نور على نور - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4954 - عددالزوار : 2057189 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4529 - عددالزوار : 1325294 )           »          الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 65 - عددالزوار : 52133 )           »          الحرص على الائتلاف والجماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 80 - عددالزوار : 45906 )           »          الدِّين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 196 - عددالزوار : 64250 )           »          فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 374 - عددالزوار : 155316 )           »          6 مميزات جديدة فى تطبيق الهاتف الخاص بنظام iOS 18 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          إيه الفرق؟.. تعرف على أبرز الاختلافات بين هاتف iPhone 12 و Google Pixel 9 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          برنامج الدردشة Gemini متاح الآن على Gmail لمستخدمى أندرويد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 47 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 20-07-2021, 02:25 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,565
الدولة : Egypt
افتراضي نور على نور

نور على نور (1)
















د. أمير بن محمد المدري




الخطبة الأولى



الحمد لله الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي يُمهل ولا يُهمل، الحكَم العدل، لا مُعقِّب لحكمه، ولا رادَّ لفضله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له:







سبحان من يعفو ونهفو دائمًا

ولا يزل مهما هفا العبد عفا




يُعطي الذي يخطي ولا يمنعه

جلالُه عن العطا لذي الخَطَا










وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، البشير النذير السراج المنير، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، ومَن تبِعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:








فأوصيكم أيها الناس ونفسي بتقوى الله تعالى القائل: ï´؟ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ï´¾ [البقرة: 281]، اتقوا يومًا الوقوف فيه طويل والحساب فيه ثقيل.








عباد الله، اليوم سنعيش وإياكم مع النور وطريق النور وحياة النور، ومنابع النور وآيات النور، وأول وقفة نقفها معكم مع نور الأنوار ومصدر النور وهو الله النور جل جلاله.








سبحانه نور وجهه أشرقت له الظلمات، وصلَح عليه أمر الدنيا والآخرة، سبحانه ذو البهاء والجمال، سبحانه سمى نفسه نورًا، وجعل كتابه نورًا، ورسوله نورًا، ودينه نورًا، واحتجب عن خلقه بالنور، وجعل دار أوليائه نورًا يتلألأ، وفي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنه قال: «كان رسول الله إذا قام من الليل يقول: اللهم لك الحمد أنت قيوم السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن....... »؛ [متفق عليه].








دعونا نُبحر في ظلال القرآن مع آيات النور، وأول آية نقف معها هي آية النور في سورة النور وهي قول الله تعالى: ï´؟ اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ï´¾ [النور: 35]، قال ابن عباس رضي الله عنه: هادي السماوات والأرض، قال: هو المؤمن الذي جعل الإيمان والقرآن في صدره، فضرب الله مثله فبدأ بنوره جل وعلا، ثم ذكر نور المؤمن وشبَّهه بالمصباح من الزجاج الشفاف الجوهري، وما يستهديه من القرآن والشرع بالزيت الصافي المشرق الذي لا كدر فيه.








ï´؟ اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ï´¾ [النور: 35].







نورٌ على نور، نور القرآن ونور الإيمان حين يجتمعان في قلب المؤمن.








نور على نور، فالمؤمن كله نور كلامه نور وعمله نور، ومدخله نور ومخرجه نور، ومصيره إلى النور يوم القيامة.








أما الكافر والمنافق والمصر على الفواحش والمعاصي، فهو يعيش في ظلمات بعضها فوق بعض، إذا أخرج يده لم يكد يراها، ظلمات المعاصي ظلمات الحرام، ظلمات ظلم العباد، فالظلم ظلمات يوم القيامة.








كلامه ظُلمة وعمله ظُلمة، ومدخله ظُلمة ومخرجه ظُلمة، ومصيره إلى الظلمة يوم القيامة: ï´؟ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ ï´¾ [النور: 35].








