في عملِهِ شيئًا، إلا ما كان قد عمِلَ من الأعمالِ الصالحةِ الجاريةِ التي تستمرُّ وتدومُ بعدَ الموت؛ يقول اللهُ تعالى: {﴿ إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ ﴾ [يس: 12].








قال السَّعْدي رحمه الله: (هِيَ آثارُ الخَيْرِ وآثَارُ الشَّرِّ التي كانوا هُمُ السَّبَبُ في إِيجادِهَا في حَالِ حياتِهِم وبَعْدَ وفَاتِهِم)؛ ا.هـ.








فالناسُ بعدَ الموتِ ثلاثةُ أصناف:



صِنفٌ ينقطعُ عملُه.



وصِنفٌ مُوَفَّقٌ، يستمرٌّ عملُهُ الصالحُ، وتستمرُّ حسناتُهُ بعد موتِه.



وصِنفٌ مخذولٌ - والعياذُ بالله - وهو الذي يستمرُّ أثرُهُ السيئُ، وتستمرُّ سيئاتُهُ بعد موتِه.








فَدَعُونا أيها المؤمنونَ نتذاكرُ أعمالًا صالحةً طيبةً، يستمرُّ أجرُها ويدومُ بإذن الله فضلُها بعدَ الموت، فأَصغِ لها سمعَكَ يا عبدَ الله، وافتَح لها قلبَك، ثم بادِر بالعملِ ما دامَ في العُمُرِ بقيَّة، لعلَّ الله أن يتقبَّلَ منَّا، فيأتي أحدُنا يومَ القيامةِ، ليتفاجأ ويُسرَّ بحسناتٍ كالجِبالِ ينجو بها من العذاب، وترتفعُ بها درجاتهُ في الجنات.








مِنْ أَعْمَالِ الخَيرِ التي يَبْقَى أَثَرُهَا بَعْدَ الموت:



الدعوةُ إلى اللهِ تعالى، ونشرُ العلمِ الشرعيِّ، فهل تحفظُ يا عبدَ اللهِ آيةً من كِتابِ الله؟ يقول النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "بَلِّغُوا عَنِّي ولو آيَةً".








هل تحفظُ حديثًا من أحاديثِ النبي صلى الله عليه وسلم؟



يقول عليه والسلام: "نضَّرَ اللَّهُ امرأً سَمعَ منَّا حَديثًا فبلَّغَهُ"، فهنيئًا لِـمَن علَّم مُسلِمًا فاتِحةَ الكِتابِ، فكانَ لهُ مِثلُ أجرهِ ما دامَ يُردِّدُها، وهنيئًا لِمَن كَتَبَ أو سجَّلَ، أو طَبَعَ أو نَشَرَ، مادَّةً يدعو بها إلى اللهِ ويُعلمُ الناسَ دينهم؛ فلهُ مثلُ أجرِ من تعلَّم دينَهُ وأصلحَ عِبادَتهُ بسببِها.








وهنيئًا لِمن كان سببًا في إسلامِ شخصٍ، وإنقاذِهِ مِن النار، فلهُ مثلُ أجرِه وعملِه، ومثلُ أجرِ من يهتدي بسببِ هذا المسلمِ الجديد.








فما أكرمَ اللهَ تعالى! وما أشدَّ كسلَ الكثيرينَ مِنَّا! يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن دَلَّ علَى خَيْرٍ، فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ"، ويقول صلى الله عليه وسلم: "مَن علَّمَ عِلمًا فلَه أجرُ من عَمِلَ بِه لا ينقُصُ من أجْرِ العامِلِ"، وقال صلى الله عليه وسلم: "مَن سَنَّ في الإسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً، فَلَهُ أَجْرُهَا، وَأَجْرُ مَن عَمِلَ بهَا بَعْدَهُ، مِن غيرِ أَنْ يَنْقُصَ مِن أُجُورِهِمْ شيءٌ، وَمَن سَنَّ في الإسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً، كانَ عليه وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَن عَمِلَ بهَا مِن بَعْدِهِ، مِن غيرِ أَنْ يَنْقُصَ مِن أَوْزَارِهِمْ شيءٌ".