يسمع الناس الأذان، فمنهم من يُلبِّي داعي الله، ومنهم مشغولٌ بالدنيا وبالجوال وبقيل وقال لماذا؟ ï´؟ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ ï´¾ [النور: 35].








الصلاة نور: ï´؟ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ ï´¾ [النور: 35].








ينفق الصالحون في سبيل الله، ويكفُلون الأيتام والأرامل، بينما فئة من الماس تبخل بالمال لماذا؟ ï´؟ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ ï´¾ [النور: 35].








لماذا كثير من الناس لا يعصي والديه إلا عند الكبر لماذا؟ ï´؟ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ ï´¾ [النور: 35]، ï´؟ وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ ï´¾ [النور: 40].








يقول أحد السلف وهو عبدالواحد المقدسي رحمه الله: «ركبنا البحر فألقتنا السفينة إلى جزيرة، فرأينا رجلُا يعبد وثنًا، قلنا له: ما تعبد؟ فأشار إلى الوثن، قال: وأنتم ما تعبدون؟ قلنا نعبد الله، قال: ومن الله؟ قلنا: الذي في السماء عرشه وفي الأرض سلطانه، وفي الناس قضاؤه، قال: وما أعلمكم به؟ قلنا: رسول الله من عند الملك، قال: فأين الرسول؟ قلنا: مات، قال: فهل ترك من علامة؟ قلنا: كتاب من عند الملك، قال: ينبغي أن تكون كتب الملوك حسانًا، ائتوني به، فجئناه بالقرآن الكريم، فقرأنا عليه، فبكى ثم قال: ما يصنع من أراد الدخول في دينكم؟ قلنا: يغتسل ويتوضأ، ويقول كلمة التوحيد ويُصلِّي، فاغتسل وقال كلمة التوحيد، وصلى، فلما جنَّ علينا الليل أخذنا مضاجعنا، قال: أسألكم الإله الذي دللتموني عليه إذا جنَّ الليل ينام؟ قلنا: لا بل هو حي قيوم لا ينام، قال: بئس العبيد أنتم تنامون وربكم لا ينام».








لا إله إلا الله إذا دخل نور الإيمان القلب يفعل بصاحبه الأعاجيب.








عباد الله، لقد جعل الله النور لمن سلك طريقه، فقال جل جلاله: ï´؟ أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ï´¾ [الأنعام: 122]، فهو ينظر بنور الله.








وللنور علامات ذكرها المصطفى، فقال: «إذا دخل النور القلب انفسح وانشرح، قالوا: يا رسول الله، وما علاقة ذلك؟ قال: الإنابة إلى دار الخلود والتجافي عن دار الغرور، والاستعداد للموت قبل نزوله»؛ [أخرجه ابن أبي الدنيا والحاكم][1].








أيها المسلمون، قد يسأل سائلٌ: ما مصادر النور؟ ما منابع النور؟



المصدر الأول من هذه المصادر القرآن الكريم النور المبين والذكر الحكيم؛ قال تعالى: ï´؟ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا ï´¾ [النساء: 174].








وقال تعالى: ï´؟ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ï´¾ [الشورى: 52].








القرآن كم نوَّر الله به من بيوت، كم أصلح الله به من أُسَر، كم هدى الله به من عصاة.








فيا أخي الحبيب، لا تهجُر هذا النور، ونوِّر به قلبك وبيتك وحياتك تلاوةً وتدبرًا وتحكيمًا.








المصدر الثاني من مصادر النور السنة المباركة، وصاحبها محمد، مَن اتبعه أسعَده الله في الدنيا والآخرة، ومَن ترك هديه وحارَب سُنته، عاش في الظلام والظلمة في الدنيا والآخرة، ولهذه الأمة من النور ما ليس لأمة غيرها، ولنبيها من النور ما ليس لنبي غيره، فإن لكل نبي منهم نورين، ولنبينا تحت كل شعرة من رأسه وجسده نورًا تامًّا؛ قال تعالى: ï´؟ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ ï´¾ [المائدة: 15]، فالنور هو محمد.








وقال تعالى: ï´؟ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ï´¾ [الحديد: 28].








ويجعل لكم نورًا تمشون به: يعني هُدى يتبصر به من العمى والجهالة، ويغفر لكم، ففضَّلهم بالنور والمغفرة.








عباد الله، الحياة مع القرآن والسنة نور، العمل بالقرآن والسنة ينير القلوب والأسماع والأبصار، تحكيم القرآن والسنة نورٌ للأمة في الدنيا والآخرة، ومن آيات النور في القرآن قوله تعالى: ï´؟ يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ï´¾ [الحديد: 12].








يقول تعالى مخبرًا عن المؤمنين: إنهم يوم القيامة يسعى نورهم بين أيديهم في عرصات القيامة بحسب أعمالهم، والجزاء من جنس العمل، عاشوا بنور القرآن والإيمان في حياتهم، فأعطاهم الله النور في الآخرة كما قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنهم: «على قدر أعمالهم يمرون على الصراط، منهم من نوره مثل الجبل، ومنهم مَن نوره مثل النخلة، ومنهم من نوره مثل الرجل القائم، وأدناهم نورًا من نوره في إبهامه يتَّقد مرة ويُطْفَأ مرة»؛ [رواه ابن أبي حاتم وابن جرير].








وقال الضحاك: ليس أحد إلا يُعطى نورًا يوم القيامة، فإذا انتهوا إلى الصراط طُفئ نور المنافقين، فلما رأى ذلك المؤمنون أشفقوا أن يُطفأَ نورُهم كما طُفئ نور المنافقين، فقالوا: ï´؟ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ï´¾ [التحريم: 8]، وقال الحسن رحمه الله: ï´؟ يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ï´¾ [الحديد: 12]؛ يعني على الصراط.








أما المنافقون يُسلب نورهم على الصراط، فيقولون: ï´؟ يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا ï´¾ [الحديد: 13]، قيل: ارجعوا وراءكم، فالتمسوا نورًا؛ أي في الدنيا نور الإيمان ونور القرآن، ونور الصلاة والصيام والقيام وفعل الخيرات.








بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم فاستغفروه.








الخطبة الثانية



الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته إلى يوم الدين، أما بعد:



فالمصدر الثالث من مصادر النور عباد الله: المساجد، ذكره الله في سورة النور بعد آية النور، اسمعوا ماذا قال الله تعالى: ï´؟ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ ï´¾ [النور: 36].








المساجد مصدر النور للأفراد والأسر والمجتمعات، وهي أحب البقاع إلى الله تعالى.








وكان من دعائه حال خروجه من بيته متطهرًا إلى المسجد: «اللهم اجعل لي نورًا في قلبي، ونورًا في قبري، ونورًا من بين يدي، ونورًا من خلفي، ونورًا عن يميني، ونورًا عن شمالي، ونورًا من فوقي، ونورًا من تحتي، ونورًا في سمعي، ونورًا في بصري، اللهم أعظم لي نورًا، وأعطني نورًا، واجعل لي نورًا»؛ [صحيح مسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها-حديث «763»].








المساجد بيوت الله ومهابط رحمته، وملتقى ملائكته والصالحين من عباده، وقد أضافها الرب إلى نفسه إضافة تشريف وإجلال، وتوعَّد مَن يَمنع عباده من ذكره فيها أو خرَّبها، أو تسبَّب في خرابها، فقال تعالى: ï´؟ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ï´¾ [البقرة: 114].








أيها المسلمون، إن القلوب المتعلقة بالمساجد لهي قلوب ملؤها الإيمان والتُّقى، والمسارعة إلى الخيرات، سارعت إلى محو الخطايا ورفع الدرجات، سارعت إلى ظل الله تعالى، سارعت إلى النور التام يوم القيامة، سارعت إلى الصلاة، فانتظرت الصلاة، فلم تزل الملائكة تصلي على أصحابها «اللهم صلِّ عليهم، اللهم اغفر لهم».