ومِنَ الأَعْمَالِ الصالحةِ والصدقاتِ الجاريةِ:



ما رواهُ أبو هريرةَ رضي اللهُ عنهُ عنِ النبيِّ صلى اللهُ عليه وسلمَ أنه قال: "إنَّ مِمَّا يلحقُ المؤمنَ من عملِهِ وحسناتِه بعدَ موتِه: عِلمًا علَّمَهُ ونَشَرَه، ووَلَدًا صالحًا ترَكَه، ومُصحفًا ورَّثَه، أو مسجِدًا بناهُ، أو بيتًا لابنِ السَّبيلِ بناهُ، أو نَهرًا أجراهُ، أو صدَقةً أخرجَها من مالِه في صِحَّتِه وحياتِه يَلحَقُهُ مِنْ بَعدِ موتِهِ".








وَمِن الأَعْمَالِ التي يَبْقَى أَثَرُهَا بَعْدَ الموت: الوَلَدُ الصَّالِحُ:



قال صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الرَّجلَ لتُرفَعُ درجتُه في الجنةِ فيقولُ: أنَّى هذا؟ فيقالُ: باستغفارِ ولدِك لكَ".








فلنحرِص أيها المؤمنون على تربيةِ أولادِنا تربيةً إسلاميةً أصيلة، ولنُكثِر من دُعاءِ اللهِ أن يُصلحَهُم؛ قال الله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ﴾ [الفرقان: 74].








وكما أنَّنا نتمنَّى أن يَدعُو أولادُنا لنا في حياتِنا وبعدَ وفاتِنا، فلنكُن كذلِكَ لوالِدينا، حفِظَ اللهُ الأحياءَ منهم وأطالَ أعمارَهُم على طاعته، وغَفَرَ للأمواتِ، وجمعنا بهم في جنات النعيم.








أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.












الخطبة الثانية



الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه، ومَن تَبِعَهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعدُ:








فيا أَيُّها المؤمنون، إنَّ مِنَ الناسِ مُوفَّقُونَ، جعلَهُمُ اللهُ مفاتيحَ للخير، قد لا يملِكُونَ مالًا يبنونَ به المساجد، ولا عِلمًا ينشرونَه بين الناس، لكنَّهم جَعَلُوا أنفُسَهُم وُسَطاءَ في الخيرِ، فحثُّوا غيرَهُم على بناءِ المساجد، وحفرِ الآبار، وكفالةِ الأيتام، ودعمِ الأوقاف، فشاركوهم الأجر.








ونَشَرُوا إعلاناتِ الدروسِ والمحاضراتِ والموادِ الشرعيةِ النافعة الموثوقةِ، فشارَكُوا العلماءَ أجرَ نشرِ العلم، وتلكَ واللهِ هيَ الغنيمةُ الباردة، والتجارةُ الباقيةُ الرابحة.








نسأل الله أن يجعلنا مفاتيحَ للخير، مغاليقَ للشر، مباركينَ أينما كُنَّا.








عباد الله، كثيرةٌ أعدادُها تلكَ الأقدامُ التي مرَّت في هذِه الحياةِ، ثَمَّ ارتحلت وانتقلت في الغابِرين، فَكَانَ مِن بَينِها أقدامٌ تلاشَتْ معالِمُها، وذهبَتْ آثارُها، وانقَطَعَ ذِكرُها، وأُخرى ما زالتْ آثارُها الطيبةُ باقيةً، ومعالِمُها الحسنةُ ظاهرةً؛ يقول ابنُ القيم رحمه الله: (فَيَا لَها مِنْ مَرْتَبَةٍ ما أَعْلَاهَا: أَنْ يكونَ المَرْءُ في حَيَاتِه مَشْغُولًا بِبَعْضِ أَشْغَالِه، وفي قَبْرِهِ قَدْ صَارَ أَشْلَاءً مُتَمَزِّقَة، وَأَوْصَالًا مُتَفَرِّقَة، وَصُحُفُ حَسَنَاتِهِ مُتَزَايِدَة، تُمْلَى فيها الحسناتُ كُلَّ وَقْت، وَأَعْمَالُ الخَيرِ مُهْدَاةٌ إِلَيه مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِب، تِلْكَ واللهِ المكارمُ والغَنَائِم، ﴿ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ﴾ [المطففين: 26]؛ ا.هـ.








فسابقوا، وسارعوا، ونافسوا، ﴿ وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [التوبة: 105].









ثم صلوا وسلموا على مَن أمركم الله بالصلاةِ والسلامِ عليه.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 57.38 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 55.71 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.92%)]