مرض أحد الصالحين من التابعين، اسمه ثابت بن عامر بن عبدالله بن الزبير، فسمع أذان المغرب، فقال لأبنائه: احملوني إلى المسجد، قالوا: أنت مريض، وقد عذرك الله، قال: لا إله إلا الله! أسمع حي على الصلاة، حي على الفلاح، ثم لا أُجيب! والله لتحملوني إلى المسجد، فحملوه إلى المسجد، ولما كان في السجدة الأخيرة من صلاة المغرب، قبض الله روحه؛ قال بعض أهل العلم: كان هذا الرجل إذا صلى الفجر، قال: «اللهم إني أسألك الميتة الحسنة، قيل له: وما الميتة الحسنة، قال: أن يتوفاني ربي وأنا ساجد».








نعم هذه هي الميتة الحسنة، أن يتوفاك ربك وأنت في صلاة، أو في جهاد في سبيل الله، أو على طهارة وأنت تقرأ القرآن، أو في طلب العلم، أو في مجالس الذكر.








وسعيد بن المسيب رحمه الله يقول في سكرات الموت: «والله ما أذَّن المؤذن منذ أربعين سنة إلا وأنا في المسجد».








المصدر الرابع من مصادر النور عباد الله: ذكره الله في سورة النور قبل آية النور ألا وهو غض البصر عن المحارم، فإطلاق البصر يُلبس القلب ظلمةً، كما أن غض البصر لله تعالى يلبسه نورًا: ï´؟ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ï´¾ [النور: 30].







وإطلاق البصر كذلك يُعمي القلب عن التمييز بين الحق والباطل والسنة والبدعة، وغضُّه لله تعالى يورثه فراسة صادقة يُميز بها؛ قال أحد الصالحين: «من عمَّر ظاهره باتباع السنة وباطنه بدوام المراقبة، وغض بصره عن المحارم، وكفَّ نفسه عن الشبهات، واكتفى بالحلال - لم تخطئ له فِراسةٌ».








والجزاء من جنس العمل، فمن غضَّ بصرَه عن محارم الله، أطلَق الله نور بصيرته، ورزَقه من حيث لا يحتسب.








مَن غضَّ بصرَه عن الحرام أسعده الله بالحلال ونور الله حياته، هذا وصلوا وسلموا على محمد رسول الله وعلى آله وصحبه؛ قال تعالى: ï´؟ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ï´¾ [الأحزاب: 56].









[1] [هذا الحديث موضوع، راجع تخريجه في "سنن سعيد بن منصور" تحقيق فضيلة الشيخ سعد الحميد (918)] (إدارة تحرير الألوكة).

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 20-07-2021, 02:26 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,565
الدولة : Egypt
افتراضي رد: نور على نور

نور على نور (2)










د. أمير بن محمد المدري




الحمد لله، الحمد لله الذي كان بعباده خبيرًا بصيرًا، وتبارك الذي جعل في السماء بروجًا وجعل فيها سراجًا وقمرًا منيرًا، وهو الذي جعل الليل والنهار خلفةً لمن أراد أن يذكَّر أو أراد شكورًا، والصلاة والسلام على من بعثه ربه هاديًا ومبشرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.










إلهي إني دعوتك والهموم

جيوشها نحوي تطارد



فأفرج بحولك كُربتي

يا من له حُسن العوائد



فخفي لطفك يُستعان

به على الزمن المعاند



أنت الميسر والمسبِّب

والمسهّل والمساعد



يسر لنا فرجًا قريبًا

يا إلهي لا تباعد



ثم الصلاة على النبي

وآله الغر الأماجد



وعلى الصحابة كلهم

ما خرَّ للرحمن ساجد










أما بعد:



فعباد الله، أوصيكم ونفسي أولًا بتقوى الله ومراقبته بالليل والنهار، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ واحِدَةٍ وخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا ونِسَاء واتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ والأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [سورة النساء: 1].








ما زال الكلام جاريًا والحديث متدفقًا عن النور وأهل النور ومنابع النور، وقفنا مع مصادر النور وآيات النور، واليوم سنعيش وإياكم مع الأعمال المباركة التي لها نور.








ما الأعمال التي لها نور؟ ثمانية أعمال أولها:



قول كلمة لا إله إلا الله:



سأل أبو هريرة رضي الله عته: من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة يا رسول اللـه؟ فقال المصطفى صلى الله عليه وسلم:«أسعد الناس بشفاعتي مَن قال: لا إله إلا اللـه خالصًا مخلصًا من قلبه»؛ [رواه البخاري «99» في العلم].







وفي رواية ابن حبان: «أسعد الناس بشفاعتي مَن قال: لا إله إلا اللـه خالصًا من قلبه يصدق قلبه لسانه، ويصدق لسانه قلبه».







قال ابن القيم رحمه الله: «اعلم أن أشعة لا إله إلا الله»تبدِّد من ضباب الذنوب وغيومها بقدر قوة ذلك الإشعاع وضَعفه، فلها نور، ويتفاوت الناس في ذلك النور قوة وضعفًا».








فمن الناس مَن نور هذه الكلمة في قلبه كالشمس، ومنهم من نورها في قلبه كالكوكب الدري، ومنهم من نورها في قلبه كالمشعل العظيم، وآخر كالسراج المضيء، وآخر كالسراج الضعيف.








ولهذا تظهر الأنوار يوم القيامة بأيمانهم، وبين أيديهم، على هذا المقدار، بحسب ما قلوبهم من نور هذه الكلمة؟ علمًا وعملًا ومعرفة وحالًا.








وفي الصحيحين عن عتبان بن مالك رضي الله عنه عن النبي، قال: «إن الله حرَّم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله».







وجاء في المسند عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنه عن النبي أنَّ نوحًا عليه السلام قال لابنه عند موته: «آمرك بلا إله إلا الله، فان السماوات السبع والأرضين السبع، لو وضعت في كفة ووضعت لا إله إلا الله في كِفة، رجَحت بهم لا إله إلا الله».







ومن فضائل لا اله إلا الله أنها أمان من وحشة القبر وهول الحشر؛ كما في المسند وغيره عن النبي قال: «ليس على أهل لا إله إلا الله وحشة في قبورهم ولا في نشورهم، وكأني بأهل لا إله إلا الله قد قاموا ينفضون التراب عن رؤوسهم، ويقولون: الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن».







وكلمة التوحيد ليست مجرد كلمة يرددها الإنسان بلسانه فقط، بل إن الإيمان قول باللسان وتصديق بالجنان، وعمل بالجوارح والأركان.








فقد يقول: لا إله إلا اللـه وهو يأكل الحرام.



وقد يقول: لا إله إلا اللـه وهو عاق لوالديه.



وقد يقول: لا إله إلا اللـه وهو قاطع للصلاة، وقد يقولها وهو ظالم للعباد.








محتضران في غرفة الإنعاش حاول الطبيب تذكيرهما بكلمة التوحيد، فقال للأول: لا إله إلا الله عسى أن يسمعها، عسى أن يقولها فيُختم له بها، فإذا بالمحتضر يقول: انا أعلم ما تريد يا دكتور، ولكنها على لساني مثل الجبل لا أستطيع قولها؛ لأنه ما عاش عليها، وما عمل بها.








وقال الطبيب للثاني: لا إله إلا الله عسى أن يسمعها، عسى أن يقولها فيُختم له بها، فإذا بالمحتضر الثاني يقول: يا دكتور، مُدَّها، قل: لا إله إلا الله، فقالها ومات رحمه الله تعالى.








ثانيًا: من الأعمال التي لها نور الصلاة:



فقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة بأنها«نور» فقال صلى الله عليه وسلم: «الطهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن ما بين السماء والأرض، والصلاة نور .... »؛ [رواه مسلم].







الصلاة نور، ولذلك علَّمنا النبي أن يقول أحدنا إذا ذهب إلى المسجد للصلاة: «اللهم اجعل في قلبي نورًا، وفي لساني نورًا، واجعل في سمعي نورًا، واجعل في بصري نورًا، واجعل من خلفي نورًا، ومن أمامي نورًا، واجعل من فوقي نورًا، ومن تحتي نورًا، اللهم أعطني نورًا».







وروى عن أنس رضي الله عنه عن النبي قال: «الصلاة نور المؤمن»؛ [رواه أبو يعلى 3655، والمروزي في تعظيم قدر الصلاة «176»].







فالصلاة نور في الدنيا:



فهي للمؤمنين في الدنيا نور في قلوبهم وبصائرهم، تشرق بها قلوبهم، وتستنير بصائرهم، ولهذا كانت قرة عين المتقين؛ كما كان النبي يقول: «جُعلت قرة عيني في الصلاة»؛ [رواه أحمد من حديث أنس، «3-196»، 285 والنسائي، «7-6261»].







وخرَّج الهيثمي من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه مرفوعًا: «إذا حافظ العبد على صلاته، فأقام وضوءها، وركوعها، وسجودها، والقراءة فيها، قالت له: حفظك الله كما حفظتني، وصُعد بها إلى السماء ولها نور حتى تنتهي إلى الله تعالى، فتشفع لصاحبها»؛ [أورده الهيثمي في المجمع «2 /122»، ورواه الطبراني في الكبير والبزار «350»].







والصلاة نور للمؤمنين في قبورهم، ولا سيما صلاة الليل كما قال أبو الدرداء رضي الله عنه: «صلوا ركعتين في ظُلَم الليل لظلمة القبور».








وعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي أنه ذكر الصلاة، فقال: «من حافظ عليها كانت له نورًا وبرهانًا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا نجاة ولا برهان»؛ [رواه أحمد، «2-169»، وصححه ابن حبان «1467»].







ذكر أحد المشايخ أنه زار قريةً من القرى، فقال دخلنا تلك القرية، إنه لا يوجد بها أي معلم من معالم الحضارة، قرية وهجرة بسيطة في بنائها وشكلها وهيئتها، قصدنا مسجد القرية، ذهبنا عنده، وصلنا إلى ذلكم المكان، وإلى ذلكم المسجد، عندما وصلنا إلى المسجد وجدنا عند بابه حجرًا كبيرًا ومربوط به حبل، لا إله إلا الله، ما قصة هذا الحبل؟! بدأنا نسير مع هذا الحبل يرتفع بنا حيث ترتفع الأرض، إنَّ هذا الحبل بدأ يأخذنا بين أشجار، سرنا تقريبًا ما يزيد على نحو ست دقائق، سبحان الله، بدأنا نصل إلى نهاية الحبل، نعم، لقد بدأنا نصل إلى الطرف الآخر، ما سرُّ النهاية؟ إلى ماذا يحملنا هذا الحبل؟ وإلى مَن سوف يوصلنا هذا الحبل؟ وما الخبر وراء هذا الحبل؟ إنه حبل ممدود على الأرض، حبل ممدود على الأرض، عندما وصلنا إلى نهاية الحبل، وجدنا بيتًا مكونًا من غرفة ودورة مياه، وإذا بالبيت نجد رجلًا كبيرًا في السن كفيف البصر بلغ من العمر ما يزيد على 85 عامًا، إنه يا ترى مَن، إنه العم عابد، سألناه: قلت له: يا عم عابد، يا عم عابد، أخبرنا ما سر هذا الحبل؟! ما سرُّ هذا الحبل؟! اسمعوا الجواب، اسمعوا الجواب، فإنه والله لنداء أُخرجه لأصحاب الأربعين، والخمسين، والستين، والثمانين، نداء أخرجه للأصحاء للمبصرين لمن أنعم الله عليهم بالخيرات، والفضائل، والكرامات.








إنه نداء لقد قال العم عابد كلمة تؤثر في كل قلبٍ مؤمن، قال: يا ولدي، يا ولدي، هذا الحبل من أجل الصلوات الخمس في المسجد، هذا الحبل من أجل الصلوات الخمس في المسجد،








إنني أمسك به، أخرج من بيتي قبل الأذان، ثم أمسك بهذا الحبل حتى أصل إلى المسجد، ثم بعد الصلاة وخروج الناس أخرج آخر رجل من المسجد، ثم أمسك بالحبل مرة أخرى حتى أعود إلى بيتي ليس لي قائد يقودني.








يده لقد أصبحت بجميع الصفات التي نحكم عليها من جراء أثر الحبل عليها، إنه رجل نوَّر الله قلبه بالإيمان، قصد طاعة الله، أراد الصلاة، أراد الصلاة، قصدها، فصدق الله فيه: ﴿ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ ﴾ [سورة النور: 35].



فأين الذين حرموا أنفسهم من المساجد؟ أين أولئك الكسالى؟








ثالثًا: من الإعمال التي لها نور القرآن:



جاء في الأثر: إن بيوتات المؤمنين لمصابيح إلى العرش يعرفها مقربو السماوات السبع، يقولون: هذا النور من بيوتات المؤمنين التي يتلى فيها القرآن».







ومن القرآن سورة البقرة وآل عمران:



فعن أبي أمامه الباهلي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله يقول: « اقرؤوا الزهراوين البقرة وسورة آل عمران، فإنهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو كأنهما غيايتان، أو كأنهما فرقان من طير صواف تحاجان عن أصحابهما»؛ [رواه مسلم].







ومن معاني الزهراوان: أنهما النيرتان، فإما لهدايتهما قارئهما بما يزهر له من أنوارهما؛ أي من معانيهما، وإما لما يترتب على قراءتهما من النور التام يوم القيامة.








عن ابن عباس رضي الله عنه قال: بينما جبريل جالس عند النبي؛ إذ سمع نقيضًا من فوقه، فرفع رأسه وقال: (لقد فتح باب من السماء ما فتح قط، فأتاه ملك فقال له: أبشر بسورتين أوتيتهما لم يعطهما نبي كان قبلك، فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة، لن تقرأ منها حرفًا إلا أُعطيته)؛ [صحيح مسلم: كتاب صلاة المسافرين (806)].








ومن القرآن سورة الكهف التي حثنا النبي على قراءتها يوم الجمعة، فقد قال: «من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة، أضاء له من النور ما بين الجمعتين»؛ [أخرجه الحاكم والبيهقي عن أبي سعيد، وصححه الألباني كما في الإرواء رقم «626»].







ويُستحب أن يقرأها أيضًا ليلة الجمعة ودليل هذا ما رواه أبو محمد الدرامي بإسناده عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: «من قرأ سورة الكهف ليلة الجمعة، أضاء له النور فيما بينه وبين البيت العتيق».







رابعًا: من الأعمال الصالحة التي لها نور: الشيبة في سبيل الله؛ عن عمرو بن عنبسة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله يقول: «أيما رجل شاب شيبة في سبيل الله، فهي له نور»؛ [مسند أحمد، «18622»].







عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: «نهى رسول الله عن نتف الشيب وقال هو نور المؤمن»؛ [رواه الترمذي وصححه الألباني].








العمل الخامس من الأعمال الصالحة التي لها نور: المشيء في الظلم إلى المساجد:



عن بريدة الأسلمي رضي الله عنه عن النبي قال: «بشِّر المشَّائين في الظُّلَم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة»؛[ابن ماجه: 870 بسند حسن، وابن خزيمة، الترغيب والترهيب: 603].








نعم بشِّر المشائين وهم جمع المشَّاء وهم كثيرو المشي، المساجد راحتهم أُنسهم سعادتهم، راحت بالهم الصلاة، كيف لا وقدوتهم كان إذا حزبه أمر قال: «أرحنا بالصلاة يا بلال»، بالنور التام الذي يحيط بهم من جميع جهاتهم؛ أي: على الصراط لَمَّا عانوا مشقة المشي في ظُلمة الليل، جُوزوا بنور يضيء لهم ويحيطهم.








بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه حقًّا، وتوبوا إليه صدقًا إنه هو الغفور الرحيم.








الخطبة الثانية



الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته إلى يوم الدين، أما بعد:



فعباد الله، من الأعمال التي لها نور:



سادسًا: الحب في الله، لا لمصلحة، ولا لدنيا بل لله وحده، فالمتحابون في الله على منابر من نور؛ عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال النبي: «إن من عباد الله لأُناسًا ما هم بأنبياء ولا شهداء، يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة بمكانهم من الله تعالى، قالوا: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم تخبرنا مَن هم؟ قال: هم قوم تحابوا بروح الله على غير أرحام بينهم ولا أموال يتعاطونها، فوالله إن وجوههم لنور، وإنهم على نور، لا يخافون إذا خاف الناس ولا يحزنون إذا حزن الناس»؛ [سنن أبي داود، «3060»].







اللهم اجعلنا إخوةً فيك متحابين يا رب العالمين.








سابعًا: العدل، فالذين يعدلون في حكمهم وأهليهم، وما وُلُّوا على منابر من نور:



عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله: «إن المقسطين عند الله على منابر من نور، عن يمين الرحمن تعالى وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولُّوا»؛ [صحيح مسلم، «ج 3-1458»].







قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ﴾ [النساء: 135].








قال الإمام ابن كثير: يأمر تعالى عباده المؤمنين أن يكونوا قوامين بالقسط؛ أي بالعدل، فلا يعدلوا عنه يمينًا ولا شمالًا، ولا تأخذهم في الله لومة لائم، ولا يصرفهم عنه صارف، وأن يكونوا متعاونين متساعدين متعاضدين متناصرين فيه.








ثامنًا: من الأعمال الصالحة التي لها نور البكاء من خشية الله:



قال أحد السلف: «بلغني أن العبد إذا بكى من خشية الله، مُلئت جوارحه نورًا، واستبشرت ببكائه، وتداعت بعضها بعضًا: ما هذا النور؟ فيقال لها: هذا غشيكم من نور البكاء».







وقال أبو ذر رضي الله عنه: «بلغني أن البكاء من خشيته يُبدِّل الله مكان كل قطرة أو دمعة تخرج من عينيه أمثال الجبال من النور في قلبه، ويزاد من قوته للعمل، ويطفأ بتلك المدامع بحور من نار».







عباد الله، ابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا، فإن أهل النار يبكون حتى تصير في وجوههم الجداول، فتنفد الدموع، فتقرح العيون حتى لو أن السفن أرخيت فيها لجرت.








عبد الله، لتبكي ذكِّر نفسك بذنوبك وخطاياك ومعاصيك، فإن أجابت على ذلك القلوب، وإلا نقلتها إلى تلك الشدائد والأهوال يوم القيامة، فإن أجابت على ذلك وإلا فاعرض عليها التقلب بين أطباق النيران.








اللهم نوِّر قلوبنا ونوِّر دروبنا، ونور حياتنا، ونور قبورنا، ونوِّر عقولنا برحمتك يا رب العالمين.








هذا وصلوا عباد الله على رسول الهدى فقد أمركم الله بذلك في كتابه فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]، اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمد، وارضَ اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين.







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 99.62 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 97.48 كيلو بايت... تم توفير 2.13 كيلو بايت...بمعدل (2.14%)]